الخميس، 11 مارس 2010

الفصل الاول شخصية يسوع: القسم الثالث: معجزات يسوع في الاناجيل عرض ونقد

الفصل الأول شخصية يسوعالقسم الثالثمعجزات يسوع
يسوع المسيح هو الشخصية المركزية التي قام عليها إيمان الكنائس المختلفة، وهو في ذات الوقت الشخصية الأكثر إثارة للاختلاف والجدل بين الكنائس المختلفة، وبينها وبين باقي البشر من ناحية أُخرى، إنْ من ناحية صفاته أو من ناحية أفعاله، ولهذا فقد استحوذ على آلاف الدراسات، وعقدت من أجله عشرات المجامع الكنسية، التي في العادة ما تخرج في كل مرة بشيء جديد ومثير للجدل والمناقشات، فمنذ ارتفاعه ومروراً بمجمع نيقية سنة 325 إلى يومنا هذا والبشرية تبحث عن حقيقة يسوع، والسبب في ذلك هو ما يقال عنه من صفات وما ينسب له من أفعال وأقوال.
فيسوع كما تقول الكنائس يحمل صفات إلهية أهلته لان تقوم الكنائس بعبادته والخضوع له بالصلاة والتقدمات والتضرعات، وقالت جميع الكنائس المختلفة في عصرنا هذا انه جزء من الثالوث الذي تعبده، وقالت عنهم إنهم واحد ومن نفس الجوهر، لا بل في الحقيقة لقد تمّت صياغة الثالوث بناء على شخصيته، لان العهد القديم لم يتحدث سوى عن رب واحد وإله واحد خالق السموات والأرض.
وفي هذا القسم سأقوم بدراسة النصوص التي تحدثت عن يسوع في الأناجيل لنرى حقيقة هذه الصفات الإلهية التي تقول الكنائس المختلفة انه يتصف بها وحقيقة ما يُنسب له في قوانين إيمان الكنائس المختلفة من صفات في ضوء ما ذكرت الأناجيل والعهد القديم من صفات للرب خالق السموات والأرض.
ان ازدواجية شخصية يسوع في الأناجيل، بمعنى انه إنسان وإله في نفس الوقت، كانت السبب الرئيس في خلق حالة الاختلاف حوله، وخاصة أن العهد القديم لا يتحدث إلا عن إله حق واحد هو الرب خالق السموات والأرض الذي ليس معه إله وليس دونه إله، كما ان الكون وما نجد فيه من تناسق ووحدة ونظام يدل أيضاً على وحدانية خالقه وصانعه، إذ لو كان هناك أكثر من خالق لظهر هذا الأمر في عالمنا المادي، فعدم وجود أي اختلاف في نظام وخلق هذا العالم يعتبر أكبر دليل على انه لا يوجد سوى خالق واحد، فقول الكنائس عن يسوع انه إله من خلال تفسيرها لبعض نصوص العهد القديم والعهد الجديد يوجب علينا إعادة دراسة هذه النصوص لنرى حقيقتها، ومن ثم الحكم على تلك التفسيرات إن كانت صحيحة أم لا.
وما يهم في هذه الدراسة هو النصوص التي فهمت منها الكنائس وفسرتها على أنها صفات إلهية كان يتمتع بها يسوع مما استوجب على الكنائس أن تعبده وتدعو الناس لعبادته، فهذه الدراسة لن تبحث في سيرة حياته كما هي مكتوبة في الأناجيل فهذا الأمر كنت قد قمت بدراسته في كتاب يسوع بن يوسف النجار أسئلة حائرة.
هل كان يسوع يمتلك صفات إلهية؟!
بعد أن اطلعنا على أسماء يسوع وحياته وصفاته البشرية ورأينا أنه لا يوجد فيها أيّ شيء مختلف عن باقي البشر، كما اطلعنا على بعض نصوص العهد القديم والتي تؤكد أنه لا إله حق إلا الرب خالق السموات والأرض، الذي لا يشبهه أحد ولا يساويه أحد وليس معه أحد، وأنه ليس إنساناً وأنه لا يسكن مع الإنسان على الأرض، لأن السموات وسماء السموات لا تسعه، نجد أن كتبة الأناجيل والكنائس قد بدؤوا بالحديث عن إله منقسم إلى ثلاثة آلهة، وجميعهم يحملون ذات الصفات والقدرات والجوهر، وأنهم حلوا وسكنوا ليس في الأرض فقط بل وفي بعض المخلوقات كبطن امرأة وجسد إنسان وحمامة! فما هو السبب أو الأسباب وراء هذا الانقلاب في تصورات ومعتقدات كتبة الاناجيل والكنائس؟
تقول الكنائس المختلفة كلها ان يسوع كان يتمتع بصفات إلهية على الرغم من كل ما قرأناه عنه في السابق!
ومن أبرز الأدلة التي تقدمها الكنائس على تلك الصفات أن يسوع قام بأعمال لا يستطيع القيام بها إلا الرب، كما انه كان يعلم الغيب وذلك عندما قال للمرأة السامرية انها كانت متزوجة بخمسة رجال والغيب لا يعلمه إلا الرب، بالإضافة الى أنه كان يتنبأ بالمستقبل وذلك عندما تحدث عن خراب الهيكل والمستقبل لا يعرفه إلا الرب، وأخيراً وجود عدة نصوص في الأناجيل يتحدث فيها يسوع عن أبيه الذي في السماء والتي فهمت منها الكنائس المختلفة، أو بمعنى أدق تريد من أتباعها الطيبين أن يفهموا ويؤمنوا، انها تتحدث عن الرب.
وهذه الأُمور ستكون مدار بحث في هذا القسم لنرى حقيقتها من جانبين الأول هو مدى توافقها مع العهد القديم، والثاني مدى صدقها وصحتها في الواقع سواء الذي كان يعيش فيه يسوع أو واقعنا نحن في هذا العصر.

معجزات يسوع

أسباب قيام يسوع بالمعجزات

كتبت الأناجيل على لسان يسوع عن أسباب قيامه بعمل المعجزات في عدة مواضع، وهي كما يلي:
- وأما أنا فلي شهادة أعظم من يوحنا،
لأن الأعمال التي أعطاني الأب لأُكملها هذه الأعمال بعينها التي أنا أعملها هي تشهد لي أن الأب قد أرسلني. (يوحنا 5: 36)
في هذا النص يقول يسوع إن المعجزات التي كان يعملها تشهد له أن أباه قد أرسله.
- فاحتاط به اليهود وقالوا الى متى تعلق أنفسنا،
ان كنت أنت المسيح فقل لنا جهراً،
أجابهم يسوع اني قلت لكم ولستم تؤمنون،
الأعمال التي أنا أعملها باسم أبي هي تشهد لي. (يوحنا 10: 24-25)
في هذا النص يقول يسوع ان معجزاته هي التي تشهد له أنه هو المسيح، مع أنه قال كما في نصوص سابقة أن المسيح ليس ابن داوُد، والأناجيل الأربعة تقول عنه انه ابن داوُد، فهل المعجزات أزالت نسبه وأقواله عن المسيح أنه ليس ابن داوُد، وهو الذي قال السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول، وهو هنا يزيل أقواله السابقة عن المسيح باعتباره ليس إبناً لداوُد ويُحلّ محلها معجزاته في إثبات انه هو المسيح؟!
إن كنت لست أعمل أعمال أبي فلا تؤمنوا بي،
ولكن إن كنت أعمل فان لم تؤمنوا بي،
فآمنوا بالأعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الأب فيّ وأنا فيه. (يوحنا 10: 37-38)
في هذا النص يقول يسوع ان معجزاته تدل على أن أباه فيه وأنه في أبيه!
صدقوني أني في الأب والأب فيّ،
وإلا فصدقوني لسبب الأعمال نفسها،
الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فالأعمال التي أنا اعملها يعملها هو أيضاً،
ويعمل أعظم منها،
لأني ماض إلى أبي، ومهما سألتم باسمي فذلك أفعله ليتمجد الأب بالابن،
إن سألتم شيئاً باسمي فإني أفعله. (يوحنا 14: 11-14)
في هذا النص يطلب يسوع من اليهود أن يصدقوه أنه في أبيه وأن أباه فيه بسبب المعجزات التي كان يعملها، ثم يكمل كلامه فيقول ان من يؤمن به سيقوم بعمل معجزات تشبه معجزاته بل وأعظم منها، وأن أي شيء يطلبونه باسمه فإنه يعمله لهم!
إن الإنسان يستطيع أن يقول ما يشاء عن نفسه ويصفها بأي وصف كان، سواء أن أباه حلّ فيه أو أنه حلّ في أبيه أو أن جسده يصبح خبزاً ودمه خمراً كما تقول الكنائس عن جسد ودم يسوع، إلا أن صدق هذه الأقوال يحتاج إلى دليل، وهذا الأمر أراحنا يسوع من البحث عنه بقوله إن الدليل على صدق قوله أنه في أبيه وأن أباه فيه هو قيام أتباعه بعمل معجزات كمعجزاته بل وأعظم منها، وأنه سيُعطيهم كل ما يسألونه ويطلبونه منه.
أما قوله ان أتباعه سيعملون المعجزات التي كان يعملها وأعظم منها فهذا ما لم تثبت صحته، فمن من أتباعه يستطيع إحياء الموتى، فضلاً عن أن يخلق من الطين حيوانات وهذا العمل أعظم من إحياء الموتى؟!
وأما قوله انه سيُعطيهم كل ما يسألونه، فهذا القول يعلم جميع أتباع الكنائس الطيبين انه خطأ، فكم سأله هؤلاء الأتباع عن أشياء يريدونها ولم يعطها لهم! لا بل إن الأناجيل تذكر أن يسوع كان قد أعطى تلاميذه أشياء ولكنها لم تبقَ معهم، فهو أعطاهم القدرة على إخراج الشياطين:
- ثم دعا تلاميذه ألاثني عشر وأعطاهم سلطاناً على أرواح نجسة حتى يخرجوها ويشفوا كل مرض وكل ضعف. (متّى 10: 1)
ولكن هذه القدرة كانت غير كاملة وغير دائمة بحيث أنهم كانوا يعجزون عن إخراج الشياطين كما في النص التالي:
- ولما جاء إلى الجمع تقدم إليه رجل جاثياً له، وقائلاً يا سيد ارحم ابني فانه يُصرع ويتألم شديداً، ويقع كثيراً في النار وكثيراً في الماء،
وأحضرته إلى تلاميذك فلم يقدروا أن يشفوه،
فأجاب يسوع وقال أيها الجيل غير المؤمن الملتوي،
إلى متى أكون معكم،
إلى متى أحتملكم،
قدموه إليّ ههنا، فانتهره يسوع فخرج منه الشيطان، فشفي الغلام من تلك الساعة،
ثم تقدم التلاميذ إلى يسوع على انفراد وقالوا لماذا لم نقدر نحن أن نخرجه،
فقال لهم يسوع  لعدم إيمانكم،
فالحق أقول لكم لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل، ولا يكون شيء غير ممكن لديكم،
وأما هذا الجنس فلا يخرج إلا بالصلاة والصوم. (متّى 17: 14-21) و(مرقس 9: 14-29) و(لوقا 9: 37-42)
فإذا كان ما أعطاهم إياه وهم لم يطلبوه لا يدوم فكيف بالأمور الأخرى التي يطلبونها؟!
كما أن يوحنا ويعقوب طلبا منه أن يجلس أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله في مملكته ولكنه لم يعطهما ما طلباه، وكذلك أُمهما طلبت لهما نفس المكانة، ولم يحقق لها ما طلبته كما في النصين التاليين:
- وتقدم إليه يعقوب ويوحنا ابنا زبدي قائلين يا معلم نريد أن تفعل لنا كل ما طلبنا،
فقال لهما ماذا تريدان أن أفعل لكما،
فقالا له أعطنا أن نجلس واحد عن يمينك والأخر عن يسارك في مجدك،
فقال لهما يسوع لستما تعلمان ما تطلبان،
أتستطيعان أن تشربا الكأس التي اشربها أنا وان تصطبغا بالصبغة التي اصطبغ بها أنا،
فقالا له نستطيع،
فقال لهما يسوع أما الكأس التي أشربها أنا فتشربانها وبالصبغة التي اصطبغ بها أنا تصطبغان،
وأما الجلوس عن يميني وعن يساري فليس لي أن أعطيه إلا للذين أُعد لهم. (مرقس 10: 35-40)
- حينئذ تقدمت إليه أُم ابني زبدي مع ابنيها وسجدت وطلبت منه شيئاً،
فقال لها ماذا تريدين،
قالت له قل أن يجلس ابناي هذان واحد عن يمينك والآخر عن اليسار في مملكتك،
فأجاب يسوع وقال لستما تعلمان ما تطلبان أتستطيعان أن تشربا الكأس التي سوف أشربها أنا وأن تصطبغا بالصبغة التي أصطبغ بها أنا،
قالا له نستطيع،
فقال لهما أما الكأس فتشربانها وبالصبغة التي أصطبغ بها أنا تصطبغان،
وأما الجلوس عن يميني وعن يساري فليس لي أن أُعطيه إلا للذين أُعد لهم من أبي،
فلما سمع العشرة اغتاظوا من أجل الأخوين. (متّى 20: 20-24)
فيسوع هنا لم يستجب لما طلبه يوحنا ويعقوب وأُمهما، فكيف قال انه سيستجيب لكل طلباتهم؟
وهنا قد يقول بعض الطيبين من أتباع الكنائس إن هذا الأمر سيكون بعد ارتفاعه إلى السماء، فنذكرهم بهذه النصوص:
- فأجاب بطرس حينئذ وقال له ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك فماذا يكون لنا،
فقال لهم يسوع الحق أقول لكم إنكم أنتم الذين تبعتموني في التجديد متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده تجلسون أنتم أيضاً على اثني عشر كرسياً تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر،
وكل من ترك بيوتاً أو إخوة أو أخوات أو أباً أو إماً أو امرأة أو أولاداً أو حقولاً من أجل اسمي،
يأخذ مئة ضعف ويرث الحياة الأبدية. (متّى 19: 27-29)
وابتدأ بطرس يقول له ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك،
فأجاب يسوع وقال الحق أقول لكم ليس أحد ترك بيتاً أو إخوة أو أخوات أو أباً أو أُماً أو امرأة أو أولاداً أو حقولاً لأجلي ولأجل الإنجيل، إلا ويأخذ مئة ضعف الآن في هذا الزمان بيوتاً وإخوة وأخوات وأُمهات وأولاداً وحقولاً مع اضطهادات،
وفي الدهر الأتي الحياة الأبدية. (مرقس 10: 28-30)
- فقال بطرس ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك،
فقال لهم الحق أقول لكم إن ليس أحد ترك بيتاً أو والِدَين أو إخوة أو امرأة أو أولاداً من أجل مملكة الإله، إلا ويأخذ في هذا الزمان أضعافاً كثيرة،
وفي الدهر الآتي الحياة الأبدية. (لوقا 18: 28-30)
في هذه النصوص نقرأ أن بطرس طلب من يسوع الجزاء على إتباعهم له، فقال لهم انه سيُعطيهم مائة ضعف من أي شيء تركوه من أجله ومن أجل الإنجيل ومن أجل مملكة الإله، وهنا لا أُريد التعليق على هذه الوعود سواء مائة زوجة أو مائة زوج للنساء أو مائة أب وغيرها من الوعود الظاهر استحالة تحقيقها، وسأكتفي بالتنويه إلى ما تركه بطرس نفسه، فالأناجيل تقول إن بطرس ترك سفينته وتبع يسوع ومع هذا فلم يأخذ بطرس مائة سفينة لا في حياة يسوع ولا بعد صعوده.
فإذا كان يسوع يطلب من اليهود تصديقه فيما قاله من أنه في أبيه وأن أباه فيه بسبب المعجزات فكان الواجب عليه أن يحقق باقي كلامه ولا يُزيله من الواقع، وهو القائل السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول، ونحن نرى ان كلامه عن عمل أتباعه للمعجزات قد زال، وأن وعوده لهم أيضاً قد زالت بعدم تحقيقها.
وبعيداً عن هذه الملاحظات لنكمل الحديث عن يسوع وقوله ان معجزاته تشهد له أنه في أبيه وأن أباه فيه، وهو ما تؤمن به الكنائس كلها، فهل هذا القول يشهد ليسوع أن أباه هو الرب خالق السموات والأرض، أم إن أباه ليس هو الرب خالق السموات والأرض؟
يقول مرقس في إنجيله ان يسوع ذهب إلى أهله وأنهم رفضوه فكانت ردة فعل يسوع على هذا الأمر ما يلي:
- فقال لهم يسوع ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه وبين أقربائه وفي بيته،
ولم يقدر أن يصنع هناك ولا قوة واحدة غير أنه وضع يديه على مرضى قليلين فشفاهم، وتعجب من عدم إيمانهم وصار يطوف القرى المحيطة يُعلّم. (مرقس 6: 4-5)
في هذا النص يقول مرقس ان يسوع لم يقدر أن يصنع أي معجزة، فلو صدقنا يسوع فيما قاله عن أبيه وحلولهما في بعضهما البعض فهل نصدق أن أبا يسوع هو الرب؟!
- هل يستحيل على الرب شيء. (تكوين 18: 14)
إن الرب كما في هذا النص وكما هو الواقع لا يستحيل عليه شيء، فعدم قدرة يسوع الحالّ في أبيه وأباه الحالّ فيه على عمل المعجزات دليل واضح على أن يسوع وأباه لا علاقة لهما بالرب خالق السموات والأرض لأن الرب لا يستحيل عليه شيء.
وأما احتجاج متّى بأن عدم إيمان اليهود هو الذي جعل يسوع لا يستطيع أن يعمل المعجزات كما في النص التالي:
- فكانوا يعثرون به وأما يسوع فقال لهم ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه وفي بيته،
ولم يصنع هناك قوات كثيرة لعدم إيمانهم. (متّى 13: 57-58)
فهذا يؤكد أن يسوع وأباه لا علاقة لهما بالرب من ناحية الصفات والقدرات، فضلاً عن أن يكونا هما الرب نفسه، لأن الرب في العهد القديم لم يعمل المعجزات على أيدي أنبياءه إلا لقوم غير مؤمنين، فكل معجزات موسى كانت أمام فرعون وقومه، والمعجزات التي حدثت بعد الخروج من مصر كانت نتيجة لعدم إيمان بنو إسرائيل في ذلك الوقت، كما أن خلق السموات والأرض وما فيهما من مخلوقات، وهي أعظم من أيّة معجزة، كانت قبل خلق آدم وذريته بزمن لا يعلمه إلا من خلق السموات والأرض، فالرب لا يعجز عن عمل أي شيء سواء آمن الناس أم لم يؤمنوا.
- هل يستحيل على الرب شيء. (تكوين 18: 14)
فالرب لا يستحيل عليه شيء، كما انه سبحانه ليس إنساناً، ومن صفة الإنسان الكذب والعجز كما في النص التالي:
ليس الإله انساناً فيكذب،
ولا ابن إنسان فيندم،
هل يقول ولا يفعل،
أو يتكلم ولا يفي. (عدد 23: 19)
فالرب ليس انساناً فيكذب ولا يقول القول ولا ينفذه كما حدث مع يسوع الذي حلّ في أبيه! ولا يتكلم بقول ولا يفي به كما حدث مع وعود يسوع للتلاميذ، وخلاصة القول انه يمكن أن يكون يسوع صادقاً في قوله عن حلوله في أبيه وحلول أبوه فيه، ولكنه بالتأكيد هو لا يتحدث عن الرب خالق السموات والأرض سبحانه وتعالى عما يصفون ويشركون.
ومن هنا ننتقل لنرى قول الرب خالق السموات والأرض في الإنسان الذي يقوم بعمل معجزات ويدعو إلى الناس إلى عبادة غير الرب الواحد الذي ليس معه إله وليس دونه إله، الذي لا يستحيل عليه شيء ولا يسكن على الأرض لأن السموات وسماء السموات لا تسعه، فكيف ببطن امرأة أو جسد بشري أو حفرة من حفر الأرض.
- إذا قام في وسطك نبيّ أو حالم حلماً وأعطاك آية أو أُعجوبة،
ولو حدثت الآية أو الأُعجوبة التي كلمك عنها قائلاً لتذهب وراء آلهة أُخرى لم تعرفها ونعبدها،
فلا تسمع لكلام ذلك النبي أو الحالم ذلك الحلم لأن الرب إلهكم يمتحنكم لكي يعلم هل تحبون الرب إلهكم من كل قلوبكم ومن كل أنفسكم،
وراء الرب إلهكم تسيرون،
وإياه تتقون،
ووصاياه تحفظون،
وصوته تسمعون،
وإياه تعبدون،
وبه تلتصقون،
وذلك النبي أو الحالم ذلك الحلم يُقتل،
لأنه تكلم بالزيغ من وراء الرب إلهكم الذي أخرجكم من أرض مصر وفداكم من بيت العبودية لكي يُطوّحكم عن الطريق التي أمركم الربّ إلهكم أن تسلكوا فيها فتنزعون الشرّ من بينكم. (التثنية 13: 1-5)
في هذا النص الواضح والجميل يقول الرب إن أي إنسان يدعو إلى عبادة غير الرب وإن أتى بكل معجزة تخطر على قلب بشر لا تدل على صدق هذا الإنسان، لأن معجزاته تلك إنما هي امتحان من الرب للبشر كي يعلم إن كانوا يعبدونه ويحبونه ويلتزمون بوصاياه أم لا، ولهذا يطلب الرب من البشر ان لا يسمعوا لذلك الإنسان، ويكون حكمه القتل لأنه تكلم بالزيغ من وراء الرب بدعوته لعبادة آلهة أُخرى.
فعمل المعجزات ليس دليلاً على صدق الإنسان فيما يدّعيه من الدعوة لعبادة آلهة أُخرى من دون الرب أو معه، أو القول ان الرب يحلّ في بعض الأشخاص وأنهم يحلون فيه، لأن الرب العظيم خالق السموات والأرض الذي لا تسعه السموات ولا سماء السموات لا يسكن على الأرض فكيف يسكن في بطن امرأة أو في جسد إنسان أو حتى في حمامة!
وقد يقول بعض الطيبين من أتباع الكنائس لماذا تستعجل بإطلاق الأحكام قبل ان نطلع على معجزات يسوع فلعلّ فيها أدلة على صدق أقواله وصدق الكنائس فيما كتبته عن يسوع في قوانين إيمانها.
وهذا القول صحيح، لهذا سنقوم باستعراض معجزات يسوع كما وردت في الأناجيل.

معجزات يسوع

ان مجموع ما سجلته الأناجيل من معجزات ليسوع لا يزيد عن خمسين معجزة وقد تنوعت أشكالها، والجدول التالي يظهر نوع كل منها وعددها:

نوع المعجزة
عددها
تحويل الماء إلى خمر
1
شفاء من الحمى
2
إخراج الشياطين
11 أو 12
تسكين الرياح والأمواج
3
المشي على الماء
3
إطعام الناس بقليل الطعام
6
إبصار العُمي
5
شفاء الصم والخرس
1
شفاء البرص
3
شفاء الفالج
3
شفاء اليد اليابسة
1
رجل مستسق
1
شفاء امرأة بها نزف
1
شفاء من كان على وشك الموت
1
شفاء بنت الكنعانية والفينيقية
2
تيبيس التينة
1
إحياء الموتى
3
المجموع
48 أو 49


هذا مجمل ما قام به يسوع من معجزات قد يزيد قليلاً أو ينقص قليلاً بحسب طريقة إحصائها، لأنني مثلاً قمت بتعداد ستة معجزات عن إطعام الناس بقليل الطعام مع انها تبدوا وكأنها حدثت مرتين فقط.
تقول الأناجيل ان يسوع أمضى قرابة الثلاث سنوات وهو يكرز أو يبشر ومعنى هذا أنه أحيا انساناً واحداً في السنة فقط!
وأكثر معجزاته التي قام بها وهي إخراج الشياطين، كانت تحدث مرة في كل شهرين على الأقل، وإذا تحدثنا عن معجزاته كلها فنجد انه كان يقوم بمعجزة واحدة كل ثلاثة أسابيع تقريباً، وفي هذا إشارة إلى الفارق بينه وبين الرب الذي يخلق في هذا الكون كل ثانية ملايين المخلوقات التي تدل على وحدانيته وتفرده وعظمته سواء آمن الناس أم لم يؤمنوا.

معجزة تحويل الماء الى خمر

- وفي اليوم الثالث كان عرس في قانا الجليل،
وكانت أُم يسوع هناك،
ودُعي أيضاً يسوع وتلاميذه إلى العرس، ولما فرغت الخمر قالت أُم يسوع له ليس لهم خمر،
فقال لها يسوع ما لي ولك يا امرأة، لم تأت ساعتي بعد،
قالت أمه للخدام مهما قال لكم فافعلوه،
وكانت ستة أجران من حجارة موضوعة هناك حسب تطهير اليهود يسع كل واحد مطرين أو ثلاثة،
قال لهم يسوع املأوا الأجران ماء، فملأوها إلى فوق،
ثم قال لهم استقوا الآن وقدموا إلى رئيس المُتكأ،
فلما ذاق رئيس المتكأ الماء المتحول خمراً، ولم يكن يعلم من أين هي،
لكن الخدام الذين كانوا قد استقوا الماء علموا،
دعا رئيس المتكأ العريس وقال له كل إنسان إنما يضع الخمر الجيدة أولاً ومتى سكروا فحينئذ الدون، أما أنت فأبقيت الخمر الجيدة إلى ألان،
هذه بداية الآيات فعلها يسوع في قانا الجليل واظهر مجده،
فآمن به تلاميذه. (يوحنا 2: 1-11)
في هذه المعجزة يقوم يسوع بتحويل الماء إلى خمر وهي كما قال يوحنا كانت أول معجزاته، وعليها تستند الكنائس كثيراً في القول إن يسوع يحمل صفات إلهية، ولكن لو تأملنا فيما قام به موسى من تحويل نهر النيل وجميع مياه مصر إلى دم ألا نجد أنها تساوي معجزة يسوع ان لم تكن أعظم منها ولم يقل العهد القديم ولا أحد من الناس ان موسى يحمل صفات إلهية في جسده ولا انه أصبح إلهاً تجب عبادته.
- ففعل هكذا موسى وهارون كما أمر الرب، رفع العصا وضرب الماء الذي في النهر أمام عيني فرعون وأمام عيون عبيده،
فتحول كل الماء الذي في النهر دماً،
ومات السمك الذي في النهر وأنتن النهر،
فلم يقدر المصريون أن يشربوا ماء من النهر. (خروج 7: 20-21)

معجزات إخراج الشياطين

- ثم دخلوا كفر ناحوم وللوقت دخل المجمع في السبت وصار يُعلم،
فبهتوا من تعليمه لأنه كان يُعلمهم كمن له سلطان وليس كالكتبة،
وكان في مجمعهم رجل به روح نجس فصرخ قائلاً آه ما لنا ولك يا يسوع الناصري أتيت لتهلكنا،
أنا أعرفك من أنت قدوس الإله،
فانتهره يسوع قائلاً اخرس واخرج منه. (مرقس 1: 21-25) و(لوقا 4: 31-35)
- ولما صار المساء اذ غربت الشمس قدّموا إليه جميع السُقماء والمجانين،
وكانت المدينة كلها مجتمعة على الباب،
فشفى كثيرين كانوا مرضى بأمراض مختلفة واخرج شياطين كثيرة،
ولم يدع الشياطين يتكلمون لأنهم عرفوه. (مرقس 1: 32-34)
- وعند غروب الشمس جميع الذين كان عندهم سقماء بأمراض مختلفة قدموهم إليه فوضع يديه على كل واحد منهم وشفاهم،
وكانت شياطين أيضاً تخرج من كثيرين وهي تصرخ وتقول أنت المسيح ابن الإله،
فانتهرهم ولم يدعهم يتكلمون لأنهم عرفوه انه المسيح. (لوقا 4: 40-41)
- ولما جاء الى العبر إلى قرية الجرجسيين استقبله مجنونان خارجان من القبور هائجان جداً حتى لم يكن احد يقدر أن يجتاز من تلك الطريق،
وإذا هما قد صرخا قائلين ما لنا ولك يا يسوع ابن الإله،
أجئت إلى هنا قبل الوقت لتعذبنا، وكان بعيداً منهم قطيع خنازير كثيرة ترعى،
فالشياطين طلبوا إليه قائلين ان كنت تخرجنا فأذن لنا ان نذهب الى قطيع الخنازير،
فقال لهم امضوا، فخرجوا ومضوا الى قطيع الخنازير،
واذا قطيع الخنازير كله قد اندفع من على الجرف الى البحر ومات في المياه. (متّى 8: 28-32)
- لأنه كان قد شفى كثيرين حتى وقع عليه ليلمسه كل من فيه داء، والأرواح النجسة حينما نظرته خرّت له وصرخت قائلة إنك أنت ابن الإله،
وأوصاهم كثيراً أن لا يُظهروه. (مرقس 3: 10-11)
نلاحظ في النصوص السابقة ان الشياطين كانت عندما ترى يسوع تصرخ وتقول انه المسيح وابن الإله كما نلاحظ أيضاً ان يسوع كان ينتهرهم ويوصيهم ان لا يقولوا انه المسيح أو ابن الإله!
فلماذا كان يسوع يُوصي الشياطين وينتهرهم بعدم التصريح بصفاته؟
نحن أمام احتمالين لا ثالث لهما، الأول ان يسوع ليس هو المسيح ولا ابن الإله لهذا كان ينتهر الشياطين عن قول التجديف أو الكفر.
والثاني ان يسوع كان يُخفي صفاته عن الناس ولكن الشياطين كانت تظهر تلك الصفات وهذا يطرح سؤالاً كبيراً عن الفرق بين قوة الشياطين وقوة يسوع، فتلك الشياطين كان لديها القوة والشجاعة في القول ان يسوع هو المسيح وابن الإله بينما نجد أن يسوع ليس لديه تلك القوة!
ولكن هل يسوع كان الوحيد في زمانه الذي يخرج الشياطين حتى نقول انها من المعجزات التي تدل على حلول صفات إلهية فيه؟
- وان كنت أنا ببعلزبول أُخرج الشياطين،
فأبناؤكم بمن يُخرجون،
لذلك هم يكونون قضاتكم. (متّى 12: 27)
- فان كنت أنا ببعلزبول أُخرج الشياطين،
فأبناؤكم بمن يُخرجون،
لذلك يكونون قضاتكم. (لوقا 11: 19)
في هذين النصين يقول يسوع ان قضاة اليهود في ذلك الزمان كانوا يُخرجون الشياطين، فإخراج الشياطين لم يقتصر فعله على يسوع وحده لنقول انها من الصفات التي تجعل منه إلهاً يُعبد من دون الرب، لان قضاة اليهود كانوا يُخرجون الشياطين أيضاً، وكما نعلم أن كثيراً من الناس في زماننا هذا يُخرجون الشياطين وفي مختلف الدول سواء في الهند أو الصين أو حتى في أدغال أفريقيا، وكل بحسب طريقته! ولم يقولوا عن أنفسهم أنهم آلهة، ولا قال الناس عنهم أنهم آلهة.

معجزات المشي على البحر وتسكين الأمواج والرياح

- ولما دخل السفينة تبعه تلاميذه، وإذا اضطراب عظيم قد حدث في البحر حتى غطت الأمواج السفينة، وكان هو نائماً،
فتقدم تلاميذه وأيقظوه قائلين يا سيد نجّنا فإننا نهلك،
فقال لهم ما بالكم خائفين يا قليلي الإيمان،
ثم قام وانتهر الرياح والبحر فصار هدوء عظيم،
فتعجب الناس قائلين أي إنسان هذا فإن الرياح والبحر جميعاً تطيعه. (متّى 8: 23-27)
- فصرفوا الجمع وأخذوه كما كان في السفينة، وكانت معه أيضاً سفن أُخرى صغيرة،
فحدث نوْء ريح عظيم فكانت الأمواج تضرب الى السفينة حتى صارت تمتلئ،
وكان هو في المؤخر، على وسادة نائماً،
فأيقظوه وقالوا يا معلم أما يهمُّك أننا نهلك،
فقام وانتهر الريح وقال للبحر اسكت، ابكم،
فسكنت الريح وصار هدوء عظيم،
وقال لهم ما بالكم خائفين هكذا،
كيف لا إيمان لكم،
فخافوا خوفاً عظيماً،
وقالوا بعضهم لبعض من هو هذا،
فان الريح أيضاً والبحر يطيعانه. (مرقس 4: 36-41)
- وفي أحد الأيام دخل سفينة هو وتلاميذه،
فقال لهم لنعبر الى عبر البحيرة، فأقلعوا وفيما هم سائرون نام،
فنزل نوء ريح في البحيرة،
وكانوا يمتلئون ماء وصاروا في خطر،
فتقدّموا وأيقظوه قائلين يا معلم يا معلم إننا نهلك،
فقام وانتهر الريح وتموّج الماء فانتهيا وصار هدوء،
ثم قال لهم أين إيمانكم،
فخافوا وتعجبوا قائلين فيما بينهم من هو هذا ، فانه يأمر الرياح أيضاً والماء فتطيعه. (لوقا 8: 22-25)
المشي على الماء عمل لا يستطيع الانسان العادي القيام به، وهو عمل معجز بمعنى الكلمة، ولكن هل هذا العمل، أي المشي على الماء، هو من صفات الرب خالق السموات والأرض العظيم الذي لا يسكن على الأرض مع الإنسان لأنه لا تسعه السموات ولا سماء السموات؟
نعم ان من يمشي على الماء يكون قد قام بعمل خارق لطبيعة الأشياء ولكنه لا يعني أنه خالق الأشياء!
وصعود إيليا إلى السماء في مركبة تجرها خيول أعظم من المشي على الماء ولم يقل العهد القديم ولا أحد من الناس أن إيليا فيه صفات إلهية تستوجب الخضوع له بالعبادة والصلاة، كما إن معجزة مرور بني إسرائيل وهم قرابة المليون إنسان على أرض البحر التي أصبحت يابسة بعد انفلاق البحر إلى قسمين هو أعظم بلا شك من المشي على الماء ولم يقل أحد عنهم أنهم أصبحوا آلهة.

معجزات إطعام الناس بقليل الطعام

هذه المعجزات ذكرت في ستة مواضع في الأناجيل وقد ناقشتها كلها في كتاب يسوع بن يوسف النجار أسئلة حائرة وهنا سأقتصر على ثلاثة مواضع وهي كما يلي:
- ولما صار المساء تقدم إليه تلاميذه قائلين ان الموضع خلاء والوقت قد مضى، اصرف الجموع لكي يمضوا الى القرى ويبتاعوا لهم طعاماً،
فقال لهم يسوع لا حاجة لهم أن يمضوا، أعطوهم أنتم ليأكلوا،
فقالوا له ليس عندنا ههنا إلا خمسة أرغفة وسمكتان،
فقال ائتوني بها إلى هنا،
فأمر الجموع أن يتكئوا على العشب ثم أخذ الأرغفة الخمسة والسمكتين،
ورفع نظره نحو السماء وبارك وكسّر،
وأعطى الأرغفة للتلاميذ والتلاميذ للجموع،
فأكل الجميع وشبعوا،
ثم رفعوا ما فضل من الكسر اثنتي عشرة قفة مملوءة،
والآكلون كانوا نحو خمسة آلاف رجل ما عدا النساء والأولاد،
وللوقت ألزم يسوع تلاميذه أن يدخلوا السفينة ويسبقوه الى العبر حتى يصرف الجموع،
وبعدما صرف الجموع صعد إلى الجبل منفرداً ليُصلي، ولما صار المساء كان هناك وحده. (متّى 14: 15-23)
نلاحظ في هذا النص ان يسوع رفع نظره نحو السماء، أي انه يطلب المساعدة من السماء وبعد أن جاءته شكر! وهذا العمل يُشير إلى أن معجزاته لم تكن بإرادة مباشرة منه وإلا فما معنى أن يرفع نظره إلى السماء ويشكر؟
كما نقرأ أيضاً أنه بعد هذه المعجزة ذهب ليُصلي! إن صلاة يسوع تدل بكل وضوح على أنه غير الرب، أو على الأقل أنه ليس مساوياً لأبيه، هذا إذا قلنا تجاوزاً أن أباه هو الرب، وهو ليس كذلك، مما ينقض قوانين إيمان الكنائس المختلفة التي تقول إن يسوع يحمل صفات إلهية مثل أبيه وأنهما من نفس الجوهر وأن صفاتهما وقدراتهما واحدة.
- فلما خرج يسوع رأى جمعاً كثيراً فتحنن عليهم إذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدأ يُعلمهم كثيراً، وبعد ساعات كثيرة تقدم إليه تلاميذه قائلين الموضع خلاء والوقت مضى، اصرفهم لكي يمضوا إلى الضياع والقرى حوالينا ويبتاعوا لهم خبزاً، لأن ليس عندهم ما يأكلون،
فأجاب وقال لهم أعطوهم أنتم ليأكلوا،
فقالوا له أنمضي ونبتاع خبزاً بمئتي دينار ونعطيهم ليأكلوا،
فقال لهم كم رغيف عندكم، اذهبوا وانظروا،
ولما علموا قالوا خمسة وسمكتان،
فأمرهم أن يجعلوا الجميع يتكئون رفاقا ًرفاقاً على العشب الأخضر،
فاتكئوا صفوفاً صفوفاً مئة مئة وخمسين خمسين،
فأخذ الأرغفة الخمسة ورفع نظره الى السماء وبارك،
وكسّر الأرغفة وأعطى تلاميذه ليقدموا إليهم، وقسّم السمكتين للجميع،
فأكل الجميع وشبعوا،
ثم رفعوا من الكسر اثنتي عشرة قفة مملوءة ومن السمك،
وكان الذين أكلوا من الأرغفة نحو خمسة آلاف رجل،
وللوقت ألزم تلاميذه أن يدخلوا السفينة ويسبقوا الى العبر الى بيت صيدا حتى يكون قد صرف الجمع،
وبعدما ودعهم مضى الى الجبل ليُصلي. (مرقس 6: 34-46)
هنا يتكرر المشهد السابق، يسوع يرفع نظره إلى السماء ويُبارك وبعد وقوع المعجزة يذهب للصلاة، فإذا كان هو ما تصفه به قوانين إيمان الكنائس المختلفة فلماذا يرفع نظره إلى السماء ولمن كان يُصلي إذا كان هو وأبيه واحد؟
وإذا كان أبوه حالاً فيه وهو حال في أبيه أي إنهما واحد ألا تشير صلاة يسوع إلى انه وأباه يُصليان لمن يستحق الصلاة وهو الذي يرفع يسوع نظره إليه رجاء إطعام الناس؟
- فابتدأ النهار يميل فتقدم الاثنا عشر وقالوا له اصرف الجمع ليذهبوا الى القرى والضياع حوالينا فيبيتوا ويجدوا طعاماً لأننا ههنا في موضع خلاء،
فقال لهم أعطوهم أنتم ليأكلوا،
فقالوا ليس عندنا أكثر من خمسة أرغفة وسمكتين، إلا أن نذهب ونبتاع طعاماً لهذا الشعب كله،
لأنهم كانوا نحو خمسة آلاف رجل،
فقال لتلاميذه أتكئوهم فرقاً خمسين خمسين،
ففعلوا هكذا واتكأوا الجميع،
فأخذ الأرغفة الخمسة والسمكتين،
ورفع نظره نحو السماء، وباركهن ثم كسّر وأعطى التلاميذ ليقدموا للجمع،
فأكلوا وشبعوا جميعاً ثم رُفع ما فضل عنهم من الكسر اثنتا عشرة قفة. (لوقا 9: 12-17)
وهنا أيضاً يرفع يسوع نظره نحو السماء ومن ثم يُبارك.
فهل إطعام إنسان لبضعة آلاف من الناس مع رفعه لنظره الى السماء ومن ثم ذهابه للصلاة دليل على امتلاكه صفات تجعل منه إلهاً يُعبد من دون الرب أو معه؟
إن عدد الخمسة آلاف أو الأربعة آلاف عند الرب خالق السموات والأرض لا تجعل الأمر يبدوا صعباً أو كبيراً أو معجزاً، فهو سبحانه وتعالى عما يصفون ويشركون يُطعم مليارات الحيوانات والدواب والناس منذ بدء الخليقة والى نهايتها، وأما إن تحدثنا من خلال الكتاب المقدس فالرب في العهد القديم قام بإطعام بني إسرائيل وهم قرابة المليون إنسان ولمدة أربعين سنة ولم يقل أحد أن موسى أصبح إلهاً تجب عبادته من دون الرب أو معه، فهل إطعام أربعة آلاف أو خمسة آلاف وجبة غداء أو وجبتين أو حتى عشرة تجعل من الإنسان الذي قام بهذا العمل إلهاً يُعبد من دون الرب وخاصة كما قرأنا أنه كان يطلب المساعدة من الرب وأنه كان بعد ذلك يذهب ليُصلي؟

معجزات إبصار العمي

- وفيما هم خارجون من أريحا تبعه جمع كثير،
وإذا أعميان جالسان على الطريق فلما سمعا ان يسوع مجتاز،
صرخا قائلين ارحمنا يا سيد يا ابن داوُد،
فانتهرهما الجمع ليسكتا فكانا يصرخان أكثر قائلين ارحمنا يا سيد يا ابن داوُد،
فوقف يسوع وناداهما وقال ماذا تريدان أن أفعل بكما، قالا يا سيد أن تفتح أعيننا،
فتحنن يسوع ولمس أعينهما فللوقت أبصرت أعينهما فتبعاه. (متّى 20: 29-34)
-  وفيما يسوع مجتاز من هناك تبعه أعميان يصرخان ويقولان ارحمنا يا ابن داوُد،
ولما جاء الى البيت تقدم إليه الأعميان،
فقال لهما يسوع أتؤمنان أني أقدر أن أفعل هذا،
قالا نعم يا سيد،
حينئذ لمس أعينهما قائلاً بحسب إيمانكما ليكن لكما، فانفتحت أعينهما،
فانتهرهما يسوع قائلاً انظرا لا يعلم أحد، ولكنهما خرجا وأشاعاه في تلك الأرض. (متّى 9: 27-31)
في هذه المعجزة نجد يسوع بعد ان قام بعملها انتهر الأعميان لئلا يُخبرا أحداً عنه، وهذا الأمر من غرائب الأقوال التي يمكن أن نسمعها عن إنسان تقول الكنائس المختلفة انه إله!
لأننا نقرأ في العهد القديم أن الرب كان يطلب من موسى عند قيامه بعمل المعجزات أن يُصرّح ويقول أن هذه الأعمال هي أعمال الرب، ولم يكن ينتهر موسى أو بني إسرائيل ان يقولوا انها أعمال الرب، فلماذا كان يسوع يُخفي معجزاته عن الناس إذا كان ما تقوله عنه الكنائس صحيحاً؟
- ثم قال الرب لموسى قلب فرعون غليظ قد أبى أن يُطلق الشعب،
اذهب إلى فرعون في الصباح، إنه يخرج إلى الماء، وقِف للقائه على حافة النهر والعصا التي تحولت حيّة تأخذها في يدك،
وتقول له الرب إله العبرانيين أرسلني إليك قائلاً أطلق شعبي ليعبدوني في البرّيّة، وهوذا حتى الآن لم تسمع،
هكذا يقول الرب بهذا تعرف أني أنا الرب،
ها أنا أضرب بالعصا التي في يدي على الماء الذي في النهر فيتحول دماً. (خروج 7: 14-17)
وممن كان يخاف يسوع من إظهار معجزاته التي تقول الكنائس انها تدل على صفاته الإلهية.
- قال هذا وتفل على الأرض وصنع طيناً وطلا بالطين عيني الأعمى وقال له اذهب اغتسل في بركة سلوام الذي تفسيره مُرسل فمضى واغتسل وأتى بصيراً. (يوحنا 9: 6-7)
- وجاء الى بيت صيدا فقدموا إليه أعمى وطلبوا إليه أن يلمسه،
فأخذ بيد الأعمى وأخرجه إلى خارج القرية،
وتفل في عينيه ووضع يديه عليه وسأله هل أبصَرَ شيئاً،
فتطلع وقال أُبصر الناس كأشجار يمشون،
ثم وضع يديه أيضاً على عينيه وجعله يتطلع فعاد صحيحاً وأبصر كل إنسان جلياً،
فأرسله الى بيته قائلاً لا تدخل القرية ولا تقل لأحد في القرية. (مرقس 8: 22-26)
في المعجزة الأُولى يقوم يسوع بالتفل على الأرض ويصنع طيناً ويطلي به عيني الرجل ثم يأمره أن يذهب إلى بركة سلوام كي يغتسل، وفي المعجزة الثانية يقوم بالتفل في عيني الأعمى، وهذا العمل هو بالتأكيد ليس من أعمال الرب خالق السموات والأرض، لأنه عندما خلق الرب السموات والأرض وما فيها من مخلوقات لم يحتج إلى مادة أصلاً بل انه بمجرد إرادته لتلك الأشياء وبقوله كن فكانت، وأما ما قام به يسوع فهذا يشير إلى أن يسوع لا يحمل تلك الصفات التي تصفه بها الكنائس المختلفة.
وأما أمره الرجل بعدم دخول القرية أو إخبار أحد بما حدث له فقد سبق الحديث عنه وانه ليس من صفات الرب خالق السموات والأرض.

معجزة شفاء أصمّ وأعقد

- وجاءوا إليه بأصم وأعقد وطلبوا إليه أن يضع يده عليه،
فأخذه من بين الجمع على ناحية ووضع أصابعه في أُذنيه وتفل ولمس لسانه،
ورفع نظره نحو السماء وأنّ (من الأنين) وقال له إفثا أي انفتح،
وللوقت انفتحت أُذناه وانحل رباط لسانه وتكلم مستقيماً،
 فأوصاهم أن لا يقولوا لأحد،
ولكن على قدر ما أوصاهم كانوا ينادون أكثر كثيراً. (مرقس 7: 31-36)
هذا النص يُلخص ما سبق الحديث عنه، فيسوع يتفل ومن ثم يرفع نظره إلى السماء ويئن وأخيراً يُوصيهم بأن لا يقولوا لأحد، وكلها ليست من أعمال الرب خالق السموات والأرض سبحانه وتعالى عما يصفون ويشركون.

معجزات تطهير البُرص

- ولما نزل من الجبل تبعته جموع كثيرة، وإذا أبرص قد جاء وسجد له قائلاً يا سيد أن أردت  تقدر أن تطهرني، فمدّ يسوع يده ولمسه قائلاً أُريد فاطهر، وللوقت طهر برصه،
فقال له يسوع انظر أن لا تقول لأحد،
بل اذهب أرِ نفسك للكاهن وقدم القربان الذي أمر به موسى شهادة لهم. (متّى 8: 1-4)
- فأتى إليه أبرص يطلب إليه جاثياً وقائلاً له إن أردت تقدر أن تطهرني،
فتحنن يسوع ومد يده ولمسه وقال أُريد فاطهر،
فللوقت وهو يتكلم ذهب عنه البرص وطهر،
فانتهره وأرسله للوقت،
وقال له انظر لا تقل لأحد شيئاً،
بل اذهب أر نفسك للكاهن وقدم عن تطهيرك ما أمر به موسى شهادة لهم،
أمّا هو فخرج وابتدأ يُنادي كثيراً ويُذيع الخبر،
حتى لم يعد يقدر ان يدخل مدينة ظاهراً بل كان خارجاً في مواضع خالية، وكانوا يأتون اليه من كل ناحية. (مرقس 1: 40-45)
البَرَصْ في العهد القديم نوع من أنواع النجاسة وله شرائع عدة في كيفية التطهر منه، وقد كان بنو إسرائيل خلال تاريخهم القديم يقومون بتطهير البرص، وذكر العهد القديم عدة قصص عن تطهير البرص، من أشهرها تطهير أليشع لنعمان الأرامي والتي ذكرتها الأناجيل أيضاً، فتطهير البرص لا يدل على وجود صفات إلهية في من يقوم بعملها، إلا أننا نلاحظ نفس الموقف ليسوع من عدم التصريح بما يعمله من معجزات مما يؤكد ما قلته سابقاً من أنه لا علاقة له من ناحية الصفات بالرب خالق السموات والأرض.

معجزة شفاء مفلوج بعد أن قال له مغفورة لك خطاياك

- فدخل السفينة واجتاز وجاء الى مدينته،
واذا مفلوج يقدمونه اليه مطروحاً على فراش،
فلما رأى يسوع إيمانهم قال للمفلوج ثق يا بني مغفورة لك خطاياك،
واذا قوم من الكتبة قد قالوا في أنفسهم هذا يجدف فعلم يسوع أفكارهم فقال لماذا تفكرون بالشر في قلوبكم،
أيما أيسر أن يقال مغفورة لك خطاياك أم يقال قم وامش،
ولكن لكي تعلموا ان لابن الإنسان سلطاناً على الأرض أن يغفر الخطايا،
حينئذ قال للمفلوج قم احمل فراشك واذهب إلى بيتك، فقام ومضى الى بيته،
فلما رأى الجموع تعجبوا ومجّدوا الإله الذي أعطى الناس سلطاناً مثل هذا. (متّى 9: 1-8)
هذه المعجزة من المعجزات العظيمة التي قام بها يسوع، وما أود الإشارة إليه هنا هو عن قوله أيما أيسر أن يقال مغفورة لك خطاياك أم يقال قم وامش، فأقول إن قول مغفورة لك خطاياك أيسر من شفاء أمراض الناس، لأننا نسمع ونقرأ عن الآلاف من رجال الكنائس الذين يُمضون حياتهم يغفرون خطايا أتباعهم حتى وصل الأمر بهم إلى بيع صكوكاً لغفران الخطايا، ومع هذا لم نجد أحداً منهم يقوم بمعالجة نفسه من الأمراض إلا باستخدام الأدوات والوسائل الطبية، فغفران خطايا الناس أيسر من شفائهم!

معجزة شفاء ابنة المرأة الكنعانية

- ثم خرج يسوع من هناك وانصرف إلى نواحي صور وصيداء،
وإذا امرأة كنعانية خارجة من تلك التخوم صرخت إليه قائلة،
ارحمني يا سيد  يا ابن داوُد، ابنتي مجنونة جداً،
فلم يجبها بكلمة،
فتقدم تلاميذه وطلبوا إليه قائلين اصرفها لأنها تصيح وراءنا،
فأجاب وقال لم أُرسل الا الى خراف بيت اسرائيل الضالة،
فأتت وسجدت له قائلة يا سيد أعني،
فأجاب وقال ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب،
فقالت نعم يا سيد، والكلاب أيضاً تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها،
حينئذ أجاب يسوع وقال لها يا امرأة عظيم إيمانك،
ليكن لك كما تريدين. فشفيت ابنتها من تلك الساعة. (متّى 15: 21-28)
هذه المعجزة كغيرها من معجزات إخراج الشياطين التي قام بها يسوع خلال حياته، وكما قلت سابقاً ان إخراج الشياطين لا تجعل من ذلك الإنسان إلهاً، والدليل على ذلك هو قول يسوع نفسه ان قضاة اليهود كانوا يُخرجون الشياطين، والمهم في هذه المعجزة انها تشير بكل وضوح إلى اقتصار دعوة يسوع على اليهود فقط، وذلك بقوله الواضح انه لم يُرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة، كما تُظهر موقف يسوع من غير اليهود ويصفهم بالكلاب، حتى أنه رفض أن يشفي ابنة تلك الكنعانية حتى أقرّت تلك المرأة بأنها وقومها كلاب، وأن اليهود الذين وصفهم يسوع بالبنين هم أربابها، واعتبر قولها هذا دليلاً على إيمانها، فقوله عظيم إيمانك يا امرأة ليس لأنها آمنت به بل لأنها قالت إن اليهود أربابها وإنها من الكلاب.
وهنا قد يعترض بعض الطيبين من أتباع الكنائس الذين هم من غير اليهود على كلامي ويقولون انك تحرف كلام يسوع الواضح بقوله عن إيمانها العظيم بالقول انه قال لها هذا الكلام لأنها وصفت نفسها وقومها بالكلاب!
وأقول لهؤلاء الطيبين إن أفضل من يُفسر كلام يسوع هو يسوع نفسه لهذا دعونا نقرأ المعجزة التالية:

معجزة شفاء ابنة المرأة الفينيقية

- ثم قام من هناك ومضى الى تخوم صور وصيداء،
ودخل  بيتا وهو يريد أن لا يعلم أحد،
فلم يقدر أن يختفي،
لأن امرأة  كان بابنتها روح نجس سمعت به فأتت وخرّت عند قدميه،
وكانت الإمرأة أُممية وفي جنسها فينيقية سورية،
فسألته أن يُخرج الشيطان من ابنتها،
وأما يسوع فقال لها دعي البنين أولاً يشبعون،
لأنه ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويُطرح للكلاب،
فأجابت وقالت له نعم يا سيد،
والكلاب أيضاً تحت المائدة تأكل من فتات البنين،
فقال لها لأجل هذه الكلمة اذهبي قد خرج الشيطان من ابنتك. (مرقس 7: 24-29)
في هذا النص يقول يسوع للمرأة الفينيقية انه لأجل قولها والكلاب أيضاً تحت المائدة تأكل من فتات البنين قد خرج الشيطان من ابنتك، فكلامه واضح وقد فسر قوله في المعجزة السابقة  هنا بأن إيمان المرأة إنما يقصد به هو اعترافها بأنها وقومها كلاب، وهذه النظرة لا أظن أن أحداً يخالفني في انها ليست نظرة جيدة تجاه الناس من غير اليهود.
كما ان هذه المعجزة تعطينا دليلاً آخر على أن يسوع لا يتصف بأي صفة إلهية كما تقول الكنائس وذلك بقول مرقس فلم يقدر ان يختفي، وعدم القدرة تدل على العجز، وهذه الصفة أي عدم القدرة ليست من صفات الرب خالق السموات والأرض.

معجزة تيبيس يسوع لشجرة التين

- وفي الصبح اذ كان راجعاً إلى المدينة جاع،
فنظر شجرة تين على الطريق،
وجاء إليها فلم يجد فيها شيئاً إلا ورقاً فقط،
فقال لها لا يكن منك ثمرٌ بعد إلى الأبد،
فيبست التينة في الحال،
فلما رأى التلاميذ ذلك تعجبوا قائلين كيف يبست التينة في الحال،
فأجاب يسوع وقال لهم ألحق أقول لكم ان كان لكم إيمان ولا تشكون فلا تفعلون أمر التينة فقط،
بل إن قلتم لهذا الجبل انتقل وانطرح في البحر فيكون،
وكل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه. (متّى 21: 18-22)
- وفي الغد لما خرجوا من بيت عنيا جاع،
فنظر شجرة تين من بعيد عليها ورق، وجاء لعله يجد فيها شيئاً فلما جاء إليها لم يجد فيها شيئاً إلا ورقاً، لأنه لم يكن وقت التين،
فأجاب يسوع وقال لها لا يأكل أحد منك ثمراً بعد إلى الأبد،
وكان تلاميذه يسمعون. (مرقس 11: 11-14)
- وفي الصباح إذ كانوا مجتازين رأوا التينة قد يبست من الأصول،
فتذكر بطرس وقال له يا سيدي انظر التينة التي لعنتها قد يبست،
فأجاب يسوع وقال لهم ليكن لكم إيمان بالإله،
لأني الحق أقول لكم ان من قال لهذا الجبل انتقل وانطرح في البحر ولا يشك في قلبه بل يؤمن ان ما يقوله فمهما قال يكون له. (مرقس 11: 20-23)
هذه المعجزة تعتبرها الكنائس من المعجزات التي تثبت قوانين إيمانها، وهي تعتبر دليلاً على أن يسوع يملك قوة الإماتة التي لا يمتلكها إلا الرب خالق السموات والأرض، ولكن من يتأمل في النصين بدقة يجد أنها تثبت أن يسوع لا يمتلك أي صفة إلهية، كغيرها من المعجزات السابقة، إذ اننا نقرأ فيهما أن يسوع كان جائعاً، والجوع ليس من صفات الرب خالق السموات والأرض، كما أن مرقس قال وجاء لعله يجد فيها شيئاً فلما جاء إليها لم يجد شيئاً إلا ورقاً لأنه لم يكن وقت التين، وهذا القول يُثبت ان يسوع لا يعلم الغيب، وهذا أيضاً ليس من صفات الرب خالق السموات، فالخالق لا يخفى عليه ان تينة من مخلوقاته لا تحمل ثمراً سواء كان في وقت إثمارها أم في غير وقت إثمارها، وما حاجة الرب لبضع حبات من التين؟! وهو الذي أطعم مليون إنسان من بني إسرائيل في الصحراء لمدة أربعين سنة دون أن يقول لعله يكون طعام في الصحراء أو في السماء!
وأخيراً فإن وعد يسوع لتلاميذه بأنه إن كان لهم إيمان فأنهم سينقلون الجبال إلى البحر بمجرد طلبهم لم يتحقق، فمنذ عشرين قرناً لم يخبرنا أحد أن رجال الكنائس أو حتى التلاميذ أنفسهم قاموا بهذا العمل، فعدم تحقق قول يسوع يدل على أمرين لا ثالث لهما، إمّا ان تلاميذه ومن جاء بعدهم ليسوا مؤمنين لأنهم لو كانوا مؤمنين لقاموا بنقل الجبال وطرحها في البحر، أو أن قول يسوع عن إمكانية طرح الجبال في البحر غير صحيح، وهذا الأمر يثبت ان يسوع لا يحمل أيّة صفات إلهية!

معجزات إحياء الموتى

معجزة إحياء ابن وحيد لأُمه وهي أرملة من مدينة نايين

- فلما اقترب إلى باب المدينة اذا ميت محمول، ابن وحيد لأُمه وهي أرملة ومعها جمع كثير من المدينة،
فلما رآها الرب تحنن عليها وقال لها لا تبكي،
ثم تقدّم ولمس النعش فوقف الحاملون فقال أيها الشاب لك أقول قم،
فجلس الميت وابتدأ يتكلم فدفعه إلى أُمه،
فأخذ الجميع خوف ومجدوا الإله،
قائلين قد قام فينا نبي عظيم، وافتقد الرب شعبه. (لوقا 7: 12-16)
في هذا النص يقوم يسوع بعمل يُعتبر من أهم الأعمال التي تستند إليها الكنائس فيما تصفه به في قوانين إيمانها من انه إله ويُشكل مع أبيه والروح المقدس الثالوث الذين هم في ذات الوقت إله واحد، ولكن مع عِظمْ هذا العمل، أي إحياء الموتى، هل يُعتبر هذا العمل دليلاً على ان من يقوم به إلهاً تجب عبادته، وهل يسوع هو الوحيد الذي أحيا بعض الموتى أم يوجد غيره من فعل ذلك؟؟
لنقرأ بعض نصوص العهد القديم:

إيليا يُحي ميت

- وبعد هذه الأُمور مرض ابن المرأة صاحبة البيت واشتدّ مرضه جداً حتى لم تبق فيه نسمة،
فقالت لإيليا ما لي ولك يا رجل الإله،
هل جئت اليّ لتذكير إثمي وإماتة ابني،
فقال لها أعطيني ابنك،
وأخذه من حضنها وصعد به الى العلّية التي كان مقيماً بها وأضجعه على سريره،
وقال أيها الرب إلهي أأيضاً الى الأرملة التي أنا نازل عندها قد أسأت بإماتتك ابنها،
فتمدد على الولد ثلاث مرات وصرخ الى الرب وقال يا رب، إلهي لترجع نفس هذا الولد الى جوفه،
فسمع الرب لصوت إيليا فرجعت نفس هذا الولد إلى جوفه فعاش،
فأخذ إيليا الولد ونزل به من العلّية إلى البيت ودفعه إلى أُمه،
وقال إيليا أُنظري ابنك حيّ،
فقالت المرأة لإيليا هذا الوقت علمت أنك رجل الإله،
وان كلام الرب في فمك حق. (الملوك الاول 17: 17-24)
في هذا النص أحيا إيليا الصبي، ولم يقل العهد القديم ولا اليهود ان إيليا أصبح إلهاً لأنه أحيا ذلك الصبي، وأُمّ الصبي كما نقرأ قالت عن إيليا انه رجل الإله وان كلام الرب في فمه، وهو نفس موقف الجموع الذين شاهدوا معجزة يسوع إذ قالوا قد قام فينا نبياً وافتقد الرب شعبه.

أليشع يُحي ميت

هذه قصة امرأة زوجها شاخ وليس لهما أولاد، فبشرها أليشع، وهو من أنبياء بني إسرائيل في العهد القديم، أنها بعد سنة ستكون تحتضن ابناً وهكذا حصل.
- وكبر الولد، وفي ذات يوم خرج إلى أبيه إلى الحصادين، وقال لأبيه رأسي رأسي فقال للغلام احمله الى أُمه، فحمله وأتى به الى أُمه فجلس على ركبتيها الى الظهر ومات. (الملوك الثاني 4: 18-20)
فذهبت المرأة إلى أليشع:
- فقالت هل طلبت ابناً من سيدي، ألم أقل لا تخدعني. (الملوك الثاني 4: 28)
فذهب أليشع إلى بيت المرأة:
- ودخل أليشع البيت وإذا بالصبي ميت ومضطجع على سريره،
فدخل وأغلق الباب على نفسيهما، وصلى الى الرب،
ثم صعد واضطجع فوق الصبي، ووضع فمه على فم الصبي وعينيه على عينيه ويديه على يديه وتمدد عليه فسخن جسد الولد،
ثم عاد وتمشّى في البيت تارة الى هنا وتارة الى هناك وصعد وتمدد عليه فعطس الصبي سبع مرات ثم فتح الصبي عينيه، فدعا جيحزي وقال أُدع هذه الشونمية، فدعاها ولما دخلت إليه قال احملي ابنك،
فأتت وسقطت على رجليه وسجدت الى الارض ثم حملت ابنها وخرجت. (الملوك الثاني 4: 32-37)
وهذا النص يقول ان أليشع أحيا ميتاً ولم يقل أحد من الناس ما قالت الكنائس عن يسوع.

عظام أليشع تُحي ميت

- ومات أليشع فدفنوه، وكان غزاة موآب تدخل على الأرض عند دخول السنة،
وفيما كانوا يدفنون رجلاً،
اذا بهم قد رأوا الغزاة فطرحوا الرجل في قبر أليشع فلما نزل الرجل في قبر أليشع ومسّ عظام أليشع عاش وقام على رجليه. (الملوك الثاني 13: 20-21)
وهذه القصة أعظم من سابقاتها فنقرأ هنا ان الميت بمجرد ان مسّ عظام أليشع دبّت فيه الروح وعاد حياً، ولم يقل أحد عن عظام أليشع انها تحمل صفات إلهية ولا انها جزء من الأقانيم ومن نفس الجوهر!

معجزة إحياء يسوع لبنت يايرس رئيس مجمع

- وفيما هو يكلمهم اذا رئيس قد جاء فسجد له قائلاً ان ابنتي الآن ماتت،
لكن الآن تعال وضع يدك عليها فتحيا،
فقام يسوع وتبعه هو وتلاميذه. (متّى 9: 18-19)
- ولما جاء يسوع الى بيت الرئيس ونظر المزمرين والجمع يضجون،
قال لهم تنحوا فان الصبية لم تمت لكنها نائمة،
فضحكوا عليه فلما أُخرج الجمع دخل وأمسك بيدها فقامت الصبية،
فخرج ذلك الخبر الى تلك الارض كلها. (متّى 9: 23-26)
- ولما اجتاز يسوع في السفينة أيضاً الى العبر اجتمع إليه جمع كثير وكان عند البحر، وإذا واحد من رؤساء المجمع اسمه يايرس جاء ولما رآه خرّ عند قدميه، وطلب إليه كثيراً قائلاً ابنتي الصغيرة على آخر نسمة،
ليتك تأتي وتضع يدك عليها لتشفى فتحيا، فمضى معه وتبعه جمع كثير كانوا يزحمونه. (مرقس 5: 21-24)
- وبينما هو يتكلم جاءوا من دار رئيس المجمع قائلين ابنتك ماتت،
لماذا تتعب المعلم بعد،
فسمع يسوع لوقته الكلمة التي قيلت فقال لرئيس المجمع لا تخف آمن فقط،
ولم يدع أحداً يتبعه، إلا بطرس ويعقوب ويوحنا أخا يعقوب،
فجاء الى بيت رئيس المجمع ورأى ضجيجاً، يبكون ويولولون كثيراً، فدخل وقال لهم لماذا تضجون وتبكون،
لم تمت الصبية لكنها نائمة،
فضحكوا عليه،
أما هو فأخرج الجميع وأخذ أبا الصبية وأُمها والذين معه ودخل حيث كانت الصبية مضطجعة، وأمسك بيد الصبية وقال لها طليثا قومي الذي تفسيره يا صبية لك أقول قومي،
وللوقت قامت الصبية ومشت،
لأنها كانت ابنة اثنتي عشرة سنة،
فبهتوا بُهتاً عظيماً،
فأوصاهم كثيراً أن لا يعلم أحد بذلك وقال أن تعطى لتأكل. (مرقس 5: 35-43)
- واذا رجل اسمه يايرس قد جاء وكان رئيس المجمع فوقع عند قدمي يسوع وطلب إليه ان يدخل بيته، لأنه كان له بنت وحيدة لها نحو اثنتي عشرة سنة وكانت في حال الموت،
ففيما هو منطلق زحمته الجموع. (لوقا 8: 41-42)
- وبينما هو يتكلم جاء واحد من دار رئيس المجمع قائلاً له قد ماتت ابنتك لا تتعب المعلم،
فسمع يسوع وأجابه قائلاً لا تخف آمن فقط فهي تشفى،
فلما جاء الى البيت لم يدع أحداً يدخل إلا بطرس ويعقوب ويوحنا وأبا الصبية وأُمها،
وكان الجميع يبكون عليها ويلطمون،
فقال لا تبكوا لم تمت لكنها نائمة،
فضحكوا عليه، عارفين انها ماتت،
فأخرج الجميع خارجاً وأمسك بيدها ونادى يا صبية قومي،
فرجعت روحها وقامت في الحال فأمر أن تُعطى لتأكل،
فبهت والداها، فأوصاهما أن لا يقولا لأحد عما كان. (لوقا 8: 49-56)
في هذه النصوص نقرأ قصة إحياء بنت يايرس ويُوجد نقاش حول البنت، هل كانت ميتة حقيقة أم كانت مُغمى عليها، وهذا لا يهم فلنعتبر أنها ميتة وأن يسوع أحياها كما أحيا ابن الأرملة في مدينة نايين، المهم في هذه القصة ان يسوع يُوصي أهلها بأن لا يقولوا لأحد عما فعله، والسؤال الذي يظل يدق في عقل وقلب كل من يقرأ هذه المواقف لماذا كان يسوع يُخفي معجزاته؟
ممن كان يخاف يسوع؟
وهنا لا أود التذكير بمواقف موسى من معجزاته أمام فرعون وجنوده فهي أشهر من أن تذكر ولكن أُريد أن أذكر موقف إيليا من معجزاته أمام بني إسرائيل، كما في النص التالي:
- وكان عند إصعاد التقدمة أن إيليا النبي تقدم وقال أيها الرب إله إبراهيم وإسحاق وإسرائيل ليُعلم اليوم انك أنت الإله في إسرائيل وأني أنا عبدك وبأمرك قد فعلت كل هذه الأمور،
استجبني يا رب استجبني ليعلم هذا الشعب أنك أنت الرب الإله وأنك أنت حوّلت قلوبهم رجوعاً. (الملوك الاول 18: 36-37)
هذا موقف إيليا الواضح وضوح الشمس، فهو يُقرّ ويعترف أن كل معجزاته التي قام بها، وهي كثيرة، إنما فعلها بأمر الرب، وأنه عبد للرب وأن الرب إله إبراهيم وإسحاق وإسرائيل هو إلهه وإله بني إسرائيل، وهو يفتخر بكل معجزاته أمام الشعب ولم يكن يُوصيهم بأن لا يقولوا لأحد عنها!
وأما موقف الناس من إيليا ومن معجزاته التي قام بها فهو نفس موقف الذين شاهدوا إحياء الميت في مدينة نايين، وهو مذكور في النص التالي:
- فلما رأى جميع الشعب ذلك سقطوا على وجوههم،
وقالوا الرب هو الإله الرب هو الإله. (الملوك الاول 18: 39)
وبعد أن شهد الناس بهذه الشهادة وأن الرب هو الإله، وهو من تخضع له جميع رقاب البشر، ماذا قال لهم إيليا؟
فقال لهم إيليا امسكوا أنبياء البعل ولا يفلت منهم رجل،
فأمسكوهم فنزل بهم إيليا إلى نهر قيشون وذبحهم هناك. (الملوك الاول 18: 40)
فهل سنشهد مثل هذا الموقف للأنبياء الكذبة الذين يقولون ان مع الرب آلهة أُخرى؟ آمين.

معجزة إحياء لعازر

- وكان انسان مريضاً وهو لعازر من بيت عنيا من قرية مريم ومرثا أُختها،
وكانت مريم التي كان لعازر أخوها مريضاً هي التي دهنت الربّ بطيب ومسحت رجليه بشعرها،
فأرسلت الأُختان اليه قائلتين يا سيد هو ذا الذي تحبه مريض،
فلما سمع يسوع قال هذا المرض ليس للموت،
بل لأجل مجد الإله ليتمجد ابن الإله به،
وكان يسوع يُحب مرثا وأُختها ولعازر،
فلما سمع أنه مريض مكث حينئذ في الموضع الذي كان فيه يومين،
ثم بعد ذلك قال لتلاميذه لنذهب الى اليهودية أيضاً،
قال له التلاميذ يا معلم الآن كان اليهود يطلبون ان يرجموك وتذهب أيضاً الى هناك،
أجاب يسوع أليست ساعات النهار اثنتى عشرة ساعة إن كان أحد يمشي في النهار لا يعثر لأنه ينظر نور هذا العالم،
ولكن إن كان أحد يمشي في الليل يعثر لأن النور ليس فيه،
قال هذا وبعد ذلك قال لهم حبيبنا لعازر قد نام، لكني أذهب لأُوقظه،
فقال تلاميذه ان كان قد نام فهو يشفى،
وكان يسوع يقول عن موته،
وهم ظنوا انه يقول عن رقاد الموت،
فقال لهم يسوع حينئذ علانية لعازر مات،
وأنا أفرح لأجلكم أني لم أكن هناك، لتؤمنوا، ولكن لنذهب إليه،
فقال توما الذي يقال له التوأم للتلاميذ رفقائه لنذهب نحن أيضاً لكي نموت معه،
فلما أتى يسوع وجد أنه قد صار له أربعة أيام في القبر،
وكانت بيت عنيا قريبة من أُورشليم نحو خمس عشرة غلوة،
وكان كثيرون من اليهود قد جاءوا الى مرثا ومريم ليُعزوهما عن أخيهما،
فلما سمعت مرثا ان يسوع آت لاقته، وأما مريم فاستمرت جالسة في البيت،
فقالت مرثا ليسوع لو كنت ههنا لم يمت اخي،
لكني الآن أيضاً أعلم أن كل ما تطلب من الإله يعطيك الإله اياه،
قال لها يسوع سيقوم اخوك،
قالت له مرثا أنا أعلم انه سيقوم في القيامة في اليوم الاخير،
قال لها يسوع أنا القيامة والحياة،
من آمن بي ولو مات فسيحيا،
وكل من كان حياً وآمن بي فلن يموت الى الأبد،
أتؤمنين بهذا،
قالت له نعم يا سيد، أنا قد آمنت أنك أنت المسيح ابن الإله الآتي الى العالم،
ولما قالت هذا مضت ودعت مريم أُختها سرّاً،
قائلة المعلم قد حضر وهو يدعوك،
أما تلك فلما سمعت قامت سريعاً وجاءت إليه، ولم يكن يسوع قد جاء الى القرية بل كان في المكان الذي لاقته فيه مرثا، ثم إن اليهود الذين كانوا معها في البيت يُعزونها لما رأوا مريم قامت عاجلاً وخرجت تبعوها قائلين إنها تذهب الى القبر لتبكي هناك،
فمريم لما أتت الى حيث كان يسوع ورأته خرّت عند رجليه قائلة له يا سيد لو كنت موجوداً ههنا لم يمت اخي،
فلما رآها يسوع تبكي واليهود الذين جاءوا معها يبكون،
انزعج بالروح واضطرب،
وقال أين وضعتموه، قالوا له يا سيد تعال وانظر،
بكى يسوع،
فقال اليهود انظروا كيف كان يحبه،
وقال بعض منهم ألم يقدر هذا الذي فتح عيني الأعمى أن يجعل هذا أيضاً لا يموت،
فانزعج يسوع أيضاً في نفسه،
وجاء الى القبر، وكان مغارة وقد وضع عليه حجر،
قال يسوع ارفعوا الحجر،
قالت له مرثا أُخت الميت يا سيد قد أنتن، لأن له أربعة أيام،
قال لها يسوع ألم أقل لك ان آمنت ترين مجداً للإله،
ورفع يسوع عينيه الى فوق وقال أيها الأب أشكرك لأنك سمعت لي،
وأنا علمت أنك في كل حين تسمع لي،
ولكن لأجل هذا الجمع الواقف قلت،
ليؤمنوا أنك أرسلتني،
ولما قال هذا صرخ بصوت عظيم لعازر هلم خارجاً،
فخرج الميت ويداه ورجلاه مربوطات بأقمطة،
ووجهه ملفوف بمنديل،
فقال لهم يسوع حلّوه ودعوه يذهب. (يوحنا 11: 1-44)
هذه هي المعجزة الثالثة والأخيرة التي قام يسوع فيها بإحياء الموتى، وهي بهذا التفصيل بحاجة إلى تأمل في كل فقرة من فقراتها، لأنها مع أهميتها بالنسبة للكنائس المختلفة، إلا أنني أجد أنها تنقض قوانين إيمان الكنائس وتنقض إيمان أتباع الكنائس بيسوع!
فنحن نقرأ في الفقرات الأُولى ان يسوع يقول ان مرض لعازر ليس للموت بل لأجل مجد الإله ليتمجد فيه ابن الإله، ولهذا مكث بعد استلامه رسالة الأُختين مريم ومارثا يومين ولم يُسرع بالعودة ليشفيه كما طلبت منه الأُختان، وبعد ذلك قال لتلاميذه لنذهب إلى اليهودية فردّ عليه التلاميذ بتذكيره انهم هاربون من اليهود لأنهم كانوا يريدون أن يرجموه! فكيف يذهب بنفسه إليهم، فهل كان التلاميذ وهم يقولون هذا القول يؤمنون ان يسوع إله؟ فلو كانوا يؤمنون بهذا لما خطر في قلوبهم وعقولهم مثل هذا الأمر، لأن الرب عندما طلب من موسى الذهاب إلى فرعون ودعوته لم يقل موسى ولم يخطر على قلب وعقل موسى مثل هذا القول لأنه يعرف أن الرب لا يخاف من أحد من مخلوقاته، فكيف يهرب منه!
وبعد هذا يُعلن يسوع لهم موت لعازر بطريقة غريبة، وأغرب ما فيها قول توما التلميذ الشكاك لنذهب لنموت معه! وكأن الإنسان هو من يختار ساعة موته، وهذا التلميذ نفسه الذي يريد ان يذهب ليموت مع لعازر والذي شاهد هذه المعجزة لا يصدق ان يسوع قام من القبر، ولم يؤمن حتى قام بوضع أصابعه ويده في جراح يسوع كما كتب يوحنا!
ثم بعد ذلك يذهب يسوع إلى قرية لعازر فيجد انه قد مات قبل أربعة أيام فتلتقي به مارثا فتبدأ بالشكوى له من موت أخيها وتقول له انه لو أسرع بالمجيء لشفى أخاها ولما مات، ولكنها الآن تطلب منه أن يدعو له لأنها تعلم أن ما يطلبه من الإله فسوف يُعطيه له، ولكن يسوع يُجيبها بأن أخاها سيقوم، فترد عليه بالقول إنها تعلم انه سيقوم في القيامة في اليوم الأخير، ولكن يسوع يبدأ بتوضيح كلامه فيقول انه هو القيامة والحياة، ولم يكتف بهذا بل قال إن من آمن به ولو مات فسيحيا، ولم يكتف بهذا أيضاً بل زاد الأمر وضوحاً فقال وكل من كان حياً وآمن به فلن يموت إلى الأبد، ثم يقول لمارثا أتؤمنين بهذا!
فتجيبه مارثا المرأة الحزينة على موت أخيها نعم أنا قد آمنت أنك المسيح ابن الإله الآتي إلى العالم.
وهنا لا بد من وقفة مع الكنائس وقوانين إيمانها فأقول لهم هل تؤمنون ان يسوع هو المسيح ابن الإله الآتي إلى العالم وأنه هو القيامة والحياة فيأتي الجواب بسرعة البرق نعم نحن نؤمن ان يسوع هو المسيح ابن الإله الآتي إلى العالم وأنه هو القيامة والحياة.
ولكن لو سألتهم هل تؤمنون ان من آمن بيسوع ولو مات فسيحيا، فسيقولون لك ان هذا الأمر سيكون في القيامة في اليوم الأخير، وهو كما نرى نفس جواب مارثا قبل أن يُوضح لها يسوع الأمر بقوله عن نفسه انه القيامة والحياة وأن من آمن به ولو مات فسيحيا، فقول مارثا عن قيامة لعازر في اليوم الأخير لم يوافق عليه يسوع، لأنه قال عن نفسه أنه هو القيامة والحياة وأن من آمن به ولو مات فسيحيا، فقول الكنائس عن قيامة الأموات في اليوم الأخير لا يوافق عليه يسوع لأنه قال عن نفسه أنه هو القيامة والحياة وأن من آمن به ولو مات فسيحيا!
وأما لو سألتهم عن إيمانهم بقوله وكل من كان حياً وآمن بي فلن يموت إلى الأبد، فماذا سيجيبون عن هذا القول؟
إن قول يسوع عن نفسه أنه هو القيامة والحياة وقيامه بإحياء لعازر لا يدل على صدق هذا القول إلا إذا تحقق القول الثاني وهو ان كل من كان حياً وآمن به فلن يموت إلى الأبد!
فعدم صدق هذا القول بموت التلاميذ وأتباعهم كما يموت باقي الناس يدل على أنه لا يحمل الصفات التي تصفه بها قوانين إيمان الكنائس، لأن الرب كما يُخبرنا العهد القديم تتحقق كل أقواله ووعوده كما قال وكما وعد، فعدم تحقق قول يسوع بعدم موت كل من كان حياً وآمن به يدل على أنه لا علاقة له بالرب خالق السموات والأرض من ناحية الصفات والقدرات، إلا إذا قلنا أنه لم يوجد في التاريخ كله بدءاً من تلاميذه إلى يومنا هذا من آمن به، ولهذا لم يتحقق قوله بعدم موت من آمن به!
ثم بعد ذلك تخبرنا القصة أن مارثا ذهبت ودعت أُختها مريم وعندما حضرت مريم قالت ليسوع ما قالته مارثا من أنه لو حضر مبكراً لم يمت لعازر، وهنا لا يجيبها يسوع بما قاله لمارثا فكلامه السابق كان قد قاله، والوقت الآن لتنفيذ أقواله وليس لتكرارها ليثبت لهم أنه هو القيامة والحياة وأن من آمن به ولو مات فسيحيا وان كل من كان حياً وآمن به فلن يموت إلى الأبد، فلما رآها تبكي واليهود الذين جاءوا معها يبكون انزعج واضطرب بالروح، وهنا لا بد من وقفة مع هذه الحالة التي أصابت يسوع، لماذا ينزعج ويضطرب يسوع إذا كان ما تصفه به الكنائس صحيحاً؟
هل صفة الانزعاج والاضطراب من الصفات الإلهية، أم هي من صفات المخلوقات عندما تواجه مشكلة أو حالة تخاف من الفشل في التعامل معها؟
وأما قول يوحنا ان يسوع انزعج واضطرب بالروح فهذا يؤكد على أمرين ينقضان قوانين إيمان الكنائس المختلفة كلها، الأول هو أن هذه الأقانيم غير متحدة مع بعضها البعض إذ لو كانت متحدة لما احتاج أحدهم للاضطراب والانزعاج بآخر، والثاني هو عدم المساواة بينهما فالذي ينزعج ويضطرب ليستعين بآخر هو غير الشخص الذي يساعد في إزالة الاضطراب والانزعاج عنه!
بعد ذلك يقول لهم يسوع أين وضعتموه! وهذا القول لا يشير إلى أن يسوع كان يعلم الغيب!
ثم تخبرنا القصة أن يسوع بكى، وصفة البكاء لا أظن أن أحداً من أتباع الكنائس الطيبين يخالفني القول أنها ليست صفة إلهية حتى نقول ان من يبكي يحمل صفات إلهية!
وهنا يأتي الجواب الحاضر عند الكنائس بالقول ان بكاء يسوع كان بالجسد وليس بالصفات الإلهية أو بحسب تعبيرها بالناسوت وليس باللاهوت.
وأنا أسأل هل يوجد إنسان عَبَدَ من دون الرب شيئاً من المخلوقات إلا وقال عنه هذا الكلام؟
فكل من يعبد شيئاً من دون الرب يقول عنه انه يحمل صفات طبيعية وصفات إلهية وإلا كيف سيعبده لو لم تكن فيه صفات إلهية؟!
ولكن ما يؤكد وجود صفات إلهية في ذلك الشيء سواء كان إنسان أو حجر أو شجر هو تحقق وجود الصفات الإلهية فيه، فالبكاء والاضطراب والانزعاج وعدم تحقق الوعود والخوف والهرب والسكن في البراري وفي بطن امرأة والصلاة للرب وعدم صدق النبوءات كلها، صفات تؤكد أن من يحملها ليس له علاقة بالصفات الإلهية، ولا بالرب خالق السموات والأرض إلا كباقي المخلوقات.
ثم يقول يوحنا إن يسوع انزعج في نفسه مرة ثانية! وذهب إلى القبر فوجده مغارة وقد وُضع عليه حجر فقال لهم ارفعوا الحجر، وهنا لم يُخبرنا يوحنا ان رفع الحجر عن المغارة احتاج لمعجزة كما أخبرنا متّى في إنجيله عن الحجر الذي وُضع على قبر يسوع! ولم يُحدث رفع الحجر عن قبر لعازر زلزلة كما أحدث رفع الحجر عن قبر يسوع، مع العلم أنهما أي الحجرين كانا من نفس الحجم!
ولكن اللافت في هذا الموقف هو قول مارثا ليسوع يا سيد قد أنتن لأن له أربعة أيام! فهذا القول يُثبت أن مارثا لم تكن صادقة في أقوالها السابقة ليسوع بأنها آمنت بأنه المسيح ابن الإله الآتي إلى العالم ولا أنه هو القيامة والحياة ولا أن كل من آمن به ولو مات فسيحيا ولا أن كل من كان حياً وآمن به فلن يموت إلى الأبد! وإلا فما معنى قولها هذا؟
ولكن يسوع يُعيد التأكيد على صدق أقواله تلك فيقول لها ألم أقل لك إن آمنت ترين مجد الإله، وهنا لا بد أن نسأل الكنائس لماذا لا ترون مجد الإله إذا كنتم مؤمنين حقاً؟
لماذا لا تذهبون إلى قبور الموتى فتنادونهم باسم يسوع لتروا مجد الإله؟
وهنا يأتيك الجواب يا سيد لقد أنتنوا لأن لهم أياماً وسنيناً في قبورهم، ونردّ عليهم فنقول ألم يقل لكم يسوع إن آمنتم فسترون مجد الإله!
فيقولون إن هذا المجد سيرونه في القيامة في اليوم الأخير.
وهذا هو قول مارثا الذي لم يقبله يسوع منها، بل قال لها انه هو القيامة والحياة وان من آمن به فسيحيا وأن كل من كان حياً وآمن به فلن يموت إلى الأبد!
وبعد ذلك يقول يوحنا ورفع يسوع عينيه الى فوق وقال أيها الأب أشكرك لأنك سمعت لي، وأنا علمت أنك في كل حين تسمع لي، وهذا القول يُثبت أن يسوع وأباه ليسا واحد كما تقول الكنائس المختلفة، كما ويحمل هذا القول خطأ في العلاقة بين يسوع وأبيه إذ يقول يسوع هنا إن أباه يسمع له في كل حين، ولكن يسوع بعد هذه القصة بعدة أيام يُمضي الليل كله وهو يُصلي لأبيه كي لا يُصلب ومع هذا فلم يستجب له مما دفع يسوع وهو مُعلق على الصليب إلى الصراخ ولكن هذه المرة ليس لأبيه بل لإلهه إلهي إلهي لماذا تركتني.
ثم بعد ذلك يصرخ يسوع منادياً لعازر فيقوم من القبر.
من هذا الاستعراض لبعض معجزات يسوع هل يجد أحد من الناس أنها تدل على انه إله أو انه يحمل في جسده صفات إلهية، بدءاً من تحويل الماء إلى خمرة وانتهاءاً بإحياء الموتى؟
وهل قام يسوع بعمل معجزة من المعجزات لم يعملها أحد من أنبياء العهد القديم بل وعمل أعظم منها ومع هذا لم يقل العهد القديم أنهم أصبحوا آلهة تعبد من دون الرب. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق