الخميس، 11 مارس 2010

الفصل الاول شخصية يسوع: القسم الأول: أسماء وألقاب يسوع: هل اسم يسوع وعمانوئيل وابن الانسان وابن الإله تثبت أن يسوع إله حقيقي؟

الفصل الأول شخصية يسوعالقسم الأولأسماء وألقاب يسوع
يسوع المسيح هو الشخصية المركزية التي قام عليها إيمان الكنائس المختلفة، وهو في ذات الوقت الشخصية الأكثر إثارة للاختلاف والجدل بين الكنائس المختلفة، وبينها وبين باقي البشر من ناحية أُخرى، إنْ من ناحية صفاته أو من ناحية أفعاله، ولهذا فقد استحوذ على آلاف الدراسات، وعقدت من أجله عشرات المجامع الكنسية، التي في العادة ما تخرج في كل مرة بشيء جديد ومثير للجدل والمناقشات، فمنذ ارتفاعه ومروراً بمجمع نيقية سنة 325 إلى يومنا هذا والبشرية تبحث عن حقيقة يسوع، والسبب في ذلك هو ما يقال عنه من صفات وما ينسب له من أفعال وأقوال.
فيسوع كما تقول الكنائس يحمل صفات إلهية أهلته لان تقوم الكنائس بعبادته والخضوع له بالصلاة والتقدمات والتضرعات، وقالت جميع الكنائس المختلفة في عصرنا هذا انه جزء من الثالوث الذي تعبده، وقالت عنهم إنهم واحد ومن نفس الجوهر، لا بل في الحقيقة لقد تمّت صياغة الثالوث بناء على شخصيته، لان العهد القديم لم يتحدث سوى عن رب واحد وإله واحد خالق السموات والأرض.
وفي هذا القسم سأقوم بدراسة النصوص التي تحدثت عن يسوع في الأناجيل لنرى حقيقة هذه الصفات الإلهية التي تقول الكنائس المختلفة انه يتصف بها وحقيقة ما يُنسب له في قوانين إيمان الكنائس المختلفة من صفات في ضوء ما ذكرت الأناجيل والعهد القديم من صفات للرب خالق السموات والأرض.
ان ازدواجية شخصية يسوع في الأناجيل، بمعنى انه إنسان وإله في نفس الوقت، كانت السبب الرئيس في خلق حالة الاختلاف حوله، وخاصة أن العهد القديم لا يتحدث إلا عن إله حق واحد هو الرب خالق السموات والأرض الذي ليس معه إله وليس دونه إله، كما ان الكون وما نجد فيه من تناسق ووحدة ونظام يدل أيضاً على وحدانية خالقه وصانعه، إذ لو كان هناك أكثر من خالق لظهر هذا الأمر في عالمنا المادي، فعدم وجود أي اختلاف في نظام وخلق هذا العالم يعتبر أكبر دليل على انه لا يوجد سوى خالق واحد، فقول الكنائس عن يسوع انه إله من خلال تفسيرها لبعض نصوص العهد القديم والعهد الجديد يوجب علينا إعادة دراسة هذه النصوص لنرى حقيقتها، ومن ثم الحكم على تلك التفسيرات إن كانت صحيحة أم لا.
وما يهم في هذه الدراسة هو النصوص التي فهمت منها الكنائس وفسرتها على أنها صفات إلهية كان يتمتع بها يسوع مما استوجب على الكنائس أن تعبده وتدعو الناس لعبادته، فهذه الدراسة لن تبحث في سيرة حياته كما هي مكتوبة في الأناجيل فهذا الأمر كنت قد قمت بدراسته في كتاب يسوع بن يوسف النجار أسئلة حائرة.
أسماء وألقاب يسوع
تطلق الأناجيل والكنائس على يسوع عدداً من الأسماء والألقاب، وهي أقرب للصفات منها للأسماء، تقول الكنائس أنها تحمل في ثناياها صفات إلهية وهي مما تستشهد به الكنائس المختلفة على ما كتبته في قوانين إيمانها من صفات ليسوع واعتبارها له انه شخصية تحمل صفات إلهية تستوجب تقديم العبادة له باعتباره إلهاً، وإن قالت تلك الكنائس انه ليس إلهاً مستقلاً عن الرب الذي جاء ذكره في العهد القديم، وفي الصفحات التالية سأستعرض بعضها لنرى حقيقتها، وان كانت تحمل في ذاتها صفات إلهية أم لا، ومن ثم نرى ان كانت تنطبق على يسوع نفسه!

يسوع

يسوع هو الاسم العَلم الذي اختارته الأناجيل والكنائس في ترجمتها العربية للأُقنوم الثاني من أقانيمها الثلاثة، وJesus في الترجمة الانجليزية وغيرها من اللغات، كما في النص التالي:
- إذا ملاك الرب قد ظهر ليوسف في حلم قائلاً يا يوسف ابن داوُد لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك لأن الذي حبل به فيها هو من الروح المقدس فستلد ابناً وتدعوا اسمه يسوع لأنه يُخلص شعبه من خطاياهم. (متّى 1: 20-21)
- but after he had considered this. An angel of of the Lord appeared to him in a dream and said, “Joseph son of David, do not afraid to take Mary home as your wife, because what is conceived in her is from the Holy Spirit.
She will give birth to a son, and you are to give him name Jesus, because he will save his people from their sins”.(Matthew 1: 20-21)
وأصل هذا الاسم في اللغة العبرية هو يشوع وهو اختصار لكلمة يهوشع المكونة من مقطعين الأول يهوَ اسم الرب في العهد القديم وشع الذي يعني يُخلص، فيهوشع يعني الرب يخلص أو يهوَ يخلص.
ولست أدري ما هو السبب الذي جعل الكنائس تغير الاسم من يهوشع أو يشوع إلى يسوع  أو Jesus؟!
هل هو لإبعاد أتباع الكنائس الطيبين عن التفكير في التشابه بينه وبين يشوع القائد الذي دخل الأرض المقدسة بعد موسى، أو التشابه بينه وبين عشرات المُخلصين الذين جاءوا لبني إسرائيل ولم يقل أحد من الناس أن هؤلاء كانوا أقانيم إلهية يجب الخضوع لها بالعبادة، فاختارت الكنائس تغيير صيغة هذا الاسم ليكون خاصاً بيسوع أو Jesus وحده؟!
ولكن بعيداً عن هذه التساؤل هل خلص Jesus أو يسوع أو يشوع أو يهوشع شعبه من خطاياهم لنقول ان هذا الاسم ينطبق عليه؟
ان من ابسط المعلومات عند الكنائس وأتباعها الطيبين ان اليهود الذين هم شعب يسوع قد حملوا أعظم الخطايا في تاريخ البشرية وذلك بقيامهم بصلب يسوع وقتله كما تقول الأناجيل، فهو لم يُخلصهم من خطاياهم، فكيف يقول ملاك الرب أن ذلك الطفل سيُخلص شعبه من خطاياهم؟!
بالاضافة الى ان نصوص العهد القديم التي تحدثت عن المخلصين سواء يشوع أو غيره قالت انهم قاموا فعلاً بتخليص بني إسرائيل من أعدائهم ولهذا استحقوا ان يُطلق عليهم مُخلصين سواء كإسم مثل يوشع أو كلقب مثل موسى وداوُد وغيرهما، وفيما يلي بعض تلك النصوص:
- وصرخ بنو إسرائيل إلى الرب،
فأقام الرب مخلصاً لبني إسرائيل فخلصهم،
عثنيئيل بن فناز أخا كالب الأصغر،
فكان عليه روح الرب وقضى لإسرائيل وخرج للحرب. (قضاة 3: 9-10)
وصرخ بنو إسرائيل إلى الرب فأقام لهم الرب مخلصاً اهود بن جيرا البنياميني رجلاً أعسر. (قضاة 3: 15)
وقام بعد أبيمالك لتخليص إسرائيل تولع بن فواه بن دودو رجل من يساكر، وكان ساكناً في شامير في جبل أفرايم،
فقضى لإسرائيل ثلاثاً وعشرين سنة. (قضاة 10: 1-2)
- فقال شاول لا يقتل أحد في هذا اليوم،
لأنه في هذا اليوم صنع الرب خلاصاً في إسرائيل. (صموئيل الاول 11: 13)
- لان الرب كلم داوُد قائلاً إني بيد داوُد عبدي أُخلص شعبي إسرائيل من يد الفلسطينيين ومن أيدي جميع أعدائهم. (صموئيل الثاني 3: 18)
وأعطى الربُ إسرائيل مخلصاً فخرجوا من تحت يد الأراميين وأقام بنو إسرائيل في خيامهم كأمس وما قبله. (الملوك الثاني 13: 5)
وكان الرب يخلص داوُد حيثما توجه،
ومَلك داوُد على جميع إسرائيل وكان يجري قضاء وعدلاً لكل شعبه. (الايام الاول 18: 13-14)
وأعطيتهم مخلصين خلصوهم من يد مضايقيهم. (نحميا 9: 27)
- في ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر وعمود للربّ عند تخمها،
فيكون علامة وشهادة لربّ الجنود في أرض مصر، لأنهم يصرخون إلى الرب بسبب المضايقين فيرسل لهم مخلصاً ومحامياً وينقذهم، فيُعرف الرب في مصر ويعرف المصريون الرب في ذلك اليوم ويُقدمون ذبيحة وتقدمة ويُنذرون للربّ نذراً ويوفون به، ويضرب الرب مصر ضارباً فشافياً، فيرجعون إلى الرب فيستجيب لهم ويشفيهم. (إشعياء 19: 19-22)
من هذه النصوص، وغيرها الكثير، نجد ان الرب عندما كان يُرسل مُخلصاً لبني إسرائيل فإن ذلك المُخلص يقوم بمهمته على أكمل وجه ويُخلص بني إسرائيل، وهو ما لم يحدث مع يسوع، لأنه لم يُخلص شعبه، أي بني إسرائيل، من خطاياهم بل حمّلهم خطايا أعظم منها وذلك بصلبه وقتله، نعم تستطيع الكنائس المختلفة أن تقول ان يسوع خلص أتباعها من خطاياهم ولكنها بالتأكيد لا تستطيع القول انه خلص شعبه إسرائيل من خطاياهم كما جاءت صفته في نبوءة ملاك الرب!
كما أن لوقا بيّن صفات يسوع في بشارة الملاك لمريم بحبلها به كما في النص التالي:
- فقال لها الملاك لا تخافي يا مريم لأنك قد وجدت نعمة عند الإله،
وها أنت ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع،
هذا يكون عظيماً وابن العليّ يدعى،
ويُعطيه الرب الإله كرسي داوُد أبيه،
ويملك على بيت يعقوب الى الأبد ولا يكون لملكه نهاية. (لوقا 1: 30-33)
في هذا النص يقول ملاك الرب، أو بمعنى أدق لوقا، أن الرب سيُعطي يسوع كرسي داوُد أبيه، ويملك على بيت يعقوب الى الابد ولا يكون لملكه نهاية، ومسألة إن كان يسوع ابن داوُد أم لا سأتحدث عنها بعد قليل عند الحديث عن اسم أو لقب ابن داوُد، وما يهم هنا هو قوله ان يسوع سيُعطى كرسي داوُد ويملك على بيت يعقوب الى الأبد، فهذه الصفة لم تتوفر ليسوع لا بل انه رفض أن يتصف بها كما في النصين التاليين:
- وأما يسوع فإذ علم أنهم مزمعون أن يأتوا ويختطفوه ليجعلوه ملكاً انصرف أيضاً إلى الجبل وحده. (يوحنا 6: 15)
أجاب يسوع مملكتي ليست من هذا العالم،
لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدّامي يُجاهدون لكي لا أُسلم الى اليهود،
ولكن الآن ليست مملكتي من هنا. (يوحنا 18: 36)
فإذا كان يسوع قد رفض أن يكون ملكاً وقال ان مملكته ليست من هذا العالم، فهذا يعني أن نبوءة ملاك الرب لا تنطبق على يسوع، وبالتالي يكون اسمه لا ينطبق عليه، فضلاً عن أن يكون اسمه يحمل أيّة صفات تؤهله ليكون إلهاً يُعبد من دون الرب أو مع الرب.

المسيح

المسيح هو الاسم أو اللقب الثاني ليسوع، فما معنى المسيح؟
المسيح في العهد القديم هو الرجل الذي يُمسح بالدهن المقدس عند اليهود، فيصبح الرجل الممسوح ملكاً أو نبياً، وأول من مُسح بهذا الدهن من الملوك هو شاول ومن ثم داوُد، وبعدهما أصبح ملوك إسرائيل ويهوذا لا يتم تتويجهم الا بالمسح بهذا الدهن، كما ذكر العهد القديم عدداً من حالات المسح كانت تتم لأنبياء، وملوك من غير اليهود، كما في النصوص التالية:
- والرب كشف أُذن صموئيل قبل مجيء شاول بيوم قائلاً غداً في مثل الآن أُرسل إليك رجلاً من أرض بنيامين، فامسحه رئيساً لشعبي إسرائيل، فيُخلص شعبي من يد الفلسطينيين. (صموئيل الاول 9: 15-16)
- فأخذ صموئيل قنينة الدهن وصبّ على رأسه وقبّله وقال أليس لأن الرب قد مسحك على ميراثه رئيساً. (صموئيل الاول 10: 1)
- فقال الرب قُم امسحه، فأخذ صموئيل قرن الدهن ومسحه في وسط إخوته، وحلّ روح الرب على داوُد من ذلك اليوم فصاعداً. (صموئيل 16: 12-13)
- فقال له (لإيليا) الرب اذهب راجعاً في طريقك إلى برية دمشق وادخل وامسح حزائيل ملكاً على أرام،
وامسح ياهو بن نمشي ملكاً على إسرائيل،
وامسح أليشع بن شافاط من أبل محولة نبياً عوضاً عنك. (الملوك الاول 19: 15-16)
- هكذا يقول الرب لمسيحه لكورش الذي أمسكت بيمينه لأدوس أمامه أُمماً، وأحقاء ملوك أحُلّ، لأفتح أمامه المصراعين، والأبواب لا تغلق. (إشعياء 45: 1)
ومعنى هذا ان يسوع ليس هو أول من سُمي مسيح، مع العلم ان الأناجيل لم تذكر أي قصة عن مسح يسوع سواء من قبل رجل أو ملاك!
وكل مَنْ مُسِحَ قبله أصبح بعد المسحة نبياً أو ملكاً ولم يقل احد عنهم أنهم أصبحوا بتلك المسحة أشخاصاً يحملون صفات إلهية، وأنهم أصبحوا أقانيم إلهية يتوجب على الناس عبادتها، فكلمة مسيح ليس لها علاقة بأي صفة إلهية! بل هي صفة تُطلق على بعض الناس ليقوموا بعمل فرضه الرب عليهم، كما ان هاتين الصفتين ليستا متحققتان فيه، فلا هو نبي كما سيظهر لنا عند الحديث عن نبوءاته بعد قليل، وهو لم يكن ملكاً، حتى ان اليهود عندما حاولوا ان يجعلوه ملكاً هرب منهم كما في النص التالي:
- وأما يسوع فإذ علم أنهم مزمعون أن يأتوا ويختطفوه ليجعلوه ملكاً انصرف أيضاً إلى الجبل وحده. (يوحنا 6: 15)
فهذا الاسم أو اللقب لا ينطبق عليه فكيف يكون هو المسيح؟
كما انه قال بكل صراحة ان المسيح ليس ابن داوُد، ويسوع كما تقول الأناجيل ابن داوُد، وهذا يقودنا إلى الاسم أو اللقب التالي له وهو ابن داوُد.

ابن داوُد

هذا الاسم يُطلق على يسوع باعتبار أنه هو المقصود في بعض النصوص التي تتحدث عن رجل من نسل داوُد سيُخلص اليهود ويحكم العالم إلى الأبد، وقبل الحديث عن هذا الاسم في الأناجيل أود أن استعرض بعض تلك النصوص كما كتبت في العهد القديم.
- الآن تتجيشين يا بنت الجيوش قد أقام علينا مترسة،
يضربون قاضي إسرائيل بقضيب على خده ،
وأما أنت يا بيت لحم افراتة وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطاً على إسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل،
لذلك يسلمهم إلي حينما تكون قد ولدت والدة،
ثم ترجع بقية أخوته إلى بني إسرائيل،
ويقف ويرعى بقدرة الرب بعظمة اسم الرب إلهه ويثبتون، لأنه يتعظّم إلى أقاصي الأرض. (ميخا 5: 1-4)
- ها أيام تأتي يقول الرب وأقيم الكلمة الصالحة التي تكلمت بها إلى بيت إسرائيل والى بيت يهوذا،
في تلك الأيام وفي ذلك الزمان أُنبتُ لداوُد غصن البِرّ،
فيُجري عدلاً وبرّاً في الأرض، في تلك الأيام يَخلص يهوذا وتسكن أورشليم آمنة، وهذا ما تتسمّى به الرب بِرَّنا،
لأنه هكذا قال الرب،
لا ينقطع لداوُد إنسان يجلس على كرسي بيت إسرائيل،
ولا ينقطع للكهنة اللاويين إنسان من أمامي يُصعِدُ محرقة ويحرق تقدمة ويهيئ ذبيحة كل الأيام. (إرميا 33: 14-18)
ويخرج قضيب من جذع يسّى، وينبت غصن من أصوله،
ويحل عليه روح الرب، روح الحكمة والفهم،
روح المشورة والقوة، روح المعرفة ومخافة الرب، ولذته تكون مخافة الرب، فلا يقضي بحسب نظر عينيه، ولا يحكم بحسب سمع أُذنيه، بل يقضي بالعدل للمساكين، ويحكم بالإنصاف لبائسي الأرض،
ويضرب الأرض بقضيب فمه، ويميت المنافق بنفخة شفتيه،
ويكون البر منطقة متنيه، والأمانة على حقويه،
........................
لان الأرض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر،
ويكون في ذلك اليوم ان أصل يسّى القائم راية للشعوب،
إياه تطلب الأُمم ويكون محلّه مجداً،
ويكون في ذلك اليوم ان السيد يعيد يده ثانية ليقتني بقية شعبه التي بقيت من أشور، ومن مصر،
....................
ويرفع راية للأمم ويجمع منفيي إسرائيل ويضم مشتتي يهوذا من أربعة أطراف الأرض،
فيزول حسد أفرايم وينقرض المضايقون من يهوذا،
أفرايم لا يحسد يهوذا ويهوذا لا يضايق أفرايم،
وينقضّان على أكتاف الفلسطينيين غَرباً وينهبون بني المشرق معاً،
يكون على أدوم وموآب امتداد يدهما وبنو عمّون في طاعتهما،
ويبيد الرب لسان بحر مصر،
ويهزّ يده على النهر بقوة ريحه ويضربه إلى سبع سواق ويجيز فيها بالأحذية،
وتكون سكّة لبقية شعبه التي بقيت في أشور،
كما كان لإسرائيل يوم صعوده من ارض مصر. (إشعياء 11: 1-16)
- وقال أيها الرب إله إسرائيل لا إله مثلك في السماء والأرض،
حافظ العهد والرحمة لعبيدك السائرين أمامك بكل قلوبهم،
الذي قد حفظت لعبدك داوُد أبي ما كلمته به، فتكلمت بفمك وأكملت بيدك كهذا اليوم،
والآن أيها الرب اله إسرائيل احفظ لعبدك داوُد أبي ما كلمته به قائلاً لا يعدم لك أمامي رجل يجلس على كرسي إسرائيل ان يكن بنوك طرقهم يحفظون حتى يسيروا في شريعتي كما سرت أنت أمامي،
والآن أيها الرب اله إسرائيل فليتحقق كلامك الذي كلمت به عبدك داوُد. (الايام الثاني 6: 14-17)
- هو ذا قد سمعنا به في افراتة وجدناه في حقول الوعر،
لندخل إلى مساكنه ،
لنسجد عند موطئ قدميه،
من اجل داوُد عبدك لا تردّ وجه مسيحك،
اقسم الرب لداوُد بالحق لا يرجع عنه،
ومن ثمرة بطنك اجعل على كرسيك،
إن حفظ بنوك عهدي وشهاداتي التي اعلّمهم إياها فبنوهم ايضاً إلى الأبد يجلسون على كرسيك،
هناك انبت قرناً لداوُد،
رتبت سراجاً لمسيحي،
أعدائه أُلبس خزياً وعليه يزهر إكليله. (مزمور 132: 6-18)
- لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه،
حتى يأتي شيلون وله يكون خضوع شعوب،
رابطاً بالكرمة جحشه وبالجفنة ابن أتانه. (تكوين 49: 10-11)
هذه بعض النصوص التي يستشهد بها اليهود على ان الرب وعدهم بأنهم سيحكمون العالم عندما يُرسل لهم رجلاً من نسل داوُد، وأنا في هذا المقام لست في وارد البحث في صحة هذه النصوص ومدى صدقها، ولكن وجود هذه النصوص دفع كتبة الأناجيل لنسبة يسوع إلى داوُد كي يقولوا ان هذه النصوص تنطبق عليه، كما في النصوص التالية:
- كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داوُد ابن إبراهيم. (متّى 1: 1)
- ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة وهو على ما كان يظن ابن يوسف بن هالي .... بن داوُد ..... بن آدم. (لوقا 3: 23-28)
- وها أنت ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع، هذا يكون عظيماً وابن العلي يُدعى ويُعطيه الإله كرسي داوُد أبيه ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية. (لوقا 21: 32-33)
- فيلبس وجد نثنائيل وقال له وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء يسوع ابن يوسف الذي من الناصرة. (يوحنا 1: 45)
- وقالوا ألعلّ المسيح من الجليل يأتي، ألم يقل الكتاب أنه من نسل داوُد، ومن بيت لحم القرية التي كان داوُد فيها يأتي المسيح. (يوحنا 7: 41-42)
- أليس هذا هو يسوع ابن يوسف الذي نحن به عارفون بأبيه وأُمه،
فكيف يقول هذا إني نزلت من السماء. (يوحنا 6: 42)
فإنتساب يسوع إلى داوُد من المسلمات عند الكنائس المختلفة كلها، وكنت قد أظهرت أخطاء نسب يسوع في إنجيلي متّى ولوقا في كتاب (يسوع ابن يوسف النجار... أسئلة حائرة) فأغنى عن إعادتها، ولكن في هذا المقام أود التذكير بموقف يسوع من المسيح، والكنائس تقول عنه انه هو المسيح، ففي ثلاثة نصوص يُبين يسوع من هو المسيح وهي كما يلي:
- سألهم يسوع قائلاً ماذا تظنون في المسيح، ابن من هو،
قالوا له ابن داوُد،
قال لهم فكيف يدعوه داوُد بالروح رباً قائلاً، قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك،
فإن كان داوُد يدعوه رباً فكيف يكون ابنه. (متّى 22: 41-45)
- ثم أجاب يسوع وقال وهو يُعلم في الهيكل كيف يقول الكتبة أن المسيح ابن داوُد، لأن داوُد نفسه قال بالروح المقدس قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك،
فداوُد نفسه دعوه رباً فمن أين هو ابنه. (مرقس 12: 35-37)
- وقال لهم كيف يقولون أن المسيح ابن داوُد،
وداوُد نفسه يقول في كتاب المزامير قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك،
فإذاً داوُد يدعوه رباً فكيف يكون ابنه. (لوقا 20: 41-44)
في هذه النصوص يُصرّح يسوع بكل وضوح ان المسيح ليس ابن داوُد، والأناجيل ومعها الكنائس المختلفة تقول ان يسوع هو ابن داوُد، فإذا كان يسوع ابن داوُد حقيقة فهو ليس المسيح، وان كان يسوع هو المسيح فهو ليس ابن داوُد، فماذا ستختار الكنائس، هل هو ابن داوُد أم هو المسيح؟
أم هو المسيح وابن داوُد في نفس الوقت، أم هو لا المسيح ولا ابن داوُد؟!
وخاصة أن نسبته إلى داوُد خطأ لأنه ليس ابن يوسف النجار كما كتب متّى ولوقا في النسب الذي وضعاه ليسوع، ولم تكتب الأناجيل نسب مريم للقول انه من نسل داوُد عن طريق أُمه، كما ان حياته لا تظهر انه المسيح فهو لم يُخلص اليهود سواء من الاضطهاد الذي كانوا يتعرضون له من قِبل الرومان وغيرهم، أو من خطاياهم، لأنهم بصلبهم وقتلهم له حملوا خطايا أعظم مما كانت معهم سابقاً، وهذا كله طبعاً وفقاً لما تقوله الأناجيل.

عمانوئيل

هذا الاسم أُطلق على يسوع في إنجيل متّى، والذي فسره الإله معنا كما في النص التالي:
- أما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا،
لما كانت مريم أُمه مخطوبة ليوسف قبل أن يجتمعا وُجِدت حبلى من الروح القدس، فيوسف إذ كان بارّاً ولم يشأ أن يُشهرها أراد تخليتها سرّاً، ولكن فيما هو متفكر فيما هو متفكر في هذه الأُمور إذا ملاك الربّ قد ظهر له في حلم قائلاً يا يوسف ابن داوُد لا تخف أن تأخذ امرأتك لان الذي حُبل به فيها هو من الروح المقدس، فستلد ابناً وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم،
وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل هو ذا العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الإله معنا. (متّى 1: 18-23)
فهل عمانوئيل المذكور في العهد القديم يُقصَد به يسوع؟
قصة عمانوئيل في العهد القديم
- وحدث في أيام آحاز بن يوثام بن عزيّا ملك يهوذا ان رصين ملك أرام صعد مع فقح بن رمليا ملك إسرائيل إلى أُورشليم لمحاربتها فلم يقدر ان يُحاربها،
وأُخبر بيت داوُد وقيل له قد حلّت أرام في أفرايم، فرجف قلبه وقلوب شعبه كرجفان شجر الوعر قدّام الريح،
فقال الرب لإشعياء اخرج لملاقاة آحاز أنت وشآر ياشوب ابنك الى طرف قناة البركة العليا الى سكة حقل القصّار، وقل له احترز واهدأ،
لا تخف ولا يضعف قلبك من أجل ذنبي هاتين الشعلتين المدخنتين بحمو غضب رصين وأرام وابن رمليا،
لان أرام تآمرت عليك بشر مع أفرايم وابن رمليا قائلة، نصعد على يهوذا ونقوضها ونملك في وسطها ملكا ابن طبئيل،
هكذا يقول السيد الرب لا تقوم لا تكون،
لان رأس أرام دمشق ورأس دمشق رصين،
وفي مدة خمس وستين سنة ينكسر أفرايم حتى لا يكون شعباً،
ورأس أفرايم السامرة ورأس السامرة ابن رمليا،
إن لم تؤمنوا فلا تأمنوا،
ثم عاد الرب فكلم آحاز قائلاً اطلب لنفسك آية من الرب إلهك،
عمّق طلبك أو رفعه إلى فوق،
فقال آحاز لا أطلب ولا أُجرب الرب، 
فقال اسمعوا يا بيت داوُد هل هو قليل عليكم أن تضجروا الناس حتى تضجروا إلهي أيضاً،
ولكن يعطيكم السيد نفسه آية،
ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعوا اسمه عمانوئيل،
 زبداً وعسلاً يأكل، متى عرف أن يرفض الشر ويختار الخير،
 لأنه قبل أن يعرف الصبي أن يرفض الشر ويختار الخير، تخلى الأرض التي أنت خاش من مَلِكيها،
 يجلب الرب عليك وعلى شعبك وعلى بيت أبيك أياماً لم تأت منذ يوم اعتزال أفرايم عن يهوذا أي ملك أشور،
ويكون في ذلك اليوم أن الرب يصفر للذباب الذي في أقصى ترع مصر، وللنحل الذي في أرض أشور، فتأتي وتحلّ جميعها في الأودية الخربة وفي كل غاب الشوك وفي كل المراعي،
في ذلك اليوم يحلق السيد بموسى مستأجرة في عبر النهر بملك أشور الرأس وشعر الرجلين وتنزع اللحية أيضاً،
ويكون في ذلك اليوم أن الانسان يُربي عجلة بقر وشاتين، ويكون أنه من كثرة صنعها اللبن يأكل زبداً، فإن كل من أُبقي في الارض يأكل زبداً وعسلاً،
ويكون في ذلك اليوم أن كل موضع كان فيه ألف جفنة بألف من الفضة يكون للشوك والحسك،
بالسهام والقوس يُؤتى إلى هناك لأن كل الارض تكون شوكاً وحسكاً، وجميع الجبال التي تنقب بالمعول لا يؤتى إليها خوفاً من الشوك والحسك فتكون لسرح البقر ولدوس الغنم. (إشعياء 7: 1-25)
هذا النص يتحدث عن عمانوئيل في العهد القديم وهو كما نقرأ اعتبر أنه، أي عمانوئيل، آية ودليل على ان الرب سيكسر أفرايم حتى لا يكونوا شعباً في خمس وستين سنة، وهذه القصة حدثت قبل ولادة يسوع بمئات السنين، كما ان أشور انتهت كذلك قبل ولادة يسوع بعدة قرون فعمانوئيل في العهد القديم لا يُقصد به يسوع وبالتالي فهو ليس اسم له ولا لقب ولا صفة.
وأما قول متّى ان عمانوئيل تعني الإله معنا فهذا بالتأكيد لا يقصد يسوع، لان مصطلح الرب معنا ذُكر في العهد القديم في عشرات المواضع ومع هذا لم يتحدث العهد القديم سوى عن الرب الواحد الذي ليس معه إله وليس دونه إله، والذي لا يشبهه أحد من خلقه، ولا يسكن على الأرض لأنه لا السموات ولا سماء السموات تسعه فكيف يسكن في رحم امرأة أو في جسد بشر!
ومصطلح عمانوئيل، أي الرب معنا، جاء في عشرات النصوص ومنها ما يلي:
- فقالوا اننا قد رأينا الرب كان معك. (تكوين 26: 28)
هذا النص يتحدث عن اسحاق.
ولكن إله أبي كان معي. (تكوين 31: 5)
هذا النص يتحدث عن يعقوب.
وكان الرب مع يوسف. (تكوين 39: 2)
لأن الرب كان معه. (تكوين 39: 23)
هذان النصان يتحدثان عن يوسف.
- وقال اسرائيل ليوسف ها إنا أموت ولكن الإله سيكون معكم. (تكوين 48: 21)
هذا النص يتحدث عن بني اسرائيل.
- فقال اني أكون معك وهذه تكون لك العلامة اني أرسلتك حينما تُخرج الشعب من مصر تعبدون الإله على هذا الجبل. (خروج 3: 12)
- فلا تخف منهم لان معك الرب إلهك. (التثنية 20: 1)
هذان النصان يتحدثان عن موسى.
- والرب سائر أمامك وهو يكون معك. (التثنية 31: 8)
- وانأ أكون معك. (التثنية 31: 23)
- لأن الرب إلهك معك حيث تذهب. (يشوع 1: 9)
- انما الرب إلهك يكون معك كما كان مع موسى. (يشوع 1: 18)
هذه النصوص تتحدث عن يشوع بن نون.
- وكان داوُد يتزايد متعظماً والرب إله الجنود معه. (صموئيل الثاني 5: 10)
- فقال ناثان للملك اذهب افعل ما بقلبك لأن الرب معك. (صموئيل الثاني 7: 3)
هذان النصان يتحدثان عن داوُد.
- وقال داوُد لسليمان ابنه تشدد وتشجع واعمل،
لا تخف ولا ترتعب لأن الرب الإله الهي معك. (أخبار الايام الاول 28: 20)
- وتشدد سليمان بن داوُد على مملكته،
وكان الرب إلهه معه وعظّمه جداً. (أخبار الايام الثاني 1: 1)
هذان النصان يتحدثان عن سليمان.
فكما نقرأ فإن الرب مع إسحاق ويعقوب وموسى ويشوع وداوُد وسليمان ومع بني إسرائيل عامة، ومع هذا فلم يقل أحد أن أيّاً من هؤلاء أصبح اسمه الإله معنا وأنه يحمل صفات إلهية تجعل منه إلهاً مع الرب الواحد خالق السموات والأرض.
فصفة عمانوئيل لم يختص بها يسوع وحده، لو كان نص عمانوئيل يتحدث عنه، كما انه ليس من صفاته لأنه وهو على الصليب صرخ وقال إلهي إلهي لماذا تركتني مما يعني ان الرب تركه وليس معه، مما يؤكد ان عمانوئيل لا يُقصد به يسوع.

ملك اليهود

ملك اليهود من الألقاب التي تطلق على يسوع وإن بنطاق ضيق وخاصة بعد أن أصبحت الكنائس في معظمها من غير اليهود، وقد استُخدم هذا اللقب في عدة مواضع في الأناجيل من أهمها قصة المجوس كما في النص التالي:
- ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية في أيام هيرودس الملك إذا مجوس من المشرق قد جاءوا إلى أُورشليم قائلين أين هو المولود ملك اليهود فإننا رأينا نجمه في المشرق وأتينا لنسجد له. (متّى 2: 1-2)
فالمجوس جاءوا يبحثون عن ملك اليهود كما تقول الأناجيل.
وعندما قام يسوع بإطعام آلاف الناس بقليل من الطعام قال يوحنا في إنجيله:
- فلما رأى الناس الآية التي صنعها يسوع قالوا بالحقيقة إن هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم،
وأما يسوع فإذ علم أنهم مزمعون ان يأتوا ويختطفوه ليجعلوه ملكاً انصرف أيضاً إلى الجبل وحده. (يوحنا 6: 14-15)
والمحاكمة التي أُجريت له كما هو مكتوب في الأناجيل كانت قائمة في أهم جوانبها على الإدعاء أنه ملك اليهود، ولكنه قال انه ليس ملك اليهود لأن مملكته ليست من هذا العالم! كما في النص التالي:
- أجاب يسوع مملكتي ليست من هذا العالم،
لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أُسلم الى اليهود،
ولكن الآن ليست مملكتي من هنا. (يوحنا 18: 36)
فمعنى قوله هذا أنه ليس هو ملك اليهود، وهذا ينقض قصة المجوس الذين ما جاءوا إلا للبحث عن ملك اليهود، فإطلاق هذا اللقب عليه ليس صحيحاً سواء لهربه من اليهود عندما أرادوا أن يجعلوه ملكاً أو باعترافه أن مملكته ليست من هذا العالم.

ابن الإنسان

ابن الإنسان من الألقاب المفضلة ليسوع في الأناجيل وعند الكنائس المختلفة، وهو من أكثرها ذكراً في الأناجيل إذ ورد في أكثر من ثمانين موضعاً، وهذا اللقب يُثير إشكاليات في قلوب وعقول الكثير من أتباع الكنائس الطيبين، فهو يتحدث عن إنسان في حين أن الكنائس المختلفة أقامت قوانين إيمانها على أنه إله وابن إله، فكيف حدث هذا التحول الكبير من الحديث عن إله واحد في العهد القديم، حيث هناك مئات النصوص التي لا تتحدث إلا عن الإله الحق الواحد الذي ليس مثله شيء وليس معه إله وليس دونه إله، الى الحديث عن تعدد الآلهة وتجسدها في هيئات مادية سواء انسان او حمامة في الأناجيل وقوانين إيمان الكنائس؟!
ومع هذا كله ما هي حقيقة لقب أو اسم ابن الإنسان وهل ينطبق على يسوع؟
تقول الكنائس المختلفة أن هذا الاسم مقتبس من نص في كتاب دانيال وهو كما يلي:
- كنتُ أرى في رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان،
أتى وجاء إلى القديم الأيام فقرّبوه قدّامه،
فأُعطي سلطاناً ومجداً ومملكة لتتعبد له كل شعوب الأرض والأمم والألسنة،
سلطانه سلطانٌ أبديّ ما لن يزول،
ومملكته ما لن تنقرض. (دانيال 7: 13-14)
في هذا النص نقرأ كلاماً عن ابن إنسان وهو النص الوحيد الذي يتحدث عن ابن الإنسان بهذه الصفات، توجد بعض نصوص العهد القديم تتحدث عن ابن الإنسان ولكنها تقصد الإنسان العادي وليس هذا، ومن هذا النص أخذ كتبة الأناجيل اسم ابن الإنسان وصفاته وقالوا أنها تنطبق على يسوع، ونحن في بحثنا عن حقيقة الاسم وصفاته وإن كانت تنطبق على يسوع أم لا وفقاً لما هو مكتوب عنه في قوانين إيمان الكنائس سنستعرض بعض نصوص الأناجيل.
- لذلك أقول لكم كل خطية وتجديف يُغفر للناس،
وأما التجديف على الروح فإنه لا يغفر للناس،
ومن قال كلمة على ابن الإنسان يُغفر له،
وأما من قال على الروح المقدس فلن يُغفر له لا في هذا العالم ولا في الآتي. (متّى 12: 31-32)
في هذا النص يقول يسوع إن من يجدف على ابن الإنسان، أي يسوع، يُغفر له وأما التجديف على الروح المقدس فانه لا يُغفر له!
وهذا القول ينقض قوانين إيمان الكنائس المختلفة التي تقول ان الاقانيم الثلاثة متساوية في القدرة والمكانة ومن نفس الجوهر، لأن النص يقول ان الروح المقدس محمي أكثر من ابن الإنسان الذي هو يسوع، فلو كانا في نفس المكانة ومن نفس الجوهر لكان التجديف على احدهما هو تجديف على الآخر.
- وفيما هم نازلون من الجبل أوصاهم يسوع قائلاً لا تُعلِمونَ أحداً بما رأيتم حتى يقوم ابن الإنسان من الأموات. (متّى 17: 9)
هذا النص يدل على ان يسوع كان يُخفي ما يجري معه من أمور كي لا يعرفه الناس، وهو من الأمور التي تحتاج إلى تفسير من الكنائس.
ها نحن صاعدون إلى أورشليم وابن الإنسان يسلم إلى رؤساء الكهنة والكتبة فيحكمون عليه بالموت ويسلمونه إلى الأمم،
فيهزؤون به ويجلدونه ويتفلون عليه ويقتلونه،
وفي اليوم الثالث يقوم. (مرقس 10: 33-34)
هذا النصّ يتحدث عن يسوع وإخباره لتلاميذه عما سيجري معه من أُمور وقت المحاكمة، وأنا لا أرغب الآن في التعليق على النصّ، ولكن هل حقاً كتبت أسفار العهد القديم عن حدوث هذه الأمور مع ابن الإنسان والنص الوحيد المذكور عن ابن الانسان هو ما سبق كتابته، فأين يوجد في ذلك النص حديث عن تسليم ابن الإنسان وجلده والاستهزاء به، الخ ....؟!
فأجاب وقال لهم هو واحد من الاثني عشر،
الذي يغمس معي في الصحفة،
إن ابن الإنسان ماض كما هو مكتوب عنه،
ولكن ويل لذلك الرجل الذي به يُسلّم ابن الإنسان،
كان خيراً لذلك الرجل لو لم يُولد. (مرقس 14: 20-21)
في هذا النصّ إشارة إلى أن ابن الإنسان مكتوب عنه في العهد القديم وأن يسوع هو ابن الإنسان، ولكن ما هو المكتوب عن ابن الإنسان غير ذلك النص؟!
فانتهرهم وأوصى أن لا يقولوا ذلك لأحد قائلاً انه ينبغي أن ابن الإنسان يتألم كثيراً ويرفض من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل وفي اليوم الثالث يقوم. (لوقا 9: 22)
في هذا النص يُعيد يسوع القول عن ابن الإنسان وتألمه، والسؤال ما زال بحاجة إلى إجابة هل يوجد نص أو ذكر لابن الإنسان غير النص السابق؟!
وإذ كان الجميع يتعجبون من كل ما فعل يسوع قال لتلاميذه ضعوا انتم هذا الكلام في آذانكم،
إن ابن الإنسان سوف يسلّم إلى أيدي الناس،
وأما هم فلم يفهموا هذا القول وكان مُخفىً عنهم لكي لا يفهموه،
وخافوا أن يسألوه عن هذا القول. (لوقا 9: 44-45)
من هذا النصّ يظهر لنا انه حتى التلاميذ لم يكونوا عالمين ولا فاهمين بما سمعوه من يسوع من ان ابن الإنسان سوف يُسلّم إلى الناس.
فمن أين علموا وفهموا فيما بعد هذه الأمور؟
هل من يسوع مباشرة والنصوص كلها تقول أنهم لم يكونوا يفهمون ما يتحدث عنه؟ أم من العهد القديم؟!
- وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء. (يوحنا 3: 13)
في هذا النص يقول يسوع انه لا يوجد أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الانسان الذي هو في السماء! فإن كان يقصد نفسه فهذا القول خطأ لأن الجميع يعلم، والكنائس تقرّ بهذه الحقيقة، أن يسوع نزل من بطن أُمّه وليس من السماء، وأما إن كان يقصد شخصاً آخر فهذا يدل على انه ليس ابن الإنسان المذكور في العهد القديم.
وأما قوله ليس أحداً صعد إلى السماء ويقصد نفسه فهذا القول أيضاً ليس صحيحاً لأن العهد القديم يقول إن إيليا جاءته عربة تجرها خيول من نار ورفعته إلى السماء وهو حيّ، كما في النص التالي:
- وفيما هما يسيران ويتكلمان إذا مركبة من نار وخيل من نار ففصلت بينهما فصعد إيليا في العاصفة إلى السماء، وكان أليشع يرى وهو يصرخ يا أبي يا أبي مركبة إسرائيل وفرسانها، ولم يره بعد. (الملوك الثاني 2: 11- 12)
فإني الحق أقول لكم لا تكملون مدن إسرائيل حتى يأتي ابن الإنسان. (متّى 10: 23)
في هذا النص يقول يسوع ان ابن الإنسان سيعود قبل ان يُكمل تلاميذه دعوة اليهود في مدنهم وهو ما لم يتحقق! لأن تلاميذه أكملوا دعوة اليهود في مدنهم وماتوا جميعاً وأتباعهم انتشروا في كل أرجاء المعمورة يدعون فيها إلى قرب قدوم يسوع في مملكته ولم يأت بعد!
لا بل ان أتباعه أصبحوا جميعاً من غير اليهود، الذين قال عنهم يسوع نفسه انه لم يرسل إليهم وإنما أُرسل إلى خراف بيت إسرائيل الضالة، ومع هذا لم يأت بعد، وأتباعه أصبحوا عشرات الكنائس وكل واحدة تقول إن قدومه قريب ومع هذا لم يأت بعد!
من هذه النصوص وغيرها الكثير نجد ان اسم ابن الإنسان لا ينطبق عليه، سواء ابن الإنسان المذكور في العهد القديم فذاك يكون ملكاً ويسوع لم يملك يوماً في حياته، أو وهو يفرق بين ابن الإنسان والروح المقدس أو وهو يقول ان ابن الإنسان نزل من السماء وهو نزل من بطن أُمه وأخيراً وهو يقول إن ابن الإنسان سيأتي قبل تكميل الكرازة أو التبشير في مدن إسرائيل.

ابن الإله

هذا الاسم مذكور في عدة نصوص في الأناجيل وفيما يلي بعض منها:
- بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الإله. (مرقس 1: 1)
- وشهد يوحنا قائلاً إني قد رأيت الروح نازلاً مثل حمامة من السماء فاستقر عليه،
وأنا لم أكن أعرفه،
لكن الذي أرسلني لأُعمد بالماء ذاك قال لي الذي ترى الروح نازلاً ومستقراً عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس، وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الإله. (يوحنا 1: 32-34)
وقال له  يا معلم أنت ابن الإله، أنت ملك إسرائيل. (يوحنا 1: 49)
في هذه النصوص نجد ان بعض الناس كانوا يقولون عنه انه ابن الإله، وهو الذي من أجله أقامت الكنائس المختلفة قوانين إيمانها القائمة على تعدد الآلهة المتحدة مع بعضها البعض والتي هي واحد ومن نفس الجوهر، وهي بذلك تكون قد خالفت مئات النصوص في العهد القديم القائلة إن الرب واحد وليس مثله شيء وليس معه إله.
وعندما نقول للكنائس عن هذا الاختلاف والمخالفة للعهد القديم تُجيب بان هذا الأمر كان سراً في العهد القديم وانه لم يظهر إلا لبولس وكتبة الاناجيل، وهذا الأمر قد يكون مقبولاً إذا كانت الأناجيل أول من تحدث عن أبناء للإله، فهل العهد القديم لم يتحدث عن أبناء للإله؟
لنقرأ بعض نصوص العهد القديم:
- فتقول لفرعون هكذا يقول الرب اسرائيل ابني البكر،
فقلت لك أطلق ابني ليعبدني،
فأبيتَ ان تطلقه، ها انا أقتل ابنك البكر. (خروج 4: 22-23)
- لأني صرت لإسرائيل أباً وأفرايم هو بكري. (إرميا 31: 9)
ربّيت بنين ونشّأتهم وأما هم فعصوا عليّ. (إشعياء 1: 2)
- قدِّموا للرب يا أبناء الإله قدموا للرب مجداً وعزاً،
قدموا للرب مجد اسمه، اسجدوا للرب في زينة مقدسة،
ويجلس الرب ملكاً الى الأبد،
الرب يعطي عزاً لشعبه،
الرب يبارك شعبه بالسلام. (مزمور 29: 1-11)
أبو اليتامى وقاضي الأرامل في مسكن قُدسه. (مزمور 68: 5)
- يا إله الجنود ارجع اطّلع من السماء وانظر وتعهد هذه الكرمة والغرس الذي غرسته يمينك، والابن الذي اخترته لنفسك،
هي محروقة بنار مقطوعة، من انتهار وجهك يبيدون،
لتكن يدك على رجل يمينك وعلى ابن ادم الذي اخترته لنفسك،
فلا نرتد عنك،
أحينا فندعوا باسمك، يا رب الجنود إله الجنود أرجعنا،
أنِر بوجهك فنخلص. (مزمور 80: 14-19)
لأنه من في السماء يعادل الرب،
من يشبه الرب بين أبناء الإله،
إلهٌ مهوب جداً في مؤامرة القديسين ومخوف عند جميع الذين حوله،
. . . .
حينئذ كلّمت برؤيا تَقِيّكَ وقلت جعلتُ عوناً على قويّ،
رفعت مختاراً من بين الشعب،
وجدت داوُد عبدي، بدهن قدسي مسحته،
الذي تثبت يدي معه، ايضاً ذراعي تشدده،
. . . .
هو يدعوني أبي أنت،
إلهي وصخرة خلاصي،
أنا ايضاً اجعله بكراً أعلى من ملوك الأرض. (مزمور 89: 6-27)
في هذه النصوص نرى ان لقب ابن الإله لم يُطلق على يسوع وحده بل أُطلق على آلاف البشر قبله فما الذي جعله ابناً حقيقياً دون سواه؟
وهنا يأتيك الجواب من الكنائس المختلفة إن ولادته ومعجزاته ونبوءاته وتعاليمه هي التي تجعله ابن إله وإلهاً على الحقيقة، ونحن سنكمل الحديث عن أسمائه ثم نناقش هذه الأُمور فيما بعد!

الخروف أو الحَمَل

- وفي الغد نظر يوحنا يسوع مقبلاً إليه فقال هو ذا حَمَل الإله الذي يرفع خطية العالم،
هذا الذي قلت عنه يأتي بعدي رجل صار قدامي لأنه كان قبلي،
وأنا لم أكن أعرفه، ولكن ليُظهَرَ لإسرائيل، لذلك جئت أُعمد بالماء. (يوحنا 1: 29-31)
- وفي الغد أيضاً كان يوحنا واقفاً هو واثنان من تلاميذه،
فنظر الى يسوع ماشياً فقال هو ذا حمل الإله، فسمعه التلميذان يتكلم فتبعا يسوع. (يوحنا 1: 35-37)
الحَمَلْ، أو الخروف، من الأسماء التي تطلق على يسوع في إنجيل يوحنا، وهو من الأسماء المحببة عند الكنائس المختلفة وذلك تعبيراً عن تقديم يسوع نفسه قرباناً عن خطايا أتباعها، ولكن الغريب في الأمر أن اسم الحمل، أو الخروف، يتحول إلى حالة جسدية وليست معنوية في كتاب رؤيا يوحنا كما في النصوص التالية:
- ورأيت قي وسط العرش والحيوانات الأربعة وفي وسط الشيوخ خروف كأنه مذبوح له سبعة قرون وسبع أعين. (الرؤيا 5: 6)
- ولما أخذ السِفر خرّت الأربعة الحيوانات والأربعة والعشرون شيخاً أمام الخروف،
ولهم كل واحد قيثارات وجامات من ذهب مملوّة بخوراً هي صلوات القديسين وهم يترنمون ترنيمة جديدة قائلين مستحق أنت ان تأخذ السفر وتفتح ختومه لانك ذبحت واشتريتنا للرب بدمك. (الرؤيا 5: 8-9)
- قائلين مستحق هو الخروف المذبوح أن يأخذ القدرة والغنى والحكمة والقوة والمجد والبركة. (الرؤيا 5: 12)
- وهم يصرخون بصوت عظيم قائلين الخلاص لإلهنا الجالس على العرش وللخروف. (الرؤيا 7: 10)
- ثم نظرت وإذا خروف واقف على جبل صهيون ومعه مئة وأربعة وأربعين ألفاً لهم اسم أبيه مكتوباً على جباههم. (الرؤيا 14: 1)
- وقال لي اكتب طوبى للمدعوين الى عشاء عُرس الخروف. (الرؤيا 19: 9)
- وتكلم معي قائلاً هلم فأُريك العروس امرأة الخروف. (الرؤيا 21: 9)
- وأراني نهراً صافياً من ماء حياة لامعاً كبلّور خارجاً من عرش الرب والخروف. (الرؤيا 22: 1)
ان تحول يسوع في السماء الى خروف كأنه مذبوح يُثير في النفس الكثير من الحيرة والشك، فإذا وافقنا يوحنا والكنائس على تحول الكلمة الى جسد بشري ليستطيع أن يُخلص أتباع الكنائس من خطيئة آدم وتتصالح الأقانيم الثلاثة مع البشرية فلماذا لم يرجع الى حالته الأصلية؟
وما هو الداعي لتحول الكلمة الى خروف عند عودتها الى السماء، ويُقيم لها يوحنا في رؤياه عرساً ويجهز لها عروساً؟
إن يوحنا في رؤياه عندما يقول لنا أن الكلمة التي تجسدت بهيئة بشرية وعند صعودها الى السماء تتحول الى خروف مذبوح ويقيم له عرساً، عليه أن يُجيب عن السبب الذي جعله يخطئ في أسماء أسباط اسرائيل، كما في النص التالي:
- وسمعت عدد المختومين مئة وأربعة وأربعين ألفاً،
مختومين من كل سبط من بني إسرائيل،
من سبط يهوذا اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط رأؤبين اثنا عشر ألف محتوم،
من سبط جاد اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط أشير اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط نفتالي اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط منسّى اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط شمعون اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط لاوي اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط يساكر اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط زبلون اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط يوسف اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط بنيامين اثنا عشر ألف مختوم. (الرؤيا 7: 4-8)
ان من يقرأ النص يجد ان يوحنا نسي أن يذكر سبط دان وكتب سبط يوسف ولم يكتب سبط أفرايم، فإذا كان يوحنا يُخطئ في كتابة أسماء أسباط إسرائيل التي يحفظها أطفال اليهود فكيف سنصدقه فيما يقوله عن تجسد يسوع بهيئة خروف؟

الراعي

اسم الراعي يُطلق على يسوع في عدة مواضع من الأناجيل وخاصة في إنجيل يوحنا وهو من الأسماء والألقاب التي تحبها الكنائس باعتباره الراعي الذي يقودهم في حياتهم، كما أن هذا الاسم يُذكر في العهد القديم عن الرب، فهل إطلاق هذا اللقب على يسوع يشير إلى أنه يحمل صفات إلهية؟!
- أما أنا فإني الراعي الصالح وأعرف خاصتي وخاصتي تعرفني،
كما أن الأب يعرفني وأنا أعرف الأب،
وأنا أضع نفسي عن الخراف،
ولي خراف أُخر ليست من هذه الحظيرة ينبغي أن آتي بتلك أيضاً،
فتسمع صوتي وتكون رعية واحدة وراع واحد،
لهذا يحبني الأب لأني أضع نفسي لآخذها أيضاً،
ليس أحد يأخذها منى بل أضعها أنا من ذاتي،
لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها،
هذه الوصية قبلتها من أبي. (يوحنا 10: 14-18)
في هذا النص يقول يسوع عن نفسه أنه هو الراعي الصالح، فهل رعى يسوع خاصته؟!
نحن نعلم أن يسوع لم يقم برعاية خاصته، سواء اليهود أو تلاميذه، فكما قرأنا سابقاً فإن يسوع رفض أن يكون ملكاً لرعاية اليهود، كما أن علاقته بتلاميذه لا تدل على رعايته لهم، كما سنقرأ عند الحديث عن شخصياتهم فيما بعد، وبعيداً عن هذه الأُمور هل كلمة الراعي تحمل صفات إلهية تستوجب على من يُطلق عليه لقب راعي أن يُعبد مع الرب؟!
- هو ذا السيد بقوة يأتي وذراعه تحكم له، هو ذا أُجرته معه وعملته قدامه،
كراع يرعى قطيعه، بذراعه يجمع الحملان وفي حضنه يحملها ويقود المرضعات. (إشعياء 40: 10-11)
- اسمعوا كلمة الرب أيها الأمم واخبروا في الجزائر البعيدة وقولوا مُبدّد إسرائيل يجمعه ويحرسه كراع قطيعه،
لأن الرب قد فدى يعقوب وفكه من يد الذي هو أقوى منه. (إرميا 31: 10-11)
أنا أرعى غنمي وأُربِضُها يقول السيد الرب،
وأطلبُ الضُال وأستردُّ المطرود وأُجير الكسير وأعصِبُ الجريح وأُبيدُ السّمين والقوي،
وأرعاها بعدل،
وانتم يا غنمي فهكذا قال السيد الرب،
هاأنذا أحكم بين شاة وشاة بين كباش وتيوس،
أهو صغير عندكم أن ترعوا المرعى الجيد وبقية مراعيكم تدوسونها بأرجلكم وأن تشربوا من المياه العميقة والبقية تكدّرونها بأقدامكم،
وغنمي ترعى من دَوْسِ أقدامكم وتشرب من كدر أرجلكم،
لذلك هكذا قال السيد الرب لهم،
هاأنذا أحكم بين الشاة السمينة والشاة المهزولة،
لأنكم بهزتم بالجنب والكتف ونطحتم المريضة بقرونكم حتى شتتموها الى خارج،
فأخلّص غنمي فلا تكون من بعدُ غنيمة،
وأحكم بين شاة وشاة،
وأقيمُ عليها راعياً واحداً،
فيرعاها عبدي داوُد،
هو يرعاها،
وهو يكون لها راعياً،
وأنا الرب أكون لهم إلهاً وعبدي رئيساً في وسطهم،
أنا الرب تكلّمت،
وأقطع معهم عهد سلام،
وأنزع الوحوش الرديئة من الأرض فيسكنون في البرية مطمئنين وينامون في الوعور،
وأجعلهم وما حول أكمتي بَرَكَةً وأُنزلُ عليهم المطر في وقته فتكون أمطار بركة،
وتُعطي شجرة الحقل ثمرتها وتعطي الارض غلّتها ويكونون آمنين في ارضهم،
ويعلمون أني أنا الرب عند تكسيري رُبَطَ نيرهم،
واذا انقذتهم من يد الذين استعبدوهم،
فلا يكونون بعدُ غنيمة للأُمم ولا يأكلهم وحش الارض،
بل يسكنون آمنين ولا مخيف،
وأُقيمُ لهم غرساً لِصِتٍ فلا يكونون بعد منفيي الجوع في الأرض ولا يحملون بعدُ تعيير الأُمم،
فيعلمون أني أنا الرب إلههم معهم،
وهم شعبي بيت اسرائيل يقول السيد الرب،
وانتم يا غنمي، غنمُ مرعاي أُناسٌ انتم،
أنا إلهكم يقول السيد الرب. (حزقيال 34: 15-31)
في هذه النصوص نقرأ أن الرب سيقوم برعاية بني إسرائيل، وهو ما حدث معهم خلال تاريخهم القديم، ولكن هذه الرعاية لم تكن مباشرة بمعنى التجسد بينهم بهيئة بشرية أو بغيرها من الهيئات، بل من خلال إقامة أنبياء وقضاة وملوك يقومون بتنفيذ أحكام الرب عليهم كداوُد كما في النص السابق، وغيره أيضاً كما في النصوص التالية:
- أين الذي أصعدهم من البحر مع راعي غنمه،
أين الذي جعل في وسطهم روح قُدسه. (إشعياء 63: 11)
هذا النص يتحدث عن موسى كراع لبني إسرائيل، وهو قول صادق إذ أن من يقرأ حياة موسى يعلم انه قام برعاية بني إسرائيل حتى أوصلهم إلى الأرض المقدسة على الرغم من كل مشاغبات بني إسرائيل.
- وقد قال لك الرب أنت ترعى شعبي إسرائيل،
وأنت تكون رئيساً على إسرائيل. (صموئيل الثاني 5: 2)
- وقد قال لك الرب إلهك أنت ترعى شعبي إسرائيل وأنت تكون رئيساً لشعبي إسرائيل، وجاء جميع شيوخ إسرائيل الى الملك الى حبرون فقطع داوُد معهم عهداً في حبرون أمام الربّ،
ومسحوا داوُد ملكاً على إسرائيل، حسب كلام الرب عن يد صموئيل. (الايام الاول 11: 2-3)
- وداوُد عبدي يكون ملكاً عليهم ويكون لجميعهم راع واحد،
فيسلكون في أحكامي ويحفظون فرائضي ويعملون بها،
ويسكنون فيها هم وبنوهم وبنو بنيهم،
إلى الأبد وعبدي داوُد رئيس عليهم إلى الأبد وأقطع معهم عهد سلام فيكون معهم عهداً مؤبداً وأُقرّهم وأُكثرهم وأجعل مقدسي في وسطهم الى الأبد،
ويكون مسكني فوقهم وأكون لهم إلهاً ويكونون لي شعباً،
فتعلم الأُمم أني أنا الرب مقدس إسرائيل اذ يكون مقدسي في وسطهم الى الابد. (حزقيال 37: 24-28)
- فرعاهم حسب كمال قلبه وبمهارة يديه هداهم. (مزمور 78: 72)
هذه النصوص تتحدث عن داوُد كراع لبني إسرائيل، وهو ما حدث في الواقع، إذ أمضى داوُد حياته يدافع عن بني إسرائيل حتى استطاع في نهاية الأمر إقامة دولة قوية مُهابة الجانب.
- القائل عن كورش راعيّ فكل مسرّتي يتمم ويقول عن أورشليم ستُبنى وللهيكل ستُؤسس. (إشعياء 44: 28)
هذا النص يقول إن كورش راع وهو لم يكن من بني إسرائيل، فكل من كان يُساعد بني إسرائيل كان يُطلق عليه راعي، وخاصة إذا كان ملكاً، ولهذا نجد عدداً من النصوص تتحدث عن الرعاة المهملون الذين لا يقومون بواجبهم تجاه بني إسرائيل كما في النصوص التالية:
ويل للرعاة الذين يهلكون ويبددون رعيّتي يقول الرب،
لذلك هكذا قال الرب اله إسرائيل عن الرعاة الذين يرعون شعبي،
انتم بددتم غنمي وطردتموها ولم تتعهّدوها،
هاأنذا اعاقبكم على شرّ أعمالكم يقول الرب،
وأنا اجمع بقية غنمي من جميع الأراضي التي طردتهم إليها واردها إلى مرابضها فتثمر وتكثر،
وأقيم عليهم رعاة يرعونها فلا تخاف بعدُ ولا ترتعد ولا تُفقد يقول الرب،
ها أيام تأتي يقول الرب وأقيم لداوُد غُصن برٍّ،
فيملك مَلكٌ وينجح ويُجري حقاً وعدلاً في الأرض،
في أيامه يُخلّص يهوذا ويسكن إسرائيل آمناً،
وهذا هو اسمه الذي يدعونه به الرب بِرُّنا،
لذلك ها أيام تأتي يقول الرب ولا يقولون بعدُ حيٌّ هو الرب الذي اصعد بني إسرائيل من ارض مصر،
بل هو حيٌّ الرب الذي اصعد وأتى بنسل بيت إسرائيل من ارض الشمال ومن جميع الأراضي التي طردتهم إليها فيسكنون في أرضهم. (إرميا 23: 1-8)
في هذا النص دعاء بالويل والهلاك على الرعاة الذين يُهلكون بني إسرائيل، الذين بدّدوهم ولم يتعهّدوهم، والذين سيُعاقبهم الرب على شرّ أعمالهم، وهنا يُطرح سؤال وهو هل قام يسوع برعاية بني إسرائيل حتى نقول عنه أنه هو الراعي الصالح؟
هل قام يسوع برعاية بني إسرائيل وهو الذي رفض أن يصبح ملكاً عليهم، كما في النص التالي:
- وأما يسوع فإذ علم أنهم مزمعون أن يأتوا ويختطفوه ليجعلوه ملكاً انصرف أيضاً إلى الجبل وحده. (يوحنا 6: 15)
أم هل قام يسوع برعاية بني إسرائيل وهو يطلب منهم الخضوع لقيصر ودفع الجزية له، كما في النص التالي:
- أعطوا ما لقيصر لقيصر وما للإله للإله. (مرقس 12: 17)
أم هل قام برعايتهم وهو يرفض تطبيق الشريعة على الزانية وقال لهم من كان منكم بلا خطيئة فليرمها أولاً بحجر؟
وأما استشهاد الأناجيل والكنائس بالفقرات التي تتحدث عن غصن داوُد بأن المقصود بها يسوع فهو مما ثبت خطأه إذ ان يسوع ليس من نسل داوُد، إلا إذا قالوا إن يوسف النجار هو أب يسوع من الناحية الجسدية، كما أن حياة يسوع لا تشير إلى انه ملك على اليهود ولا انه نجح في ملكه ولا انه أجرى الحق والعدل كما ظهر في النصوص السابقة ولا انه خلص يهوذا ولا أسكن إسرائيل بأمان!
كما أن يسوع لم يقم بإصعاد بيت إسرائيل من أرض الشمال ولا من أي مكان شردوا إليه ولم يُسكنهم في أرضهم، فهم، بمن فيهم يسوع، كانوا خاضعين للرومان ودافعين الجزية لهم، لا بل ان يسوع نفسه كان يأمرهم بدفع الجزية للرومان!
- وكان اليّ كلام الرب قائلاً يا ابن آدم تنبأ على رعاة إسرائيل.
تنبأ وقل لهم هكذا قال السيد الرب للرعاة ،
ويل لرعاة إسرائيل الذين كانوا يرعون أنفسهم،
ألا يرعى الرعاة الغنم،
تأكلون الشّحم وتلبسون الصّوف وتذبحون السّمين ولا ترعون الغنم،
المريض لم تقوّوه والمجروح لم تعصبوه والمكسور لم تجبروه والمطرود لم تستردوه والضال لم تطلبوه بل بشدّة وبعنف تسلطم عليهم،
فتشتت بلا راع،
وصارت مأكلاً لجميع وحوش الحقل وتشتت،
ضلّت غنمي في كل الجبال وعلى كل تل وعلى كل وجه الأرض وتشتت غنمي ولم يكن من يسأل او يُفتّش،
فلذلك أيها الرعاة اسمعوا كلام الرب،
حيٌّ أنا يقول السيد الرب من حيث أن غنمي صارت غنيمة،
وصارت غنمي مأكلاً لكل وحش الحقل،
إذ لم يكن راع، ولا سأل رُعاتي عن غنمي،
ورعى الرعاة أنفسهم ولم يرعوا غنمي،
فلذلك أيها الرعاة اسمعوا كلام الرب، لأنه هكذا قال السيد الرب،
هاأنذا على الرعاة وأطلب غنمي من يدهم وأكفّهم عن رعي الغنم،
ولا يرعى الرعاة أنفسهم بعدُ،
فاخلّص غنمي من أفواههم فلا تكون لهم مأكلاً،
لأنه هكذا قال السيد الرب،
هاأنذا أسأل عن غنمي وأفتقدها،
كما يفتقد الراعي قطيعه يوم يكون في وسط غنمه المشتتة،
هكذا أفتقد غنمي وأُخلصها من جميع الأماكن التي تشتت إليها في يوم الغيم والضباب،
وأُخرجها من الشعوب وأجمعها من الأراضي وآتي بها إلى أرضها وأرعاها على جبال إسرائيل وفي الأودية وفي جميع مساكن الأرض. (حزقيال 34: 1-13)
وهذا النص كسابقه يُحذر الرعاة الذين لا يرعون بني إسرائيل، وهذا الأمر لم يقم به يسوع ولا من جاء بعده، لا بل إن من جاء بعده كان  الأمر أشد معهم إذ أنهم تركوا رعاية اليهود وتوجهوا إلى غير اليهود، فأي راع صالح هو يسوع وهو يرفض ان يحكم بين رجلين في ميراثهما كما في النص التالي:
- وقال له واحد من الجمع يا معلم قل لأخي أن يقاسمني الميراث،
فقال له يا إنسان من أقامني عليكما قاضياً أو مقسماً. (لوقا 12: 13-14)
أو وهو يأمر اليهود بالخضوع للرومان الوثنيين كما في النص التالي:
وأما أنا فأقول لا تقاوموا الشر، بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضاً. (متّى 5: 39)
من هذا الشرح لمعنى الراعي في العهد القديم وتطبيقه على يسوع نجد انه لم يتصف به، مما يعني ان هذا الاسم أو الصفة لا تنطبق عليه، بالإضافة إلى أن كلمة الراعي لا تحمل في ذاتها صفات إلهية تستوجب عبادة من يتصف بها أو من يقول عن نفسه أنه راعي.

النور

هذا الاسم نجده أيضاً في إنجيل يوحنا وهو لا يُطلق عليه كاسم علم في أكثر الأحيان بل كصفة، وهو مذكور في النصوص التالية:
- ثم كلمهم يسوع أيضاً قائلاً أنا هو نور العالم،
من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة. (يوحنا 8: 12)
- ما دمت في العالم فانا نور العالم. (يوحنا 9: 5)
في هذين النصين يصف يسوع نفسه انه نور العالم وان من يتبعه لا يمشي في الظلمة، ومن حق الإنسان ان يصف نفسه بما شاء من الأوصاف والألقاب ولكن حقيقة الاسم أو الصفة تظهر عند مقابلتها مع الواقع.
ثم يكتب يوحنا النص التالي:
- فنادى يسوع وقال الذي يؤمن بي ليس يؤمن بي بل بالذي أرسلني،
والذي يراني يرى الذي أرسلني،
أنا قد جئت نوراً إلى العالم حتى كل من يؤمن بي لا يمكث في الظلمة،
لأني لم آت لأدين العالم بل لأُخلص العالم،
من رذلني ولم يقبل كلامي فله من يدينه ،
الكلام الذي تكلمت به هو يدينه في اليوم الأخير،
لأني لم أتكلم من نفسي،
لكن الأب الذي أرسلني هو أعطاني وصية، ماذا أقول وبماذا أتكلم،
وأنا اعلم أن وصيته هي حياة أبدية،
فما أتكلم أنا به فكما قال لي الأب هكذا أتكلم. (يوحنا 12: 44-50)
في هذا النص نقرأ ان يسوع يُعيد القول انه نور العالم ولكنه يقول أيضاً ان الذي يراه يرى الذي أرسله أي ان الذي أرسله رجل، لأن يسوع كان بهيئة بشرية مثل باقي البشر ولم يكن بهيئة خاصة، فهل توافق الكنائس المختلفة على ان من أرسل يسوع كان انساناً؟!
وأما قوله انه ما جاء ليدين العالم بل ليُخلص فهذا القول يتناقض مع قوله التالي:
- فقال لهم يسوع لدينونة أتيت الى هذا العالم. (يوحنا 9: 39)
- كما أسمع أدين ، ودينونتي عادلة. (يوحنا 5: 30)
في هذين النصين يقول يسوع انه جاء ليدين العالم مما يعني ان كلامه متناقض ويزيل بعضه بعضاً وهو يقول ان كلامه لا يزول كما في النصوص التالية:
- السماء والارض تزولان ولكن كلامي لا يزول. (متّى 24: 35)
- السماء والارض تزولان ولكن كلامي لا يزول. (مرقس 13: 31)
- السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول. (لوقا 21: 23)
فهل هو جاء ليدين العالم أم انه لن يدين العالم؟
وأما قوله لأني لم أتكلم من نفسي، لكن الأب الذي أرسلني هو أعطاني وصية، ماذا أقول وبماذا أتكلم، وأنا أعلم أن وصيته هي حياة أبدية، فما أتكلم أنا به فكما قال لي الأب هكذا أتكلم، فهذا القول ينقض قوانين إيمان الكنائس المختلفة كلها إذ انه يفرق بينه وبين أبيه وتلك القوانين تقول أنهما واحد ومن نفس الجوهر.
وأخيراً قوله ان الذي يتبعه لا يمشي في الظلمة يطرح سؤالاً بشأن تلاميذه، وهو هل كانوا وهم نائمون عندما كان يُصلي كي لا يُصلب يمشون في الظلمة أو كان لهم نور، وهل كانوا وهم يهربون عنه عند إلقاء القبض عليه يمشون في الظلمة أم كانوا يمشون في نوره، وهل كانوا وهم ينكرونه ويشكون فيه يمشون في الظلمة أم كانوا يمشون في نوره، وهل كانوا وهم لا يصدقون قيامته من الأموات يمشون في الظلمة أم كان النور معهم؟
- كان إنسان مرسل من الرب اسمه يوحنا، هذا جاء للشهادة،
ليشهد للنور،
لكي يؤمن الكل بواسطته،
لم يكن هو النور، بل ليشهد للنور،
كان النور الحقيقي الذي يُنير كل إنسان آتياً إلى العالم. (يوحنا 1: 6-9)
في هذا النص يقول يوحنا كاتب الإنجيل ان يوحنا المعمدان جاء ليشهد للنور، أي يشهد ليسوع، وفي فصل شخصية يوحنا المعمدان ستظهر حقيقة هذه الشهادة وكيف ان يوحنا المعمدان قبل قتله بعدة أيام لم يكن يعرف حقيقة يسوع فكيف يشهد له أو يشهد للنور؟!

الكلمة

هذا الاسم أو الصفة تعتبره الكنائس من أسماء يسوع والتي تشير إلى وجود صفات إلهية يحملها وقد ذكرها يوحنا في إنجيله في عدة مواضع ومنها النصوص التالية:
- في البدء كان الكلمة،
والكلمة كان عند الإله،
وكان الكلمة الإله،
هذا كان في البدء عند الإله،
كل شيء به كان،
وبغيره لم يكن شيء مما كان،
فيه كانت الحياة،
والحياة كانت نور الناس،
والنور يضيء في الظلمة، والظلمة لم تدركه. (يوحنا 1: 1-5)
- والكلمة صار جسداً،
وحلّ بيننا،
ورأينا مجده، مجداً كما لوحيد من الأب. (يوحنا 1: 14-18)
أول ما نلاحظه في هذين النصين انهما ليسا من أقوال يسوع مباشرة بل هما من كلام يوحنا كاتب الإنجيل، وفيهما من المسائل القابلة للجدل الفلسفي الكثير وانا في دراساتي كلها لا أحب هذا المنحى من البحث بل اسعي لفهم النصوص من خلال مقارنتها مع نصوص العهد القديم والعهد الجديد والى واقعها في الحياة، وخاصة أن الأبحاث الفلسفية لا توصل إلى نتائج حاسمة في أي قضية تبحثها، وذلك لانعدام علمنا المباشر عن الرب وصفاته من الناحية الذاتية.
في النصوص السابقة يقول يوحنا إن يسوع هو كلمة الإله وانه تجسد وفي أحيان كثيرة تقول الكنائس المختلفة تأنس أي صار انساناً، وانه النور الذي يضيء الظلمة وان الظلمة لم تدركه، وفي هذا الفصل بعد قليل سنرى إن كانت هذه الأقوال صحيحة أم لا، وذلك بدراسة صفات يسوع وأقواله ونبوءاته ومعجزاته، وإن كانت حياة يسوع عموماً تدل على انه في البدء كان وانه حلّ بيننا وانه الحياة، ولكن في هذا المقام سأتحدث عن كلمة الرب في العهد القديم وأُقارنها ببعض أقوال الكلمة التي حلت بيننا يسوع بن يوسف النجار الذي من الناصرة كما كتب يوحنا في إنجيله!
لم تسقط كلمة من جميع الكلام الصالح الذي كلم به الرب بيت إسرائيل،
بل الكل صار. (يشوع 21: 45)
في هذا النص يقول العهد القديم ان جميع كلمات الرب الصالحة التي تكلم بها قد حدثت كما قال ولم تسقط منها أي كلمة، فماذا عن كلام يسوع هل صار كله ولم تسقط منه أي كلمة؟
- وها أنا اليوم ذاهب في طريق الأرض كلها ،
وتعلمون بكل قلوبكم وكل أنفسكم انه لم تسقط كلمة واحدة من جميع الكلام الصالح الذي تكلم به الرب عنكم، الكل صار لكم ولم تسقط منه كلمة واحدة،
ويكون كما انه أتى عليكم كل الكلام الصالح الذي تكلم به الرب إلهكم عنكم،
كذلك يجلب الرب كل الكلام الرديء حتى يُبيدكم عن هذه الأرض الصالحة التي أعطاكم الرب إلهكم، حينما تتعدون عهد الرب إلهكم الذي أمركم به وتسيرون وتعبدون آلهة أُخرى وتسجدون لها يحمى غضب الرب عليكم فتبيدون سريعاً عن الأرض الصالحة التي أعطاكم. (يشوع 23: 14-16)
في هذا النص نقرأ ذات القول عن حدوث كل كلام الرب مع تحذير بني إسرائيل من عبادة أحد مع الرب، وأنهم إن عبدوا غيره وتعدوا عهده وشريعته فسينزل غضبه عليهم.
- مبارك الرب الذي أعطى راحة لشعبه إسرائيل حسب كل ما تكلم به،
ولم تسقط كلمة واحدة من كل كلامه الصالح الذي تكلم به عن يد موسى عبده. (الملوك الاول 8: 56)
وهذا النص كالنصوص السابقة يتحدث عن إعطاء بني إسرائيل كل ما وعدهم به الرب وما تكلم به ولم يسقط منه أي كلمة.
- لأني أنا الرب أتكلم،
والكلمة التي أتكلم بها تكون، لا تطول،
لأني في أيامكم أيها البيت المتمرد أقول الكلمة وأُجريها يقول السيد الرب. (حزقيال 12: 25)
في هذا النص يقول الرب إن كلامه يكون كما هو، وانه لا يطول تنفيذ كلامه وانه يُجري كلامه.
- وكان اليّ كلام الرب قائلاً يا ابن آدم هو ذا بيت إسرائيل قائلون الرؤيا التي هو رائيها هي الى أيام كثيرة وهو متنبئ لأزمنة بعيدة،
لذلك قل لهم هكذا قال السيد الرب لا يطول بعد شيء من كلامي،
الكلمة التي تكلمت بها تكون يقول السيد الرب. (حزقيال 12: 26-28)
في هذا النص نقرأ ان بني إسرائيل في زمن ابتعادهم عن الرب وخروجهم عن شريعته قد بدؤوا في فقدان ايمانهم بالرب فقالوا ان النبوءات التي يرسلها على لسان الأنبياء إنما هي لأزمان بعيدة، ولكن الرب يقول ان كلامه لن يطول زمن تنفيذه بل يكون كل ما قاله في الوقت الذي حدده بدقة.
- هكذا قال السيد الربّ ويل للانبياء الحمقى الذاهبين وراء روحهم ولم يروا شيئاً،
أنبياؤك يا اسرائيل صاروا كالثعالب في الخرب، لم تصعدوا الى الثغر ولم تبنوا جداراً لبيت إسرائيل للوقوف في الحرب في يوم الربّ،
رأوا باطلاً وعرافة كاذبة القائلون وحي الرب،
والرب لم يُرسلهم،
وانتظروا إثبات الكلمة،
ألم تروا رؤيا باطلة وتكلمتم بعرافة كاذبة قائلين وحيّ الرب، وأنا لم أتكلم. (حزقيال 13: 3-7)
في هذا النص يقول الرب الويل للأنبياء الكذبة الذين يقولون عن رؤاهم وعِرَافتهم أنها وحيّ والرب لم يُرسلهم، وللتأكيد على ان الرب لم يُرسلهم يقول لننتظر إثبات كلامهم ونبوءاتهم وأنها اذا لم تتحقق فإنها تكون كاذبة وليست وحياً وإن قالوا إنها وحي الرب.
- وأيضاً نصيح إسرائيل لا يكذب ولا يندم لأنه ليس انساناً ليندم. (صموئيل الاول 15: 29)
هذا النص يقول ان الرب ليس إنساناً! وهذا ينقض كل قول يتحدث عن تجسده وحلوله وتأنسه بيننا! ولكن ليس المقام هنا هو الحديث عن هذا الموضوع، وما يهم هنا هو قوله ان الرب لا يكذب ولا يندم لأنه ليس إنساناً لهذا سنرى ان كان يسوع لا يكذب ولا يندم.
من هذه النصوص وغيرها الكثير في العهد القديم نخلص إلى ان الرب لا يخطئ ولا يكذب ولا يُخلف موعده ولا وعوده، ولو قارنا هذه الصفات بما هو مكتوب في الأناجيل عن يسوع فهل سنجده يحمل هذه الصفات لنصدّق انه هو الكلمة وأنه حلّ بيننا وأنه تأنس وتجسد؟!
ان هذا الفصل سيكون مدار مقارنة بين هذه الصفات وصفات يسوع، ولكن هنا سأكتفي بذكر سبعة مواضع تحدثت الأناجيل فيها على لسان يسوع وأُقارنها بالصفات التي تتحدث عن كلام الرب.
1 - لكي يأتي عليكم كل دم زكي سفك على الأرض من دم هابيل الصديق إلى دم زكريا بن برخيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح،
الحق أقول لكم إن هذا كله يأتي على هذا الجيل. (متّى 23: 35-36) 
في هذا النص يقول يسوع ان الذي قتله اليهود بين الهيكل والمذبح هو زكريا بن برخيا، وهذا خطأ لان الصحيح هو زكريا بن يهوياداع كما في النص التالي:
- ولبس روح الإله زكريا بن يهوياداع الكاهن،
فوقف فوق الشعب وقال لهم هكذا يقول الإله لماذا تتعدون وصايا الرب فلا تفلحون،
لأنكم تركتم الرب قد ترككم،
ففتنوا عليه ورجموه بحجارة بأمر الملك في دار بيت الرب،
ولم يذكر يوآش الملك المعروف الذي عمله يهوياداع أبوه معه بل قتل ابنه،
وعند موته قال الرب ينظر ويطالب. (الايام الثاني 24: 20-22)
فإذا كان يسوع لا يستطيع أن يُميز بين زكريا بن برخيا وزكريا بن يهوياداع فكيف سنصدق يوحنا بن زبدي الذي كتب ان يسوع هو الكلمة وانه حلّ بيننا وتجسد وتأنس؟!
إن هذا الخطأ يدل بلا أدنى شك على أن يسوع ليس فقط لا علاقة له بالكلمة أو بالرب من ناحية صفاته بل وانه يجهل العهد القديم.
2 - فقال لهم أما قرأتم قط ما فعله داوُد حين احتاج وجاع هو والذين معه،
كيف دخل بيت الرب في أيام أبيأثار رئيس الكهنة وأكل خبز التقدمة الذي لا يحل أكله إلا للكهنة ،
وأعطى الذين كانوا معه أيضاً. (مرقس 2: 25-26)
في هذا النص يقول يسوع ان داوُد دخل بيت الرب في أيام الكاهن أبيأثار وهذا خطأ لان داوُد دخل بيت الرب في أيام الكاهن أخيمالك كما في النص التالي:
- فجاء داوُد الى نوب الى أخيمالك الكاهن،
فاضطرب أخيمالك عند لقاء داوُد وقال له لماذا انت وحدك وليس معك أحد. (صموئيل الاول 21: 1)
فعدم تمييز يسوع بين أبيأثار وأخيمالك يُثبت خطأ القول انه هو الكلمة التي تجسدت وتأنست، لأنه لو كان كذلك لعلم ان داوُد دخل على أخيمالك وليس على أبيأثار.
3 - وبالحق أقول لكم إن أرامل كثيرة كنّ في إسرائيل في أيام إيليا أُغلقت السماء مدة ثلاث سنين وستة أشهر لما كان جوع عظيم في الأرض كلها. (لوقا 4: 25)
في هذا النص يقول يسوع الكلمة التي حلت بيننا وتجسدت أن انقطاع المطر كان لمدة ثلاث سنوات وستة أشهر، ولكن العهد القديم يقول ان انقطاع المطر كان أقل من ثلاث سنوات كما في النصين التاليين:
- وقال إيليا التشبي من مستوطني جلعاد لأخآب حيّ هو الرب اله إسرائيل الذي وقفت أمامه انه لا يكون طلّ ولا مطر في هذه السنين إلا عند قولي. (الملوك الاول 17: 1)
- وبعد أيام كثيرة كان كلام الرب إلى إيليا في السنة الثالثة قائلاً اذهب وتراء لأخآب فأُعطي مطراً على وجه الأرض. (الملوك الاول 18: 1)
فكما نقرأ فإن المطر جاء في السنة الثالثة وليس كما قال يسوع، مما يدل على ان علمه بالعهد القديم ليس كثيراً! وهذا الأمر ليس من صفات الرب لأن الرب يعلم الوقت الذي انزل فيه المطر بدقة كبيرة وليس كما نقرأ عن يسوع.
4 - فأجاب بطرس حينئذ وقال له ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك فماذا يكون لنا،
فقال لهم يسوع الحق أقول لكم إنكم أنتم الذين تبعتموني في التجديد متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده تجلسون أنتم أيضاً على اثني عشر كرسياً تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر،
وكل من ترك بيوتاً أو إخوة أو أخوات أو أباً أو إماً أو امرأة أو أولاداً أو حقولاً من أجل اسمي،
يأخذ مئة ضعف ويرث الحياة الأبدية. (متّى 19: 27-29)
وابتدأ بطرس يقول له ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك،
فأجاب يسوع وقال الحق أقول لكم ليس أحد ترك بيتاً أو إخوة أو أخوات أو أباً أو أُماً أو امرأة أو أولاداً أو حقولاً لأجلي ولأجل الإنجيل، إلا ويأخذ مئة ضعف الآن في هذا الزمان بيوتاً وإخوة وأخوات وأُمهات وأولاداً وحقولاً مع اضطهادات،
وفي الدهر الأتي الحياة الأبدية. (مرقس 10: 28-30)
- فقال بطرس ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك،
فقال لهم الحق أقول لكم إن ليس أحد ترك بيتاً أو والِدَين أو إخوة أو امرأة أو أولاداً من أجل مملكة الإله، إلا ويأخذ في هذا الزمان أضعافاً كثيرة،
وفي الدهر الآتي الحياة الأبدية. (لوقا 18: 28-30)
في هذه النصوص نقرأ أن يسوع وعد تلاميذه بإعطائهم بدل أي شيء يتركونه لأجله ولأجل الإنجيل ولأجل مملكته مائة ضعف في هذه الحياة وفي هذا الزمان وهذا الوعد لم يتحقق.
فبطرس ترك سفينته ولم يأخذ بدلاً منها مائة سفينة، وكذلك يوحنا كاتب الإنجيل ترك سفينته وأباه ولم يأخذ مائة سفينة فضلاً عن أن يأخذ مائة أب!
والغريب في هذا الوعد واستحالة تحققه هو قوله ان من يترك زوجته سيأخذ مائة زوجة وهذا ما لا توافقه عليه الكنائس فإنها تقول بمنع تعدد الزوجات، كما ان هذا الوعد لا يمكن تحقيقه لهم في اليوم الأخير في مملكته لأنه قال ان أتباعه في مملكته لا يتزوجون، فكيف سيحقق لهم هذه الوعود؟ وأما إذا كانت امرأة قد تركت زوجها لأجل يسوع فسيصبح الأمر واسعاً جداً على الكنائس إذ كيف ستأخذ مائة زوج؟!
5 - الحق الحق أقول لكم ان كل ما طلبتم من الأب باسمي يعطيكم، إلى الآن لم تطلبوا شيئاً باسمي، اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملاً.  (يوحنا 16: 23-24)
في هذا النص يقول يسوع ان كل ما يطلبه أتباعه باسمه فان أباه سيُعطيه لهم وهذا أيضاً قول لم يتحقق سواء مع تلاميذه أو مع أتباع الكنائس الطيبين فكم واحد منهم طلب أشياء ولم تتحقق، لا بل إن معظم ما يطلبونه لا يتحقق!
6 - الحق أقول لكم ان من القيام ههنا قوماً لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الإنسان آتياً في مملكته. (متّى 16: 28)
- وقال لهم الحق أقول لكم إن من القيام ههنا قوماً لا يذوقون الموت حتى يروا مملكة الإله قد أتت بقوة. (مرقس 9: 1)
- وحقاً أقول لكم إن من القيام ههنا قوماً لا يذوقون الموت حتى يروا مملكة الإله. (لوقا 9: 27)
- ومتى طردوكم في هذه المدينة فاهربوا إلى الأُخرى،
فاني الحق أقول لكم لا تكملون مدن إسرائيل حتى يأتي ابن الإنسان. (متّى 10: 23)
في هذه النصوص يقول يسوع ان بعض تلاميذه لن يموتوا حتى يروه آتياً في مملكته وفي النص الثاني حتى يروا مملكة الإله قد أتت بقوة وفي النص الأخير قال انهم لن يكملوا الكرازة أو التبشير في مدن إسرائيل حتى يأتي، وكل هذه الصيغ يعلم القاصي والداني انها لم تتحقق فجميع التلاميذ ماتوا ولم يأت بمملكته ولم يره احد! من كل ما سبق نعلم علم اليقين ان يسوع بصفاته وأقواله المكتوبة عنه في الأناجيل ليس هو الكلمة ولا علاقة له بالرب من ناحية الصفات، وانهي حديثي بنص من العهد القديم لعله يكون دافعاً لأتباع الكنائس الطيبين للتأمل فيما يؤمنون به والى أين هم ماضون بأنفسهم.
ليس الإله أنسانا فيكذب ولا ابن إنسان فيندم،
هل يقول ولا يفعل، أو يتكلم ولا يفي. (عدد 23: 19)
من هذا الاستعراض لأسماء وألقاب يسوع المختلفة نجد أنها لا تنطبق عليه، وأنها لا تشير الى صفات إلهية لمن يتصف بها أو يُلقب بها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق