الأربعاء، 10 مارس 2010

الفصل الاول شخصية يسوع: القسم السادس: علاقة يسوع بأبيه وعلاقته بالرب خالق السموات والأرض

الفصل الأول شخصية يسوع: القسم السادس: موقف يسوع من الأب
يسوع المسيح هو الشخصية المركزية التي قام عليها إيمان الكنائس المختلفة، وهو في ذات الوقت الشخصية الأكثر إثارة للاختلاف والجدل بين الكنائس المختلفة، وبينها وبين باقي البشر من ناحية أُخرى، إنْ من ناحية صفاته أو من ناحية أفعاله، ولهذا فقد استحوذ على آلاف الدراسات، وعقدت من أجله عشرات المجامع الكنسية، التي في العادة ما تخرج في كل مرة بشيء جديد ومثير للجدل والمناقشات، فمنذ ارتفاعه ومروراً بمجمع نيقية سنة 325 إلى يومنا هذا والبشرية تبحث عن حقيقة يسوع، والسبب في ذلك هو ما يقال عنه من صفات وما ينسب له من أفعال وأقوال.
فيسوع كما تقول الكنائس يحمل صفات إلهية أهلته لان تقوم الكنائس بعبادته والخضوع له بالصلاة والتقدمات والتضرعات، وقالت جميع الكنائس المختلفة في عصرنا هذا انه جزء من الثالوث الذي تعبده، وقالت عنهم إنهم واحد ومن نفس الجوهر، لا بل في الحقيقة لقد تمّت صياغة الثالوث بناء على شخصيته، لان العهد القديم لم يتحدث سوى عن رب واحد وإله واحد خالق السموات والأرض.
وفي هذا القسم سأقوم بدراسة النصوص التي تحدثت عن يسوع في الأناجيل لنرى حقيقة هذه الصفات الإلهية التي تقول الكنائس المختلفة انه يتصف بها وحقيقة ما يُنسب له في قوانين إيمان الكنائس المختلفة من صفات في ضوء ما ذكرت الأناجيل والعهد القديم من صفات للرب خالق السموات والأرض.
ان ازدواجية شخصية يسوع في الأناجيل، بمعنى انه إنسان وإله في نفس الوقت، كانت السبب الرئيس في خلق حالة الاختلاف حوله، وخاصة أن العهد القديم لا يتحدث إلا عن إله حق واحد هو الرب خالق السموات والأرض الذي ليس معه إله وليس دونه إله، كما ان الكون وما نجد فيه من تناسق ووحدة ونظام يدل أيضاً على وحدانية خالقه وصانعه، إذ لو كان هناك أكثر من خالق لظهر هذا الأمر في عالمنا المادي، فعدم وجود أي اختلاف في نظام وخلق هذا العالم يعتبر أكبر دليل على انه لا يوجد سوى خالق واحد، فقول الكنائس عن يسوع انه إله من خلال تفسيرها لبعض نصوص العهد القديم والعهد الجديد يوجب علينا إعادة دراسة هذه النصوص لنرى حقيقتها، ومن ثم الحكم على تلك التفسيرات إن كانت صحيحة أم لا.
وما يهم في هذه الدراسة هو النصوص التي فهمت منها الكنائس وفسرتها على أنها صفات إلهية كان يتمتع بها يسوع مما استوجب على الكنائس أن تعبده وتدعو الناس لعبادته، فهذه الدراسة لن تبحث في سيرة حياته كما هي مكتوبة في الأناجيل فهذا الأمر كنت قد قمت بدراسته في كتاب يسوع بن يوسف النجار أسئلة حائرة.

موقف يسوع من الأب

إن قانون التثليث هو الذي أقامت عليه الكنائس المختلفة إيمانها، وهذا القانون قائم على المساواة بين الأقانيم الثلاثة في الصفات والقدرات والجوهر والمتحدة مع بعضها البعض في شكل واحد، وهو ما تطلق عليه الكنائس الإله الواحد، فالكنائس تقول ان يسوع وأباه والروح المقدس لهم نفس الجوهر الإلهي وبالتالي فهم يحملون نفس الصفات والقدرات، والغريب في الأمر هو ان أب يسوع لا يوجد له أي حضور في الأناجيل إلا من خلال أقوال قيلت عنه على لسان يسوع أو على لسان كتبة الأناجيل باستثناء ثلاثة مواضع، قال كتبة الأناجيل ان أبا يسوع تكلم فيها مباشرة وقال فيها ثلاث جمل، إحداها مكررة، وهي هذا ابني الحبيب الذي به سُررت له اسمعوا، والثانية مجّدت وأُمجّد! وهذا الغياب يجعل من الصعب الحديث عن أب يسوع إلا من خلال أقوال يسوع، أو بمعنى أدق من خلال ما كتبه كتبة الأناجيل على لسان يسوع، وفي الصفحات التالية سنقرأ معظم النصوص التي تحدث فيها يسوع عن أبيه لنرى ان كانت هذه النصوص تثبت انهما من جوهر واحد ويحملان الصفات والقدرات ذاتها التي جعلت منه إلهاً يُعبد مع أبيه، وأما كون أب يسوع هو الرب خالق السموات والأرض أم لا فهذا سنطلع على حقيقته عند دراسة شخصيته في الفصل القادم!
تعتمد الكنائس في قوانين إيمانها على القول بان يسوع إلهاً يحمل كل صفات أبيه على بعض نصوص الأناجيل وهذه بعضها:
أنا والأب واحد. (يوحنا 10: 30)
الأب فيّ وأنا فيه. (يوحنا 10: 38)
- يسوع وهو عالم أن الأب قد دفع كل شيء إلى يديه، وأنه من عند الإله خرج والى الإله يمضي. (يوحنا 13: 3)
- ألست تؤمن أني أنا في الأب والأب فيّ، الكلام الذي أُكلمكم به لست أتكلم به من نفسي لكن الأب الحالّ فيّ هو يعمل الإعمال،
صدقوني أني في الأب والأب فيّ، وإلا فصدقوني لسبب الأعمال نفسها. (يوحنا 14: 10-11)
- في ذلك اليوم تعلمون أني أنا في أبي وأنتم فيّ وأنا فيكم. (يوحنا 14: 20)
كل ما للأب هو لي، لهذا قلت أنه يأخذ مما لي ويُخبركم. (يوحنا 16: 15)
- هوذا تأتي ساعة وقد أتت الآن تتفرقون فيها كل واحد الى خاصته وتتركوني وحدي، وأنا لست وحدي لأن الأب معي. (يوحنا 16: 32)
وكل ما هو لي فهو لك، وما هو لك فهو لي، وأنا مُمَجّد فيهم. (يوحنا 17: 10)
- ليكون الجميع واحداً كما أنك أنت أيها الأب فيّ وأنا فيك، ليكونوا هم أيضاً واحد فينا ليؤمن العالم أنك أرسلتني. (يوحنا 17: 21)
كل شيء قد دُفِعَ إليّ من أبي،
وليس أحد يعرف الابن إلا الأب ولا أحد يعرف الأب إلا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له. (متّى 11: 27)
- والتفت إلى تلاميذه وقال كل شيء قد دفع إليّ من أبي،
وليس أحد يعرف من هو الابن إلا الأب،
ولا من هو الأب إلا الابن،
ومن أراد الابن أن يُعلن له. (لوقا 10: 22)
- فأجابهم يسوع أبي يعمل حتى الآن، وأنا أعمل. (يوحنا 5: 17)
- لأنه كما أن الأب يُقيم الأموات ويُحيي كذلك الابن أيضاً يُحيي من يشاء،
لأن الأب لا يدين أحداً بل قد أعطى كل الدينونة للابن. (يوحنا 5: 21-22)
- لأنه كما أن الأب له حياة في ذاته كذلك أعطى الابن أيضاً أن تكون له حياة في ذاته،
وأعطاه سلطاناً أن يدين أيضاً لأنه ابن الإنسان. (يوحنا 5: 26-27)
- فتقدم يسوع وكلمهم قائلاً دُفع إليّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض،
فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمّدوهم باسم الأب والابن والروح المقدس،
وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به،
وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر. (متّى 28: 18-20)
الأب يُحب الابن وقد دفع كل شيء في يده. (يوحنا 3: 35)
هذه معظم النصوص التي تحدث فيها يسوع عن علاقته بأبيه، وهي التي اعتمدت عليها الكنائس في إثبات الصفات الإلهية ليسوع ومساواته له في الصفات والقدرات والجوهر، بالإضافة لما سبق الحديث عنه، ويمكن تلخيصها بأنه وأباه واحد وانه في أبيه وأن أباه فيه وأنه حلّ في أبيه وأبوه حلّ فيه، وأن أباه معه، وأن كل ما لأبيه فهو له وان ما له فهو لأبيه، وأنه كما أن لأبيه حياة في ذاته ويعمل ويقيم الموتى فهو كذلك له حياة في ذاته ويعمل ويحيي من يشاء، وأخيراً هو يقول ان أباه قد دفع بيده كل شيء وأعطاه سلطاناً ليدين الناس، فهل هذه النصوص متناسقة في جميع أحوال يسوع وأقواله بحيث يمكننا القول ان ما كتبته الكنائس في قوانين إيمانها صحيح، أم اننا نجد في الأناجيل من الأقوال والأفعال ما تدل على عدم تناسق هذه النصوص وتناقضها؟
- أنا لا أقدر أن أفعل شيء من نفسي،
كما أسمع أدين ودينونتي عادلة،
لأني لا أطلب مشيئتي بل مشيئة الأب الذي أرسلني. (يوحنا 5: 30)
في هذا النص يقول يسوع انه لا يقدر ان يفعل شيء من نفسه، فهل عدم قدرة يسوع في فعل أي شيء من نفسه تدل على أنه مساوياً لأبيه في القدرة والصفات والجوهر، إلا اذا قلنا أن أباه الذي حلّ فيه هو أيضاً لا يقدر على عمل شيء من نفسه، وهذا ما سنعرفه عند الحديث عن شخصية الأب، وكذلك قوله انه يطلب مشيئة أبيه فهذا يدل على عدم المساواة لأنهما لو كانا واحد ومن نفس الجوهر لكانت مشيئتهما واحدة.
سمعتم أني قلت لكم أنا أذهب ثم آتي إليكم لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون لأني قلت أمضي الى الأب،
لأن الأب أعظم مني. (يوحنا 14: 28)
في هذا النص يقول يسوع بكل وضوح أن أباه أعظم منه، فهل هذا القول يدل على المساواة في القدرات والصفات والجوهر كما تحاول الكنائس القول لأتباعها الطيبين في قوانين الإيمان؟
- فاحتاط به اليهود وقالوا له الى متى تعلق أنفسنا إن كنت أنت المسيح فقل لنا جهراً،
أجابهم يسوع إني قلت لكم ولستم تؤمنون الأعمال التي أنا أعملها باسم أبي هي تشهد لي،
ولكنكم لستم تؤمنون لأنكم لستم من خرافي كما قلت لكم،
خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها فتتبعني، وأنا أُعطيها حياة أبدية ولن تهلك إلى الأبد، ولا يخطفها أحد من يدي،
أبي الذي أعطاني إياها هو أعظم من الكل،
ولا يقدر أحد ان يخطف من يد أبي،
أنا والأب واحد. (يوحنا 10: 24-30)
في هذا النص يقول يسوع إن أباه أعظم من الكل وهذا قول آخر عن الفرق بينه وبين أبيه، ولكنه يُعقب بالقول انه هو وأباه واحد فهذا التناقض في كلامه كيف سيتم حَلّه؟
كما أننا لو قرأنا النص بدقة فسنجد انه يتحدث عن خِرافه وانه لن يستطيع أحد ان يخطفها من يد أبيه، ولكن ما آلت إليه الأُمور تثبت ان خِرافه كلها اختطفت من يده ومن يد أبيه الذين هم واحد، فيهوذا الاسخريوطي خانه، وباقي تلاميذه ناموا عند صلاته الأخيرة، مع انه طلب منهم السهر والصلاة معه، كما أنهم هربوا وتركوه وحيداً، أو مع أبيه، عند إلقاء القبض عليه، ومن ثم أنكروه وشكوا فيه وبطرس زاد على الشكّ أن لعنه، وأخيراً فهم لم يؤمنوا انه قام من الأموات، وهذا كله يدل على ان خرافه اختطفت من يد أبيه ومن يده! فكلامه السابق كما نرى لا يصح منه شيء سواء ما تحدث به عن أبيه من أنه أعظم من الكل أو ما قاله عن الخراف التي لا يستطيع أحد ان يختطفها منه أو ما قاله من انه وأبيه واحد!
- الأب يُحب الابن وقد دفع كل شيء في يده،
الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية،
والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الإله. (يوحنا 3: 35-36)
في هذا النص يقول يسوع ان أباه دفع كل شيء في يديه، ومع ان هذا النص ينقض قوانين إيمان الكنائس المختلفة بخصوص الوحدة في الجوهر، لأن المحب هو بالتأكيد غير المحبوب، إلا أن النص يقول ان كل شيء دفع ليدي يسوع، وكما قرأنا سابقاً فان الكثير من الطلبات والوعود لم ينفذها يسوع لتلاميذه مع انه وعدهم بتحقيقها لهم، فلو كان صحيحاً أن كل شيء قد دفع ليده لكان قد فعل ما وعد به تلاميذه، وهنا يضيف لهم وعداً آخر لم يتحقق وهو القول بأنه سيكون لهم حياة أبدية، والجميع يعلم ان تلاميذه كلهم ماتوا ولم يتحقق ما قاله يسوع، فهذا الأمر لا يلقي بظلال الشك على دفع كل شيء في يديه فقط، بل ويلقي كذلك بظلال  الشك على محبة أبوه له، إذ لو كان يحبه لقام بتنفيذ وعود يسوع للتلاميذ بإعطائهم مائة ضعف لأي شيء يتركونه من أجله ومن أجل مملكته فبطرس ترك سفينته ولم يأخذ مائة سفينة وكذلك يوحنا ترك سفينة وأباه ومع هذا لم يأخذ مائة سفينة ولا مائة أب كما وعدهم يسوع الذي يقول إن أباه قد دفع كل شيء في يده.
- إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي،
وأنا أطلب من الأب فيُعطيكم مُعزّياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد. (يوحنا 14: 15-16)
- كل ما للأب هو لي،
لهذا قلت أنه يأخذ مما لي ويُخبركم،
بعد قليل لا تبصرونني،
ثم بعد قليل أيضاً ترونني لأني ذاهب إلى الأب. (يوحنا 16: 15-16)
في هذين النصين يتحدث يسوع عن المُعزي الذي سيُرسله لتلاميذه ويقول ان كل ما للأب فهو له، ومع هذا القول إلا ان ذلك المعزي لم يأت، أو على الأقل جاء ولكنه لم يُخبرهم بالحق الذي يعرفه عن يسوع، لهذا نجد ان الكنيسة الواحدة قد انقسمت إلى عشرات الكنائس، وهذا حدث بسبب الاختلاف حول شخصية يسوع وصفاته نفسه، فلو كان ما قاله يسوع صحيحاً لما وجدنا كل هذه الاختلافات والانقسامات والحروب بين الكنائس.
- وكل ما هو لي فهو لك،
وما هو لك فهو لي،
وانا مُمَجّد فيهم،
ولست أنا بَعْد في العالم، وأما هؤلاء فهم في العالم،
وأنا آتي إليك،
أيها الأب القدوس احفظهم في اسمك الذين أعطيتني ليكونوا واحداً كما نحن،
حين كنت معهم في العالم كنت أحفظهم في اسمك، الذين أعطيتني حفظتهم ولم يهلك منهم أحد إلا ابن الهلاك ليتم الكتاب، أما الآن فإني آتي إليك. (يوحنا 17: 10-13)
في هذا النص يُعيد يسوع القول أن ما له لأبيه وما لأبيه فهو له، ولست أدري ما الذي كان يملكه يسوع في هذه الدنيا والجُند الذين صلبوه لم يجدوا له سوى ثيابه التي كانت عليه والتي أخذها الجند ولم يأخذها أبوه! حتى الكفن الذي كفن به اشتراه له يوسف الذي من الرّامة، لا بل ان النساء اللواتي شفاهن كن ينفقن عليه وعلى تلاميذه كما في النص التالي:
- وعلى إثر ذلك كان يسير في مدينة وقرية يكرز ويُبشر بمملكة الإله ومعه الاثنا عشر وبعض النساء كن قد شفين من أرواح شريرة وإمراض، مريم التي تدعى المجدلية التي خرج منها سبعة شياطين، ويونا امرأة خوزي وكيل هيرودس وسوسنة، وأُخر كثيرات كن يخدمنه من أموالهن. (لوقا 8: 1-3)
فأي شيء كان عنده ليُعطيه لأبيه؟
وأما قوله انه سيأتي إليه، ويطلب منه ان يحفظ التلاميذ فهو ينقض قوانين إيمان الكنائس المختلفة كلها القائلة ان يسوع وأباه واحد في الصفات والقدرات والجوهر، لان هذا لو كان صحيحاً فما الذي يدعو يسوع للطلب من أبيه أن يحفظهم!
ولكن بعيداً عن تلك القوانين، هل استجاب أب يسوع لهذا الطلب بحفظ التلاميذ، طبعاً باستثناء يهوذا؟!
ان الأناجيل تقول ان هذا الطلب لم يتم الإستجابة له، لان هؤلاء التلاميذ ناموا عند صلاته الأخيرة وهربوا عند إلقاء القبض عليه وأنكروه وشكوا فيه عندما سُئلوا عنه ولم يصدقوا انه قام من الأموات، فكل هذه الأعمال تدل على ان أب يسوع لم يستجب لطلب يسوع بحفظ التلاميذ باسمه.
- فرفعوا الحجر حيث كان الميت موضوعاً
ورفع يسوع عينيه الى فوق وقال أيها الأب أشكرك لأنك سمعت لي،
وأنا علمت انك في كل تسمع لي،
ولكن لأجل هذا الجمع الواقف قلت،
ليؤمنوا أنك أرسلتني. (يوحنا 11: 41-42)
في هذا النص يقول يسوع ان أباه يسمع له في كل حين، ومع ان هذا القول يتناقض مع قوانين إيمان الكنائس المختلفة التي تقول انهما من جوهر واحد ويحملان ذات الصفات والقدرات، إلا أنه يشكر أباه لأنه سمع له، والذي يسمع هو بالتأكيد غير الذي يتحدث، والذي يشكر هو غير المشكور، إلا أننا سنرى في النص التالي إن كان أبوه يسمع له في كل حين أم لا.
- الآن نفسي قد اضطربت،
وماذا أقول،
أيها الأب نجني من هذه الساعة،
ولكن لأجل هذا أتيت الى هذه الساعة،
أيها الأب مجد اسمك،
فجاء صوت من السماء مَجّدت وأُمجّد أيضاً. (يوحنا 12: 27-28) 
في هذا النص يصف يسوع نفسه بالاضطراب، ويطلب من أبيه أن يُنجيه من الصلب، والأناجيل تخبرنا انه أمضى الليل وهو يُصلي كي لا يُصلب، ومع هذا فأبوه لم يستجب له، فما كان من يسوع إلا الصراخ، ولكن هذه المرة إلى إلهه وليس إلى أبيه، فقال إلهي إلهي لماذا تركتني، فأب يسوع لم يستجب له مما يعني ان قوله السابق عن استجابة أبيه له في كل ما يطلب ليس صحيحاً، وهذا يدل على أنهما ليسا واحد ولا يحملان الصفات والقدرات ذاتها لأنه لو كان هذا الأمر صحيحاً لما احتاج لطلب المساعدة من أبيه، ولما رفض أبوه ان يستجيب له بعدم صلبه!
- وفي ذلك اليوم لا تسألونني شيئاً،
الحق الحق أقول لكم ان كل ما طلبتم من الأب باسمي يُعطيكم،
الى الآن لم تطلبوا شيئاً باسمي،
اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملاً. (يوحنا 16: 23-24)
في هذا النص يقول يسوع ان كل ما يطلبه التلاميذ وأتباعه من أبيه باسمه فانه سيعطيه لهم، وهذا القول يتناقض مع القول انه وأباه واحد لأنه يفرق بين نفسه وأبيه، فلو كانا واحد لما قال هذا الكلام، ومع هذا فنحن قرأنا سابقاً عن وعوده للتلاميذ وعدم تحقيقها لهم، وهنا يزيد الأمر صعوبة على أبيه باعتباره يحمل صفات إلهية إذ أن عدم تحقيق ما يطلبه منه الناس باسم ابنه يدل على عدم قدرته في تنفيذ وعود ابنه، وهذه الصفة ليست من صفات الرب خالق السموات والأرض فالرب لا يستحيل عليه شيء.
- فقال لهما أما كأسي فتشربانها وبالصبغة التي أصطبغ بها أنا تصطبغان، وأما الجلوس عن يميني وعن يساري فليس لي أن أعطيه إلا للذين أُعد لهم من أبي. (متّى 20: 23)
هذا القول قاله يسوع بعد ان طلب منه يوحنا ويعقوب الجلوس عن يمينه ويساره في مملكته، ومن هذا القول نستطيع ان نلاحظ أمرين، الأول هو عدم الاستجابة لطلبات التلاميذ سواء طلبوها باسمه أو طلبوها منه مباشرة.
والثاني هو التفريق بين يسوع وأبيه فهو لا يستطيع ان يُعطي أي شيء إن لم يكن هناك أمر من أبيه، مما يدل على خطأ قوانين إيمان الكنائس المختلفة التي تقول إنهما واحد في الصفات والقدرات والجوهر.
- تكلم يسوع بهذا ورفع عينيه نحو السماء وقال أيها الأب قد أتت الساعة،
مجّد ابنك ليُمجّد ابنك أيضاً،
إذ أعطيته سلطاناً على كل جسد ليُعطي حياة أبدية لكل من أعطيته،
وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك،
ويسوع المسيح الذي أرسلته،
أنا مجّدتك على الارض،
العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته،
والآن مجدني أنت أيها الأب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم. (يوحنا 17: 1-5)
هذا النص يتحدث عن الصلب، والكنائس المختلفة تفرح به وخاصة الفقرة الأخيرة التي تتحدث عن مجد يسوع الذي كان له قبل كوْنِ العالم، ومع انه في هذا النص يُفرّق بوضوح تام بينه وبين أبيه، إلا أننا عندما نقرأ ما قاله يسوع وهو مُعلق على الصليب نعلم أنه لا يعتبر صلبه حالة تمجيد له، إذ صرخ وهو معلق على الصليب إلهي إلهي لماذا تركتني فهذا الصراخ لا يدل على التمجيد الذي طلبه يسوع من أبيه!
وأنا أجعل لكم كما جعل لي أبي مملكة،
لتأكلوا وتشربوا على مائدتي في مملكتي،
وتجلسوا على كراسي تدينون أسباط اسرائيل الاثني عشر. (لوقا 22: 29-30)
في هذا النص يقول يسوع إن أباه جعل له مملكة، ولو لم يُوجد في الأناجيل الا هذا النص لكان كافياً في نقض قوانين إيمان الكنائس المختلفة القائلة ان الأب والابن واحد ومن نفس الجوهر، طبعاً مع الروح المقدس!
فيسوع يتحدث عن مملكة جعلها الأب له، وهذا يدل على ان مملكته مُعطاة له من أبيه وليست هي مملكة أبيه، والأغرب من هذا القول هو رفض الكنائس المختلفة لقوله أن تلاميذه سيأكلون ويشربون في مملكته، فالكنائس تقول انه لا يوجد طعام ولا شراب في مملكة يسوع بل يكون الناس فيها كالملائكة!
أيها الأب أُريد أنّ هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا لينظروا مجدي الذي أعطيتني،
لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم،
أيها الأب البارّ إن العالم لم يعرفك،
أما أنا فعرفتك،
وهؤلاء عرفوا أنك أنت أرسلتني،
وعرّفتهم اسمك وسأُعرّفهم ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به،
وأكون أنا فيهم. (يوحنا 17: 24-26)
في هذا النص يطلب يسوع من أبيه ان يكون تلاميذه معه لينظروا المجد الذي أعطاه الأب له! فهل هذا القول يدل على أنهما واحد، ويسوع يريد ان يفتخر أمام تلاميذه بالمجد الذي أخذه من أبيه؟!
واذا اعتبرنا، كما تقول الكنائس عن صلبه أنه مجد، فإننا نجد أن هؤلاء التلاميذ كانوا هاربين وقت الصلب ولم ينظروا مجده، فحتى هذا الطلب من مشاهدة التلاميذ لمجد يسوع لم يتحقق!
وقوله ان العالم لم يعرف أباه وأما هو فعرفه، فهذا يدل على أنهما ليسا من نفس الجوهر، فهو يفتخر لأنه عرف أباه، فلو كانا من نفس الجوهر لكان هذا القول غريباً جداً إذ كيف لا يعرف الشخص نفسه وعندما يعرف نفسه يفتخر بهذه المعرفة؟!
كما أن هذا القول يدل على أن أب يسوع لا علاقة له بالربّ خالق السموات والارض لأن جميع الأنبياء كانوا يعرفون الربّ خالق السموات والأرض، وأما أبو يسوع فلم يعرفه أحد من الأنبياء السابقين، وهذا بحسب كلام يسوع نفسه.
فقالوا له من أنت،
فقال لهم يسوع أنا من البدء ما أُكلمكم أيضاً به،
إن لي أشياء كثيرة أتكلم وأحكم بها من نحوكم،
لكن الذي أرسلني هو حق،
وأنا ما سمعته منه فهذا أقوله للعالم،
ولم يفهموا أنه كان يقول لهم عن الأب،
فقال لهم يسوع متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون أني أنا هو،
ولست أفعل شيئاً من نفسي،
بل أتكلم بهذا كما علمني أبي،
والذي أرسلني هو معي،
ولم يتركني الأب وحدي، لأني في كل حين أفعل ما يُرضيه. (يوحنا 8: 25-29)
في هذا النص يسأل اليهود يسوع عن نفسه من أنت، فيجيبهم انه هو ما تكلم به من البدء! فماذا تكلم عن نفسه من البدء، وهو الذي كان يرفض أن يستجيب لأي طلب لهم بالإفصاح عن نفسه كما سيظهر لنا عند الحديث عن شخصيات اليهود.
ثم يقول انه متى رفعه اليهود على الصليب سيعرفون من هو، فهل عرفوه عندما صلبوه أم كانوا يستهزئون به كما تقول الأناجيل؟!
ثم يبدأ بالحديث الذي ينقض قوانين إيمان الكنائس المختلفة فيقول انه لا يفعل شيئاً من نفسه، وانه لا يتكلم إلا بما علمه أبوه الذي أرسله، فهل الذي لا يفعل شيئاً من نفسه ولا يتكلم إلا بما علمه الذي أرسله تدل على أنه هو والذي أرسله واحد ومن نفس الجوهر، أو أن هذه الأقوال تدل على أن قائلها يحمل في جسده صفات وقدرات إلهية؟
أما أنا فإني الراعي الصالح وأعرف خاصتي وخاصتي تعرفني،
كما أن الأب يعرفني وأنا أعرف الأب،
وأنا أضع نفسي عن الخراف،
ولي خراف أُخر ليست من هذه الحظيرة ينبغي أن آتي بتلك أيضاً،
فتسمع صوتي وتكون رعية واحدة وراع واحد،
لهذا يُحبني الأب لأني أضع نفسي لآخذها أيضاً،
ليس أحد يأخذها منى بل أضعها أنا من ذاتي،
لي سلطان ان أضعها ولي سلطان ان آخذها أيضاً،
هذه الوصية قبلتها من أبي. (يوحنا 10: 14-18)
في هذا النص يقول يسوع أن أباه يعرفه ويحبه، وأنه يقبل وصاياه، وهذه الأقوال تشير بكل وضوح إلى انه ليس أحد الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد، لأنه لو كان كذلك لما كان لقوله انه يُحب أباه ويعرفه معنى، إذ كيف لا يعرف الشخص نفسه؟!
وأما قوله عن المحبة المتبادلة بينهما فهو بالتأكيد لا يدل على أنهما واحد، وأما قوله عن قبوله وصية أبيه فهو يدل على ان أباه له من القدرة والسلطة بحيث يفرض وصاياه على يسوع وان كانت مع المعرفة والحب.
وأما قوله ان خاصته تعرفه فهو يتناقض مع ما قاله يوحنا في إنجيله كما في النص التالي:
- إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله. (يوحنا 1: 11)
وأخيراً فإن قوله ان له خراف أُخرى يريد أن يأتي بها، فهذا الأمر لم تخبرنا عنه الأناجيل أي قصة، فيسوع لم يخرج خلال كرازته من الأرض المقدسة، وبعد صعوده لم نسمع أي قصة عنه، وقد يقول بعض الطيبين انه يقصد تلاميذه، وهذا الأمر محتمل، ولكنه كان يجب عليه تغيير صيغة الكلام فيقول ان له خراف أخرى سيحضرها تلاميذه!
- لأني لم أتكلم من نفسي،
لكن الأب الذي أرسلني هو أعطاني وصية، ماذا أقول وبماذا أتكلم،
وأنا اعلم ان وصيته هي حياة أبدية،
فما أتكلم أنا به فكما قال لي الأب هكذا أتكلم. (يوحنا 12: 49-50) 
في هذا النص يقول يسوع ان كلامه ليس من نفسه وإنما من أبيه وهذا ينقض قوانين إيمان الكنائس المختلفة التي تقول ان يسوع وأباه والروح المقدس واحد ومن نفس الجوهر وأنهم متساوون في الصفات والقدرات، فهنا كما نقرأ فإن يسوع الابن لا يتكلم إلا بما يُوصيه الأب، فالذي لا يتكلم إلا بما يوصيه آخر لا يقول أحد عنه انه مساو للآخر فضلاً عن أن يكونا واحداً ومن نفس الجوهر!
فكل من يعترف بي قدام الناس أعترف أنا أيضاً به قدام أبي الذي في السماء،
ولكن من يُنكرني قدام الناس أُنكره أنا أيضاً قدام أبي الذي في السماء. (متّى 10: 32-33)
في هذا النص يُميّز يسوع بينه وبين أبيه فيقول ان من يعترف به قدّام الناس فانه سيعترف به أمام أبيه ومن ينكره فانه سينكره وأيضاً أمام أبيه الذي في السماء!
فهل هذا الاعتراف والإنكار يشيران إلى وحدة الأب والابن وانهما واحد ومن نفس الجوهر؟
- أنا أتكلم بما رأيت عند أبي، وأنتم تعملون ما رأيتم عند أبيكم. (يوحنا 8: 38)
في هذا النص يُكرّر يسوع التفريق بينه وبين أبيه وذلك بالقول أن ما يتكلم به فهو مما رآه عند أبيه ولو كان يسوع يحس أو يشعر بأنه وأباه واحد لما احتاج إلى الكلام بهذه الصيغة!
- ألعلك أعظم من أبينا إبراهيم الذي مات والأنبياء ماتوا،
من تجعل نفسك،
أجاب يسوع إن كنت أُمَجّد نفسي فليس مجدي شيئاً،
أبي هو الذي يُمجّدني،
الذي تقولون أنتم إنه إلهكم،
ولستم تعرفونه، وأما أنا فأعرفه،
وإن قلتُ إني لست أعرفه أكون مثلكم كاذباً،
لكني أعرفه وأحفظ قوله. (يوحنا 8: 53-55)
في هذا النص يقول يسوع ان أباه الذي يقول اليهود أنه إلههم هو الذي يُمجّده، ولكن لو تذكرنا صراخه وهو معلق على الصليب إلهي إلهي لماذا تركتني، لعلمنا أن أباه لم يُمجّده، كما أنه في الفقرة الأخيرة يعيد التذكير بأنه ليس متحد مع أبيه ولا من نفس الجوهر، فالذي يتكلم بالأقوال هو غير الذي يحفظ تلك الأقوال.
- فتناول اليهود أيضاً حجارة ليرجموه،
أجابهم يسوع أعمالاً كثيرة حسنة أريتكم من عند أبي،
بسبب أي عمل منها ترجمونني،
أجابه اليهود قائلين لسنا نرجمك لأجل عمل حسن،
بل لأجل تجديف، فإنك وأنت إنسان تجعل نفسك إلهاً،
أجابهم يسوع أليس مكتوباً في ناموسكم أنا قلت إنكم آلهة،
إن قال آلهة لأُولئك الذين صارت إليهم كلمة الإله،
ولا يمكن ان يُنقض المكتوب،
فالذي قدّسه الأب وأرسله إلى العالم أتقولون له إنك تجدف لأني قلت إني ابن الإله،
إن كنت لست أعمل أعمال أبي فلا تؤمنوا بي،
ولكن إن كنت أعمل فإن لم تؤمنوا بي،
فآمنوا بالإعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الأب فيّ وأنا فيه. (يوحنا 10: 31-38)
في هذا النص نستمع لمجادلة بين يسوع واليهود حيث اعتبر اليهود قول يسوع عن نفسه أنه ابن الإله من التجديف أو الكفر، وحُكم التجديف في شريعة موسى هو القتل رجماً بالحجارة، فيردّ يسوع عليهم بأن الأعمال التي يعملها تشهد على أنه يعمل أعمال أبيه وهذا القول ناقشته فيما سبق، وأما الأمر الغريب والعجيب والذي لا يمكن تصور صدوره عن أحد أطفال بني إسرائيل فضلاً عن أن يصدر عمن يقول عن نفسه أنه إله وابن إله، هو قول يسوع أليس مكتوباً في ناموسكم، أي التوراة أو الشريعة، ثم يستشهد بنص من المزامير! لأن المزامير لا يُطلق عليها اسم الناموس بأي معنى من المعاني، لأن المزامير هي أناشيد في معظمها منسوبة الى داوُد في حين أن الناموس أو التوراة أو الشريعة هو أو هي القوانين التي تلقاها موسى من الرب في سيناء بعد خروج بني إسرائيل من مصر، فهل عدم قدرة يسوع على التفريق بين المزامير والناموس يدل أو يُشير الى أنه إله وابن الإله الذي كان يعبده أنبياء بني إسرائيل؟!
ولكن الآن لنترك جانباً هذا الأمر الغريب والعجيب ونفرض أن المزامير يُطلق عليها اسم الناموس أو التوراة، هل استشهاد يسوع بهذا النص صحيح، وأنه يدل على فِهم يسوع الواسع لمعاني المزمور أم هو تحريف لمعانيه في محاولة منه لإثبات تعدد الآلهة في التوراة القائمة أصلاً على وحدانية الرب الخالق وعبادته وحده وعدم وجود آلهة حقيقية أخرى معه أو دونه، كما بينت ذلك بالتفصيل في كتاب مصادر الأناجيل؟
أولاً هذا المزمور يصف قضاة بني إسرائيل بأنهم آلهة، فهل هذا الوصف هو لتقرير واقع وهو أن القضاة آلهة حقيقية كما يقول يسوع أم هو استنكار لواقع القضاة وتوبيخ لهم لأنهم يتصرفون بقضايا الناس كما لو أن بيدهم سلطات إلهية ودون مُراعاة لقوانين الناموس أو التوراة، ودون خوف من الرب الخالق؟
ثانياً من الأمور البديهية والتي لا يجهلها أحد من أطفال بني إسرائيل أن أهم أساس قامت عليه التواة هو وحدانية الرب الخالق وعبادته وحده وعدم وجود آلهة شبيهة له أو مثيلة له، فلو كان ما فهمه يسوع من النص، أو بمعنى أدق ما يحاول أن يُفّهمنا إياه، يتحدث عن آلهة متعددة لكان هذا من باب المجاز وليس الحقيقة، وهذا ينقض القول بأنه إله حقيقي لأنه شبه نفسه بقضاة اليهود الذين لو صح أن المزمور يصفهم بأنهم آلهة، وهو غير صحيح كما سنرى لاحقاً، لكانوا آلهة مجازاً وليس حقيقة، والابن الحقيقي أو الإله الحقيقي لا يشبه نفسه بالآلهة غير الحقيقية كما قال الرب في العهد القديم في النصوص التالية:
من مثلك بين الإلهة يا رب،
من مثلك معتزاً في القداسة، مخوفاً بالتسابيح، صانعاً عجائب. (خروج 15: 11)
فبمن تشبهون الإله وأي شبه تعادلون به. (إشعياء 40: 18)
بمن تشبهونني وبمن تساوونني وتمثّلونني لنتشابه. (إشعياء 46: 5)
فالرب خالق السموات والأرض لا يُشبه أحداً ولا يُماثل أحداً من مخلوقاته.
ثالثاً لنقرأ الآن المزمور الذي استشهد به يسوع على أن قوله عن نفسه أنه ابن الإله لا يعتبر تجديفاً لأنه كما قال لا يمكن ان يُنقض المكتوب! لنرى إن كان قوله هذا صحيحاً أم لا.
الإله قائم في مجمع الإله،
في وسط الآلهة يقضي،
حتى متى تقضون جوراً وترفعون وجوه الأشرار،
سلاة،
اقضوا للذليل ولليتيم،
أنصفوا المسكين والبائس،
نجوا المسكين والفقير، من يد الأشرار أنقذوا،
لا يعلمون ولا يفهمون،
في الظلمة يتمشون،
تتزعزع كل أُسس الارض،
أنا قلت إنكم آلهة وبنو العلي كلكم،
لكن مثل الناس تموتون،
وكأحد الرؤساء تسقطون،
قم يا إله دن الارض،
لأنك أنت تمتلك كل الأمم. (مزمور 82: 1-8)
وحتى نأخذ صورة أوضح عن معاني هذا المزمور أود أن أذكره من طبعة أُخرى للعهد القديم وهي كتاب الحياة التي طُبعت بإشراف من
 International Bible Society
وهو يأخذ الترميز الدولي رقم
ISBN 1-56320-074-0
الطبعة الثالثة
وهذا نصه:
الإله يترأس ساحة قضائه،
وعلى القضاة يصدر حكماً،
حتى متى تقضون بالظلم وتنحازون الى الأشرار،
احكموا للذليل واليتيم،
وأنصفوا المسكين والبائس،
أنقذوا المسكين والفقير،
أنقذوهما من قبضة الشريرة،
هم من غير معرفة وفهم،
يتمشون في الظلمة،
وتتزعزع أسس الأرض من كثرة الجور،
أنا قلت إنكم آلهة،
وجميعكم بنو العلي،
لكنكم ستموتون كالبشر،
وتنتهي حياتكم مثل كل الرؤساء،
قم يا إله، قم دن الارض، لأنك أنت تمتلك الأمم بأسرها. (المزامير 82: 1-8)
إن النص سواء في الطبعة التي اعتمدتها في هذا الكتاب أو الطبعة الثانية وحتى كلام يسوع نفسه في إنجيل يوحنا يُظهر انه يتحدث عن محاكمة الرب لقضاة من بني إسرائيل وان وصفتهم الطبعة المعتمدة بالآلهة إلا ان الطبعة الثانية بينت المعنى الصحيح لهذه الكلمة وان المقصود بالآلهة هم قضاة اليهود والذي يزيد الأمر وضوحاً بالنسبة لمعنى الكلمة هو ما يتكلم المزمور عنه.
فنحن نقرأ ان الرب يطلب من قضاة بني اسرائيل ان ينتهوا عن القضاء بالجور وان لا يرفعوا وجوه الأشرار، وان يقضوا للذليل والمسكين، وان يُنصفوا المساكين ويُنجّوا الفقراء، ولم تخبرنا أسفار العهد القديم أن بني اسرائيل كانت تظهر لهم آلهة يحكمون بينهم، وقضاة اليهود معظمهم معروفون بالاسم حتى أن العهد القديم يعتبر شمشون قاضياً!
بعد كل هذا التوبيخ من الرب لقضاة بني اسرائيل يذكر النص صفات أُخرى لأولئك القضاة أو الآلهة بحسب الطبعة المعتمدة فيقول الرب عنهم أنهم لا يعلمون ولا يفهمون وأنهم يمشون في الظلمة وأنهم بأحكامهم تلك يُزعزعون أسس الأرض التي قامت على العدل والحكمة، فإذا كان هؤلاء آلهة حقيقية كما ظن أو فَهِمَ يسوع، أو كما يُريد منا أن نفهم، وهذه صفاتها فكيف سيستقيم الأمر؟!
وهل حقاً أن تلك الآلهة الذين لا يعلمون ولا يفهمون وأنهم يمشون في الظلمة هم آلهة على الحقيقة؟!
بعد كل هذه الأوصاف القبيحة وهذا التوبيخ الشديد لأولئك القضاة تأتينا جملة أنا قلت انكم آلهة وبنو العلي كلكم التي قالها يسوع ليُثبت لهم عدم خطأ قوله عن نفسه أنه ابن الإله لأن هذه الجملة ذُكرت في الناموس، مع أنها مذكورة في المزامير وليس في الناموس، فهذا الاستشهاد يكون صحيحاً لو ان الجملة جاءت في سياق المدح وليس الذم والتوبيخ!
لان النص كله يتحدث عن جور القضاة وظلمهم وجهلهم ومشيهم في الظلمات ومن ثم يطلب منهم ان يتوقفوا عن كل أنواع الظلم، فالجملة التي نحن بصددها هي استكمال للحديث الأول أي إن الرب يريد أن يُوبخ قضاة اليهود زيادة على ما سبق فقال لهم من باب التوبيخ وليس المدح، كما هو سياق النص كله!
فقال لهم أنا قلت انكم آلهة حتى تقضوا وتحكموا كما تشتهي أنفسكم وتظلموا المساكين واليتامى!
انا قلت انكم آلهة حتى ترفعوا وجوه الأشرار!
انا قلت انكم آلهة وانتم تمشون في الظلمة!
انا قلت انكم آلهة وانتم لا علم لكم ولا فهم!
انا قلت انكم بنو العلي كلكم وانتم هذه صفاتكم!
أنا قلت انكم آلهة وانتم تموتون مثل الناس وتسقطون كأحد الرؤساء!
انا قلت انكم آلهة وبنو العلي تدعون!
قم يا رب دن الأرض، لأنك أنت تمتلك كل الأمم.
أما يسوع قبل عيد الفصح وهو عالم أن ساعته قد جاءت لينتقل من هذا العالم إلى الأب. (يوحنا 13: 1)
في هذا النص يقول يوحنا ان يسوع سينتقل من العالم إلى الأب، وهذه العملية تثبت أن يسوع ليس متحداً مع أبيه وإلا لو كان هو وأبوه واحداً لما احتاج للانتقال من هذا العالم، فكل أقواله التي تحدثت عن حلوله في أبيه وأنه في أبيه نراها قد اختفت وتلاشت في هذا النص ونجده يستعد للانتقال بشخصه وجسده إلى الأب!
- فأجابهم يسوع أبي يعمل حتى الآن، وأنا أعمل،
فمن أجل هذا كان اليهود يطلبون أكثر أن يقتلوه،
لأنه لم ينقض السبت فقط بل قال إن الإله أبوه معادلاً نفسه بالإله،
فأجاب يسوع وقال لهم الحق الحق أقول لكم لا يقدر الابن ان يعمل من نفسه شيئاً إلا ما ينظر الأب يعمل،
لأن مهما عمل ذاك فهذا يعمله الابن كذلك،
لأن الأب يحب الابن ويُريه جميع ما هو يعمله،
وسيُريه أعمالاً أعظم من هذه لتتعجبوا أنتم،
لأنه كما أن الأب يُقيم الأموات ويحيي كذلك الابن أيضاً يُحيي من يشاء،
لأن الأب لا يدين أحداً بل قد أعطى كل الدينونة للابن،
لكي يُكرم الجميع الابن كما يُكرمون الأب،
من لا يُكرم الابن لا يُكرم الأب الذي أرسله. (يوحنا 5: 17-23)
في هذا النص نقرأ عن محاولة اليهود قتل يسوع لأنه قال عن نفسه أنه ابن إله معادلاً نفسه بالإله! وهذا يدل على أن اليهود لم يوافقوا على تفسير يسوع للمزمور السابق، ومع صعوبة هذا القول إلا انه ينقضه من حيث لا يدري فهو يقول انه لا يقدر أن يفعل شيئاً من نفسه، وعدم القدرة ليست من صفات الرب!
وأما قوله عن حب أبيه له فهذا أيضاً ينقض قوانين الكنائس التي تقول انهما واحد، لأن يسوع يُفرّق بين أبيه ونفسه لأن المحبوب هو بالتأكيد ليس المُحب، وأما تشبيه نفسه بأبيه من خلال عملية إحياء الموتى فقد تبين لنا أن إيليا وأليشع وحتى عظام أليشع كانوا يُحيون الموتى ولم يقولوا عن أنفسهم ولا قال أحد من الناس عنهم انهم أبناء الرب ولا أن عظام أليشع فيها جوهر إلهي!
وأخيراً قوله عن إعطاء الدينونة له، فهذا القول ينقضه صراخه وهو مُعلق على الصليب إلهي إلهي لماذا تركتني، كما ان هذا القول يتناقض أو يزيل قوله انه لا يُدين أحد، وهو الذي قال السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول، فهل جاء ليدين الناس كما في النص السابق، أم جاء بعدم الإدانة كما في النصين التاليين؟!
- وإن سمع أحد كلامي ولم يؤمن فأنا لا أدينه لأني لم آت لأدين العالم بل لأُخلص العالم. (يوحنا 12: 47)
- أنتم حسب الجسد تدينون، وأما أنا فلست أدين أحداً. (يوحنا 8: 15)
فهذا التناقض بين النصوص يشير الى حقيقة وهي أن الإنسان يستطيع ان يقول ما يشاء عن نفسه وعن الآخرين، ولكن الحقيقة تظهر من خلال تناسق تلك الأقوال مع بعضها البعض، وهذا ما لا نجده في أقوال يسوع، أو بمعنى أدق أقوال يوحنا التي كتبها على لسان يسوع!
- سمعتم أني قلت لكم أنا ذاهب ثم آتي إليكم،
لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون لأني قلت أمضي إلى الأب،
لأن الأب أعظم مني. (يوحنا 14: 28)
- ولكن ليفهم العالم أني أُحب الأب، وكما أوصاني الأب هكذا أفعل قوموا ننطلق من ههنا. (يوحنا 14: 31)
في هذين النصين يقول يسوع إن أباه أعظم منه وأنه يعمل بوصايا الأب، وهذه الأقوال تنقض كل كلام عن مساواته لأبيه أو وحدتهما.
- في ذلك اليوم تعلمون أني أنا في أبي وأنتم فيّ وأنا فيكم،
الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يُحبني،
والذي يُحبني يُحبه أبي وأنا أُحبه وأُظهر له ذاتي،
قال له يهوذا ليس الاسخريوطي يا سيد ماذا حدث حتى إنك مزمع أن تظهر ذاتك لنا وليس للعالم،
أجاب يسوع وقال له إن أحبني أحد يحفظ كلامي ويُحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلاً،
الذي لا يُحبني لا يحفظ كلامي،
والكلام الذي تسمعونه ليس لي بل للأب الذي أرسلني. (يوحنا 14: 20-24)
إن يوحنا في محاولاته المستميتة واليائسة في إثبات إلوهية يسوع ينسى في كثير من الأحيان ما كان يسعى لإثباته!
فهو هنا بدأ الحديث عن يسوع وأبيه بالقول انهما في بعضهما البعض وفي السطر الثاني بدأ بالفصل بينهما بقوله ان الذي يُحب يسوع فإن أب يسوع سيُحبه، ويُكمل الجملة بالقول ان يسوع سيظهر ذاته لكل من يحبه، ونحن الآن بعد أكثر من تسعة عشر قرناً من صعوده ولم يحدثنا أحد من الذين يحبونه انه ظهر لهم، نعم تتحدث الكنائس المختلفة عن ظهور أُمه للكثيرين ولكنه هنا يتحدث عن ظهوره هو شخصياً لمن يحبه!
وبعد ذلك يتحدث يوحنا على لسان يسوع فيقول ان كلامه ليس له بل لأبيه، ومعنى هذا الكلام بكل وضوح أنه ليس متحداً مع أبيه ولا هو من نفس الجوهر ولا يحمل الصفات ذاتها، فإذا كان كلامه ليس له، فماذا له؟!
- إن ثبتم فيّ وثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم،
بهذا يتمجّد أبي أن تأتوا بثمر كثير فتكونون تلاميذي،
كما أحبني الأب كذلك أحببتكم أنا،
اثبتوا في محبتي،
إن حفظتم وصاياي تثبتون في محبتي،
كما أني أنا حفظت وصايا أبي وأثبت في محبته. (يوحنا 15: 7-10)
في هذا النص يقول يسوع انه يحفظ وصايا أبيه لهذا فهو يثبت في محبته، وهذا القول يُثبت ان يسوع وأباه ليسا واحداً كما تقول الكنائس المختلفة، إذ لو كانا واحداً لكانت وصايا الأب هي وصايا يسوع، ولو كانا واحداً لكانت عبارة الثبات في محبة الأب لا معنى لها لأنه كيف يثبت الإنسان في محبة نفسه!
وأما كلامه عن إعطاء التلاميذ كل ما يطلبونه فقد ظهر لنا سابقاً أنه غير صحيح.
- انظروا لا تحتقروا أحد هؤلاء الصغار،
لأني أقول لكم إن ملائكتهم في السماء كل حين ينظرون وجه أبي الذي في السماء. (متّى 18: 10)
هكذا ليست مشيئة أمام أبيكم الذي في السماء أن يهلك أحد هؤلاء الصغار. (متّى 18: 14)
في هذين النصين يُحذر يسوع من احتقار الأطفال، وهذا أمر جيد ثم يقول ان ملائكة هؤلاء الأطفال ينظرون إلى وجه أبيه في كل حين، وهذا أمر لا نعلمه، ثم في نهاية كلامه يقول انه لا توجد مشيئة أمام أبيه أن يموت هؤلاء الأطفال، وهذا الأمر ثبت خطأه فمشيئة الرب خالق السموات والأرض قضت بموت جميع الناس والحيوانات التي تعيش على الأرض، وهو ما حصل مع هؤلاء ومع غيرهم فأي مشيئة هي الفاعلة والنافذة، مشيئة أب يسوع وتلاميذه أم مشيئة الرب خالق السموات والأرض؟
كما أن النص يُظهر الفرق بين يسوع وأبيه من خلال الحديث عن مشيئة الأب دون ذكر لمشيئته فلو كانت مشيئتهما واحدة لتغيرت صيغة الكلام.
قد كلمتكم بهذا بأمثال ولكن تأتي ساعة حين لا أُكلمكم أيضاً بأمثال بل أُخبركم عن الأب علانية. (يوحنا 16: 25)
في هذا النص يقول يسوع انه سيأتي وقت يُخبر تلاميذه عن الأب علانية وليس بأمثال، وهذا القول قاله في ليلة القبض عليه ولم تخبرنا الأناجيل الأربعة عن أي قول قاله يسوع عن أبيه بعد ذلك سواء بمَثل أو علانية، فما معنى هذا القول؟!
من خلال هذا الشرح لبعض النصوص التي تحدث فيها يسوع عن أبيه ندرك مدى التناقض في أقواله، فهو من جهة يقول عن نفسه انه في أبيه وأنهما واحد ومن جهة أُخرى يصف نفسه بعدم القدرة وعدم الاستطاعة، كما يثبت أن مشيئة أباه ليست كاملة، وذلك بقوله ان أباه شاء ان لا يهلك الأطفال ومع هذه المشيئة إلا أنهم كلهم ماتوا تنفيذاً لمشيئة الرب خالق السموات والارض، فهذه الأمور وغيرها التي قرأناها سابقا تثبت أن يسوع لا يحمل أي صفات إلهية، وإنما هو مخلوق كغيره من المخلوقات وإن ولد من امرأة دون رجل فهذه الولادة لا تدخل في مجال الإستحالة، لأن الرب لا يستحيل عليه شيء كما قال العهد القديم.
وقبل أن أختم هذا القسم لنقرأ موقف يسوع من الرب خالق السموات والأرض لتتضح الصورة كاملة فما وجدناه من تناقض في النصوص التي تحدث فيها يسوع عن أبيه سنجده مختلفاً عندما نقرأ ما قاله يسوع عن الرب خالق السموات والأرض.

موقف يسوع من الرب الإله خالق السموات والارض

فأجابه يسوع إن أول كل الوصايا هي اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد. (مرقس 12: 29)
هذا هو موقف يسوع من الرب خالق السموات والأرض، بعيداً عن كل الأقوال السابقة التي ينقض بعضها بعضاً، الرب إلهنا رب واحد، هذا قول يسوع وهو قول الرب في العهد القديم وهو كذلك قول كل المخلوقات في هذا العالم فكلها تشير إلى أن خالقها واحد سبحانه وتعالى عما يصفون ويشركون.
- فقال غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الإله. (لوقا 18: 27)
في هذا النص يقول يسوع ان كل شيء مستطاع عند الرب وهذا بخلاف يسوع وأبيه الذين ظهر لنا عدم استطاعتهما الكاملة كما في النصوص السابقة.
فقال له لماذا تدعوني صالحاً، ليس أحد صالحاً إلا واحد وهو الإله. (متّى 19: 17)
في هذا النص يرفض يسوع أن يقول له أحد أنه صالح، لأن الصالح وحده هو الرب، وهذا القول ينقض كل قوانين إيمان الكنائس التي تحدثت عن تعدد الآلهة والثالوث، فها هو يسوع يرفض أن يُدعى بالصّالح لأنه ليس أحد صالح إلا الرب الإله الخالق، فلو كانت تلك القوانين صحيحة وهذا الثالوث موجوداً لما رفض يسوع أن يُقال عنه صالح!!!
وقال له واحد من الجمع يا معلم قل لأخي ان يقاسمني الميراث،
فقال له يا إنسان من أقامني عليكما قاضياً أو مقسماً. (لوقا 12: 13-14)
في هذا النص يقول يسوع انه ليس قاضياً، وهذا القول يؤكد خطأ قوانين إيمان الكنائس التي تتحدث عن صفات إلهية لغير الرب الخالق، سواء ليسوع أو لأبيه أو للروح المقدس، لأن الرب في العهد القديم يقول عن ذاته أنه هو القاضي كما في النصوص التالية:
ولكن الإله هو القاضي هذا يضعه وهذا يرفعه. (مزمور 75: 7)
فإن الرب قاضينا،
الرب شارعنا،
الرب ملكنا هو يُخلّصنا. (إشعياء 33: 22)
يقضي الرب بيني وبينك،
وينتقم لي الربّ منك ولكن يدي لا تكون عليك. (صموئيل الأول 24: 12)
- فيكون الرب الديّان ويقضي بيني وبينك ويرى ويحاكم محاكمتي وينقذني من يدك. (صموئيل الاول 24: 15)
فقول يسوع أنه ليس قاضياً يؤكد أنه لا علاقة له بالرب خالق السموات والأرض إلا كباقي المخلوقات من الخضوع لمشيئته وقضائه سواء رضي يسوع أو لم يرض.
الإله لم يره أحد قط الابن الوحيد الذي هو في حضن الأب هو خبّر. (يوحنا 1: 18)
في هذا النص يقول يوحنا إن الرب لم يره أحد، بينما نجد أن يسوع عند حديثه عن أبيه يقول إن من رآه فقد رأى أباه كما في النصين التاليين:
والذي يراني يرى الذي أرسلني. (يوحنا 12: 45)
- قال له يسوع أنا معكم زماناً هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس،
الذي رآني فقد رأى الأب فكيف تقول أنت أرنا الأب. (يوحنا 14: 9)
مما يُثبت أن أباه ليس هو الرب خالق السموات والأرض، وفي نص آخر يقول عن نفسه أنه إنسان، وهو كما يلي:
- ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني، وأنا انسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الإله هذا لم يعمله ابراهيم. (يوحنا 8: 40)
في هذا النص يُصرح يسوع أنه انسان! والرب خالق السموات والأرض يقول:
ليس الإله أنساناً فيكذب ولا ابن إنسان فيندم،
هل يقول ولا يفعل، أو يتكلم ولا يفي. (عدد 23: 19)
فقول يسوع أنه انسان يدل على أنه لا علاقة له بالرب إلا كعلاقة باقي المخلوقات، لأن الرب ليس إنساناً فيكذب ولا ابن إنسان فيندم أو يقول ولا يفعل أو يتكلم ولا يفي، وليس كما قرأنا عن يسوع من أقوال وأفعال ونبوءات ووعود لأن يسوع إنسان والرب ليس إنساناً.
وهذا الأمر يظهر جلياً في آخر لحظات يسوع على الأرض وهو معلق على الصليب إذ نسمعه يقول:
- إلهي إلهي لماذا تركتني. (متّى 27: 46) و(مرقس 15: 34)
ففي هذه اللحظة الحرجة، لحظة الموت، تظهر للإنسان الحقيقة كلها فنجد أن يسوع يصرخ إلى إلهه وينسى كل ما تحدث عنه سابقاً سواء عن أبيه الذي حلّ فيه أو عن وعود أبيه له بإعطائه كل سلطان على الأرض أو عن حب أبيه له! فلحظة الموت تظهر فيها كل الحقيقة، والحقيقة التي ظهرت ليسوع هي أن كل شيء بيد الرب إلهه وليس في يد آخر كائناً من كان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق