الثلاثاء، 9 مارس 2010

شخصية الروح القدس في الأناجيل وعلاقته بيسوع وأخطائه عرض ونقد

الفصل الثالث شخصية الروح القدس

الروح المقدس هو الإله الثالث من آلهة الكنيسة الثلاثة التي تعبدها، والتي تقول إنها إله واحد، وفي الفصلين السابقين اطلعنا على حقيقة الإلهين الأب والإبن، وتبين لنا أنه لا علاقة لهما بالربّ الإله الحق خالق السموات والأرض الذي لا تسعه السموات ولا سماء السموات ولا يقوى عليه إنسان ولا يسكن على الأرض مع الانسان ولا يكذب ولا يندم ولا يستطيع إنسان أن يراه ويبقى حياً وغيرها من الصفات، والتي لم ينطبق أيّ منها على الأب والإبن، فهل الروح المقدس كما هو مكتوب عنه في العهدين القديم والجديد يُشير الى أنه إله يجب عبادته مع الربّ خالق السموات والارض، على الرغم من عدم عبادة أي نبيّ له أو دعوة أي نبيّ الى عبادته؟
في الصفحات التالية سنطلع على بعض النصوص التي تحدثت عن الروح المقدس في العهدين القديم والجديد لنرى حقيقته وهل هو إله حقيقي يجب التوجه له بالعبادة والخضوع على الرغم من عدم عبادة أي نبيّ له أو دعوتهم لعبادته، ونبدأ بالعهد القديم.
الروح المقدس في العهد القديم
ان العهد القديم يتحدث عن الروح المقدس او روح الرب او الروح في عشرات النصوص وهي في مجملها تتحدث عنه من خلال علاقته بالانبياء، فيقول العهد القديم ان الروح حلّ في فلان او سكن في فلان او كلم فلان، وفي بعضها تنسب له بعض الأفعال يظن بعض الناس أنها صفات ذاتية، كما في النص التالي:
تنزع أرواحها فتموت والى ترابها تعود، تُرسل روحك فتُخلق وتُجدد وجه الأرض. (مزمور 104: 29)
في هذا النص نقرأ أن الرب إذا نزع الروح من مخلوق فإنه يموت، وإذا وضعها في شيء فإن الحياة تبعث فيه، فالروح بهذا المعنى يمثل الجزء الحيوي في المخلوقات الذي يتم من خلاله تحول الجمادات الى مخلوقات حية بأمر من الرب وحده، وهو هنا لا دخل له في عملية الخلق من حيث الاستقلال عن أوامر الرب، بل هو يقوم بوظيفة أُنيطت به من قِبَل الرب الخالق، كغيره من المخلوقات التي لها وظائف خاصة بها، كالمطر الذي من وظائفه إنماء الزرع، كما في النص التالي:
لأني أسكب ماء على العطشان وسيولاً على اليابسة،
أسكب روحي على نسلك وبركتي على ذريتك، فينبتون بين العشب مثل الصفصاف على مجاري المياه. (إشعياء 44: 3-4)
فالروح لا يحمل صفات إلهية ذاتية بل هو يقوم بوظيفته بأمر من الرب الإله الحق خالق السموات والأرض وحده.
وفيما يلي سنستعرض بعض النصوص التي ذكرها العهد القديم عن الروح لنرى ان كان يحمل من الصفات ما تؤهله ليكون إلهاً مع الرب، وإذا كان فَهِمَ منها الناس وخاصة الأنبياء انه يحمل صفات إلهية!
- في البدء خلق الإله السموات والارض، وكانت الأرض خربة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلمة،
وروح الإله يرف على وجه الماء. (تكوين 1: 1)
في هذا النص نقرأ ان روح الرب كان يرف على وجه الماء، مما يعني انه عبارة عن مخلوق لا علاقة له بالرب سوى انه إما مخلوق مع السموات والارض او قبلها وان من صفاته انه يرف، وكل من يقرأ صفات الرب الخاصة به وعدم مساواة مخلوقاته له ووحدانيته يعلم انه ليس من صفات الرب ان يرف على وجه الماء وان صفة الرف ليست صفة إلهية بل هي من صفات الطيور والحمام والعصافير!
ومن هذه الصفة أخذ كتبة الأناجيل شكل الحمام وقالوا ان الروح الذي ظهر ليسوع عند التعميد حلّ وسكن في حمامة، وفي هذا أكبر دليل على ان الروح المقدس لا يحمل أيّة صفات إلهية، لأن الرب لا تسعه السموات ولا سماء السموات ولا يسكن على الأرض فكيف يسكن في حمامة!
- وقال موسى لبني إسرائيل انظروا، قد دعا الرب بصلئيل بن أوري بن حور من سبط يهوذا باسمه،
وملأه من روح الإله بالحكمة والفهم والمعرفة وكل صنعة. (خروج 35: 30-31)
في هذا النص يقول موسى ان الرب ملأ بصلئيل من روح الرب، ولم يقل موسى ولا غيره من الناس أن بصلئيل هذا أصبح أُقنوماً وقاموا بعبادته والسجود له، ولكن يُفهم من هذا النص ان روح الرب عبارة عن شيء يحلّ في بعض الناس بأمر من الرب ليهديهم الى ما يطلبه منهم الرب.
- وآخذ من الروح الذي عليك وأضع عليهم. (عدد 11: 17)
- وأخذ من الروح الذي عليه وجعل على السبعين رجلاً الشيوخ،
فلما حلت عليهم الروح تنبأوا ولكنهم لم يزيدوا. (عدد 11: 25)
في هذين النصين نجد ان هذا الروح عنده قابلية للانقسام والتوزيع وهذه ليست من صفات الرب، فالروح ينقسم ويسكن في مواضع كثيرة كما يأمره الرب.
- وصرخ بنو إسرائيل الى الرب،
فأقام الرب مخلصاً لبني إسرائيل فخلصهم، عثنيئيل بن قناز أخا كالب الأصغر،
فكان عليه روح الرب وقضى لاسرائيل وخرج للحرب فدفع الربّ ليده كوشان رشعتايم ملك أرام واعتزّت يده على كوشان رشعتايم. (قضاة 3: 9-10)
في هذا النص يقول العهد القديم ان حلول روح الرب في انسان يساعده في القضاء بين الناس والانتصار في الحروب، وهذا ما لم نسمعه عن يسوع عندما طلب منه أحد الناس ان يقضي له في ميراثه فقال له يسوع من جعلني عليكما قاضياً كما في النص التالي:
- وقال له واحد من الجمع يا معلم قل لأخي أن يقاسمني الميراث،
فقال له يا إنسان من أقامني عليكما قاضياً أو مقسماً. (لوقا 12: 13-14)
فهل نستطيع القول ان روح الرب لم يكن مع يسوع في تلك اللحظة ولو كان معه لقضى لذلك الرجل؟!
- فحلّ عليه روح الرب فشقه كشق الجدي وليس في يده شيء. (قضاة 14: 6)
- وحلّ عليه روح الرب فنزل الى اشقلون وقتل منهم ثلاثين رجلاً. (قضاة 14: 19)
في هذين النصين نجد ان حلول روح الرب في انسان يُعطيه قوة تساعده في التخلص من أعدائه وهذا ايضاً لم يحدث مع يسوع عندما لطمه الجندي وعندما كان الجنود يجلدونه فهل كان روح الرب بعيداً عنه؟!
- فيحلّ عليك روح الرب فتتنبأ معهم وتتحول الى رجل آخر،
واذا أتت هذه الآيات عليك فافعل ما وجدته يدك لان الإله معك. (صموئيل الاول 10: 6-9)
هذا النص يقول إن حلول روح الرب في إنسان يجعله نبياً، وليس إلهاً كما تقول الكنائس وقوانين إيمانها.
- فأخذ صموئيل قرن الدهن ومسحه في وسط إخوته،
وحلّ روح الرب على داوُد من ذلك اليوم فصاعداً، ثم قام صموئيل وذهب الى الرامة،
وذهب روح الرب من عند شاول،
وبغته روح رديء من قِبل الرب،
فقال عبيد شاول له هو ذا روح رديء من قِبل الإله يبغتك. (صموئيل الاول 16: 13-15)
في هذا النص نجد ان روح الرب تنتقل من انسان لآخر فالذي ينتقل عنه روح الرب لا يعود نبياً في حين ان الذي يحلّ عليه روح الرب يصبح نبياً، وهذا الأمر يدل على ان روح الرب لا يحمل صفات إلهية وإلا لأصبح ذلك الشخص الذي حلّ فيه أولاً إلهاً ثم بعد ذلك يصبح رجلاً شريراً!
- فأرسل شاول رسلاً لأخذ داوُد ولما رأوا جماعة الانبياء يتنبأون وصموئيل واقفاً رئيساً عليهم كان روح الإله على رسل شاول فتنبأوا هم أيضاً. (صموئيل الاول 19: 20)
في هذا النص نجد ان حلول روح الرب في انسان تجعله نبياً وليس إلهاً كما تقول الكنائس، وانه يحلّ في كثير من الناس في وقت واحد مما يعني ان لديه القدرة على الانقسام وهذا الأمر يخالف صفات الرب الواحد الذي لا تسعه السموات ولا سماء السموات ولا يسكن على الأرض، فالذي ينقسم ويسكن في الكثير من المخلوقات الصغيرة كالإنسان هو بالتأكيد ليس الرب الواحد ولا يحمل صفات الرب!
- وقال فاسمع إذاً كلام الربّ، قد رأيت الرب جالساً على كرسيه،
وكل جند السماء وقوف لديه عن يمينه وعن يساره،
فقال الرب من يغوي أخآب فيصعد ويسقط في راموت جلعاد،
فقال هذا هكذا وقال ذاك هكذا،
ثم خرج الروح ووقف أمام الرب وقال أنا أغويه،
وقال له الرب بماذا،
فقال أخرج وأكون روح كذب في أفواه جميع أنبيائه،
فقال إنك تغويه وتقدر، فاخرج وافعل هكذا،
والآن هو ذا قد جعل الرب روح كذب في أفواه جميع أنبيائك هؤلاء والربّ تكلم عليك بشرّ. (الملوك الاول 22: 19-23)
- وقال فاسمع إذاً كلام الرب، قد رأيت الرب جالساً على كرسيه،
وكل جند السماء عن يمينه وعن يساره،
فقال الرب من يغوي أخآب ملك إسرائيل فيصعد ويسقط في راموت جلعاد،....
ثم خرج الروح ووقف أمام الرب وقال انا أُغويه، فقال له الرب بماذا،
فقال أخرج وأكون لروح كذب في أفواه جميع أنبيائه،
فقال الرب انك تغويه وتقدر، فاخرج وافعل هكذا،
والآن هو ذا قد جعل الرب روح كذب في أفواه جميع أنبيائك هؤلاء والرب تكلم عليك بشر. (الايام الثاني 18: 18-22)
في هذين النصين نجد ان روح الرب من جند السماء، أي انه مخلوق، وان عنده القدرة للتحول الى روح كذب، وهذا يؤكد ان روح الرب لا يحمل أي صفة إلهية، وإلا كيف يكذب الرب وهو يقول انه لا يكذب كما في النص التالي:
ليس الإله أنسانا فيكذب، ولا ابن إنسان فيندم،
هل يقول ولا يفعل،
أو يتكلم ولا يفي. (عدد 23: 19)
فتحول روح الرب الى روح كذب دليل واضح على انه لا علاقة له بالرب من ناحية الصفات، وانما هو من جند السماء ومن مخلوقات الرب، لان الذي يستطيع ان يتشكل في صفات مختلفة، وهي ليست بالتأكيد من صفات الرب، لا يدل على انه إله، وهو ما أشار إليه النصين السابقين من ان روح الرب كان من جند السماء!
- فتقدم صدقيا بن كنعنة وضرب ميخا على الفك،
وقال من أي طريق عبر روح الرب مني ليكلمك. (أخبار الايام الثاني 18: 23)
في هذا النص يقول صدقيا بعد ان ضرب ميخا النبي على فكه من أين عبر روح الرب مني ليكلمك وهذا دليل على ان روح الرب ليس هو الرب وإنما هو مخلوق من وظائفه حمل كلام الرب الى أنبيائه، ولهذا فان ميخا النبي يقول تعقيباً على قول صدقيا السابق:
- فقال ميخا ان رجعت رجوعاً بسلام فلم يتكلم الرب بي. (اخبار الايام الثاني 18: 27)
فميخا يقول ان كلام الرب الذي تنبأ به في النصين السابقين جاء عن طريق روح الرب ولم يقل ميخا ولا غيره ممن قرأ العهد القديم ان روح الرب هي حالة تحمل صفات إلهية وإنما هي وسيلة أو حالة او مخلوق تحمل وتبلغ كلام الرب الى الانبياء.
من هذا الشرح الموجز لدور روح الرب في العهد القديم وما فهمه أنبياء بني اسرائيل لهذا الدور نجد أن روح الرب لا يحمل أي صفة إلهية تجعل منه إلهاً يُعبد من دون الرب أو مع الرب. فماذا تقول الأناجيل عن الروح المقدس؟
الروح المقدس في الأناجيل
الروح المقدس يمثل الإله الثالث او الاقنوم الثالث في قوانين ايمان الكنائس المختلفة، وهو لا يختلف ولا يقلّ في صفاته وقدراته عن يسوع وأبيه، فهو الذي كان يسوق كتبة الأناجيل وباقي رسائل العهد الجديد عندما كتبوها، كما انه هو الذي يسوق الكنائس لكتابة قوانين ايمان الكنائس المختلفة كلها، التي تحرّم وتكفر وتلعن وتحارب بعضها البعض، واخيراً هو الذي يحلّ في كل أتباع الكنائس المختلفة عند التعميد وفي الكنائس وعلى المتزوجين وفي التماثيل!
فهو بهذه الأعمال يقوم بالدور الأبرز بين آلهة الكنائس، وخاصة بالنسبة لدور الأب الذي لا يظهر له أي أثر مباشر في الكنائس سواء في الأناجيل او في باقي رسائل العهد الجيد أو في الصلوات والتقدمات والتضرعات.
وفي الصفحات التالية سأستعرض معظم النصوص التي تحدثت عنه في الأناجيل لنرى ان كان ما هو مكتوب عنه يمثل صفات إلهية تجعله في المكانة التي وضعته فيها الكنائس المختلفة وقوانين إيمانها أم لا.
أول ما نلاحظه في الأناجيل، وهي ذات الملاحظة على أب يسوع، هو خلوها من أي قول او فعل مباشر للروح المقدس، فالنصوص التي تتحدث عنه تستخدم صيغة الغائب، فلم تكتب الأناجيل أي قصة يتحدث فيها الروح المقدس مباشرة او يفعل فيها فعلاً مباشراً، كما قرأنا سابقاً في بعض النصوص التي تحدثت عن روح الرب في العهد القديم.
- أما ولادة يسوع فكانت هكذا، لما كانت أُمه مريم مخطوبة ليوسف قبل أن يجتمعا وُجدَت حبلى من الروح المقدس،
فيوسف رجلها إذ كان باراً ولم يشأ أن يشهرها أراد تخليتها سراً، ولكن فيما هو متفكر في هذه الأُمور إذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلاً يا يوسف ابن داوُد لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك لأن الذي حبل به فيها هو من الروح المقدس، فستلد ابناً وتدعوا اسمه يسوع لأنه يُخلص شعبه من خطاياهم،
وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل هو ذا العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الإله معنا،
فلما استيقظ يوسف من النوم فعل كما أمره ملاك الرب وأخذ امرأته، ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر ودعا اسمه يسوع. (متّى 1: 18-25)
في هذا النص أول حديث عن الروح المقدس في الأناجيل سواء من حيث ترتيبها أو من حيث الزمن فالنص يتحدث عنه قبل حبل مريم بيسوع، وهو هنا يحمل وظيفة جديدة للروح المقدس لم نقرأها عنه في العهد القديم فهو هنا يقوم بتحبيل امرأة دون رجل، أو بمعنى آخر يقوم باستيلاد طفل من امرأة دون حيوان منوي، وهو ما يثير تساؤلات عن طبيعة هذا الاستيلاد، فهل قام الروح المقدس بدور الحيوان المنوي فتحول الى حيوان منوي ذو ثلاثة وعشرون كرموزوم اتحدت مع البويضة التي في رحم مريم ومن ثم بدأ الروح المقدس بالتشكل في أطوار الجنين من علقة فمضغة فعظام فلحم فجسد طفل خلال تسعة أشهر وهو يتغذى من خلال الحبل السري الذي يتصل به بمريم؟!
أم ان الروح المقدس قام بدور الحيوان المنوي والبويضة معاً فتحول الى بويضة مخصبة مباشرة ولكنه كان يحتاج الى غذاء من مريم كي ينمو ليصبح بعد تسعة أشهر طفلاً؟
أم ان الروح المقدس لم يقم بأي من هذين الاحتمالين، وإنما قام بهما أو بأحدهما أُقنوم الابن، أي ان الروح المقدس قام بتجسيد الاقنوم الثاني الى حيوان منوي ومن ثم قام هذا الاقنوم بالاتحاد مع بويضة مريم وتخصيبها ومن ثم بدأ يتشكل في بطن مريم من علقة الى مضغة الى أعصاب وعظام ومن ثم تشكل على شكل طفل؟
أم إن الروح المقدس قام بتجسيد الاقنوم الثاني إلى بويضة مخصبة دون الحاجة إلى بويضة من مريم ومن ثم بدأ في التشكل والتجسد حتى وصل إلى مرحلة الطفل الذي يجب أن ينزل من بطن المرأة؟
ثم يتحدث النص عن أن هذا الأمر حدث كي يتم ما قيل في العهد القديم عن عمانوئيل، وهذا النص كنت قد تحدثت عنه وبينت خطأه في كتاب يسوع بن يوسف النجار أسئلة حائرة  فأغنى عن إعادته.
فهل هذا العمل سواء تحول الروح المقدس الى ما سبق شرحه أو أمره بتحول الاقنوم الثاني يدل على أي صفة إلهية يحملها هذا الروح المقدس؟!
نعم إن الخلق هو من أعظم الأمور في هذا الكون ولكننا هنا لا نجد عملية خلق، بل نجد عملية إسكان وحلول الاقنوم الثاني أو الثالث في بطن امرأة وهي ليست من صفات الرب في العهد القديم لان الرب في العهد القديم يقول بكل وضوح انه لا يسكن على الأرض ولا تسعه السموات ولا سماء السموات فكيف يسعه بطن امرأة؟!
تستطيع الكنائس ان تقول ما تشاء وتؤمن بما تشاء ولكن عليها ان تعلم انها بهذه الأقوال وهذا الإيمان لا تتحدث بالتأكيد عن الرب خالق السموات والأرض الذي ليس معه إله وليس دونه إله، الذي لا تسعه السموات ولا سماء السموات ولا يسكن على الأرض، فكيف يسكن في بطن امرأة؟ وليت الأمر توقف عند هذا الحد بل إن الكنائس تقول انه سكن في بويضة امرأة!
- فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً،
فأجاب الملاك وقال لها الروح المقدس يحلّ عليك وقوة العليّ تظللك،
فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى ابن الإله،
وهو ذا إليصابات نسيبتك هي أيضاً حبلى بابن في شيخوختها وهذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقراً،
لأنه ليس شيء غير ممكن لدى الإله،
فقالت مريم هو ذا أنا أمة الرب  ليكن لي كقولك، فمضى من عندها الملاك. (لوقا 1: 34-38)
في هذا النص يقول لوقا ان الروح المقدس سيحلّ على مريم وليس في مريم وان قوة العليّ ستظللها، وهنا نرى ان الكنائس المختلفة تتجاهل قوة الرب ولا تعتبرها أُقنوماً كما اعتبرت الروح المقدس، ثم يُعقب بالقول ان الدليل على ان المولود الذي ستلده مريم من الرب، وليس الرب نفسه، ان اليصابات المرأة العاقر ستلد ابناً في شيخوختها لأنه ليس شيء غير ممكن لدى الإله، وهذا التعقيب يكون صحيحاً اذا قلنا ان يسوع مثل يوحنا وهو ما يستشف من الكلام السابق، ولكن فهم الكنائس المختلفة ليسوع باعتباره إلهاً أو أحد الاقانيم يجعل هذا الكلام لا معنى له، لأنه ما هو الجامع بين يوحنا ويسوع كما تصوره قوانين إيمان الكنائس باعتباره الاقنوم الثاني.
ثم يقول لوقا على لسان مريم أنها أمة الرب، وهذا دليل واضح على أنها لا تحمل الصفات التي وضعتها لها الكنائس المختلفة فهي أمة الرب وليست أي شيء آخر.
ثم بعد ذلك تتحدث الأناجيل عن تجسد الروح المقدس كحمامة كما في النصوص التالية:
- فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء،
وإذا السماء قد انفتحت له فرأى روح الرب نازلاً مثل حمامة وآتياً عليه. (متّى 3: 16)
- وللوقت وهو صاعد من الماء رأى السماء قد انشقت، والروح مثل حمامة نازلاً عليه. (مرقس 1: 10)
- ولما اعتمد جميع الشعب اعتمد يسوع أيضاً،
وإذ كان يصلي انفتحت السماء ونزل عليه الروح المقدس بهيئة جسمية مثل حمامة وكان صوت من السماء قائلاً أنت ابني الحبيب بك سُررت. (لوقا 3: 21-22)
- وشهد يوحنا قائلاً اني قد رأيت الروح نازلاً مثل حمامة من السماء فاستقر عليه،
وأنا لم أكن أعرفه،
لكن الذي أرسلني لأُعمد بالماء ذاك قال لي الذي ترى الروح نازلاً ومستقراً عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح المقدس،
وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الإله. (يوحنا 1: 32-34)
في هذه النصوص يقول كتبة الأناجيل ان الروح المقدس نزل وهو متخذ شكل حمامة على يسوع واستقر عليه، وهنا لن ادخل في نقاش حول الاختلافات التي بين النصوص فهي ليست بتلك الأهمية، ولكنني سأتحدث عن مضمون القصة من خلال ما كتبته الأناجيل عن يوحنا المعمدان وعلاقته بيسوع، فالنصوص تقول ان يوحنا رأى الروح المقدس نازلاً كحمامة ومستقراً عليه فعرف ان يسوع هو الذي يُعمّد بالروح المقدس وانه ابن الإله!
والمهم هنا هو قول يوحنا المعمدان انه لم يكن يعرف يسوع، فكيف لا يعرف يسوع ولوقا كما كتب في إنجيله يقول انه فرح وهو في بطن أمه عندما سمع صوت مريم، فكيف يعرف يوحنا المعمدان يسوع وهو في بطن أمه وبعد ثلاثين سنة يقول انه لا يعرفه كما كتب يوحنا في إنجيله؟!
هل يمكن للروح المقدس الذي كان حالاً في يوحنا المعمدان ان ينسى يسوع بعد ثلاثين سنة؟
ثم كيف لا يعرفه ووالدتاهما قريبتان كما قال لوقا؟!
والأهم من كل هذا هو موقف يوحنا المعمدان من يسوع بعد ان قال انه رأى الروح المقدس نازلاً على يسوع كحمامة فشهد انه الذي يُعمّد بالروح وانه ابن الإله كما كتب يوحنا في انجيله! فيكتب متّى ولوقا عن موقفه من يسوع قبل مقتله، أي يوحنا، أنه ليس متأكداً من صفة يسوع كما في النصين التاليين:
- أما يوحنا فلما سمع في السجن بأعمال المسيح أرسل اثنين من تلاميذه وقال له أنت هو الآتي أم ننتظر آخر،
أجاب يسوع وقال لهما اذهبا وأخبرا يوحنا بما تسمعان وتنظران. (متّى 11: 2-4)
- فأخبر يوحنا تلاميذه بهذا كله،
فدعا يوحنا اثنين من تلاميذه وأرسل الى يسوع قائلاً أنت هو الآتي أم ننتظر آخر،
فلما جاء الرجلان إليه قالا يوحنا المعمدان قد أرسلنا إليك قائلاً أنت هو الآتي أم ننتظر آخر،
وفي تلك الساعة شفى كثيرين من أمراض وأدواء وأرواح شريرة ووهب البصر لعميان كثيرين،
فأجاب يسوع وقال لهما اذهبا وأخبرا يوحنا بما رأيتما وسمعتما إن العُمي يُبصرون والعُرج يمشون والبُرص يُطهّرون والصُّمَّ يسمعون والموتى يقومون والمساكين يُبَشَّرون،
وطوبى لمن لا يعثر فيّ. (لوقا 7: 18-23)
في هذين النصين نقرأ ان يوحنا المعمدان أرسل تلاميذه ليسألوا يسوع ان كان هو أم ينتظروا آخر، مما يدل على أن يوحنا المعمدان كان غير متأكد من صفة يسوع في آخر حياته، لأنه بعد هذه القصة يقوم هيرودس بقتل يوحنا المعمدان كما هو مكتوب في الأناجيل!
فلماذا يُرسل يوحنا المعمدان تلاميذه إذا كان قد رأى الروح المقدس نازلاً على شكل حمامة ومستقراً على يسوع ليسأله إن كان هو أم ينتظروا آخر، ويوحنا المعمدان كان ممتلئاً من الروح المقدس أيضاً، هذا إذا أرادت الكنائس أن نصدق أن يوحنا رأى الروح مستقراً على يسوع؟!
ثم تكتب الأناجيل عن عمل الروح المقدس مع يسوع، فتقول انه هو الذي كان يرعى يسوع وهو الذي كان يساعده وهو الذي كان يتكلم عنه، كما في النصوص التالية:
- وللوقت أخرجه الروح الى البرية،
وكان هناك في البرية أربعين يوماً يُجرب من الشيطان. (مرقس 1: 12-13)
- وأما يسوع فرجع من الأردن ممتلئاً من الروح المقدس،
وكان يُقتاد بالروح في البرية أربعين يوماً يُجرب من إبليس،
ولما تمت جاع أخيراً. (لوقا 4: 1-2)
- ورجع يسوع بقوة الروح إلى الجليل،
وخرج خبر عنه في جميع الكورة المحيطة. (لوقا 4: 14)
في هذه النصوص نجد ان يسوع الاقنوم الثاني ينقاد للروح المقدس وهذا يشير الى ان الروح المقدس له قدرة اكبر من قدرة الاقنوم الثاني، اذ ان من يقود أهم من الذي ينقاد، كما نرى ان يسوع يمتلئ من الروح المقدس وهي صفة يشترك فيها يسوع مع عشرات من الناس غيره، سواء في العهد القديم أو العهد الجديد كما في النصوص التالية:
- فلما سمعت إليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها،
وامتلأت إليصابات من الروح المقدس،
وصرخت بصوت عظيم وقالت مباركة أنت في النساء، ومباركة هي ثمرة بطنك،
فمن أين لي هذا أن تأتي أُم ربي إليّ،
فهو ذا حين صار صوت سلامك في أُذنيّ ارتكض الجنين بابتهاج في بطني،
فطوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب. (لوقا 1: 41-45)
وامتلأ زكريا أبوه من الروح المقدس وتنبأ قائلاً مبارك الرب إله إسرائيل لأنه افتقد وصنع فداء لشعبه، وأقام لنا قرن خلاص في بيت داوُد فتاه كما تكلم بفم أنبيائه القديسين الذين هم منذ الدهر. (لوقا 1: 67-70)
- أما الصبي فكان ينمو ويتقوى بالروح وكان في البراري إلى يوم ظهوره لإسرائيل. (لوقا 1: 80)
- وكان رجل في أُورشليم اسمه سمعان، وهذا الرجل كان باراً تقياً ينتظر تعزية إسرائيل،
والروح المقدس كان عليه،
وكان قد أُوحي إليه بالروح المقدس أنه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب،
فأتى بالروح إلى الهيكل،
وعندما دخل بالصبي يسوع أبواه ليصنعا له حسب عادة الناموس أخذه على ذراعيه وبارك الإله وقال الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام،
لأن عيني قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته قدّام وجه جميع الشعوب،
نور إعلان للأُمم ومجداً لشعبك إسرائيل. (لوقا 2: 25-32)
ومن بطن أمه يمتلئ من الروح المقدس. (لوقا 1: 15)
في هذه النصوص نقرأ أن مجموعة من الناس امتلأت بالروح المقدس كيسوع، فما هو الشيء الذي تميز به يسوع وحده عن هؤلاء ليصبح الاقنوم الثاني ويحمل من الصفات الإلهية التي تجعله شريكاً للرب الذي يقول انه ليس معه إله ولا دونه إله، ويقول عنه يسوع انه الرب الإله الواحد وانه ليس أحد صالح إلا الرب وحده؟!
وكذلك هذا الحلول والإمتلاء من الروح المقدس في بعض الناس هل يدل على أنه يحمل صفات إلهية توجب عبادته مع الرب خالق السموات والأرض الذي لا تسعه السموات ولا سماء السموات ولا يسكن على الأرض مع الانسان فكيف يسكن في بعض الناس.
ثم نقرأ قول يسوع انه يُخرج الشياطين بالروح كما في النص التالي:
- وإن كنت أنا ببعلزبول أُخرج الشياطين فأبناؤكم بمن يُخرجون،
لذلك هم يكونون قضاتكم،
ولكن إن كنت أنا بروح الإله أُخرج الشياطين فقد أقبلت عليكم مملكة الإله. (متّى 12: 27-28)
في هذا النص يقول يسوع انه يُخرج الشياطين بروح الرب، ولم يقل انه يخرجها بنفسه!
فهذا القول يدل على ان قدرة الروح المقدس أكبر من قدرة يسوع، كما ان القدرة على إخراج الشياطين لا تدل على صفات إلهية تؤهل صاحبها ليكون إلهاً من دون الرب، والدليل على ذلك هو قول يسوع ان قضاة اليهود كانت لهم نفس القدرة على إخراج الشياطين ولهذا يجعلونهم قضاة، نعم قضاة وليسوا آلهة أو أقانيم!
ثم نقرأ أن يسوع عندما يتحدث فانه يتحدث بالروح المقدس كباقي أنبياء العهد القديم كما في النص التالي:
- وفي تلك الساعة تهلل يسوع بالروح وقال أحمدك أيها الأب رب السماء والأرض لأنك أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء وأعلنتها للأطفال. (لوقا 10: 21-24)
في هذا النص نقرأ ان يسوع يتهلل بالروح ثم يبدأ بالكلام، مما يعني ان يسوع لم يكن يتكلم إلا بالروح وهو ما كان يفعله أنبياء بني إسرائيل الذين لم يقل أحد منهم انه أُقنوم أو انه يحمل صفات إلهية تؤهله ليصبح شريكاً للرب، الذي قال عن نفسه سبحانه وتعالى انه واحد وانه ليس معه إله وليس دونه إله.
ومع وضوح هذا الأمر عند الأنبياء جميعاً إلا أننا لو تأملنا في النص لوجدنا انه يحمل في ثناياه من التناقضات والأخطاء الشيء الكثير.
فهو يقول إن دعوته لا يعرفها سوى الأطفال وإنها أُخفيت عن الفهماء والحكماء، وهذا القول من غرائب الأقوال، فالأناجيل لم تكتب ان يسوع كان لا يدعو إلا الأطفال فقط، لا بل انها كتبت انه لم يدعو سوى كبار السن وان تلاميذه لم يكن بينهم أي طفل، كما انه لو كان هذا القول صحيحاً فلماذا لم يبدأ يسوع كرازته وهو طفل وانتظر ثلاثين سنة حتى يبدأ بالكرازة؟!
- ولما قال يسوع هذا اضطرب بالروح وشهد وقال الحق الحق أقول لكم ان واحداً منكم سيسلمني. (يوحنا 13: 21)
في هذا النص نجد ان يسوع يضطرب بالروح ثم يبدأ بالتنبؤ وهو حال كل الانبياء، فلماذا اذا أراد الاقنوم الثاني من الاقانيم الثلاثة الذين هم واحد ومن نفس الجوهر ان يتنبأ يضطرب بالاقنوم الثالث ثم يبدأ بالتكلم؟
أليس في استطاعة الاقنوم الثاني ان يتكلم بعيداً عن الاقنوم الثالث؟
واخيراً ألا يُظهر هذا القول وأمثاله ان الاقنوم الثالث لديه من القدرات ما ليس لدى الاقنوم الثاني، مما يدل على عدم مساواتهما لبعضهما البعض؟
وللتدليل على عدم مساواة يسوع للروح المقدس نقرأ النصوص التالية:
- لذلك أقول لكم كل خطية وتجديف يُغفر للناس وأما التجديف على الروح فلن يُغفر للناس،
ومن قال كلمة على ابن الإنسان يُغفر له،
وأما من قال على الروح المقدس فلن يُغفر له لا في هذا العالم ولا في الآتي. (متّى 12: 31-32)
- الحق أقول لكم إن جميع الخطايا تغفر لبني البشر والتجاديف التي يجدفونها،
ولكن من جدّف على الروح المقدس فليس له مغفرة الى الابد، بل هو مستوجب دينونة أبدية. (مرقس 3: 28-29)
- وكل من قال كلمة على ابن الانسان يُغفر له،
وأما من جدّف على الروح المقدس فلا يُغفر له،
ومتى قدّموكم الى المجامع والرؤساء والسلاطين فلا تهتموا كيف أو بما تحتجون أو بما تقولون،
لأن الروح المقدس يُعلمكم في تلك الساعة ما يجب أن تقولوه. (لوقا 12: 10-12)
هذه النصوص تظهر بكل وضوح ان فكرة مساواة الاقانيم لبعضها البعض سواء في الجوهر أو في القدرات والصفات التي تقولها الكنائس المختلفة في قوانين ايمانها فكرة خاطئة لأن يسوع هنا يقول ان من يُجدّف عليه فانه يُغفر له في حين ان من يُجدّف على الروح المقدس لن يُغفر له لا في الدنيا ولا في العالم الآتي.
ان الشخصية التي يُعاقَب من يشتمها ويُجدّف عليها هي بلا شك أفضل من الشخصية التي لا يُعاقب شاتمها والمجدّف عليها، فهما بلا شك غير متساويتان لا في الجوهر ولا في المكانة والقدرات والصفات، وإلا لو كان الأمر غير هذا لكان التجديف على احدها يمثل تجديفاً على الأخرى وهو ما لم يقله يسوع!
ثم تتحدث الأناجيل عن علاقة الروح المقدس بالتلاميذ واتباعهم فنقرأ النصوص التالية:
الولادة بالروح
- أجاب يسوع الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يُولد من الماء والروح لا يقدر ان يدخل مملكة الإله،
المولود من الجسد جسد هو،
والمولود من الروح هو روح،
لا تتعجب أني قلت لك ينبغي أن تولدوا من فوق،
الريح تهب حيث تشاء وتسمع صوتها لكنك لا تعلم من أين تأتي ولا الى أين تذهب،
هكذا كل من وُلد من الروح. (يوحنا 3: 5-8)
في هذا النص يقول يسوع ان الانسان الذي لا يُولد مرة جديدة من الروح والماء ويقصد هنا التعميد فلن يقدر ان يدخل الى مملكته، وهنا سأترك التعليق على هذا النص لوقت لاحق عند الحديث عن شخصية يوحنا المعمدان، ولنقرأ النص التالي:
السجود بالروح
- ولكن تأتي ساعة وهي الآن حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للأب بالروح والحق،
لأن الأب طالب مثل هؤلاء الساجدين له،
الإله روح،
والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي ان يسجدوا،
قالت له المرأة أنا أعلم أن مسيا الذي يقال له المسيح يأتي فمتى جاء ذاك يُخبرنا بكل شيء،
قال لها يسوع أنا الذي أُكلمك هو. (يوحنا 4: 23-26)
في هذا النص يقول يسوع ان الناس يسجدون لأبيه بالروح والحق، وفي النص بعض الفقرات تحدثت عنها سابقاً كقوله ان الإله روح فأغنى عن إعادتها.
إعطاء الروح للتلاميذ
بعد هذا تبدأ الأناجيل بتبيين العلاقة بين الروح المقدس والتلاميذ وأتباعهم كما في النصوص التالية:
- من آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حيّ،
قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه،
لأن الروح المقدس لم يكن قد أُعطي بعد،
لأن يسوع لم يكن قد مُجّد بعد. (يوحنا 7: 38-39)
- فقال لهم يسوع أيضاً سلام لكم،
كما أرسلني الأب أُرسلكم أنا،
ولما قال هذا نفخ وقال لهم اقبلوا الروح المقدس،
من غفرتم خطاياه تغفر له،
ومن أمسكتم خطاياه أُمسكت. (يوحنا 20: 21-23)
في هذين النصين يقول يوحنا في انجيله ان يسوع نفخ وأعطى تلاميذه الروح المقدس، وهنا لن أدخل في نقاش إذا كان التلاميذ قد قبلوا عطية يسوع أم لا، وخاصة اننا نقرأ عن خلافاتهم مع بعضهم البعض والأمر اشد فيمن جاء بعدهم ولكن الآن لنَقُلْ ان التلاميذ قبلوا الروح المقدس من نفخة يسوع.
ثم نجد نصاً آخر عن إعطاء الروح في إنجيل لوقا وهو كما يلي:
- فإن كنتم وأنتم أشرار تعرفون أن تعطوا أولادكم عطايا جيدة فكم بالحري الأب الذي من السماء يُعطي الروح المقدس للذين يسألونه. (لوقا 11: 13)
في هذا النص يقول يسوع إن الأب الذي من السماء أفضل من الناس الأشرار الذين يُعطون أولادهم العطايا الجيدة لهذا فانه سيُعطي الروح المقدس لكل من يسأله ذلك، ومع هذا القول الجميل إلا أن الأناجيل  تخبرنا أن أب يسوع لم يُعطه ما سأله عندما طلب منه أن تعبر عنه تلك الكأس، أي ان لا يُصلب، فهل عدم تلبية طلب يسوع يدخل من ضمن العطايا الجيدة أم السيئة؟!
المُعزّي أو البارقليط، روح الحق، الروح المقدس
ثم يتحدث يوحنا عن إعطاء الروح المقدس للتلاميذ بصورة أُخرى وهو ما عبّر عنه بالمعزي كما في النصوص التالية:
- إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي،
وأنا أطلب من الأب فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد،
روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه،
وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم. (يوحنا 14: 15-17)
في هذا النص يقول يسوع انه سيطلب من الأب أن يُعطيهم معزياً ليمكث معهم إلى الأبد، وهو ما تستشهد به الكنائس المختلفة على صحة قوانين إيمانها المختلفة وانها مكتوبة بسوق من المعزي الماكث معهم!
ومتى جاء المعزي الذي سأُرسله أنا إليكم من الأب روح الحق الذي من عند الأب ينبثق فهو يشهد لي. (يوحنا 15: 26)
وفي هذا النص يقول يسوع ان المعزي سيشهد له، ولست ادري أي شهادة شهد له بها، هل شهد له ان جسده حلت فيه الاقانيم الثلاثة كما تقول الكنيسة الأرثوذكسية، وان الذي عُلق على الصليب كانت الاقانيم الثلاثة المتحدة مع بعضها البعض ومن نفس الجوهر، أم شهد له ان الجسد الذي عُلق على الصليب هو الجسد البشري وان الاقانيم الثلاثة أو الاقنوم الثاني انفصلت عنه كما تقول الكنيسة البروتستنتية، ام شهد له انه يحل في الخبز والنبيذ عند تناول الافخارستيا كما تقول الكنيسة الكاثوليكية، أم شهد له انه لا يحل في الخبز والنبيذ كما تقول الكنيسة البروتستنتية، وغيرها العشرات من الاختلافات التي بين الكنائس والتي كان من نتائجها إشعال عشرات الحروب فيما بين الكنائس المختلفة على مدار التاريخ.
فما هي حقيقة شهادته له؟
لكني أقول لكم الحق إنه خير لكم أن أنطلق،
لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي،
ولكن إن ذهبت أُرسله إليكم،
ومتى جاء ذاك يُبكت العالم على خطية وعلى برّ وعلى دينونة،
أما على خطية فلأنهم لا يؤمنون بي،
وأما على بر فلأني ذاهب الى أبي ولا ترونني أيضاً،
وأما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دين. (يوحنا 16: 7-11)
في هذا النص يقول يسوع ان المعزي سيأتي ويُبكّت العالم على خطية وعلى برّ وعلى دينونة، وأتساءل متى جاء هذا المعزي، أو متى سيأتي، وإذا جاء فمن مِنَ الكنائس سيعتبر أنها تسير بحسب كرازة يسوع، وخاصة أنها جميعاً من غير اليهود، ويسوع قال انه لم يُرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة، وأمر تلاميذه أن لا يسيروا في طرق غير اليهود، أم انه سيُدينها جميعاً لأنها ليست من خرافه وأنها لم تحفظ وصاياه وتعاليمه.
إن لي أُموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم،
ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن،
وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم الى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأُمور آتية. (يوحنا 16: 12-13)
في هذا النص يقول يسوع ان له أُموراً كثيرة ليقولها للتلاميذ ولكنهم لا يستطيعون تحملها، وان المعزي متى جاء سيرشدهم الى جميع الحق!
وهذا القول من غرائب ما يمكن ان يسمعه انسان في حياته، فإذا كان التلاميذ لا يستطيعون أن يحتملوا أُمور يسوع وهو معهم، وهو كما تقول الكنائس عنه انه الكلمة المتجسدة وانه الجسد الذي حلّ فيه الاقنوم الثاني وكان يعمل الكثير من المعجزات فهل يستطيع التلاميذ ان يحتملوا تلك الأمور من غيره، وما هي الأمور التي يريد يسوع إخبار التلاميذ بها وهم لا يستطيعون احتمالها؟
ثم وهو الأهم هل جاء المعزي وأرشدهم إلى جميع الحق؟
وما هو الحق الذي أرشدهم إليه ونحن نرى الكنائس وقد تجاوز عددها العشرات وكلها تختلف على صفاته الشخصية ومكانته وقدراته، وكلها تحرّم وتكفر وتقتل بعضها البعض.
التلاميذ يتكلمون بالروح
- فمتى أسلموكم فلا تهتموا كيف أو بما تتكلمون، لأنكم تعطون في تلك الساعة ما تتكلمون به،
لأن لستم أنتم المتكلمين بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم. (متّى 10: 19-20)
- فمتى ساقوكم ليسلموكم فلا تعتنوا من قبل بما تتكلمون ولا تهتموا،
بل مهما أُعطيتم في تلك الساعة فبذلك تكلموا،
لأن لستم أنتم المتكلمين بل الروح المقدس. (مرقس 13: 11)
- ومتى قدّموكم الى المجامع والرؤساء والسلاطين فلا تهتموا كيف أو بما تحتجون أو بما تقولون،
لأن الروح المقدس يُعلمكم في تلك الساعة ما يجب أن تقولوه. (لوقا 12: 11-12)
في هذه النصوص يقول يسوع ان الروح المقدس هو الذي يتكلم في التلاميذ وللتدليل على صدق هذه الأقوال ذكر لوقا، وتوافقه الكنائس المختلفة كلها عليها، قصة استفانوس شهيد الكنائس الأول وان الروح المقدس هو الذي تكلم عنه عند محاكمته من قِبل اليهود بعد رفع يسوع، فما هي قصة استفانوس؟
استفانوس يتكلم بالروح المقدس
كتب لوقا في كتاب أعمال الرسل أن اليونانيين تذمروا على العبرانيين لأنهم كانوا يُهملون في خدمة أرامل اليونانيين، فقام التلاميذ الرسل باختيار سبعة رجال مملوئين من الروح المقدس للتفرغ للخدمة وكان استفانوس واحداً منهم، وكان مملوءاً إيمانا وقوة وكان يصنع عجائب وآيات عظيمة في الشعب، فحدثت مناقشات بينه وبين اليهود فلم يستطيعوا أن يقاوموا الحكمة والروح الذي يتكلم به، فحرّضوا عليه الشعب وقالوا انه يُجدّف على موسى وعلى الرب، وأقاموا عليه شهود زور، فأحضروه إلى المجمع فشخص إليه الجميع فرأوا وجهه كأنه ملاك، فقام يدافع عن نفسه بخطبة هذا نصها:
- فقال أيها الرجال الإخوة والآباء اسمعوا،
ظهر إله المجد لأبينا إبراهيم وهو في ما بين النهرين قبلما سكن في حاران، وقال له أُخرج من أرضك ومن عشيرتك وهلمّ إلى الأرض التي أُريك، فخرج حينئذ من أرض الكلدانيين وسكن في حاران،
ومن هناك نقله بعدما مات أبوه إلى هذه الأرض التي أنتم الآن ساكنون فيها،
ولم يُعطه فيها ميراثاً ولا وطأة قدم،
ولكن وعد أن يُعطيها مُلكاً له ولنسله من بعده، ولم يكن له بعد ولد، وتكلم الإله هكذا،
أن يكون نسله متغرباً في أرض غريبة فيستعبدوه ويسيئوا إليه أربع مئة سنة،
والأُمة التي يُستعبدون لها سأُدينها أنا يقول الإله، وبعد ذلك يخرجون ويعبدونني في هذا المكان،
وأعطاه عهد الختان وهكذا ولد إسحاق وختنه في اليوم الثامن،
وإسحاق ولد يعقوب ويعقوب ولد رؤساء الآباء الاثني عشر،
ورؤساء الآباء حسدوا يوسف وباعوه إلى مصر وكان الإله معه،
وأنقذه من جميع ضيقاته وأعطاه نعمة وحكمة أمام فرعون ملك مصر فأقامه مدبراً على مصر وعلى كل بيته،
ثم أتى جوع على كل أرض مصر وكنعان وضيق عظيم فكان آباؤنا لا يجدون قوتاً، ولما سمع يعقوب أن في مصر قمحاً أرسل آباءنا أول مرة،
وفي المرة الثانية استعرف يوسف إلى إخوته واستعلنت عشيرة يوسف لفرعون،
فأرسل يوسف واستدعى أباه يعقوب وجميع عشيرته خمسة وسبعين نفساً،
فنزل يعقوب الى مصر ومات هو وآباؤنا،
ونقلوا الى شكيم ووضعوا في القبر الذي اشتراه إبراهيم بثمن فضة من بني حمور أبي شكيم،
وكما كان يقرب وقت الموعد الذي أقسم الإله عليه لإبراهيم كان ينموا الشعب ويكثر في مصر،
الى أن قام ملك آخر لم يكن يعرف يوسف، فاحتال هذا على جنسنا وأساء الى آبائنا حتى جعلوا أطفالهم منبوذين لكي لا يعيشوا،
وفي ذلك الوقت ولد موسى وكان جميلاً جداً، فربي هذا ثلاثة أشهر في بيت أبيه،
ولما نبذ اتخذته ابنة فرعون وربَّته لنفسها ابناً،
فتهذب موسى بكل حكمة المصريين وكان مقتدراً في الأقوال والأعمال،
ولما كملت له مدة أربعين سنة خطر على باله أن يفتقد إخوته بني إسرائيل،
واذ رأى واحداً مظلوماً حامى عنه وأنصف المغلوب اذ قتل المصري،
فظن أن إخوته يفهمون أن الإله على يده يُعطيهم نجاة،
وأما هم فلم يفهموا، وفي اليوم الثاني ظهر لهم وهم يتخاصمون فساقهم الى السلامة قائلاً أيها الرجال أنتم إخوة لماذا تظلمون بعضكم بعضاً،
فالذي كان يظلم قريبه دفعه قائلاً من أقامك رئيساً وقاضياً علينا،
أتريد أن تقتلني كما قتلت أمس المصري، فهرب موسى بسبب هذه الكلمة وصار غريباً في أرض مديان حيث ولد ابنين،
ولما كملت أربعون سنة ظهر له ملاك الرب في برية جبل سيناء في لهيب نار عليقة،
فلما رأى موسى ذلك تعجب من المنظر، وفيما هو يتقدم ليتطلع صار إليه صوت الرب، أنا إله آبائك إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب،
فارتعد موسى ولم يجسر أن يتطلع،
فقال له الرب اخلع نعليك لأن الموضع الذي أنت واقف عليه أرض مقدسة، إني لقد رأيت مشقة شعبي الذين في مصر وسمعت أنينهم ونزلت لأُنقذهم، فهلم الآن أُرسلك الى مصر،
هذا موسى الذي أنكروه قائلين من أقامك رئيساً وقاضياً هذا أرسله الإله رئيساً وفادياً بيد الملاك الذي ظهر له في العليقة،
هذا أخرجهم صانعاً عجائب وآيات في أرض مصر وفي البحر الأحمر وفي البرية أربعين سنة،
هذا هو موسى الذي قال لبني إسرائيل نبياً مثلي سيقيم لكم الرب إلهكم من إخوتكم، له تسمعون،
هذا هو الذي كان في الكنيسة في البرية مع الملاك الذي كان يكلمه في جبل سيناء ومع آبائنا،
الذي قبل أقوالاً حيّة ليعطينا إياها، الذي لم يشأ آبائنا أن يكونوا طائعين له، بل دفعوه ورجعوا بقلوبهم إلى مصر قائلين لهارون اعمل لنا آلهة تتقدم أمأمننا، لأن هذا موسى الذي أخرجنا من أرض مصر لا نعلم ماذا أصابه،
فعملوا عجلاً في تلك الأيام وأصعدوا ذبيحة للصنم وفرحوا بأعمال أيديهم، فرجع الإله وأسلمهم ليعبدوا جند السماء،
كما هو مكتوب في كتاب الانبياء،
هل قرّبتم لي ذبائح وقرابين أربعين سنة في البرية يا بيت إسرائيل،
بل حملتم خيمة مولوك ونجم إلهكم رمفان التماثيل التي صنعتموها لتسجدوا لها،
فأنقلكم الى ما وراء بابل،
وأما خيمة الشهادة فكانت مع آبائنا في البرية كما أمر الذي كلم موسى أن يعملها على المثال الذي كان قد رآه،
التي أدخلها أيضاً آباؤنا اذ تخلفوا عليها مع يشوع في مُلك الأمم الذين طردهم الإله من وجه آبائنا الى أيام داوُد الذي وجد نعمة أمام الإله والتمس أن يجد مسكناً لإله يعقوب،
ولكن سليمان بنى له بيتاً،
لكن العليَّ لا يسكن في هياكل مصنوعات الأيادي كما يقول النبي السماء كرسي لي والأرض موطئ لقدمي،
أي بيت تبنون لي يقول الرب وأي هو مكان راحتي، أليست يدي صنعت هذه الأشياء كلها،
يا قساة الرقاب وغير المختونين بالقلوب والآذان أنتم دائماً تقاومون الروح المقدس كما كان آباؤكم كذلك أنتم،
أيُّ الانبياء لم يضطهده آباؤكم وقد قتلوا الذين سبقوا فأنبأوا بمجيء البارّ الذي أنتم الآن صرتم مسلميه وقاتليه،
الذين أخذتم الناموس بترتيب ملائكة ولم تحفظوه. (أعمال الرسل 7: 2-53)
هذا كل ما كتبه لوقا عن خطبة استفانوس شهيد الكنائس الأول، الذي كان مملوءاً بالروح، أي إن الروح المقدس حلّ فيه، كما كان الروح المقدس يسوق لوقا وهو يكتب أعمال الرسل كما تقول الكنائس.
ولكن لو تأملنا في هذه الخطبة وما تحويه من معلومات عن تاريخ بني إسرائيل ونقارنها بما هو مكتوب في العهد القديم هل نستطيع القول ان استفانوس أو لوقا أو حتى الروح المقدس نفسه كانوا على علم بما هو مكتوب في العهد القديم؟!
لنتفحص بعض فقرات هذه الخطبة.
1 - ولم يُعطه فيها ميراثاً ولا وطأة قدم،
يكتب لوقا هذه الفقرة مساقاً بالروح المقدس على لسان استفانوس المملوء بالروح المقدس أيضاً، ولكن ماذا كُتِبَ في سِفر التكوين عن ابراهيم؟
- فسمع إبراهيم لعفرون ووزن إبراهيم لعفرون الفضة التي ذكرها في مسامع بني حِثّ، أربع مئة شاقل فضة جائزة عند التجار،
فوجب حقل عفرون في المكفيلة التي أمام ممرا،
الحقل والمغارة التي فيه وجميع الشجر الذي في الحقل الذي في جميع حدوده وحواليه لإبراهيم مُلكاً لدى عيون بني حِثّ بين جميع الداخلين باب مدينته،
وبعد ذلك دفن إبراهيم سارة امرأته في مغارة المكفيلة أمام ممرا التي هي حبرون في أرض كنعان،
فوجب الحقل والمغارة التي فيه لإبراهيم ملك قبر من عند بني حِثّ. (تكوين 23: 16-20)
كما هو واضح من النص فإن إبراهيم قد اشترى حقلاً بما فيه من شجر والمغارة الموجودة فيه بقيمة أربع مائة شاقل فضة، واستفانوس يقول إن إبراهيم لم يكن له موطئ قدم في أرض كنعان!
فمن نصدق الروح المقدس الذي كان يسوق لوقا والحالّ في استفانوس أم نصدق موسى الذي كلمه الرب مباشرة وكان الرب معه في كل حياته؟
2 - وتكلم الرب هكذا، أن يكون نسله متغرباً في أرض غريبة فيستعبدوه ويسيئوا إليه أربع مئة سنة.
في هذه الفقرة يكتب لوقا على لسان استفانوس أن مدة بقاء بني إسرائيل في مصر كانت أربع مائة سنة لا غير كما هو واضح في النص، ولكن من له أدنى علم بالعهد القديم ودون الحاجة لحلول الروح المقدس فيه يعلم أن هذه المعلومة خاطئة وليست صحيحة! ودون الإطالة في الشرح لنقرأ النص التالي:
- وأما إقامة بني إسرائيل التي أقاموها في مصر فكانت أربع مئة وثلاثين سنة،
وكان عند نهاية أربع مئة وثلاثين سنة في ذلك اليوم عينه أن جميع أجناد الرب خرجت من أرض مصر. (خروج 12: 40-41)
كما هو ملاحظ فإن النص يقول أن بني إسرائيل أقاموا في مصر مدة أربع مئة وثلاثين سنة وهذا يتنناقض مع ما كتبه لوقا في النص، إذ أنه أنقص من المدة ثلاثين سنة، وهذه المدة ليست بالقليلة حتى نغض عنها النظر، إذ أنها تمثل جيلاً كاملاً تقريباً.
وإذا كان المعزي روح الحق، الذي قال يسوع لتلاميذه انه سيرسله لهم ويمكث معهم إلى الأبد ويُخبرهم بالحق كله، قد حلّ في الكنائس، ألم يكن باستطاعة الكنائس تصحيح هذا الخطأ في النص وطباعته مرة ثانية بإضافة الثلاثين سنة المفقودة، والقول إن المعزي روح الحق قد أرشدهم إلى الحق وأنه قال لهم أن يُصححوا هذا الخطأ بدلاً من طباعة الأربع مائة سنة وحدها ليظهر للناس جميعاً هذا التناقض بين ما كتبه لوقا وبين ما هو مكتوب في العهد القديم؟!
أو أن يُصححوا ما هو مكتوب في العهد القديم، باعتبار أن الروح المقدس هو من أرشد استفانوس ولوقا على كتابة الأربع مائة سنة فقط!
3 - فأرسل يوسف واستدعى أباه يعقوب وجميع عشيرته خمسة وسبعون نفساً.
في هذه الفقرة يكتب لوقا على لسان استفانوس أنه قال إن عدد الذين دخلوا مصر من عشيرة يعقوب خمسة وسبعون نفساً، ولكن ماذا كتبت أسفار العهد القديم؟
- جميع النفوس ليعقوب التي أتت إلى مصر الخارجة من صلبه ما عدا نساء بني يعقوب جميع النفوس ست وستون نفساً،
وابنا يوسف اللذين ولدا له في مصر نفسان،
جميع نفوس بيت يعقوب التي جاءت إلى مصر سبعون. (تكوين 46: 23-27)
كما نقرأ فإن الداخلين إلى مصر من عشيرة يعقوب كانوا سبعين شخصاً وهم معروفون بأسمائهم، فمن أين جاء استفانوس أو لوقا أو الروح المقدس بخمسة أشخاص زيادة عما هو مكتوب في سفر التكوين؟
هذا الاختلاف وقع لأن لوقا، أو استفانوس، كان يقتبس من التوراة السبعينية وهذا الأمر سيكون مدار بحث موسع في كتاب مصادر الأناجيل، ومع هذا فالاختلاف بين التوراة العبرية والسبعينية يُشير الى أن التوراة السبعينية هي التي وقعت في الخطأ لأن التوراة العبرية ذكرت سبعين اسماً وقالت إن الداخلين سبعون نفساً في حين أن التوراة السبعينية لم تكن دقيقة في ذكر الأسماء ومن يريد التأكد من هذا الأمر فليرجع للأسماء في النسختين.
4 - فنزل يعقوب إلى مصر ومات هو وآباؤنا، ونقلوا إلى شكيم ووضِعوا في القبر الذي اشتراه إبراهيم بثمن فضة من بني حمور أبي شكيم.
في هذه الفقرات يسوق الروح المقدس لوقا للكتابة على لسان استفانوس الممتلئ بالروح المقدس وكان يعمل المعجزات لليهود وكان ينطق بالحكمة أن بني إسرائيل عند خروجهم من مصر نقلوا جثامين الآباء إلى شكيم ووضعوهم في القبر الذي اشتراه إبراهيم من بني حمور أبي شكيم بثمن فضة!
وهذا النص على قصره يحمل الكثير من الأخطاء التي تؤكد أن الروح المقدس لا علاقة له بما هو مكتوب في أعمال الرسل وكذلك تؤكد أنه لا علاقة له بالرب خالق السموات والأرض ولا بالعهد القديم!
أول تلك الأخطاء وهو ما يُفهم من النص أن يعقوب نُقل مع الآباء ودفن في شكيم، مع أن العهد القديم يقول أن يعقوب دُفن في أرض كنعان في مغارة المكفيلة الموجودة في حبرون التي اشتراها إبراهيم من عفرون الحِثي كما في النص التالي:
- حمله (أي يعقوب) بنوه إلى أرض كنعان ودفنوه في مغارة حقل المكفيلة التي اشتراها إبراهيم مع الحقل مُلكَ قبر من عفرون الحِثي أمام ممرا. (تكوين 50: 13)
في هذا النص يقول موسى، أو كاتب سِفر التكوين، ان يوسف وإخوته بعد أن مات يعقوب قاموا بحمله إلى أرض كنعان ودفنوه في مغارة حقل المكفيلة التي اشتراها إبراهيم مع الحقل مُلك قبر من عفرون الحِثي أمام ممرا، وهذا يتناقض مع ما قاله لوقا على لسان استفانوس من انه بعد أن مات يعقوب والآباء نقلوا إلى شكيم، فيعقوب نُقل إلى أرض كنعان ودُفن في حبرون وليس في شكيم قبل خروج بني إسرائيل من مصر بمئات السنين كما يذكر سفر التكوين!
الخطأ الثاني هو قول لوقا على لسان استفانوس أن الآباء نقلوا ودفنوا في شكيم، لأن أسفار العهد القديم لا تذكر سوى نقل يوسف ودفنه في شكيم، كما في النصين التاليين:
- وقال يوسف لإخوته أنا أموت، ولكن الرب سيفتقدكم ويُصعدكم من هذه الأرض إلى الأرض التي حلف لإبراهيم وإسحاق ويعقوب،
واستحلف يوسف بني إسرائيل قائلاً الرب سيفتقدكم،
فتصعدون عظامي من هنا،
ثم مات يوسف وهو ابن مئة وعشر سنين، فحنطوه ووضع في تابوت في مصر. (تكوين 50: 24-26)
- وعظام يوسف التي أصعدها بنو إسرائيل من مصر دفنوها في شكيم في قطعة الحقل التي اشتراها يعقوب من بني حمور أبي شكيم بمائة قسيطة، فصارت لبني يوسف مُلكاً. (يشوع 24: 32)
كما نقرأ فإن الذي أخذ بني إسرائيل عظامه من مصر هو يوسف وحده في حين أن لوقا يكتب على لسان استفانوس أنهم نقلوا رفات الآباء جميعاً مضافاً إليهم يعقوب إلى شكيم، فهو أضاف في القبر إحدى عشرة جثة دون وجه حق، ونقل جثمان يعقوب من مغارة حقل المكفيلة إلى مغارة شكيم!
الخطأ الثالث وهو قول لوقا الذي كتبه على لسان استفانوس ان إبراهيم هو الذي اشترى القبر الموجود في شكيم بفضة وهذا القول خطأ، لأن من اشترى القبر الذي في شكيم هو يعقوب وليس إبراهيم كما في النص التالي:
- ثم أتى يعقوب سالماً إلى مدينة شكيم التي في أرض كنعان، حين جاء من فدّان أرام، ونزل أمام المدينة وابتاع قطعة الحقل التي نصب فيها خيمته من يد بني حمور أبي شكيم بمائة قسيطة،
وأقام هناك مذبحاً ودعاه ايل إله إسرائيل. (تكوين 33: 18-20)
فكما هو مكتوب فإن يعقوب وليس إبراهيم هو من اشترى الحقل الذي في مدينة شكيم!
فمن الذي أخبر لوقا واستفانوس والروح المقدس ان الذي اشترى حقل شكيم إبراهيم وليس يعقوب؟!
وأخيراً فلوقا كتب على لسان استفانوس أن إبراهيم اشترى القبر الذي في شكيم على الرغم من عدم صحته، إلا انه يشير إلى أن إبراهيم كان له مُلك أكبر من موطئ قدم في أرض كنعان، في حين أنه قال سابقاً أن الرب لم يُعط إبراهيم في أرض كنعان موطئ قدم!
5 - وإذ رأى واحداً مظلوماً حامى عنه وأنصف المغلوب إذ قتل المصري،
فظن أن إخوته يفهمون أن الإله على يده يُعطيهم نجاة، وأما هم فلم يفهموا.
في هذه الفقرات يكتب لوقا على لسان استفانوس قوله ان موسى ظن أن الرجال الاسرائليين الذين كانوا يتشاجرون مع المصري سيفهمون أن الرب على يده يعطيهم نجاة، وأما هم فلم يفهموا!
وكيف سيفهمون إذا كان موسى نفسه في هذا المكان والزمان لا يعرف أن الرب سيُعطي بني إسرائيل النجاة على يديه، لأن موسى في هذا الوقت لم يكن الرب قد أرسله وكلمه عن خلاص بني إسرائيل بعد، فموسى كما كتب لوقا نفسه في هذا النص كان عمره أربعين سنة وبعد هذه الحادثة يهرب إلى مديان ويمكث هناك أربعين سنة أُخرى ومن ثم يذهب إلى جبل حوريب في سيناء فيكلمه الرب هناك ويُرسله لتخليص بني إسرائيل من سيطرة فرعون مصر وهذا أيضاً بحسب ما كتب لوقا في النص أو بحسب ما قاله استفانوس.
فكيف سيفهم إخوة موسى ان الرب على يده يعطيهم نجاة، إذا كان موسى نفسه لم يكن يفهم ولا يعرف أن الرب سيعطيهم نجاة على يده، لأن الرب بعد أربعين سنة سيُظهر لموسى هذه الحقيقة؟
6 - هذا هو موسى الذي قال لبني إسرائيل نبياً مثلي سيقيم لكم الرب إلهكم من إخوتكم، له تسمعون.
في هذه الفقرة يكتب لوقا على لسان استفانوس قوله إن موسى قال لبني إسرائيل إن الرب سيقيم لهم نبياً من إخوتهم وطلب منهم أن يسمعوا له، وهنا وبعيداً عن الحديث عمن هم إخوة بني إسرائيل، أقول إن استفانوس تحدث عن نبي مثل موسى سيقيمه لهم الرب وهنا يقصد به يسوع.
أي إن استفانوس مملوء بالروح المقدس كان يؤمن أن يسوع نبي مثل موسى، وهذا ما وافقه عليه لوقا عندما كتبه مساقاً بالروح المقدس أيضاً.
فهل تعيد الكنائس كتابة قوانين إيمانها وتقول كما قال الروح المقدس وموسى ولوقا واستفانوس ان يسوع هو نبي من إخوة بني إسرائيل؟!
وأخيراً إذا كانت الكنائس تعتبر أن استفانوس شهيدها الأول وهو الذي يقول إن يسوع كان نبياً وان موسى تنبأ عنه باعتباره نبياً فهل توافق الكنائس على إثبات الخلاص لمن يقول ان يسوع كان نبياً كما قال استفانوس المملوء بالروح المقدس وكما كتب لوقا مساقاً بالروح المقدس وكما تنبأ موسى في أسفاره بأن يسوع نبي، وأنه لا علاقة ليسوع بقصة الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد ومن نفس الجوهر لا من قريب ولا من بعيد؟!
7 - لكن العلي لا يسكن في هياكل مصنوعات الأيادي كما يقول النبي السماء كرسي لي والأرض موطئ لقدمي، أي بيت تبنون لي يقول الرب وأي هو مكان راحتي، أليست يدي صنعت هذه الأشياء كلها.
هذه الفقرات تعتبر استكمالاً للفقرة السابقة إذ نقرأ فيها ان استفانوس كما كتب لوقا يقول ان الرب لا يسكن في هياكل وأنه عز وجل هو من خلق السموات والأرض وما فيهن، ويسوع الجسد مخلوق فكيف تقول الكنائس ان الرب سكن وحلّ في هذا الجسد المخلوق، سبحانه وتعالى عما يصفون ويشركون؟!
8 - يا قساة الرقاب وغير المختونين بالقلوب والآذان أنتم دائماً تقاومون الروح المقدس كما كان آباؤكم كذلك أنتم، أيُّ الأنبياء لم يضطهده آباؤكم وقد قتلوا الذين سبقوا فأنبئوا بمجيء البارّ الذي أنتم الآن صرتم مُسلّميه وقاتليه.
في هذه الفقرات يُعيدنا لوقا إلى أمر كنا قد تحدثنا عنه كثيراً وهو قلة علم كتبة الأناجيل والروح المقدس الذي يسوقهم بأسفار العهد القديم!
فهو يكتب على لسان استفانوس شهيد الكنائس الأول فيقول إن اليهود قتلوا الأنبياء الذين تنبؤوا عن يسوع وهذا القول لا يدل على علم استفانوس ولا لوقا ولا حتى الروح المقدس الذي نطق بهذا الكلام على لسان استفانوس ووافق لوقا على كتابته!
لأن الجميع يعلم أن كتبة الأناجيل قد استشهدوا بعشرات النصوص من مزامير داوُد وقالوا أنها تتنبأ عن يسوع، والجميع يعلم كذلك ان اليهود لم يقتلوا داوُد بل مات على فراشه وحكم مدة أربعين سنة.
والرجل الثاني الذي أخذ كتبة الأناجيل من نصوص كتابه وقالوا أنها تتنبأ عن يسوع هو إشعياء ولم يقتله اليهود بل مات موتاً طبيعياً.
وموسى الذي كتب لوقا على لسان استفانوس انه تنبأ عن يسوع أنه نبي هو أيضاً مات موتاً طبيعياً ولم يقتله اليهود.
وسليمان كذلك لم يقتله اليهود، وغيرهم من الأنبياء الذين لهم أسفاراً في العهد القديم لم يقتلهم اليهود بل ماتوا موتاً طبيعياً!
إن الإشكال الذي أوقع استفانوس ولوقا والروح المقدس معهما في هذا الخطأ هو كثرة الأنبياء الذين قتلهم اليهود كما تذكر أسفار العهد القديم! ولكن كثرة قتل اليهود للأنبياء لا يعني إنهم قتلوا الأنبياء الذين لهم أسفاراً في العهد القديم كما فَهِمَ استفانوس وكتب لوقا ووافقهما الروح المقدس.
ثم بعد هذه الخطبة المليئة بالأخطاء التاريخية والتي تظهر بشكل لا غموض فيه أنها كتبت بعيداً عن العلم بأسفار العهد القديم فضلاً عن كتابتها بسوق الروح المقدس أو أن الروح المقدس هو من تكلم بها على لسان استفانوس، إلا إذا قالت الكنائس أن الروح المقدس يمكن أن يجهل الكثير مما في العهد القديم!
بهذا نكون قد استعرضنا معظم نصوص الأناجيل التي تحدثت عن الروح المقدس وصفاته واعماله وهي من الوضوح بحيث يدرك كل انسان انه لا يحمل أية صفات إلهية.
والقول ان بعض المخلوقات ليست مشاركة للرب في صفاته لا يكفي لنفي ونقض كلام من يؤمن بان تلك المخلوقات آلهة، فلا بد ان يُظهر الرب ذلك بشكل واضح لا يخفى على أحد، ومن أهم ما يُظهر الرب به كذب من يدّعي أنه يوجد مع الرب آلهة أُخرى هو إظهار كذب هذه الآلهة المزعومة كما في النصين التاليين:
- وأما النبي الذي يُطغي فيتكلم باسمي كلاماً لم أُوصه أن يتكلم به،
أو الذي يتكلم باسم آلهة أُخرى فيموت ذلك النبي،
وان قلتَ في قلبك كيف نعرف الكلام الذي لم يتكلم به الرب،
فما تكلم به النبي باسم الرب ولم يحدث ولم يَصِر فهو الكلام الذي لم يتكلم به الرب،
بل بطغيان تكلم به النبي فلا تخف منه. (تثنية 18: 15-22)
قدموا دعواكم يقول الرب،
احضروا حججكم يقول ملك يعقوب،
ليقدموها ويخبرونا بما سيعرض،
ما هي الأوليات،
اخبروا فنجعل عليها قلوبنا ونعرف آخرتها،
أو أعلمونا المستقبلات،
أخبروا بالآتيات فيما بعد،
فنعرف انكم آلهة،
وافعلوا خيراً أو شرّاً فنلتفت وننظر معاً،
ها انتم من لا شيء وعملكم من العدم،
رجسٌ هو الذي يختاركم. (إشعياء 41: 21-24)
في هذين النصين يقول الرب إن من أهم علامات صدق من يقول انه إله مع الرب أو انه نبي هو صدق كلامه، وخاصة كلامه عن الأمور التي ستقع في المستقبل، أي النبوءات، وفي حالة الروح المقدس وأقانيم الكنائس استطيع القول وفي الماضي أيضاً والحاضر!
في قصة استفانوس ظهر لنا بعض الأخطاء فهل هذه هي الأخطاء الوحيدة التي ذكرها كتبة الأناجيل مسوقين بالروح المقدس؟
في الصفحات التالية سأذكر بعض النصوص التي أخطأ فيها الروح المقدس الذي تقول الكنائس أنه كان يسوق كتبة الأناجيل والتي لا يستطيع احد ان يبررها ويقول انها ليست أخطاء.
أخطاء الروح المقدس
1 - فيلبس وجد نثنائيل وقال له وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والانبياء يسوع ابن يوسف الذي من الناصرة. (يوحنا 1: 45)
في هذا النص يكتب يوحنا مُساقاً بالروح المقدس في انجيله ان موسى والأنبياء كتبوا يسوع ابن يوسف الذي من الناصرة!
فأين وجد الروح المقدس في العهد القديم هذا الكلام عن يسوع ابن يوسف الذي من الناصرة، والعهد القديم بين أيدينا والكنائس تعلم جيداً ان هذا النص ليس مكتوباً فيه؟!
وهل حقاً يؤمن الروح المقدس ان يسوع هو ابن يوسف؟
واذا كان يسوع ابن يوسف حقاً فما هي قصة ولادة مريم ليسوع من غير رجل طالما انه ابن يوسف الذي من الناصرة؟!
2 - وأتى وسكن في مدينة يقال لها ناصرة،
لكي يتم ما قيل بالأنبياء انه سيدعى ناصريا. (متّى 2: 23)
هنا يكتب متّى مساقاً بالروح المقدس انه مكتوب عن يسوع في العهد القديم ان يسوع سيدعى ناصرياً لأنه سَيَسْكن في مدينة الناصرة، فأين قرأ الروح المقدس في العهد القديم هذا الكلام؟!
وهل تستطيع الكنائس المختلفة ان تدلنا أين كُتِبَ هذا الكلام في العهد القديم؟
3 - حينئذ لمّا رأى يهوذا الذي أسلمه أنه قد دين ندم وردّ الثلاثين من الفضة إلى رؤساء الكهنة قائلا قد أخطأت إذ سلّمت دماً بريئاً،
فقالوا ماذا علينا، أنت أبصر،
فطرح الفضة في الهيكل وانصرف، ثم مضى وخنق نفسه،
فأخذ رؤساء الكهنة الفضة وقالوا لا يحلّ أن نلقيها في الخزانة لأنها ثمن دم، فتشاوروا واشتروا بها حقل الفخاريّ مقبرة للغرباء،
لهذا سمي ذلك الحقل حقل الدم إلى هذا اليوم،
حينئذ تمّ ما قيل بإرميا وأخذوا الثلاثين من الفضة ثمن المثمن الذي ثمنوه بني إسرائيل وأعطوها عن حقل الفخاري كما أمرني الرب. (متّى 27: 9-10)
في هذا النص يقول متّى مُساقاً بالروح المقدس ان قصة الثلاثين من الفضة مذكورة في سفر إرميا مع انها مكتوبة في سفر زكريا وليس في سفر إرميا كما تعلم الكنائس كلها، فكيف يخفى هذا الأمر عن الروح المقدس؟!
والنص المذكور في سفر زكريا كما يلي:
- فقلت لهم ان حسن في أعينكم فأعطوني أُجرتي، وإلا فامتنعوا،
فوزنوا أُجرتي ثلاثين من الفضة. (زكريا 11: 12)
فماذا ستقول الكنائس لأتباعها الطيبين عن الروح المقدس الذي لا يستطيع ان يُفرّق بين سفر زكريا وسفر إرميا؟!
وهل من صفات آلهة الكنائس ان لا تفرق بين أسفار العهد القديم؟
فإذا كانت هذه الآلهة المتحدة في جوهرها لا تستطيع أن تفرق بين أسفار العهد القديم فبالتأكيد ليست هي من أوحى بها، وهذا ما أقوله دائماً من ان الكنائس المختلفة تستطيع ان تقول وان تؤمن بما تشاء ولكنها بالتأكيد لا تتحدث عن الرب خالق السموات والأرض الإله الواحد الذي ليس معه إله ولا دونه إله.
4 - لكي يأتي عليكم كل دم زكي سفك على الأرض من دم هابيل الصديق إلى دم زكريا بن برخيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح،
الحق أقول لكم إن هذا كله يأتي على هذا الجيل. (متّى 23: 35-36) 
في هذا النص يقول متّى مُساقاً بالروح المقدس ان الذي قتله اليهود بين الهيكل والمذبح هو زكريا بن برخيا، وهذا خطأ لأن الصحيح هو زكريا بن يهوياداع كما في النص التالي:
- ولبس روح الإله زكريا بن يهوياداع الكاهن،
فوقف فوق الشعب وقال لهم هكذا يقول الإله لماذا تتعدون وصايا الرب فلا تفلحون،
لأنكم تركتم الرب قد ترككم،
ففتنوا عليه ورجموه بحجارة بأمر الملك في دار بيت الرب،
ولم يذكر يوآش الملك المعروف الذي عمله يهوياداع أبوه معه بل قتل ابنه،
وعند موته قال الرب ينظر ويطالب. (الايام الثاني 24: 22)
فكيف لا يستطيع الروح المقدس ان يُميّز بين زكريا بن برخيا النبي الذي كان في زمن العودة من سبي بابل وبين زكريا بن يهوياداع الكاهن الذي كان في زمن الملك يوآش؟
ان التفريق بينهما لا يحتاج الى جوهر إلهي ولا الى وحدة بين الاقانيم، وانما يحتاج فقط الى قراءة متأنية للعهد القديم، وهذا الخطأ وغيره يدل بشكل واضح على ان الروح المقدس الذي كان يسوق كتبة الأناجيل ليس عنده علم جيد بما هو مكتوب في العهد القديم، فكيف يكون إلها مع الرب خالق السموات والأرض؟! سبحانه وتعالى عما يصفون ويشركون.
5 - فقال لهم أما قرأتم قط ما فعله داوُد حين احتاج وجاع هو والذين معه،
كيف دخل بيت الرب في أيام أبيأثار رئيس الكهنة وأكل خبز التقدمة الذي لا يحل أكله إلا للكهنة،
وأعطى الذين كانوا معه أيضاً. (مرقس 2: 25-26)
في هذا النص يكتب مرقس وهو واثق من الروح المقدس الذي يسوقه ان داوُد أكل هو والذين معه من خبز التقدمة في أيام أبيأثار رئيس الكهنة، ويقول لليهود أما قرأتم هذا قط، ولست أدري ما هو جواب اليهود له؟
ولكنني أقول له انني قرأت هذا المكتوب وهو يُظهر بكل وضوح خطأ الروح المقدس في الحديث عن مجريات القصة فداوُد قام بهذا العمل ولم يكن معه أحد، كما ان هذا الأمر حدث في أيام أخيمالك الكاهن وليس أبيأثار كما كتب مرقس مساقاً بالروح المقدس!
وفيما يلي النص الذي يتحدث عن هذه القصة التي لم يستطع الروح المقدس ان يتذكر اسم الكاهن ولم يعرف ان داوُد كان وحده ولم يكن معه أحد:
- فجاء داوُد الى نوب الى أخيمالك الكاهن،
فاضطرب أخيمالك عند لقاء داوُد وقال له لماذا أنت وحدك وليس معك أحد. (صموئيل الاول 21: 1)
فماذا ستجيب الكنائس عن هذه الأخطاء التي يكتبها كتبة الأناجيل وهم مساقين بالروح المقدس، أحد الاقانيم الثلاثة الذين تتوجه لهم بالعبادة والخضوع، الذين تقول عنهم أنهم واحد ومن نفس الجوهر؟!
6 - وبالحق أقول لكم إن أرامل كثيرة كنّ في إسرائيل في أيام إيليا أُغلقت السماء مدة ثلاث سنين وستة أشهر لما كان جوع عظيم في الأرض كلها. (لوقا 4: 25)
في هذا النص يكتب لوقا مساقاً بالروح المقدس أن السماء في أيام إيليا أُغلقت ثلاث سنوات وستة أشهر وهذه المدة خطأ، لان المدة المذكورة كانت سنتان وبضعة أشهر لأنه في السنة الثالثة نزل المطر، فكيف خفي على الروح المقدس هذا الاختلاف؟
- وقال إيليا التشبي من مستوطني جلعاد لأخآب حيّ هو الرب اله إسرائيل الذي وقفت أمامه انه لا يكون طلّ ولا مطر في هذه السنين إلا عند قولي. (الملوك الاول 17: 1)
- وبعد أيام كثيرة كان كلام الرب إلى إيليا في السنة الثالثة قائلاً اذهب وتراء لأخآب فأُعطي مطراً على وجه الأرض. (الملوك الاول 18: 1)
في هذين النصين نقرأ أن الماء انقطع إلى السنة الثالثة التي فيها كلم الرب إيليا وقال انه سينزل المطر، أي إن الماء انقطع سنتين وبضعة أشهر وحتى لو كان في آخر يوم من السنة الثالثة فان الروح المقدس يكون قد زاد ستة أشهر لم يتحدث عنها العهد القديم، فكيف ستقنع الكنائس المختلفة أتباعها الطيبين بان الروح المقدس يحمل صفات إلهية؟! نعم قد يكون الروح المقدس من ذات جوهر يسوع وأبيه ولكنهم جميعاً بالتأكيد لا يحملون صفات الرب الواحد خالق السموات والأرض الذي ليس معه إله وليس دونه إله ولا يشبهه شيء من مخلوقاته ولا يساويه أحد في صفاته سبحانه وتعالى عما يصفون ويشركون.
واختم الحديث عن أخطاء الروح المقدس بنص من رؤيا يوحنا اللاهوتي، وهي بهذا تكون سبعة أخطاء، وللرقم سبعة مكانة عظيمة عند الكنائس فهو رقم الكمال كما تقول، ولأجلهم سأكتفي بسبعة أخطاء للروح المقدس في هذا المقام.
7 - وسمعت عدد المختومين مئة وأربعة وأربعين ألفاً،
مختومين من كل سبط من بني إسرائيل،
من سبط يهوذا اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط رأؤبين اثنا عشر ألف محتوم،
من سبط جاد اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط أشير اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط نفتالي اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط منسّى اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط شمعون اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط لاوي اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط يساكر اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط زبلون اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط يوسف اثنا عشر ألف مختوم،
من سبط بنيامين اثنا عشر ألف مختوم. (رؤيا يوحنا 7: 4-8)
في هذا النص يكتب يوحنا في رؤياه مساقاً بالروح المقدس ان عدد المختومين من بني إسرائيل مائة وأربعة وأربعين ألفاً، ثم يبدأ بذكر أسباط بني إسرائيل وانه من كل سبط سيختم اثنا عشر ألف.
ولكن لو أراد الروح المقدس ان نصدقه فيما أرشد إليه يوحنا في كتاب الرؤيا ألا يجب أن يكون ما ذكره صحيحاً في هذا الأمر؟
إن من يقرأ هذه الأسماء بدقة سيصاب بدهشة تفوق الدهشة التي أصابته عند قراءته للنصوص السابقة، فهنا ينسى الروح المقدس ذكر سبط من أسباط بني إسرائيل وهو سبط دان، ثم نجده يذكر سبط منّسى وسبط يوسف، وينسى أيضاً أن يذكر سبط أفرايم!
فكيف وقع الروح المقدس في هذا الخطأ الظاهر؟
إن الذي أوقع يوحنا الذي كان يسوقه الروح المقدس في هذا الخطأ هو انه كتب أسماء الأسباط من ذاكرته ولم يرجع الى العهد القديم ليقرأ حقيقة أسماء الأسباط!
فهو ذكر سبط يوسف ولو كنا سنجاريه على هذا الاسم باعتبار انه يتحدث عن أبناء يعقوب، فلماذا ذكر مع يوسف سبط منسّى وهو ابن يوسف، ونسي أن يذكر اسم أفرايم الذي هو ابن يوسف أيضاً؟!
إن كثرة الحديث عن أسباط إسرائيل الاثني عشر تجعل كثير من الناس يظنون ان هؤلاء هم الأسباط فقط، ولكن الحقيقة ان العهد القديم عندما يتحدث عن الاثني عشر فانه يتحدث عن الأسباط الذين قسمت عليهم الأرض المقدسة، وهم الأسباط العشرة ويضاف لهم ابنا يوسف أفرايم ومنسّى اللذين اعتبرهما يعقوب سبطين مستقلين ويأخذان حصتين في الأرض عند تقسيمها، ومن هنا فهم اثنا عشر ولا يدخل معهم سبط لاوي، لان هذا السبط قد أخذه الرب لنفسه ليخدم في الكهانة ورعاية المقدسات، ويكون لهم التقدمات، وهم أيضاً أخذهم الرب بدل أبكار إسرائيل بعد خروجهم من مصر، فاذا جمعنا عدد الاسباط يصبح ثلاثة عشر سبطاً وليس اثني عشر كما يظن الكثير من الناس وكما ظن الروح المقدس وهو يسوق يوحنا لكتابة رؤيته!
فمن هنا أجد ان الروح المقدس وقع في الخطأ عندما ظن أن الأسباط هم اثنا عشر سبطاً، وليته عد أسمائهم بشكل صحيح لكان له عذر بالقول انه يتحدث عن أولاد يعقوب وليس عن الأسباط كقبائل، فنجده قد قام بحذف سبط دان وأضاف سبط منسّى بن يوسف ولم يكتب أفرايم بن يوسف!
وفيما يلي النصوص التي توضح هذا الأمر:
- والآن ابناك المولودان لك في أرض مصر قبلما أتيت إليك إلى مصر هما لي،
أفرايم ومنسّى كرأوبين وشمعون يكونان لي،
وأما أولادك الذين تلد بعدهما فيكونون لك،
على اسم أخويهم يسمون في نصيبهم. (تكوين 48: 5-6)
- وتفرز اللاويين من بين بني إسرائيل،
فيكون اللاويون لي،
وبعد ذلك يأتي اللاويون ليخدموا خيمة الاجتماع فتطهرهم وترددهم ترديداً،
لأنهم موهوبون لي هبة من بين بني إسرائيل بدل كل فاتح رحم بكر من بني إسرائيل قد اتخذتهم لي، لأن لي كل بكر في بني إسرائيل من الناس ومن البهائم يوم ضربت كل بكر في أرض مصر قدستهم لي،
فاتخذت اللاويين بدل كل بكر في إسرائيل. (عدد 8: 14-18)
وفي سفر يشوع من الإصحاح الثالث عشر إلى الإصحاح الثاني والعشرين حديث طويل عن تقسيم الأرض المقدسة تثبت ما قلته عن الأسباط وسأقتطف منها بعض الفقرات.
ولكن لسبط لاوي لم يعط نصيباً،
وقائد الرب إله إسرائيل هي نصيبه كما كلمه. (يشوع 13: 14)
- وأعطى موسى لنصف سبط منسّى. (يشوع 13: 29)
وأما سبط لاوي فلم يعطه موسى نصيباً، إله إسرائيل هو نصيبهم كما كلمهم. (يشوع 13: 33)
- نصيبهم بالقرعة كما أمر الرب عن يد موسى للتسعة أسباط ونصف السبط، لان موسى أعطى نصيب السبطين ونصف السبط في عبر الأردن،
وأما اللاويين فلم يعطهم نصيباً في وسطهم،
لأن بني يوسف كانوا سبطين منسّى وأفرايم،
ولم يعطوا اللاويين قسماً في الأرض. (يشوع 14: 2-4)
بعد هذا الاستعراض للنصوص التي تحدثت عن روح الرب في العهد القديم والروح المقدس في العهد الجديد والتي خلت من أي إشارة إلى صفات إلهية تؤهله ليكون إلهاً مع الرب وشريكاً له، مع خلوها من أي تصريح بإلوهيته سواء مباشرة أو تلميحاً، نجد ان الكنائس المختلفة في أيامنا هذه قد اتفقت على القول بإلوهيته مع الرب سبحانه وتعالى عما يشركون ويصفون، وقالت بناء على بعض النصوص السابقة ان الروح المقدس يحلّ في أتباعها عند التعميد ولم يُثر انتباهها تلك الأخطاء التي كتبها الروح المقدس في العهد الجديد عموماً والأناجيل خصوصاً، كما لم يُثر اهتمامها مخالفتها لمئات النصوص المذكورة في العهد القديم التي تتحدث عن الرب ووحدانيته وعدم وجود شريك له وآلهة معه، وفي ختام الحديث عن شخصية الروح المقدس استطيع ان اردد القول الذي قاله يوحنا المعمدان في انجيل يوحنا فأقول:
لأنه ليس بكيل يُعطي الرب الروح. (يوحنا 3: 34)
فالرب لا يُعطي الروح بكيل ولا بطنجرة، بل لا بد لمن يريد ان يتلقى روح الرب ان يكون عاملاً بوصاياه والتي أعظمها وحدانيته وعبادته وحده، فهو الرب الذي ليس معه إله وليس دونه إله، الذي لا تسعه السموات ولا سماء السموات، ولا يَقوَ عليه انسان، ولا يسكن على الأرض، فكيف يسكن في حمامة أو في بطن امرأة، أو يقدر عليه انسان، أو يُخطئ ويكذب؟ فلا يعرف ما هو موجود في العهد القديم من قصص وغيرها من الأمور التي قرأناها سابقاً، سواء عن الابن أو الأب أو الروح المقدس. إن هذه الشخصيات هي بالتأكيد لا علاقة لها بالرب خالق السموات والأرض إلا كعلاقة باقي المخلوقات بخالقها من خضوع واستسلام وعبودية. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق