الخميس، 11 مارس 2010

الفصل الاول شخصية يسوع: القسم الثاني: صفات يسوع البشرية: هل ولادة يسوع ونسبه وختانه وتعميد يوحنا المعمدان له وتجريب الشيطان له ونومه وتعبه وجوعه وأكله وعطشه وشربه وخوفه واختفائه وعدم علمه بالغيب واضطراب نفسيته وأنينه وتنهده وبكائه وانتهاره وركوبه على الدواب وعدم اعلانه عن سلطانه وتناقض أفعاله وأقواله وصلبه وموته وقيامته من الاموات تشير الى أنه إله؟

الفصل الأول شخصية يسوعالقسم الثانيصفات يسوع البشرية
يسوع المسيح هو الشخصية المركزية التي قام عليها إيمان الكنائس المختلفة، وهو في ذات الوقت الشخصية الأكثر إثارة للاختلاف والجدل بين الكنائس المختلفة، وبينها وبين باقي البشر من ناحية أُخرى، إنْ من ناحية صفاته أو من ناحية أفعاله، ولهذا فقد استحوذ على آلاف الدراسات، وعقدت من أجله عشرات المجامع الكنسية، التي في العادة ما تخرج في كل مرة بشيء جديد ومثير للجدل والمناقشات، فمنذ ارتفاعه ومروراً بمجمع نيقية سنة 325 إلى يومنا هذا والبشرية تبحث عن حقيقة يسوع، والسبب في ذلك هو ما يقال عنه من صفات وما ينسب له من أفعال وأقوال.
فيسوع كما تقول الكنائس يحمل صفات إلهية أهلته لان تقوم الكنائس بعبادته والخضوع له بالصلاة والتقدمات والتضرعات، وقالت جميع الكنائس المختلفة في عصرنا هذا انه جزء من الثالوث الذي تعبده، وقالت عنهم إنهم واحد ومن نفس الجوهر، لا بل في الحقيقة لقد تمّت صياغة الثالوث بناء على شخصيته، لان العهد القديم لم يتحدث سوى عن رب واحد وإله واحد خالق السموات والأرض.
وفي هذا القسم سأقوم بدراسة النصوص التي تحدثت عن يسوع في الأناجيل لنرى حقيقة هذه الصفات الإلهية التي تقول الكنائس المختلفة انه يتصف بها وحقيقة ما يُنسب له في قوانين إيمان الكنائس المختلفة من صفات في ضوء ما ذكرت الأناجيل والعهد القديم من صفات للرب خالق السموات والأرض.
ان ازدواجية شخصية يسوع في الأناجيل، بمعنى انه إنسان وإله في نفس الوقت، كانت السبب الرئيس في خلق حالة الاختلاف حوله، وخاصة أن العهد القديم لا يتحدث إلا عن إله حق واحد هو الرب خالق السموات والأرض الذي ليس معه إله وليس دونه إله، كما ان الكون وما نجد فيه من تناسق ووحدة ونظام يدل أيضاً على وحدانية خالقه وصانعه، إذ لو كان هناك أكثر من خالق لظهر هذا الأمر في عالمنا المادي، فعدم وجود أي اختلاف في نظام وخلق هذا العالم يعتبر أكبر دليل على انه لا يوجد سوى خالق واحد، فقول الكنائس عن يسوع انه إله من خلال تفسيرها لبعض نصوص العهد القديم والعهد الجديد يوجب علينا إعادة دراسة هذه النصوص لنرى حقيقتها، ومن ثم الحكم على تلك التفسيرات إن كانت صحيحة أم لا.
وما يهم في هذه الدراسة هو النصوص التي فهمت منها الكنائس وفسرتها على أنها صفات إلهية كان يتمتع بها يسوع مما استوجب على الكنائس أن تعبده وتدعو الناس لعبادته، فهذه الدراسة لن تبحث في سيرة حياته كما هي مكتوبة في الأناجيل فهذا الأمر كنت قد قمت بدراسته في كتاب يسوع بن يوسف النجار أسئلة حائرة.
صفات يسوع البشرية
تتحدث الأناجيل عن يسوع من وقت حَبل أُمه السيدة مريم به الى ارتفاعه الى السماء، وفي هذا القسم سندرس الصفات التي كان يتمتع بها ومقارنتها بصفات الرب في العهد القديم لنرى إن كانت هذه الصفات تشير إلى أًلوهيته، أم أنها تتناقض مع صفات الرب مما يدل على انه ليس كما تقول عنه قوانين إيمان الكنائس المختلفة من  انه إله وابن إله.

نسب يسوع

كتب متّى ولوقا في إنجيليهما نسبين مختلفين ليسوع كما في النصين التاليين:
كتاب ميلاد يسوع ابن داوُد ابن إبراهيم. (متّى 1: 1)
ثم قام متّى بذكر أسماء رجال من إبراهيم إلى يوسف رجل مريم التي ولد منها يسوع الذي يُدعى المسيح.
ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة وهو على ما كان يظن ابن يوسف بن هالي. (لوقا 3: 23)
ثم قام لوقا بذكر أسماء من هالي إلى آدم، وكنت قد بينت في كتاب يسوع بن يوسف النجار أسئلة حائرة ما في هذين النسبين من أخطاء، ومنها قول متّى أن بين إبراهيم وداوُد أربعة عشر جيلاً وبين داوُد وسبي بابل أربعة عشر جيلاُ وبين سبي بابل ويوسف النجار أربعة عشر جيلاً فالمجموع اثنان وأربعون جيلاً ولكن لو قمنا بعدّ أسماء النسب لوجدناها أربعين اسماً فقط، وهذا العدد لا يخرج منه اثنين وأربعين جيلاً وإذا أضفنا اسم يسوع فيصبح العدد واحد وأربعون اسماً وهو أيضاً لا يخرج منه اثنين واربعين جيلاً، كما نجد أن متّى قام بحذف خمسة أسماء من نسب العهد القديم، وكذلك قال ان زربابل ولد بعد سبي بابل في حين أن العهد القديم يقول أنه هو من قاد الراجعين من السبي الى الأرض المقدسة، هذه الأخطاء وغيرها نجدها في نسب متّى، وأما لوقا فقد أضاف في نسبه بعض الرجال الذين لم يتحدث عنهم العهد القديم مطلقاً، لأنه نسب يسوع الى ناثان بن داوُد ونسله، في حين أن متّى نسبه الى سليمان وأبنائه، وكما بينت في ذلك الكتاب ان الذي دفع لوقا لكتابة نسبه بهذا الشكل هو وجود نبوءة في العهد القديم تعلن نهاية النسل الملكي لسليمان ونهاية جلوسهم على كرسي داوُد كما في النصوص التالية:
- لذلك هكذا قال الرب عن يهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا، لا يندبونه قائلين آه يا أخي أو آه يا أُخت،
لا يندبونه قائلين آه يا سيد أو آه يا جلاله،
يُدفن دفن حمار مسحوباً ومطروحاً بعيداً عن أُورشليم. (إرميا 22: 18-19)
- حيّ أنا، يقول الرب ولو كان كنياهو بن يهوياقيم ملك يهوذا خاتماً في يدي اليمنى فاني من هناك أنزعك، وأُسلمك ليد طالبي نفسك ولِيَد الذين تخاف منهم وليد نبوخذ راصر ملك بابل وليد الكلدانيين،
وأطرحك وأُمك التي ولدتك إلى أرض أُخرى لم تولد فيها وهناك تموتان، هل هذا الرجل كنياهو وعاء خزف مُهان ومكسور أو إناء ليست فيه مسرّة،
لماذا طرح هو ونسله وأُلقوا إلى أرض لم يعرفوها،
يا أرض يا أرض اسمعي كلمة الرب،
هكذا قال الرب اكتبوا هذا الرجل عقيماً،
رجلاً لا ينجح في أيامه لأنه لا ينجح من نسله أحد جالساً على كرسي داوُد وحاكماً بعد في يهوذا. (إرميا 22: 24-30)
- لذلك هكذا قال الرب عن يهوياقيم ملك يهوذا،
لا يكون له جالس على كرسي داوُد وتكون جثته مطروحة للحرّ نهاراً وللبرد ليلاً،
وأُعاقبه ونسله وعبيده على إثمهم وأجلب عليهم وعلى سكان أُورشليم وعلى رجال يهوذا كل الشرّ الذي كلمتهم عنه ولم يسمعوا. (إرميا 36: 30-31)
فهذه النصوص دفعت لوقا لكتابة نسبه بعيداً عن نسل سليمان وليس كما فعل متّى، ومن غرائب نسب لوقا قوله في بداية نسبه عن يسوع ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة، وهو على ما كان يُظن ابن يوسف ابن هالي ابن متثان، فهو يظن ظناً أن يسوع ابن يوسف النجار ولا يعلم حقيقة إن كان يسوع ابن يوسف أم لا! وليت كتبة الأناجيل كتبوا نسباً ليسوع من جهة السيدة مريم لكان أقرب للصواب بدلاً من أن ينسبوه إلى يوسف النجار سواء عن طريق النسل الملكي الذي حُرم من المُلك أو من جهة ناثان بن داوُد ثم يقول لنا لوقا أن هذا ما كان يُظن أنه ابن يوسف، ومع كل هذه التناقضات والأخطاء إلا أن ما يهم هنا هو هل كان يسوع الكلمة المتجسدة والمتأنسة أو ابن الإله أو أحد الآلهة الثلاث بحاجة الى نسب بشري؟!
إن الرب في العهد القديم قال لموسى عندما سأله عن اسمه:
- فإذا قالوا لي ما اسمه فماذا أقول لهم،
فقال الرب لموسى أهيه الذي أهيه، وقال هكذا تقول لبني إسرائيل أهيه أرسلني اليكم. (خروج 3: 13-14)
ومعنى أهيه كما في النسخة الانجليزية أنا، أي إن الرب لا يحتاج إلى نسب بشري ليُعرف، فأعماله وصفاته تدل عليه، فهل صفات وأعمال يسوع تدل عليه؟!

ولادة يسوع

يذكر متّى ولوقا في إنجيليهما قصة ولادة يسوع وكيف ان مريم حبلت به من الروح المقدس وهذه القصة تحدثت عنها في فصل شخصية مريم وما يهم هنا هو مقارنتها بصفات الرب، لنقرأ النصوص التالية:
- والآن يا إله إسرائيل فليتحقق كلامك الذي كلمت به عبدك داوُد أبي،
لأنه هل يسكن الرب حقاً على الأرض،
هو ذا السموات وسماء السموات لا تسعك. (الملوك الاول 8: 25-29)
هل يسكن الرب حقاً على الأرض والسموات وسماء السموات لا تسعه، هذا قول سليمان عن عظمة مجد الرب، فهل كان سيؤمن سليمان بيسوع الذي تصفه قوانين إيمان الكنائس بأنه إله وهو يقرأ ما هو مكتوب عنه في الأناجيل من بقائه في بطن أُمه تسعة أشهر؟!
- والبيت الذي أنا بانيه عظيم لان إلهنا أعظم من جميع الآلهة،
ومن يستطيع ان يبني له بيتاً لان السموات وسماء السموات لا تسعه،
ومن أنا حتى ابني له بيتاً إلا للإيقاد أمامه. (الايام الثاني 2: 5-6)
إلهنا أعظم من جميع الآلهة التي تسكن على الأرض فكيف بإله يسكن في بطن امرأة تسعة شهر؟
من يستطيع أن يقول إن إلهه إله حق وهو سكن في بطن امرأة تسعة شهور، والإله الحق لا تسعه السموات ولا سماء السموات؟
لأنه هل يسكن الرب حقاً مع الإنسان على الأرض،
هو ذا السموات وسماء السموات لا تسعك،
فكم بالأقل هذا البيت الذي بنيت،
فالتفت إلى صلاة عبدك والى تضرعه أيها الرب الهي،
واسمع الصراخ والصلاة التي يصليها عبدك أمامك. (الايام الثاني 6: 18-19)
إذا كان الرب الإله الحق لا يسكن مع الإنسان على الأرض فهل يسكن في بطن إنسان؟!
ولو أن احدأً قال لسليمان إن إلهه سكن في بطن امرأة لمدة تسعة شهور هل سيعتبر هذا الإنسان مؤمناً بالرب خالق السموات والأرض والذي لا تسعه السموات ولا سماء السموات؟
من هذه النصوص وغيرها الكثير نستطيع ان نلاحظ بكل وضوح مخالفة الأناجيل والكنائس لصفات الرب فيما تصف به يسوع من انه إله، نعم تستطيع أن تقول الكنائس ما تشاء عن يسوع وتصفه بما تشاء من صفات ولكنها يجب أن تعلم ان هذه الصفات ليست هي صفات الرب خالق السموات والأرض، الذي لا يسكن على الأرض مع الإنسان فكيف يسكن في بطن امرأة لمدة تسعة شهور، والذي لا تسعه السموات ولا سماء السموات فكيف يسعه بطن امرأة.

ختان يسوع

يحدثنا لوقا في إنجيله عن عملية ختان يسوع كما في النص التالي:
- ولما تمت ثمانية أيام ليختنوا الصبي سُمي يسوع كما تسمى من الملاك قبل ان حُبل به في البطن. (لوقا 2: 21)
إن لوقا لم يكتف بإسكان إلهه في بطن امرأة لمدة تسعة شهور حتى قام بختانه وقطع جزء من جسده بناء على شريعة الرب لبني إسرائيل، ان هذا العمل، أي ختان يسوع، هو أكبر دليل على انه لا علاقة له بالرب إلا كعلاقة باقي اليهود من عبودية للرب وخضوع لشريعته، لان الختان هو عهد بين الرب وبني إسرائيل لعبادته وحده كما في النص التالي:
- وأقيم عهدي بيني وبينك وبين نسلك من بعدك في أجيالهم عهداً أبدياً،
لأكون إلهاً لك ولنسلك من بعدك،
وأُعطي لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك كل أرض كنعان ملكاً أبدياً،
وأكون إلههم،
وقال الإله لإبراهيم وأما أنت فتحفظ عهدي أنت ونسلك من بعدك في أجيالهم،
هذا هو عهدي الذي تحفظونه بيني وبينكم وبين نسلك من بعدك،
يُختن منكم كل ذكر،
فتختنون في لحم غرلتكم،
فيكون علامة عهد بيني وبينكم،
ابن ثمانية أيام يُختن منكم كل ذكر في أجيالكم،
فيكون عهدي في لحمكم عهداً أبدياً،
وأما الذكر الأغلف الذي لا يختن في لحم غرلته فتقطع تلك النفس من شعبها، انه قد نكث عهدي. (تكوين 17: 7-10)
من هذا النص نعلم ان ختان يسوع دليل على عبوديته للرب، وإلا لو كان ما تقوله الكنائس عنه صحيحاً لكان هذا العمل عبثياً إذ كيف يقوم الإله بقطع جزء من جسده ليلتزم بعهد العبودية مع نفسه، كما ان هذا العمل يدل على عدم المساواة بينهما لأن من يختتن لعهد العبودية هو أقل من المُختَتَن لأجله، مع ان الكنائس نقضت هذه الشريعة ولم تلتزم بها كما التزم بها إلهها!

تعميد يسوع

تحدثت أناجيل متّى ومرقس ولوقا عن قصة أغرب من الختان وهي قيام يوحنا المعمدان بتعميد يسوع لمغفرة الخطايا كما في النصوص التالية:
- حينئذ جاء يسوع من الجليل إلى الأردن إلى يوحنا ليعتمد منه،
ولكن يوحنا منعه قائلاً أنا محتاج أن اعتمد منك وأنت تأتي إلي،
فأجاب يسوع وقال له أسمح الآن، لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل كل برّ،
حينئذ سمح له، فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء. (متّى 3: 13-16)
- وفي تلك الأيام جاء يسوع من ناحية الجليل،
 واعتمد من يوحنا في الأردن،
وللوقت وهو صاعد من الماء رأى السماء قد انشقت والروح مثل حمامة نازلاً عليه،
وكان صوت من السماء أنت ابني الحبيب الذي به سررت. (مرقس 1: 9-11)
- ولما اعتمد جميع الشعب اعتمد يسوع أيضاً،
وإذ كان يصلي انفتحت السماء ونزل عليه الروح المقدس بهيئة جسمية مثل حمامة وكان صوت من السماء قائلا أنت ابني الحبيب بك سررت. (لوقا 3: 21-22)
وهذا العمل على غرابته، وخاصة إذا علمنا أن يسوع لم يُعمّد يوحنا المعمدان، إلا انه يشير إلى التزام يسوع بشرائع ليست من شرائع الرب لأن التعميد ليس من شرائع التوراة! مما يؤكد انه لا علاقة له بالرب خالق السموات والأرض.

تجريب الشيطان ليسوع

ثم يحدثنا متّى ولوقا عن قصة تجريب الشيطان ليسوع كما في النصين التاليين:
- ثم أُصعد يسوع إلى البرية من الروح ليُجرّب من إبليس،
فبعدما صام أربعين نهاراً وأربعين ليلة جاع أخيراً، فتقدم إليه المجرب وقال له إن كنت ابن الإله فقل أن تصير هذه الحجارة خبزاً،
فأجاب وقال مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الإله،
ثم أخذه إبليس إلى المدينة المقدسة وأوقفه على جناح الهيكل،
وقال له إن كنت ابن الإله فاطرح نفسك إلى أسفل،
لأنه مكتوب انه يوصي ملائكته بك فعلى أياديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجرٍ رجلك.
قال له يسوع مكتوب أيضاً لا تجرب الرب إلهك.
ثم أخذه أيضاً إبليس إلى جبل عالٍ جداً وأراه جميع ممالك العالم ومجدها، وقال له أُعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لي،
حينئذ قال له يسوع اذهب يا شيطان، لأنه مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد،
ثم تركه إبليس وإذا ملائكة قد جاءت فصارت تخدمه. (متّى 4: 1-11)
- أما يسوع فرجع من الأردن ممتلئ من الروح المقدس،
وكان يُقتاد بالروح في البرية أربعين يوما يُجرب من إبليس،
ولم يأكل شيئاً في تلك الأيام ولما تمّت جاع أخيراً،
وقال له إبليس إن كنت ابن الإله فقل لهذا الحجر أن يصير خبزاً،
فأجابه يسوع قائلا مكتوب إن ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة من الإله،
ثم أصعده إبليس إلى جبل عال وأراه جميع ممالك المسكونة في لحظة من الزمان،
وقال له إبليس لك أعطي هذا السلطان كله ومجدهن لأنه إليّ قد دُفع وانا أُعطيه لمن أُريد فان سجدت أمامي يكون لك الجميع،
فأجابه يسوع وقال اذهب يا شيطان انه مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد،
ثم جاء به إلى أورشليم وأقامه على جناح الهيكل،
وقال له إن كنت ابن الإله فاطرح نفسك من هنا إلى أسفل،
لأنه مكتوب انه يوصي ملائكته بك ليحفظوك، وإنهم على أياديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجر رجلك،
فأجاب يسوع وقال له انه قيل لا تجرب الرب إلهك،
ولما أكمل إبليس كل تجربة فارقه إلى حين. (لوقا 4: 1-13)
هذه القصة كالقصص السابقة تشير إلى ان يسوع لا علاقة له بالرب خالق السموات والأرض إلا كعلاقة باقي المخلوقات من عبودية وخضوع، حتى انه في تهربه من الاستجابة لطلبات الشيطان كان يستشهد بما قاله الرب في العهد القديم، فلو كان يسوع يشعر بما تصفه به الكنائس لكان أظهر وأثبت للشيطان انه هو ابن الإله، خاصة ان الشيطان لم يطلب منه شيئاً مستحيلاً!
وكنت قد ناقشت هذه القصة بالتفصيل في كتاب يسوع بن يوسف النجار أسئلة حائرة وأظهرت ما فيها من أخطاء وتناقضات وهنا سأكتفي بذكر احد تلك الاخطاء وهو قولهما ان الشيطان أصعد يسوع إلى جبل وأراه جميع ممالك العالم، وأسأل أين هو ذلك الجبل الذي إذا صعد عليه الإنسان سواء في فلسطين مكان التجربة أو في أي مكان آخر من العالم يستطيع أن يرى العالم كله؟!
وهنا قد تقول الكنائس إن هذا الأمر عمل معجز وان الرب يستطيع أن يفعل ما يشاء، فأسألهم وأقول إذا كان هذا الأمر معجزاً حقاً فلماذا لم يقم يسوع بتنفيذ ما طلب منه الشيطان، هذا إذا كانت القصة تتحدث عن معجزات للرب؟!
كما ان هذه القصة هي ما دفعت الكنائس إلى سجن عشرات العلماء في العصور الوسطى الذين قالوا ان الأرض كروية! لأن القول بكروية الأرض ينقض هذه القصة، لأنه لو فرضنا وجود جبل يستطيع الإنسان اذا صعد عليه ان يرى العالم فانه لن يستطيع ان يرى سوى نصف العالم لان النصف الآخر سيكون مختفياً خلف النصف الأول كما هو معلوم.
ثم بعد هذه التجربة الغريبة يبدأ يسوع بالكرازة أو الدعوة لمملكته أو مملكة السماء أو مملكة الإله، حتى ينتهي به المطاف وهو معلق على الصليب ومن ثم موته ودفنه وقيامته من الأموات وخلال هذه الفترة نلاحظ بعض الإعمال التي قام بها يسوع وسنستعرضها لنعلم ان كان يحمل الصفات التي تصفه بها قوانين إيمان الكنائس المختلفة أم لا.

نوم يسوع

تحدثت الأناجيل عن نوم يسوع في عدة مواضع، وفيما يلي بعض منها.
- ولما دخل السفينة تبعه تلاميذه، وإذا اضطراب عظيم قد حدث في البحر حتى غطت الأمواج السفينة، وكان هو نائماً. (متّى 8: 23-24)
- فحدث نوْء ريح عظيم فكانت الأمواج تضرب إلى السفينة حتى صارت تمتلئ،
وكان هو في المؤخر، على وسادة نائماً فأيقظوه وقالوا له يا معلم أما يهمك أننا نهلك. (مرقس 4: 37-38)
- وفي أحد الأيام دخل سفينة هو وتلاميذه،
فقال لهم لنعبر الى عبر البحيرة، فأقلعوا وفيما هم سائرون نام فنزل نوء ريح في البحيرة وكانوا يمتلئون ماء وصاروا في خطر. (لوقا 8: 22-23)
إن نوم يسوع هو من أعظم الأدلة، وهي كثيرة، على انه لا علاقة له بما تصفه قوانين الكنائس من صفات وهنا سأكتفي بذكر نصين من العهد القديم يُظهران أن من ينام ليس إلهاً حقيقياً، وأن صفة النوم ليست من صفات الرب خالق السموات والأرض الذي لا يسكن مع الإنسان على الأرض ولا تسعه السموات ولا سماء السموات فكيف بمن تسعه وسادة ينام عليها.
- وعند الظهر سخر بهم إيليا وقال ادعوا بصوت عال لأنه إله،
لعله مستغرق أو في خلوة أو في سفر أو لعله نائم فينتبه. (الملوك الاول 18: 27)
في هذا النص يسخر إيليا من كهنة البعل، الإله الذي عبده بنو إسرائيل من دون الرب، فيقول لهم ادعوا كثيراً لعله مستغرق أو في خلوة أو في سفر أو لعله نائم فينتبه!
فهل من ينام يستحق أن يُعبد من دون الرب، وهل من ينام يكون حاملاً لصفات تؤهله ليكون إلهاً من دون الرب خالق السموات والأرض؟
ولو أن احداً قرأ لإيليا هذه النصوص هل كان سيؤمن أن يسوع يحمل صفات إلهية تجعله إلهاً من دون الرب أو معه؟
إن الرب من صفاته عدم النوم كما يقول العهد القديم في النص التالي:
انه لا ينعس ولا ينام حافظ إسرائيل، الرب حافظك. (مزمور 121: 4-5)
فالذي ينعس أو ينام على وسادة هو بالتأكيد ليس الرب الذي حفظ إسرائيل في رحلتهم من مصر إلى الأرض المقدسة ولا هو الذي حفظ داوُد مسيح الرب في حياته.

تعب يسوع

كتب يوحنا في إنجيله أن يسوع أثناء سفره إلى السامرة جاء إلى بئر يعقوب وجلس هناك لأنه تعب من السفر كما في النص التالي:
- وكانت هناك بئر يعقوب، فإذا كان يسوع قد تعب من السفر جلس هكذا على البئر، وكان نحو الساعة السادسة. (يوحنا 4: 6)
وهذه الحالة من التعب هي بلا شك ليست من صفات الرب خالق السموات والأرض كما هو مكتوب في العهد القديم في عشرات النصوص، ومنها ما يلي:
- فبمن تشبهوني فأُساويه يقول القدوس،
ارفعوا الى العلاء عيونكم وانظروا من خلق هذه،
من الذي يخرج بعدد جندها يدعو كلها باسماء،
لكثرة القوة وكونه شديد القدرة، لا يُفقد أحد،
لماذا تقول يا يعقوب وتتكلم يا إسرائيل قد اختفت طريقي عن الرب وفات حقيّ إلهي،
أما عرفت أم لم تسمع إله الدهر الرب خالق كل أطراف الأرض،
لا يكلّ ولا يعيا، ليس عن فهمه فحص،
يُعطي المعيي قدرة ولعديم القوة شدّة. (إشعياء 40: 25-29)
فالرب خالق السموات والأرض لا يتعب ولا يعيا ولا يكلّ مما يؤكد أن يسوع الذي كان يتعب إذا مشى بضعة كيلو مترات أو ينام إذا أحس بالنعاس ليس فيه صفات تؤهله ليكون مساوياً للرب خالق السموات والأرض الذي لا ينام ولا ينعس ولا يتعب ولا يعيا، فمن هو الذي يُشبه الرب، أم من هو الذي يُساويه سبحانه وتعالى عما يصفون ويشركون.

جوع يسوع وأكله

تحدثت الأناجيل أن يسوع كان يجوع ويأكل كما في النصوص التالية:
- وفي الصبح إذ كان راجعاً إلى المدينة جاع، فنظر شجرة تين على الطريق وجاء إليها فلم يجد فيها شيئاً إلا ورقاً فقط. (متّى 21: 18-19)
- وفي الغد لما خرجوا من بيت عنيا جاع،
فنظر شجرة تين من بعيد عليها ورق وجاء لعله يجد فيها شيئاً،
فلما جاء إليها لم يجد شيئاً إلا ورقاً،
لأنه لم يكن وقت التين،
فأجاب يسوع وقال لها لا يأكل أحد منك ثمراً بعد إلى الأبد. (مرقس 11: 12-14)
- وأما يسوع فرجع من الأردن ممتلئاً من الروح القدس،
وكان يقتاد بالروح في البرية أربعين يوماً يُجرب من إبليس،
ولما تمت جاع أخيراً. (لوقا 4: 1-2)
- وفيما هم يأكلون قال الحق أقول لكم ان واحداً منكم يسلمني. (متّى 26: 21)
- وسأله واحد من الفريسيين أن يأكل معه فدخل بيت الفريسي واتكأ. (لوقا 7: 36)
- وبينما هم غير مصدقين من الفرح ومتعجبون قال لهم أعندكم ههنا طعام،
فناولوه جزء من سمك مشوي وشيئاً من شهد، فأخذ وأكل قدامهم. (لوقا 24: 42-43)
إن جوع يسوع وأكله هما من أبرز العلامات على انه لا يتصف بأي صفة من الصفات التي وضعتها له قوانين إيمان الكنائس المختلفة، لأنه لو كانت تلك الصفات متوفرة فيه لما احتاج إلى بضع حبات من التين ليكسر جوعه، لأن الرب خالق السموات والأرض قام بإطعام بني إسرائيل في سيناء وهم قرابة المليون إنسان لمدة أربعين سنة ولم يكونوا محتاجين لفعل شيء سوى التقاط المن والسلوى وأكلها وحتى قبل الشعور بالجوع، ألم تكن مكانة يسوع وصفاته مساوية حتى لأحد هؤلاء حتى يجوع ويطلب الشبع من التينة أو من الخبز أو من السمك أو من العسل؟!

عطش يسوع وشربه

بعد هذا نجد ان الأناجيل تصف يسوع بأنه كان يعطش ويشرب سواء الماء أو الخمر وغيرهما من المشروبات كما في النصوص التالية:
- وأقول لكم اني من الآن لا أشرب من نتاج الكرمة هذا إلى ذلك اليوم حينما أشربه معكم جديداً في مملكة أبي. (متّى 26: 29)
- أعطوه خلاً ممزوجاً بمرارة ليشرب، فلما ذاق لم يُرد ان يشرب. (متّى 27: 34)
- فقال لها يسوع أعطيني لأشرب. (يوحنا 4: 7)
- فلكي يتم الكتاب قال أنا عطشان. (يوحنا 19: 28)
هذه النصوص تبين ان يسوع كان يعطش ويشرب والعهد القديم يقول ان الرب أسقى بني إسرائيل الماء في البرية أربعين سنة ولم يحوجهم إلى طلب الماء من امرأة سامرية ولا إلى الصراخ من العطش فهل كان يسوع لا يتصف حتى بالصفات التي كان بنو إسرائيل يتمتعون بها، هذا اذا لم نقل انه كان يجب على يسوع ان يسقي الناس بدلاً من طلب الماء من المرأة السامرية لو كانت عنده الصفات التي تصفه بها الكنائس المختلفة، وتجدر الإشارة إلى انه قال للمرأة السامرية ان عنده الماء الذي من يشرب منه فلن يعطش إلى الأبد، ولكن للأسف فانه لم يعط المرأة من ذلك الماء، وهو نفسه مات على الصليب عطشاناً كما في النص الأخير، فإذا كان هو نفسه مات وهو عطشان فكيف يقول ان عنده الماء الذي من يشرب منه فلن يعطش إلى الأبد!

خوف يسوع

إن صفة الخوف محرجة جداً ليسوع، إذا كنا سنصدق قوانين إيمان الكنائس التي تقول عنه انه إله وابن إله، وحالة الخوف كان يعيش في ظلالها طوال حياته كما في النصوص التالية:
- وبعد أن شفا رجل مريض منذ ثمان وثلاثين سنة في يوم سبت،
فسأل اليهود الرجل من هو الإنسان الذي قال لك احمل سريرك وامش، أما الذي شفي فلم يكن يعلم من هو،
لأن يسوع اعتزل إذ كان في الموضع جمع. (يوحنا 5: 10-13)
- فلما رأى الناس الآية التي صنعها يسوع قالوا إن هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم،
وأما يسوع فإذ علم أنهم مزمعون أن يأتوا ويختطفوه ليجعلوه ملكاً انصرف أيضاً إلى الجبل وحده. (يوحنا 6: 14-15)
- وكان يسوع يتردد بعد هذا في الجليل لأنه لم يرد أن يتردد في اليهودية لان اليهود كانوا يطلبون أن يقتلوه. (يوحنا 7: 1)
- فلما خرج الفريسيون تشاوروا عليه ليهلكوه،
فعلم يسوع وانصرف من هناك،
وتبعته جموع كثيرة فشفاهم جميعاً،
وأوصاهم أن لا يُظهروه. (متّى 12: 14-16)
ولما سمع يسوع أن يوحنا أُسلم انصرف الى الجليل. (متّى 4: 12)
- فلما سمع يسوع انصرف من هناك في سفينة الى موضع خلاء منفرداً. (متّى 14: 13)
فلما علم الرب أن الفريسيين سمعوا ان يسوع  يُصيّر ويُعمّد تلاميذ أكثر من يوحنا، مع أن يسوع لم يكن يُعمّد بل تلاميذه،
ترك اليهودية ومضى أيضاً إلى الجليل. (يوحنا 4: 1-3)
تكلم يسوع بهذا ثم مضى واختفى عنهم. (يوحنا 12: 36)
- وخرجوا من هناك واجتازوا الجليل ولم يُرد أن يعلم أحد. (مرقس 9: 30)
- فمن ذلك اليوم تشاوروا ليقتلوه،
فلم يكن يسوع أيضاً يمشي بين اليهود علانية،
بل مضى من هناك إلى الكورة القريبة من البرية الى مدينة يُقال لها أفرايم،
ومكث مع تلاميذه. (يوحنا 11: 53-54)
- لكن يسوع لم يأتمنهم على نفسه،
لأنه كان يعرف الجميع. (يوحنا 2: 24)
- ولما كان إخوته قد صعدوا حينئذ صعد هو أيضاً إلى العيد لا ظاهراً بل كأنه في الخفاء. (يوحنا 7: 10)
- ولما صار النهار خرج وذهب إلى موضع خلاء وكان الجموع يفتشون عليه فجاءوا إليه وأمسكوه لئلا يذهب عنهم. (لوقا 4: 42)
- وأما هو فكان يعتزل في البراري ويصلي. (لوقا 5: 16)
من هذه النصوص وغيرها المبثوثة في الأناجيل نرى ان يسوع كان يخاف من اليهود، وكان يبذل قصارى جهده في التخفي والابتعاد عن ملاقاتهم، وهذا يُثير الشك في صحة قول الكنائس عنه أنه إله وابن إله وأنه من جوهر إلهي، لانه مَن يخطر في عقله وقلبه أن الرب خالق السموات والأرض يخاف من اليهود أو من غيرهم!! إن ظهور الرب في حلم للناس الجبابرة كان يُدب الرعب في قلوبهم كما في النصين التاليين:
- وقال إبراهيم عن سارة امرأته هي أُختي،
فأرسل أبيمالك ملك جَرَارَ وأخذ سارة،
فجاء الرب إلى أبيمالك في حلم الليل، وقال له ها أنت ميت من أجل المرأة التي أخذتها فإنها متزوجة ببعل، ولكن لم يكن أبيمالك قد اقترب إليها، فقال يا سيد أأمةً بارّة تقتل، ألم يقل هو لي إنها أختي. (تكوين 20: 2-3)
- وأتى الرب إلى لابان الأرامي في حلم الليل فقال له احترز من أن تكلم يعقوب بخير أو شرّ. (تكوين 31: 24)
فإذا كان ظهور الرب في حلم لأي شخص كان يُدب الذعر والخوف في قلبه فكيف لو ظهر لهم مباشرة وهو يقول في العهد القديم ان من يراه مباشرة فإن ذلك الإنسان يموت، ونحن كما نقرأ ان يسوع كان يخاف من الناس وهو ظاهر لهم بشحمه ولحمه، فبدلاً من ان يموت من يراه نجده هو يخاف منهم ويعتزلهم، هل هذه صفات شخص نستطيع ان نقول عنه انه إله أو انه يحمل صفات إلهية في جسده؟!
وفي هذا المقام سأذكر بعض نصوص العهد القديم التي تصف الرب لنقارنها مع صفات يسوع وخاصة صفة الهروب والخوف لعلها تكون دافعاً للكثير من الطيبين لإعادة التفكير فيما يسمعونه ويقرؤونه من قصص.
لا مثل لك يا رب،
عظيم أنت وعظيم اسمك في الجبروت،
من لا يخافك يا ملك الشعوب لأنه بك يليق،
لأنه في جميع حكماء الشعوب وفي كل ممالكهم ليس مثلك. (إرميا 10: 6-7)
لا مثل لك يا رب، عظيم أنت وعظيم اسمك في الجبروت والعظمة، من لا يخافك؟
فالذي يخاف من اليهود هل تنطبق عليه هذه الصفات لنقول أنه مثله أو أنه مساوياً له، أو أنه من نفس الجوهر؟! سبحان خالق السموات والأرض عما يصفون ويشركون.
- يا رب بخروجك من سعير بصعودك من صحراء أدوم الأرض ارتعدت،
السموات أيضاً قطرت، كذلك السحب قطرت ماء،
تزلزلت الجبال من وجه الرب وسيناء هذا من وجه الرب إله إسرائيل. (قضاة 5: 4-5)
هذا النص يقول ان الأرض ترتعد من الرب والجبال تتزلزل فهل هذه الصفات تنطبق على يسوع وهو يهرب خوفاً من اليهود ويعتزل الناس في البراري؟!
أما الرب الإله فحقٌ،
هو إله حيّ،
وملك ابديّ،
من سُخطه ترتعد الأرض ولا تطيق الأمم غضبه،
هكذا تقولون لهم الآلهة التي لم تصنع السموات والأرض تبيد من الأرض ومن تحت هذه السموات،
صانع الأرض بقوته،
 مؤسس المسكونة بحكمته،
وبفهمه بسط السموات،
بَلِدَ كل إنسان من معرفته،
خَزِيَ كل صائغ من التمثال،
لان مسبوكه كذب ولا روح فيه،
هي باطلة صنعة الأضاليل،
وفي وقت عقابها تبيد،
ليس كهذه نصيب يعقوب،
لأنه مصور الجميع،
واسرائيل قضيب ميراثه، رب الجنود اسمه. (إرميا 10: 10-16) 
الرب الإله الحق هو الذي ترتعد منه الأرض ولا تطيق الشعوب غضبه، فهل خوف يسوع وهروبه من اليهود يدل على ان الأرض ترتعد منه الأرض أو ان الشعوب تخافه، ان هذا النص وغيره يحتاج إلى قراءة وتأمل فقط لنعرف حقيقة ما تصف الكنائس به يسوع!

اختفاء يسوع

كتبت الأناجيل عدة قصص عن اختفاء يسوع خوفاً من اليهود كما في النصوص السابقة ولكنني وجدت نصاً يوضح الأمر بعيداً عن الخوف مما جعلني أضعه تحت بند خاص به وهو كما يلي:
- ثم قام من هناك ومضى إلى تخوم صور وصيداء،
ودخل بيتاً وهو يريد أن لا يعلم أحد،
فلم يقدر أن يختفي. (مرقس 7: 24)
هذا النص يتحدث عن صفات ليسوع تؤكد أنه لا علاقة له بما كتبته عنه الكنائس في قوانين إيمانها سواء فيما يتعلق بعلاقته بالرب أو بالصفات التي تجعل منه إلهاً يُعبد من دون الرب أو معه!
فهو يريد أن يختفي عن أعين الناس ومع هذا لم يقدر على الاختفاء، فهل هذه الأعمال تشير إلى أنه يحمل أي صفات إلهية سواء في محاولته الاختفاء أو في عدم قدرته أو في عدم تحقق إرادته؟!

عدم علم يسوع بالغيب

من الصفات الغريبة التي يقولها يسوع عن نفسه هو جهله بالغيب وعدم معرفته باليوم الأخير كما في النص التالي:
- وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد،
ولا الملائكة الذين في السماء،
ولا الابن،
إلا الأب. (مرقس 13: 32)
في هذا النص يقول يسوع عن نفسه أنه لا يعلم موعد اليوم الأخير وهذا القول ينقض كل قوانين أيمان الكنائس المختلفة التي تتحدث عن حمله لصفات إلهية، لأنه لو كانت تلك الصفات متوفرة فيه لما جهل أي شيء في هذا العالم.

صلاة يسوع

ثم نجد عددا من النصوص تصف يسوع بأنه كان يصلي، وفيما يلي بعضها:
وفي الصبح باكراً جداً قام وخرج ومضى إلى موضع خلاء وكان يُصلي هناك. (مرقس 1: 35)
وبعدما ودعهم مضى إلى الجبل ليصلي. (مرقس 6: 46)
وأما هو فكان يعتزل في البراري يصلي. (لوقا 5: 16)
- وفي تلك الأيام خرج إلى الجبل ليصلي،
وقضى الليل كله في الصلاة للإله. (لوقا 6: 12)
- وفيما هو يصلي على انفراد، كان التلاميذ معه فسألهم قائلاً من تقول الجموع أني أنا. (لوقا 9: 18)
في هذه النصوص نقرأ أن يسوع كان يُصلي، بل كان يمضي الليالي الكاملة في الصلاة للرب، ان هذه النصوص تدل بكل وضوح على ان يسوع كان عبداً للرب وانه كان بحاجة للرب لقضاء حوائجه، وإلا فما معنى أن يقضي الليل وهو يُصلي للرب؟
وهنا لن تستطيع الكنائس ان تقول انه كان يصلي ليُعلم تلاميذه الصلاة، لسببين الأول أنه لم يُعلم تلاميذه الصلاة حتى طلبوا منه ذلك كما في النص التالي:
واذ كان يصلي في موضع ولما فرغ قال واحد من تلاميذه يا رب علمنا ان نصلي كما علم يوحنا ايضاً تلاميذه. (لوقا 11: 1)
والسبب الثاني ان الرب في العهد القديم علم بني إسرائيل عشرات الصلوات والعبادات ولم يحتاج للتجسد كي يتعلموا منه الصلاة!

اضطراب نفسية يسوع

ثم نجد صفة أخرى ليسوع وهي اضطراب نفسيته كما في النصوص التالية:
- إنزعج بالروح واضطرب. (يوحنا 11: 33)
- الآن نفسي قد اضطربت. (يوحنا 12: 27)
- ولما قال يسوع هذا اضطرب بالروح وشهد وقال الحق الحق أقول لكم إن واحداً منكم سيُسَلّمني. (يوحنا 13: 21)
إن هذه الصفة هي بالتأكيد ليست من الصفات التي يتصف بها الرب خالق السموات والأرض، إن صفة الاضطراب سواء بالروح أو بغيره تؤكد أن يسوع لا يتصف بما تقوله عنه قوانين إيمان الكنائس، لأن صفة الاضطراب من صفات البشر والتي أحياناً تصبح صفة مَرَضيّة وليست دليل صحة!
كما أن اضطرابه بالروح كان بسبب أغرب من الاضطراب نفسه إذ انه قال بعد اضطرابه بالروح ان واحد من تلاميذه سيسلمه لليهود، فهل تسليم التلميذ يسوع لليهود دليل على صفات إلهية يتمتع بها؟!
وأين نقرأ سواء في العهد القديم أو في هذا الكون العظيم أن الرب يمكن ان يسيطر عليه مجموعة من مخلوقاته التي لا تساوي شيئاً في هذا الكون، فالارض كلها لا تساوي ذرة في هذا الكون فماذا يساوي بضع عشرات من اليهود؟! سبحان خالق السموات والأرض عما يصفون ويشركون.

أنين يسوع

كما نجد صفة ليسوع وهي الأنين كما في النص التالي:
- ورفع نظره نحو السماء وأنّ وقال له إفثا أي انفتح،
وللوقت انفتحت أُذناه وانحل رباط لسانه وتكلم مستقيماً،
 فأوصاهم أن لا يقولوا لأحد،
ولكن على قدر ما أوصاهم كانوا ينادون أكثر كثيراً. (مرقس 7: 34-36)
ان صفة الأنين هي من صفات البشر وليست من صفات الرب خالق السموات والأرض، وأما رفع نظره إلى السماء فهو يدل بلا شك على أن يسوع لا يحمل أي صفات إلهية، وإلا ما معنى هذا العمل؟ ولو جارينا الكنائس فيما تقوله في قوانين إيمانها فإن هذا العمل يدل على الأقل انه ليس مساوياً للرب لان من يَئِن ويرفع نظره إلى السماء هو أقل من الذي يرفع يسوع نظره إليه! سبحان خالق السموات والأرض عما يصفون ويشركون.

تنهد يسوع

فتنهد يسوع بروحه وقال لماذا يطلب هذا الجيل آية. (مرقس 8: 12)
وهذه الصفة تؤكد ان يسوع إنما هو إنسان كغيره من الناس لأن التنهد هو عبارة عن حالة من اليأس وحالة اليأس هذه هي بالتأكيد ليست من صفات الرب الذي خلق السموات والأرض.

بكاء يسوع

- وقال أين وضعتموه،
قالوا يا سيد تعال وانظر،
بكى يسوع،
فقال اليهود انظروا كيف كان يحبه. (يوحنا 11: 34-36)
وبكاء يسوع هو أمر لا يمكن القول معه أنه يحمل أي صفة إلهية وإلا فما الذي يجعله يبكي؟
هل بكى على لعازر الميت وهو جاء ليقيمه من الأموات؟!
أم بكى لخوفه من عدم استطاعته ان يُحيه فيَظهر عجزه لهذا طلب المعونة وذلك برفع نظره الى السماء والدعاء لإحياء لعازر؟

انتهار يسوع

إن انتهار يسوع من قبل بعض تلاميذه يدل على عدم حمله للصفات التي تنسبها له الكنائس المختلفة في قوانينها، وهذه الحادثة ذكرتها الأناجيل في عدة مواضع وفيما يلي واحد منها:
- من ذلك الوقت ابتدأ يسوع يُظهر لتلاميذه أنه ينبغي أن يذهب إلى أُورشليم ويتألم كثيراً من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويُقتل، وفي اليوم الثالث يقوم،
فأخذه بطرس إليه وابتدأ ينتهره قائلاً حاشاك يا رب، لا يكون لك هذا،
فالتفت وقال لبطرس اذهب عني يا شيطان،
أنت معثرة لي، لأنك لا تهتم بما للإله لكن بما للناس. (متّى 16: 21-23)
في هذا النص نقرأ أن بطرس انتهر يسوع وهذا العمل لا يدل فقط على أن يسوع لا يحمل أي صفات إلهية، بل ويؤكد أن بطرس لم يكن يؤمن بيسوع ولا بكلماته، وإلا لو كان يؤمن فكيف يتجرأ عليه وينتهره، ولكن يسوع لم يسكت على هذا الانتهار فوبخ بطرس وقال له إنه شيطان!

ركوب يسوع على الدواب في تنقله

إن من اغرب ما تذكره الأناجيل عن يسوع هو استخدامه للدواب في تنقله بين المدن والقرى وخاصة عند دخوله إلى أُورشليم قبل الصلب بعدة أيام، وخاصة أن من صفات المسيح المذكور في العهد القديم أن الرب سيجعل له ملائكة تحمله على أيديها حتى لا تصطدم رجليه بالحجارة كما في النص التالي:
- لأنك قلت أنت يا رب ملجأي،
جعلت العليّ مسكنك، لا يلاقيك شرّ ولا تدنوا ضربة من خيمتك،
لأنه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك في كل طرقك،
على الأيدي يحملونك لئلا تصدم بحجر،
على الأسد والصل تطأ الشبل والثعبان تدوس،
لأنه تعلق بي أُنجيهِ،
ارفعه لأنه عرف اسمي،
يدعوني فاستجيب له،
معه أنا في الضيق أنقذه وأمجده،
من طول الأيام أُشبعه، وأُريه خلاصي. (مزمور 91: 9-16)
أم إن هذا المزمور لا يتحدث عن يسوع كما تقول الكنائس عن باقي المزامير أنها تتحدث عن يسوع، لأنه قال ان الملائكة تحمل المسيح الذي يتحدث عنه المزمور وكان من الصعب على كتبة الأناجيل كتابة قصص عن حمل الملائكة ليسوع، حتى انها عندما كتبت عن صعوده إلى السماء لم تتحدث عن صعوده برفقة الملائكة، مع ان إيليا كما ذكر العهد القديم صعد إلى السماء في مركبة برفقة الملائكة!
والأغرب من ركوبه على الدواب هو قول متّى ان يسوع ركب على حمارة وجحش في نفس الوقت! كما في النص التالي:
فذهب التلميذان وفعلا كما أمرهما يسوع،
وأتيا بالأتان والجحش ووضعا عليهما ثيابهما فجلس عليهما. (متّى 21: 6-7)
وفي نسخة كتاب الحياة الترجمة الانجليزية:
- The disciples went and did as Jesus had instructed them.
They brought the donkey and the colt, placed their cloaks on them, and Jesus sat on them.(matthew 21: 6-7)
فكما نقرأ ان يسوع جلس على الحمارة والجحش معاً وهذه الصورة من الصعب تخيلها، وكنت قد ناقشت ما في هذا النص من أخطاء في كتاب يسوع بن يوسف النجار فأغنى عن إعادته.
وأخيراً لا أظن ان أحداً يخالفني ان صفة التنقل على الدواب بين المدن والقرى ليست من الصفات الإلهية التي يمكن من خلالها إثبات صحة قوانين إيمان الكنائس المختلفة التي تقول إن يسوع يحمل صفات إلهية.

عدم إعلان يسوع عن سلطانه

- ولما جاء إلى الهيكل تقدم إليه رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب وهو يُعلم قائلين بأي سلطان تفعل هذا ومن أعطاك هذا السلطان،
فأجاب يسوع وقال لهم وأنا أيضاً أسألكم كلمة واحدة فان قلتم لي عنها أقول لكم أنا أيضاً بأي سلطان أفعل هذا، معمودية يوحنا من أين كانت، من السماء أم من الناس،
ففكروا في أنفسهم قائلين إن قلنا من السماء يقول لنا فلماذا لم تؤمنوا،
وان قلنا من الناس نخاف من الشعب،
لان يوحنا عند الجميع مثل نبي،
فأجابوا يسوع وقالوا لا نعلم،
فقال لهم هو أيضاً ولا أنا أقول لكم بأي سلطان أفعل هذا. (متّى 21: 23-27) و(مرقس 11: 27-33) و(لوقا 20: 1-8)
إن هذه النصوص من أغرب النصوص التي لا تشير فقط إلى أن يسوع إنسان لا علاقة له بالرب من ناحية الصفات، بل وتشير كذلك إلى أنه ليس في مرتبة الأنبياء!
فرفضه للإعلان عن السلطان الذي يعمل بموجبه المعجزات تدل على أنه أقل من أنبياء بني إسرائيل في العهد القديم، إذ أننا نقرأ أن موسى كان يُعلن ويُصرح بكل وضوح أمام فرعون وجنوده أن السلطان الذي يعمل به المعجزات هو من الرب خالق السموات والأرض، فلم يكن موسى يخاف من فرعون أو يُخفي نفسه وهو في مواجهة فرعون، ولم يقل موسى عن نفسه أنه ابن الإله أو أنه أُقنوم من الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد ومن نفس الجوهر، في حين نجد أن يسوع الذي يقول عن نفسه أنه ابن الإله وأحد الأقانيم الثلاثة وأنه حالّ في أبيه وأن أباه حلّ فيه يرفض التصريح عن سلطانه ويخاف من بضعة يهود كانوا عبيداً عند الرومان!
والأغرب من إخفاء يسوع للسلطان الذي يعمل به معجزاته أن لوقا في كتاب أعمال الرسل كتب عن بطرس أنه صرح بالسلطان الذي يعمل به معجزاته كما في النص التالي:
- ولما أقاموهما في الوسط جعلوا يسألونهما بأية قوة وبأي اسم صنعتما أنتما هذا،
حينئذ امتلأ بطرس من الروح القدس وقال لهم يا رؤساء الشعب وشيوخ اسرائيل إن كنا نُفحص اليوم عن إحسان الى إنسان سقيم بماذا شُفي هذا،
فليكن معلوماً عند جميعكم وجميع شعب إسرائيل أنه باسم يسوع المسيح الذي صلبتموه أنتم الذي أقامه الإله من الأموات بذاك وقف هذا أمامكم صحيحاً. (أعمال الرسل 4: 7-10)
فبطرس كما نقرأ لم يُخفِ سلطانه الذي يعمل به المعجزات، وهو كما قال يعملها باسم يسوع في حين أن يسوع لا يُصرح بمصدر سلطانه سواء باسم أبيه أو باسمه شخصياً!
فهل كان بطرس أشجع من يسوع ليُصرح بمصدر سلطانه في حين أن يسوع لا يُصرح؟!
أم أن بطرس كان ممتلئ بالروح المقدس في ذلك الوقت كما يقول النص في حين أن يسوع لم يكن ممتلئ بالروح المقدس؟!

عدم قدرة يسوع

- فقال لهم يسوع ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه وبين أقربائه وفي بيته،
ولم يقدر أن يصنع هناك ولا قوة واحدة غير أنه وضع يديه على مرضى قليلين فشفاهم، وتعجب من عدم إيمانهم وصار يطوف القرى المحيطة يُعلّم. (مرقس 6: 4-5)
- ثم قام من هناك ومضى إلى تخوم صور وصيداء،
ودخل بيتاً وهو يريد أن لا يعلم أحد،
فلم يقدر أن يختفي. (مرقس 7: 24)
في هذين النصين نقرأ أن يسوع لم يقدر أن يصنع أيّة معجزة، ولم يقدر أن يختفي! فهل عدم القدرة تُشير الى امتلاكه أيّة صفات خاصة تجعله إلهاً يُعبد مع الرب خالق السموات والأرض؟!

تناقض أقوال وأفعال يسوع

أن التناقض في أقوال وأفعال أي انسان ليست من الصفات الجيدة، فكيف إذا كانت هذه من صفات من يقول عن نفسه أنه يحمل صفات إلهية، فالرب يقول في العهد القديم:
 - ليس الإله انساناً فيكذب،
ولا ابن إنسان فيندم،
هل يقول ولا يفعل،
أو يتكلم ولا يفي. (عدد 23: 19)
الرب يقول أنه ليس إنساناً فيكذب ولا إبن إنسان فيندم وهو لا يقول ولا يفعل، فهل هذه الصفات يتمتع يسوع بها في أقواله وأفعاله؟
لنقرأ النصوص التالية:
1 - اصعدوا انتم الى هذا العيد،
أنا لست أصعد بعد الى هذا العيد لأن وقتي لم يكمل بعد،
قال هذا ومكث في الجليل،
ولما كان إخوته قد صعدوا حينئذ صعد هو إلى العيد لا ظاهراً بل كأنه في الخفاء. (يوحنا 7: 8-9)
في هذا النص يقول يسوع انه لن يصعد وبعد ذلك صعد فهل هذا العمل يتفق مع النص السابق، والأغرب من هذا التناقض هو أنه ذهب وهو متخف وليس بشكل علني!
2 - والأب نفسه الذي أرسلني يشهد لي، لم تسمعوا صوته قط ولا أبصرتم هيئته. (يوحنا 5: 37)
قال له يسوع أنا معكم زماناً هذا مدته ولم تعرفني يا فيلبس الذي رآني فقد رأى الأب فكيف تقول أنت أرنا الأب. (يوحنا 14: 9)
في النص الأول يقول يسوع أن أباه لم يره أحد، وفي النص الثاني يقول إن من رآه فقد رأى أباه!
فهذا الاختلاف بين النصين لمن نرجع سببه؟
وهل هذا التناقض يمكن مقارنته مع صفات الرب في العهد القديم؟
3 - لان الفقراء معكم في كل حين وأما أنا فلست معكم في كل حين. (متّى 26: 11)
- وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر. (متّى 28: 20)
في النصين السابقين، يقول يسوع في الأول أنه لن يكون مع تلاميذه في كل حين، وفي الثاني يقول إنه سيكون معهم كل الأيام، فأي القولين هو الصحيح؟!
4 - لأن من ليس علينا فهو معنا. (لوقا 9: 50)
من ليس معي فهو عليّ، ومن لا يجمع معي فهو يفرق. (لوقا 11: 23)
وهنا نجد ذات المسألة يسوع يقول في نص أن من ليس عليه فهو معه وفي الثاني يقول إن من ليس معه فهو عليه!
5 - وفيما كان الجوع مزدحمين ابتدأ يقول هذا الجيل شرير يطلب آية،
ولا تعطى له آية إلا آية يونان النبي. (لوقا 11: 29)
- فخرج الفريسيون وابتدأوا يحاورونه طالبين منه آية من السماء لكي يجربوه،
فتنهد بروحه وقال لماذا يطلب هذا الجيل آية،
الحق أقول لكم لن يُعطى هذا الجيل آية. (مرقس 8: 11-12)
في هذين النصين يقول يسوع في أحدهما أن ذلك الجيل سيُعطى آية وفي الثاني أنه لن يُعطى لهم آية!
6 - وبعد هذا جاء يسوع وتلاميذه الى أرض اليهودية ومكث معهم وكان يُعمّد. (يوحنا 3: 22)
- فلما علم الرب أن الفريسيين سمعوا أن يسوع يُصيّر ويُعمّد تلاميذ أكثر من يوحنا،
مع أن يسوع نفسه لم يكن يُعمّد بل تلاميذه. (يوحنا 4: 1-2)
في هذين النصين يقول يوحنا أن يسوع كان يُعمّد وكان لا يُعمّد!
7 - إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي ليست حقاً. (يوحنا 5: 31)
- أجاب يسوع وقال لهم إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي حق. (يوحنا 8: 14)
وأخيراً هنا يقول يسوع مرة أن شهادته ليست حقاً وأُخرى أن شهادته حق!

صلب يسوع

صلب يسوع تعتبره الكنائس من الركائز الأساسية التي أقامت عليها قوانين إيمانها التي القول أن يسوع يحمل صفات إلهية تستوجب عبادته مع الرب، أو من دون الرب كما أقول أنا باعتبار أن أب يسوع أيضاً لا علاقة له بالرب كما سأُثبت ذلك عند الحديث عن شخصية أب يسوع في الفصل القادم، وذلك بالقول أن يسوع تجسدت فيه كلمة الرب ليُصلب كي يتصالح الرب مع ذرية آدم نتيجة لخطيئته بأكله من الشجرة التي نُهي عنها وأورثها لهم! فالكنائس تقول أنه كان من المستحيل على الرب أن يغفر تلك الخطيئة دون تجسده أو تجسد كلمته بهيئة إنسانية وقيام الناس بضربه وتعذيبه ومن ثم صلبه وقتله!
وهذا المفهوم نجده في بعض نصوص الأناجيل كقول يوحنا المعمدان عن يسوع أنه حَمَل أو خروف الإله الذي يحمل خطيئة العالم، كما نجد هذا المفهوم مفصل في باقي رسائل العهد الجديد وخاصة في رسائل بولس، والحديث عن خطيئة آدم وتوريثها لذريته يحتاج الى دراسة مستقلة لعلها تكون في المستقبل القريب، وما يهم هنا هو هل كانت عملية الصلب من وجهة نظر يسوع تدل على ما تقوله الكنائس؟
إن الباحث في قصة صلب يسوع من بدايتها أي من ليلة القبض عليه الى نهايتها لحظة تسليم يسوع الروح وموته يجد فيها نصوصاً تخالف وتنقض كل ما كتبته الكنائس في قوانين إيمانها.
فيسوع في ليلة القبض عليه أمضى الليلة كلها في الصلاة لأبيه كي لا يصلبه كما في النصوص التالية:
 - حينئذ جاء معهم يسوع إلى ضيعة يقال لها جثسيماني فقال للتلاميذ اجلسوا ههنا حتى أمضي وأُصلي هناك،
ثم أخذ معه بطرس وابني زبدي وابتدأ يحزن ويكتئب فقال لهم نفسي حزينة حتى الموت،
امكثوا ههنا واسهروا معي،
ثم تقدم قليلاً وخرّ على وجهه وكان يُصلي قائلاً
يا أبتاه ان أمكن فلتعبر عني هذه الكأس،
ولكن ليس كما أُريد بل كما تريد أنت،
ثم جاء إلى التلاميذ فوجدهم نياماً،
فقال لبطرس أهكذا ما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة،
اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة،
أمّا الروح فنشيط وأمّا الجسد فضعيف،
فمضى أيضاً وصلى قائلاً يا أبتاه إن لم يمكن أن تعبر عني هذه الكأس ألا أن أشربها،
فلتكن مشيئتك،
ثم جاء فوجدهم أيضاً نياماً، إذ كانت أعينهم ثقيلة، فتركهم ومضى أيضاً وصلى ثالثة قائلاً ذلك الكلام بعينه، ثم جاء إلى تلاميذه وقال لهم ناموا ألان واستريحوا،
هو ذا الساعة قد اقتربت وابن الإنسان يُسلم إلى أيدي الخطاة. (متّى 26: 36-45)
- وجاءوا إلى ضيعة اسمها جثسيماني فقال لتلاميذه اجلسوا ههنا حتى أُصلي،
ثم أخذ معه بطرس ويعقوب ويوحنا وابتدأ يدهش ويكتئب،
فقال لهم نفسي حزينة جداً حتى الموت،
امكثوا هنا واسهروا،
ثم تقدم قليلاً وخرّ على الأرض وكان يُصلي لكي تعبر عنه الساعة إن أمكن،
وقال يا أبا الأب كل شيء مستطاع لك، فأجز عني هذه الكأس ولكن ليكن لا ما أُريد أنا بل ما تريد أنت، ثم جاء ووجدهم نياماً، فقال لبطرس يا سمعان أنت نائم، أما قدرت أن تسهر ساعة واحدة،
اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة،
أما الروح فنشيط وأمّا الجسد فضعيف،
ومضى أيضاً وصلى قائلاً ذلك الكلام بعينه، ثم رجع ووجدهم أيضاً نياماً،
اذ كانت أعينهم ثقيلة، فلم يعلموا بماذا يجيبونه،
ثم جاء ثالثة وقال لهم ناموا الآن واستريحوا، يكفي،
قد أتت الساعة هو ذا ابن الإنسان يُسلم إلى أيدي الخطاة. (مرقس 14: 32-41)
- وخرج ومضى كالعادة إلى جبل الزيتون وتبعه أيضاً تلاميذه،
ولما صار الى المكان قال لهم صلوا لكي لا تدخلوا في تجربة،
وانفصل عنهم نحو رمية حجر وجثا على ركبتيه وصلى،
قائلاً يا أبتاه إن شئت أن تجيز عني هذه الكأس، ولكن لتكن لا إرادتي بل إرادتك،
وظهر له ملاك من السماء يُقوّيه،
وإذ كان في جهاد كان يُصلي بأشد لجاجة وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض،
ثم قام من الصلاة وجاء الى تلاميذه فوجدهم نياماً من الحزن، فقال لهم لماذا أنتم نيام،
قوموا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة، وبينما هو يتكلم إذا جمع والذي يدعى يهوذا احد الاثني عشر يتقدمهم فدنا من يسوع ليقبله، فقال له يسوع أبقبلة تسلم ابن الإنسان. (لوقا 22: 39-48)
فهذه النصوص وهذه الصلاة وهذا التضرع والخضوع والطلب من أبيه لا تدل فقط على أنه لا يعلم عن خطيئة آدم التي هو مزمع أن يرفعها عن البشرية بل وتؤكد أنه ليس مساوياً لأبيه كما تقول الكنائس المختلفة!
ثم نجده في المحاكمة أمام اليهود يأمل في إطلاق سراحه كما في النص التالي:
- ولما كان النهار اجتمعت مشيخة الشعب رؤساء الكهنة والكتبة واصعدوه إلى مجمعهم قائلين إن كنت أنت المسيح فقل لنا،
فقال لهم إن قلت لكم لا تصدقون وإن سألت لا تجيبونني ولا تطلقونني،
منذ الآن يكون ابن الإنسان جالساً عن يمين قوة الرب،
فقال الجميع أفأنت ابن الإله، فقال لهم انتم تقولون أني أنا هو. (لوقا 22: 66-70)
فكما نقرأ في النص فإن يسوع كان يتمنى أن يُطلق سراحه، وهذا القول لا يدل على أنه كان يعرف أن مهمته رفع خطيئة آدم وذريته!
ولم يكتف بهذا بل قال قولاً يعلم الجميع أنه غير صحيح، وهو قوله أنه سيكون الآن جالساً عن يمين القوة، فهذا القول غير صحيح لأنه لو فرضنا جدلاً أنه سيجلس عن يمين القوة بعد صعوده إلى السماء فهذا حدث بعد أربعين يوما كما هو مكتوب في أعمال الرسل وليس الآن كما قال!
وفي محاكمته أمام بيلاطس في إنجيل يوحنا يقول انه ليس ملك اليهود وأن مملكته ليست من هذا العالم لأنه لو كانت مملكته من هذا العالم لكان جنوده يُدافعون عنه كي لا يُسلمه اليهود كما في النص التالي:
- ثم دخل بيلاطس أيضاً إلى دار الولاية ودعا يسوع وقال له أنت ملك اليهود،
أجابه يسوع أمِنْ ذاتك تقول هذا أم آخرون قالوا لك عني،
أجابه بيلاطس ألعلي أنا يهودي،
أُمّتك ورؤساء الكهنة أرسلوك إليّ، ماذا فعلت،
أجاب يسوع مملكتي ليست من هذا العالم،
لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدّامي يجاهدون لكي لا أُسلم إلى اليهود،
ولكن الآن ليست مملكتي من هنا. (يوحنا 18: 33-36)
فهو في هذا النص يقول انه لو كانت مملكته من هذا العالم لكان جنوده يدافعون عنه ولم يقل أنه جاء لكي يصلبه اليهود ليرفع خطيئة آدم وذريته كما تقول الكنائس المختلفة.
وأخيراً وفي لحظاته الأخيرة وهو معلق على الصليب نجده يقول قولاً يُفرّق فيه بينه وبين أبيه من جهة وبينهما وبين الرب من جهة أُخرى، كما في النصوص التالية:
- ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلاً ايلي ايلي لما شبقتني،
أي إلهي إلهي لماذا تركتني،
فقوم من الواقفين هناك لما سمعوا قالوا انه ينادي إيليا،
وللوقت ركض واحد منهم وأخذ اسفنجة وملأها خلاً وجعلها على قصبة وسقاه،
وأما الباقون فقالوا اترك، لنرى هل يأتي إيليا يخلصه،
فصرخ يسوع أيضاً بصوت عظيم وأسلم الروح. (متّى 27: 46-50)
- وفي الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلاً الوي الوي لما شبقتني، الذي تفسيره إلهي إلهي لماذا تركتني،
فقال قوم من الحاضرين لما سمعوا هو ذا ينادي إيليا،
فركض واحد وملأ اسفنجة خلاً وجعلها على قصبة وسقاه، قائلاً اتركوا، لنرى هل يأتي إيليا لينزله،
فصرخ يسوع بصوت عظيم وأسلم الروح. (مرقس 15: 34-37)
- وكان نحو الساعة السادسة، فكانت ظلمة على الأرض كلها إلى الساعة التاسعة،
وأظلمت الشمس وانشق حجاب الهيكل من وسطه،
ونادى يسوع بصوت عظيم وقال يا أبتاه في يدك أستودع روحي،
ولما قال هذا أسلم الروح. (لوقا 23: 44-46)
في النص الأخير يقول يسوع انه يستودع روحه في يد أبيه! وهذا القول ينقض كل ما تقوله الكنائس عن وحدتهما، فلو كانا واحداً لما كان هذا الانقسام إذ أن من يستلم الروح هو بالتأكيد ليس من يُسلمها!
وفي النصين الآخرين يقول يسوع إلهي إلهي لماذا تركتني، وهذا القول يؤكد أن ليسوع إله كباقي البشر وهو الذي كان يُصلي له كما قرأنا سابقاً!
فإذا كان ليسوع إلهاً فكيف يرضى أتباع الكنائس الطيبين عبادة يسوع وترك عبادة إله يسوع.
كما أن هذه الأقوال لا تدل على علم يسوع وقبوله بأن صلبه سيرفع خطيئة آدم وذريته.
من هذه القراءة الموجزة لأحداث الصلب نستطيع أن نقول أنها لا تشير إلى أي صفات أو وظائف إلهية كان يسوع يقوم بها، بل كلها تشير إلى عكس ذلك.

موت وقيامة يسوع من الأموات

هذه القصة تعتبرها الكنائس المختلفة، وكذلك بولس، دليلاً على أُلوهية يسوع وتقول إن قيامته من الأموات هو باكورة لقيامة الناس من القبور كما أنه من خلال القيامة استطاع أن يقهر سلطان الموت المسيطر على البشرية منذ آدم نتيجة لأكله من تلك الشجرة!
ان كان لنا في هذه الحياة فقط رجاء في المسيح فاننا أشقى الناس،
ولكن قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة الراقدين،
فانه اذ الموت بانسان بانسان أيضاً قيامة الأموات،
لأنه كما في آدم يموت الجميع هكذا في المسيح سيحيا الجميع،
ولكن كل واحد في رتبته،
المسيح باكورة ثم الذين للمسيح في محبته. (كورنثوس الأُولى 15: 19-23)
والكنائس في معرض الوعظ والتبشير بيسوع كإله من الآلهة الثلاثة المتحدة مع بعضها البعض والمتساوية في الجوهر والصفات والقدرات! تنسى وتكاد أحياناً تُنسي أتباعها الطيبين بعض الأُمور الأولية في العهد القديم والجديد على السواء.
فالرب خالق السموات والأرض وما فيها من مخلوقات كان قد كتب على مخلوقاته الموت قبل آدم بملايين السنين فهو يقول:
- انظروا الآن أنا أنا هو وليس إله معي،
أنا أُميت وأُحيي سحقت واني أُشفي وليس من يدي مخلص،
إني أرفع الى السماء يدي وأقول حيّ أنا الى الأبد. (تثنية 32: 39-40)
فالرب خالق السموات والأرض يقول أنه يُميت ويُحي ولم يُخبرنا العهد القديم أن الرب قال أنه يحتاج أن يُميت نفسه ويقتل نفسه كي يُثبت هذه القدرة له، فالذي يخلق هو بالتأكيد عنده القدرة على الإماتة وكذلك عنده القدرة على الإحياء مرة ثانية دون إثبات أو دليل.
وأما قول بولس والكنائس المختلفة أن يسوع كان باكورة القائمين من الأموات فهذا غير صحيح، فهو لم يكن أول من قام من الأموات، لأن العهد القديم يذكر لنا عدة أشخاص قاموا قبله من الأموات كما سيأتي ذكرهم بعد قليل، بالإضافة إلى أن العهد القديم يُخبرنا قصة عن قيام المئات من قبورهم، كما في النص التالي:
- وكانت عليَّ يد الرب فأخرجني بروح الرب وأنزلني في وسط البقعة وهي ملآنة عظاماً،
وأمرّني عليها من حولها وإذا هي كثيرة جداً على وجه البقعة وإذا هي يابسة جداً،
فقال لي يا ابن آدم أتحيا هذه العظام،
فقلت يا سيد الرب أنت تعلم،
فقال لي تنبأ على هذه العظام وقل لها أيتها العظام اليابسة اسمعي كلمة الرب،
هكذا قال السيد الرب لهذه العظام، ها أنذا أُدخل فيكم روحاً فتحيون، وأضع عليكم عصباً وأكسيكم لحماً وأبسط عليكم جلداً وأجعل فيكم روحاً فتحيون وتعلمون أني أنا الرب،
فتنبأت كما أُمرت وبينما أنا أتنبأ كان صوت وإذا رعش،
فتقاربت العظام، كل عظم إلى عظمه،
ونظرت وإذا بالعصب واللحم كساها وبُسط الجلد عليها من فوق وليس فيها روح،
فقال لي تنبأ للروح، تنبأ يا ابن آدم وقل للروح هكذا قال السيد الرب هلمّ يا روح من الرياح الأربع وهبّ على هؤلاء القتلى ليحيوا،
فتنبأت كما أمرني، فدخل فيهم الروح،
فحيوا وقاموا على أقدامهم،
جيش عظيم جداً جداً. (حزقيال 37: 1-10)
وكذلك الحال في الأناجيل فهي تفتخر بأن يسوع أحيا عدة أشخاص فهؤلاء جميعاً سبقوه في القيامة من الأموات، وهذا يعني أنه ليس باكورة القائمين من الأموات.
من كل ما سبق نخلص إلى القول أن يسوع لم يكن عنده أي صفة إلهية يحملها في جسده، فما هي الأُمور الأخرى التي تستند إليها الكنائس فيما تقوله عن يسوع في قوانين إيمانها؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق