الأربعاء، 10 مارس 2010

الفصل الاول شخصية يسوع: القسم الخامس: تعاليم يسوع في الاناجيل عرض ونقد

الفصل الأول شخصية يسوعالقسم الخامستعاليم يسوع
يسوع المسيح هو الشخصية المركزية التي قام عليها إيمان الكنائس المختلفة، وهو في ذات الوقت الشخصية الأكثر إثارة للاختلاف والجدل بين الكنائس المختلفة، وبينها وبين باقي البشر من ناحية أُخرى، إنْ من ناحية صفاته أو من ناحية أفعاله، ولهذا فقد استحوذ على آلاف الدراسات، وعقدت من أجله عشرات المجامع الكنسية، التي في العادة ما تخرج في كل مرة بشيء جديد ومثير للجدل والمناقشات، فمنذ ارتفاعه ومروراً بمجمع نيقية سنة 325 إلى يومنا هذا والبشرية تبحث عن حقيقة يسوع، والسبب في ذلك هو ما يقال عنه من صفات وما ينسب له من أفعال وأقوال.
فيسوع كما تقول الكنائس يحمل صفات إلهية أهلته لان تقوم الكنائس بعبادته والخضوع له بالصلاة والتقدمات والتضرعات، وقالت جميع الكنائس المختلفة في عصرنا هذا انه جزء من الثالوث الذي تعبده، وقالت عنهم إنهم واحد ومن نفس الجوهر، لا بل في الحقيقة لقد تمّت صياغة الثالوث بناء على شخصيته، لان العهد القديم لم يتحدث سوى عن رب واحد وإله واحد خالق السموات والأرض.
وفي هذا القسم سأقوم بدراسة النصوص التي تحدثت عن يسوع في الأناجيل لنرى حقيقة هذه الصفات الإلهية التي تقول الكنائس المختلفة انه يتصف بها وحقيقة ما يُنسب له في قوانين إيمان الكنائس المختلفة من صفات في ضوء ما ذكرت الأناجيل والعهد القديم من صفات للرب خالق السموات والأرض.
ان ازدواجية شخصية يسوع في الأناجيل، بمعنى انه إنسان وإله في نفس الوقت، كانت السبب الرئيس في خلق حالة الاختلاف حوله، وخاصة أن العهد القديم لا يتحدث إلا عن إله حق واحد هو الرب خالق السموات والأرض الذي ليس معه إله وليس دونه إله، كما ان الكون وما نجد فيه من تناسق ووحدة ونظام يدل أيضاً على وحدانية خالقه وصانعه، إذ لو كان هناك أكثر من خالق لظهر هذا الأمر في عالمنا المادي، فعدم وجود أي اختلاف في نظام وخلق هذا العالم يعتبر أكبر دليل على انه لا يوجد سوى خالق واحد، فقول الكنائس عن يسوع انه إله من خلال تفسيرها لبعض نصوص العهد القديم والعهد الجديد يوجب علينا إعادة دراسة هذه النصوص لنرى حقيقتها، ومن ثم الحكم على تلك التفسيرات إن كانت صحيحة أم لا.
وما يهم في هذه الدراسة هو النصوص التي فهمت منها الكنائس وفسرتها على أنها صفات إلهية كان يتمتع بها يسوع مما استوجب على الكنائس أن تعبده وتدعو الناس لعبادته، فهذه الدراسة لن تبحث في سيرة حياته كما هي مكتوبة في الأناجيل فهذا الأمر كنت قد قمت بدراسته في كتاب يسوع بن يوسف النجار أسئلة حائرة.
تعاليم يسوع
تعاليم يسوع من المسائل التي لا تمثل قيمة كبيرة عند الكنائس على الرغم من احتلالها مكانة كبيرة في الاناجيل، باستثناء بعض التعاليم التي تحض على التواضع والمحبة والتسامح، وهذا الامر يُثير تساؤلات كبيرة عن أسباب تجاهل الكنائس لتعاليم يسوع؟
وهذا الأمر يستدعي دراستها من ناحيتين الاول علاقتها بتعاليم الرب في العهد القديم، والثاني مدى صلاحيتها للحياة الانسانية.
صفات تعاليم الرب خالق السموات والارض في العهد القديم
ناموس الرب كامل يرد النفس،
شهادات الربّ صادقة تصير الجاهل حكيماً،
وصايا الرب مستقيمة تفرح القلب،
أمر الربّ طاهر يُنير العينين،
خوف الربّ نقي ثابت الى الأبد،
أحكام الرب حق عادلة كلها،
أشهى من الذهب والإبريز الكثير، وأحلى من العسل وقطر الشِهاد،
ايضا عبدك يُحذر بها وفي حفظها ثواب عظيم. (مزمور 19: 7-11)
- أعمال يديه أمانة وحقّ كل وصاياه أمينة،
ثابتة مدى الدهر والأبد،
مصنوعة بالحق والاستقامة،
أرسل فداء لشعبه، أقام الى الأبد عهده، قدوس ومهوب اسمه، رأس الحكمة مخافة الرب، فطنة جيدة لكل عامليها، تسبيحه قائم الى الأبد. (مزمور 111: 7-10)
- يُغني لساني بأقوالك لأن كل وصاياك عدل. (مزمور 119: 172) 
- عدلك عدل الى الدهر وشريعتك حق،
ضيق وشدة أصاباني وأما وصاياك فهي لذتي،
عادلة شهاداتك الى الدهر، فهّمني فأحيا. (مزمور 119: 142-144)
- قريب أنت يا رب وكل وصاياك حق. (مزمور 119: 151)
- لأنه أي شعب هو عظيم له آلهة قريبة منه كالرب إلهنا في كل أدعيتنا إليه،
وأي شعب هو عظيم له فرائض وأحكام عادلة مثل كل هذه الشريعة التي أنا واضع أمامكم اليوم. (تثنية 4: 7-8)
كل وصاياك أمانة زوراً يضطهدونني أعنِّي. (مزمور 119: 86)
- قال لهم وجهوا قلوبكم الى جميع الكلمات التي أنا أشهد عليكم بها اليوم لكي توصوا بها أولادكم ليحرصوا أن يعملوا بجميع كلمات هذه التوراة،
لأنها ليست أمراً باطلاً عليكم بل هي حياتكم، وبهذا تطيلون الأيام على الأرض التي أنتم عابرون الأُردن إليها لتمتلكوها. (تثنية 32: 46-47)
في هذه النصوص نقرأ أن تعاليم الرب تتصف بالكمال والاستقامة والعدل والحق والأمانة وعدم البطلان، فهل تعاليم يسوع تتسم بهذه الصفات؟
كما أن الرب شدّد على عدم الزيادة على تعاليم الشريعة أو الإنقاص منها كما في النصوص التالية:
- فالآن يا إسرائيل اسمع الفرائض والأحكام التي أنا أُعلمكم لتعملوها لكي تحيوا وتدخلوا وتمتلكوا الأرض التي الرب إله آبائكم يُعطيكم،
لا تزيدوا على الكلام الذي أنا أُوصيكم به ولا تنقصوا منه لكي تحفظوا وصايا الرب إلهكم التي أنا أُوصيكم بها. (تثنية 4: 1-2)
- كل الكلام الذي أُوصيكم به احرصوا لتعملوه،
لا تزد عليه ولا تنقص منه. (تثنية 12: 32)
- ومن اجل انكم تسمعون هذه الإحكام وتحفظون وتعملونها يحفظ لك الرب إلهك العهد والإحسان اللذين أقسم لآبائك،
ويحبك ويباركك ويكثرك ويبارك ثمرة بطنك وثمرة أرضك قمحك وخمرك وزيتك ونتاج بقرك وإناث غنمك على الأرض التي أقسم لآبائك أنه يُعطيك إياها. (تثنية 7: 12-13)
فاحفظوا كل الوصايا التي أنا أُوصيكم بها اليوم لكي تتشددوا وتدخلوا وتمتلكوا الأرض التي أنتم عابرون إليها لتمتلكوها، ولكي تطيلوا الأيام على الأرض التي أقسم الرب لآبائكم ان يعطيها لهم ولنسلهم، أرض تفيض لبناً وعسلاً. (تثنية 11: 8-9)
في هذه النصوص يطلب الرب من بني اسرائيل عدم الزيادة أو الإنقاص من التعاليم فهل التزم يسوع والكنائس بهذه النصوص؟ على الرغم من إنه قال إنه لم يأت لينقض التعاليم بل ليكمّل كما في النص التالي:
- لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء، ما جئت لأنقض بل لأُكمّل. (متّى 5: 17)
إن أعظم تعاليم العهد القديم هي وحدانية الرب خالق السموات والأرض وعبادته وحده، وعدم وجود آلهة حقيقية مع الرب، والتي تنقض كل كلام الأناجيل وكل قوانين إيمان الكنائس عن تعدد الآلهة وعلاقتها بالرب خالق السموات والارض، كما في النص التالي:
- ثم تكلم الإله بجميع هذه الكلمات قائلاً،
أنا الرب إلهك الذي أخرجك من ارض مصر من بيت العبودية،
لا يكن لك آلهة أُخرى أمامي،
لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً ولا صورة ما ممّا في السماء من فوق وما في الأرض من تحت وما في الماء من تحت الأرض،
لا تسجد لهن ولا تعبدهن،
لأني أنا الرب إلهك إله غيور،
أفتقِد ذنوب الآباء في الجيل الثالث والرابع من مبغضّي. (خروج 20: 1-5)
فلماذا لم يلتزم كتبة الاناجيل والكنائس بهذه الوصية؟
بالإضافة الى وجود تعاليم تتحدث عن معاقبة من يعبد آلهة أُخرى مع الرب ويتعدى العهد والناموس بالرجم حتى الموت ومنها النص التالي:
- إذا وجد في وسطك في احد أبوابك التي يعطيك الرب إلهك رجل أو امرأة يفعل الشر في عيني الرب إلهك بتجاوز عهده،
ويذهب ويعبد آلهة أُخرى ويسجد لها أو للشمس أو للقمر أو لكل من جند السماء، الشيء الذي لم أُوص به،
وأُخبرت وسمعت وفحصت جيداً واذا الأمر صحيح أكيد قد عُمل ذلك الرجس في إسرائيل،
فأخرج ذلك الرجل أو تلك المرأة الذي فعل ذلك الأمر الشرير الى أبوابك الرجل أو المرأة وارجمه بالحجارة حتى يموت،
وعلى فم شاهدين أو ثلاثة شهود يُقتل الذي يُقتل،
لا يُقتل على فم شاهد واحد،
أيدي الشهود تكون عليه أولاً لقتله،
ثم أيدي جميع الشعب أخيراً فتنزع الشر من وسطك. (تثنية 17: 2-7)
وأخيراً فإن الرب لعن كل من لا يلتزم من بني اسرائيل بتعاليم العهد القديم كما في النصين التاليين:
ملعون من لا يقيم كلمات هذا الناموس ليعمل بها،
ويقول جميع الشعب آمين. (التثنية 27: 26)
- فتقول لهم هكذا قال الرب إله إسرائيل ملعون الإنسان الذي لا يسمع كلام هذا العهد، الذي أمرت به آباءكم يوم أخرجتهم من أرض مصر من كور الحديد قائلاً اسمعوا صوتي واعملوا حسب كل ما آمركم به فتكونوا لي شعباً وأنا أكون لكم إلهاً. (إرميا 11: 3-4)
فهل سمع يسوع وكتبة الأناجيل والكنائس لهذه التعاليم؟
في الصفحات التالية سأستعرض بعض تعاليم يسوع لنرى مدى تطابقها مع صفات تعاليم الرب ومدى التزامها بالناموس ومدى صلاحيتها للحياة الانسانية.
تعاليم يسوع
- وكان جموع كثيرة سائرين معه فالتفت،
وقال لهم ان كان أحد يأتي اليّ ولا يُبغض،
1- أباه،
2- وأُمه،
3- وامرأته،
4- وأولاده،
5- واخوته،
6- وأخواته،
7- حتى نفسه أيضاً،
فلا يقدر أن يكون لي تلميذاً،
8- ومن لا يحمل صليبه ويأتي ورائي فلا يقدر ان يكون لي تلميذاً،
9- فكذلك كل واحد منكم لا يترك جميع أمواله لا يقدر ان يكون لي تلميذاً،
الملح جيد ولكن اذا فسد الملح فبماذا يُصلح،
لا يصلح لأرض ولا لمزبلة فيطرحونه خارجاً،
من له أُذنان للسمع فليسمع.(لوقا 14: 25-35)
من له أُذنان للسمع فليسمع، يسوع يقول انه لن يقدر أحد أن يكون تلميذاً له حتى يُبغض أباه وأُمه وامرأته وأولاده وإخوته وأخواته، هل هؤلاء فقط؟
كلا، حتى نفسه يجب أن يُبغضها ليكون تلميذاً له، من له أُذنان للسمع فليسمع!
 فكيف يستطيع الإنسان أن يكره كل هؤلاء ويبقى في قلبه ذرة إنسانية؟
وماذا يفعل الإنسان في الأحاسيس التي وُجدت فيه بصفة عضوية من حبه لأبيه وأُمه وأبنائه وإخوانه، وهو ما نشاهده حتى في كثير من الحيوانات؟!
فهل هذا ما تُبشر به الكنائس الناس بدعوتهم لكراهية كل الناس حتى أنفسهم؟
هل تستطيع الكنائس المختلفة العمل بهذه الوصية والتبشير بها، أم انها أعرضت عنها لأنها تتناقض مع تكوين الإنسان الفطري؟!
- فكذلك كل واحد منكم لا يترك جميع أمواله لا يقدر ان يكون لي تلميذاً، من له أُذنان للسمع فليسمع. (لوقا 14: 33)
من له أُذنان للسمع فليسمع، يسوع يقول إن مَنْ لا يترك جميع أمواله لا يقدر أن يكون تلميذاً له!
لماذا لم تلتزم الكنائس المختلفة بهذه الوصية إذا كانوا هم حقاً تلاميذ ليسوع؟
- وفيما أنتم ذاهبون اكرزوا قائلين انه قد اقتربت مملكة السماء،
اشفوا مرضى،
طهّروا برصاً،
أقيموا موتى،
أخرجوا شياطين،
مجاناً أخذتم مجاناً أعطوا،
لا تقتنوا ذهباً ولا فضة ولا نحاساً في مناطقكم،
ولا مزوداً للطريق،
ولا ثوبين، ولا أحذية ولا عصاً. (متّى 10: 7-10)
- ودعا الاثني عشر وابتدأ يُرسلهم اثنين اثنين،
وأعطاهم سلطاناً على الأرواح النجسة،
وأوصاهم أن لا يحملوا شيئاً للطريق غير عصاً فقط،
لا مزوداً، ولا خبزاً ولا نحاساً في المِنطقة، بل يكونوا مشدودين بنعال، ولا يلبسون ثوبين. (مرقس 6: 7-9)
- ودعا تلاميذه الاثني عشر وأعطاهم قوة وسلطاناً على جميع الشياطين، وشفاء أمراض،
وأرسلهم ليكرزوا بمملكة الإله ويشفوا المرضى،
وقال لهم لا تحملوا شيئاً للطريق، لا عصاً ولا مزوداً ولا خبزاً ولا فضة، ولا يكون للواحد ثوبان. (لوقا 9: 1-3)
في هذه التعاليم نقرأ أن يسوع يطلب من تلاميذه وأتباعه الالتزام ببعض الأُمور تحديداً كعدم اقتناء الذهب والفضة والأحذية وعدم اقتناء أكثر من ثوب.
فهل رجال الكنائس المختلفة يلتزمون بما أمرهم به يسوع من عدم اقتناء ذهباً أو فضة، وعدم امتلاك أكثر من ثوب واحد وعدم اقتناء الأحذية؟!
وحتى أمِره لهم بعدم امتلاك عصياً، فمع مخالفتهم له إلا أننا نجد أيضاً أن عصيهم مزخرفة بالذهب والمجوهرات!
وأما ما تتضمنه النصوص من قدرات أعطاها يسوع لتلاميذه ولمن يؤمن به من بعدهم فهي ظاهرة في عدم تحققها لا في التلاميذ ولا فيمن جاء بعدهم.
فمع أنه أعطاهم سلطاناً على إخراج جميع أنواع الشياطين إلا أن الأناجيل تقول إن أحدهم دخله الشيطان وقام بتسليم يسوع مقابل ثلاثين من الفضة!
كما ان التلاميذ أنفسهم عجزوا عن إخراج الشيطان من أحد الناس كما ذكرتُ ذلك سابقاً.
وأما إحياء الموتى التي ذكرها متّى فأظن أن الكنائس كلها تعلم عدم تحققها.
فإن كانت عينك اليمنى تعثرك،
فاقلعها وألقِها عنك،
لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يُلقى جسدك كله في جهنم. (متّى 5: 29)
- وان أعثرتك عينك فاقلعها عنك،
خير لك أن تدخل الحياة أعور من أن تُلقى في جهنم النار ولك عينان. (متّى 18: 9)
- وإن أعثرتك عينك فاقلعها،
خير لك أن تدخل مملكة الإله أعور من أن تكون لك عينان وتُطرح في جهنم النار. (مرقس 9: 47)
وإن كانت يدك اليمنى تعثرك،
فاقطعها وألقها عنك،
لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يُلقى جسدك كله في جهنم. (متّى 5: 30)
- وإن أعثرتك يدك فاقطعها،
خير لك أن تدخل الحياة أقطع من أن تكون لك يدان وتمضي إلى جهنم الى النار التي لا تطفأ، حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ. (مرقس 9: 43-44)
- فإن أعثرتك يدك أو رجلك فاقطعها وألقها عنك،
خير لك أن تدخل الحياة أعرج أو أقطع من أن تلقى في النار الأبدية ولك يدان أو رجلان. (متّى 18: 8)
- وإن أعثرتك رجلك فاقطعها،
خير لك أن تدخل الحياة أعرج من أن تكون لك رجلان وتطرح في جهنم في النار التي لا تطفأ، حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ. (مرقس 9: 45-46)
في هذه النصوص يأمر يسوع تلاميذه وأتباع الكنائس الطيبين بقلع عيونهم وقطع أيديهم وأرجلهم إن هي أعثرتهم، ولكنه لم يُبين لهم معنى الإعثار الذي يستوجب فعل هذه التعاليم، فكيف سيلتزمون بالعمل بهذه التعاليم؟!
والأعجب من هذه التعاليم هو قوله خير لك أن تدخل الحياة أعور من أن تُلقى في جهنم النار ولك عينان، فهل يمكن أن يكون في مملكة يسوع أشخاص عميان وآخرون عوران لأن عيونهم أعثرتهم فقلعوها التزاماً بهذه الوصية؟!
ألم يكن من الواجب على يسوع أن يقول انه سيعوّضهم عن عيونهم التي قلعوها من أجله في مملكته بدلاً من إدخالهم عوران أو عميان، وهو الذي وعد تلاميذه بإعطائهم مائة ضعف لأي شيء يتركونه من أجله حتى الأُم والأب والزوجة؟!
وكذلك الحال بالنسبة لدخولهم مملكته وهم مقطوعي الأيدي والأرجل ألم يكن من الواجب عليه أن يعوضهم بدلاً منها لأنهم فعلوا ذلك بناء على تعاليمه.
وهنا لا بد من كلمة وهي ألم تعثر عيون بطرس ويوحنا ويعقوب عندما ناموا وتركوا يسوع يُصلي لأبيه كي لا يصلبه مع أن يسوع طلب منهم أن يسهروا معه ولو لساعة؟
أم إن أرجل التلاميذ لم تعثرهم وهم يهربون ويتركوا يسوع وحده؟!
أم إن يديّ توما التلميذ الشكاك لم تعثره وهو يضع أصابعه ويده في جراح يسوع لأنه لم يكن مؤمناً بقيامة يسوع من القبر؟!
فلماذا تجاهل التلاميذ هذه التعاليم ولم يلتزموا بها؟
- قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تقتل، ومن قتل يكون مستوجب الحكم،
وأما أنا فأقول لكم ان كل من يغضب على أخيه باطلاً يكون مستوجب الحكم. (متّى 5: 21-22)
في هذا النص يقول يسوع ان حكمه على كل من يغضب على أخيه القتل!
ومع أن هذا الحكم ينقض شريعة موسى كما قال هو نفسه ويُخالفها، إلا أن يسوع في هذه الوصية لم يُبين حدّ الغضب الذي يستوجب القتل ولا من يُنفذه!
- ومن قال يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم. (متّى 5: 22)
في هذا النص يقول يسوع إن من يقول لإنسان آخر يا أحمق فانه يكون مستوجب نار جهنم، وهذه كسابقاتها من الوصايا التي تثير الدهشة عندما يقرأها الإنسان خاصة إذا تذكرنا قوله:
- وكل من قال كلمة على ابن الإنسان يُغفر له واما من جدف على الروح المقدس فلا يُغفر له. (لوقا 12: 10)
ففي هذا النص يقول يسوع إن من يُجدّف ويتكلم عليه، ابن الإنسان في النص يقصد يسوع نفسه، فإنه يُغفر له وفي النص السابق يقول إن من قال لإنسان يا أحمق فانه سيدخل نار جهنم!
- سمعتم أنه قيل عينٌ بعينٍ وسنٌّ بسنّ،
وأما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشرّ،
بل من لطمك على خدك الأيمن فحوّل له الآخر أيضاً،
ومن أراد أن يُخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضاً،
ومن سخرك ميلاً واحداً فاذهب معه اثنين. (متّى 5: 38-41)
أظن أن هذه الوصية لا تحتاج إلى كثير كلام ليُلاحظ القارئ ما تحمله من معان تهدم الحياة الإنسانية!
كما إن الكنائس لم تلتزم بها وأزالتها من حياتها وإن أبقت لها مكاناً في مواعظ أيام الأحد!
- حينئذ ذهب الفريسيون وتشاوروا لكي يصطادوه بكلمة،
فأرسلوا إليه تلاميذهم مع الهيرودسيين قائلين يا مُعلم نعلم أنك صادق وتُعلّم طريق الإله بالحقّ ولا تُبالي بأحد لأنك لا تنظر الى وجوه الناس،
فقل لنا ماذا تظن، أيجوز أن تعطى جزية لقيصر أم لا،
فعلم يسوع خبثهم وقال لماذا تجربونني يا مُراؤون،
أروني معاملة الجزية، فقدّموا له ديناراً،
فقال لهم لمن هذه الصورة والكتابة،
قالوا له لقيصر،
فقال لهم أعطوا إذاً ما لقيصر لقيصر، وما للإله للإله. (متّى 22: 15-21)
- ثم أرسلوا إليه قوماً من الفريسيين والهيرودسيين لكي يصطادوه بكلمة،
فلما جاءوا قالوا له يا مُعلم نعلم أنك صادق ولا تبالي بأحد لأنك لا تنظر الى وجوه الناس بل بالحقّ تُعلم طريق الإله،
أيجوز أن تعطى جزية لقيصر أم لا، نعطي أم لا نعطي،
فعلم رياءهم وقال لهم لماذا تجربونني، إيتوني بدينار لأنظره،
فأتوا به فقال لهم لمن هذه الصورة والكتابة فقالوا لقيصر،
فأجاب يسوع وقال لهم أعطوا ما لقيصر لقيصر وما للإله للإله، فتعجبوا منه. (مرقس 12: 13-17)
- فراقبوه وأرسلوا جواسيس يتراءون أنهم أبرار لكي يُمسكوه بكلمة حتى يُسلموه الى حكم الوالي وسلطانه،
فسألوه قائلين يا معلم نعلم أنك بالاستقامة تتكلم وتُعلّم ولا تقبل الوجوه بل بالحقّ تُعلّم طريق الإله،
أيجوز لنا أن نُعطي الجزية لقيصر أم لا،
فشعر بمكرهم وقال لهم لماذا تجربونني،
أروني ديناراً، لمن الصورة والكتابة،
فأجابوا وقالوا لقيصر،
فقال لهم أعطوا إذاً ما لقيصر لقيصر وما للإله للإله،
فلم يقدروا أن يمسكوه بكلمة قدّام الشعب، وتعجبوا من جوابه، وسكتوا. (لوقا 20: 20-26)
وهذه الوصية تكمّل الوصية السابقة وتفسرها فبعد أن قال يسوع للناس لا تقاوموا الشر، أوضح كلامه بالطلب منهم الخضوع للحكام الأشرار ودفع الجزية لهم!
وكان هو نفسه يقوم بدفع الجزية كما في النص التالي:
- ولما جاءوا الى كفر ناحوم،
تقدّم الذين يأخذون الدرهمين الى بطرس وقالوا أما يُوفي معلمكم الدرهمين، قال بلى،
فلما دخل البيت سبقه يسوع قائلاً ماذا تظن يا سمعان ممن يأخذ ملوك الارض الجباية أو الجزية أمن بنيهم أم من الأجانب،
قال له بطرس من الأجانب قال له يسوع فإذاً البنون أحرار،
ولكن لئلا نعثرهم اذهب الى البحر وألق صنارة والسمكة التي تطلع أولاً خذها ومتى فتحت فاها تجد إستاراً فخذه وأعطهم عني وعنك. (متّى 17: 24-27)
وهنا لا بدّ من طرح بعض الأسئلة:
إذا كان يسوع يدعو للخضوع للشر وعدم مقاومته، ألا يسمح هذا بانتشار الشر وإخضاع الناس لشروره؟
وإذا كان يسوع لن يحمي أتباعه من الشر وظلمه فماذا جاء يفعل في هذه الدنيا؟
وإذا كان يسوع خاضعاً للشر ودافعاً الجزية لقيصر فمن هو الأقوى هو أم قيصر؟
هل كان يُحس يسوع بما تصفه قوانين إيمان الكنائس من أنه الأُقنوم الثاني من الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد ومن نفس الجوهر وهو يقول لمن سألوه فشعر بمكرهم وقال لهم لماذا تجربونني، أو وهو يدفع الجزية، وإن قد كتبها متّى بقصة فيها يُشير الى إعجاز إلا أنها في النهاية كانت خضوعاً من هذه الأقانيم الثلاثة الحالة في جسد يسوع لحكم قيصر؟!
لا تدينوا لكي لا تدانوا،
لأنكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون،
وبالكيل الذي به تكيلون يُكال لكم،
ولماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها،
أم كيف تقول لأخيك دعني أُخرج القذى من عينك وها الخشبة في عينك،
يا مرائي أخرج أولاً الخشبة من عينك، وحينئذ تبصر جيداً أن تخرج القذى من عين أخيك،
لا تعطوا القدس للكلاب،
ولا تطرحوا دُرركم قدّام الخنازير، لئلا تدوسها بأرجلها وتلتفت فتمزقكم. (متّى 7: 1-6)
- ولا تدينوا فلا تدانوا،
لا تقضوا على أحد فلا يُقضى عليكم،
اغفروا يُغفر لكم،
أعطوا تُعطوا، كيلاً جيداً ملبّداً مهزوزاً فائضاً يُعطون في أحضانكم،
لأنه بنفس الكيل الذي تكيلون يُكال لكم. (لوقا 6: 37-38)
في هذه النصوص يستكمل يسوع تبيين معنى الوصايا السابقة من عدم مقاومة الشر والخضوع للحكام.
وهذه الوصية من الوصايا التي تتغنى بها الكنائس المختلفة في عِظات الأحد وخلال التبشير بيسوع باعتبار أن دعوته تدعو للمسامحة وعدم إدانة الناس.
ولكن من يقرأها بتمعن يجد أنها تنقض كل قوانين إيمان الكنائس التي تقول إن يسوع هو الأُقنوم الثاني من الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد، والذين جاءوا إلى الأرض حالين في جسد يسوع كي يُجلدوا ويُضربوا ويُبصق عليهم ويُصلبوا ليتصالحوا مع آدم وذريته حتى ترتفع خطيئة آدم، كما أنها تنفي، أي الوصية، أي علاقة لهذه الأقانيم بخالق السموات والأرض إلا كما لسائر المخلوقات من علاقة الخضوع والعبودية، لأن خالق السموات والأرض كما تذكر أسفار العهد القديم أرسل الرسل وأنزل الشرائع ليحكموا بين الناس ويدينوا الخاطئ ويبشروا المحسن.
- وكل من سألك فأعطه، ومن أخذ الذي لك فلا تطالبه. (لوقا 6: 30)
في هذه الوصية يُلخص يسوع الوصايا السابقة فيقول من أخذ الذي لك فلا تطالبه!
فبعد أن قال لا تقاوموا الشرّ وأمر بالخضوع للحكام وإعطائهم الجزية يأتي هنا ليقول من أخذ الذي لك فلا تطالبه!
بعيداً عن عِظات أيام الأحد هل هذا ما تُبشر به الكنائس أتباعها الطيبين وتدعوا باقي الشعوب للالتزام به كي يستطيعوا أن يكونوا من تلاميذ يسوع ويدخلوا مملكته؟
هل يوافق الطيبون من أتباع الكنائس على هذه الوصايا؟
إننا نجد أن هذه الوصايا مرفوضة حتى في عالم الحيوان، فكل الحيوانات مهما كانت ضعيفة فإنها عندما تتعرض للخطر تقاومه، وعندما يحاول أحد أن يأخذ ما لها فإنها لا تعطيه وتقاومه!
- أقول لكم ان كل تجديف يُغفر للناس،
وأما التجديف على الروح فلن يُغفر للناس،
ومن قال كلمة على ابن الإنسان يُغفر له،
وأما من قال على الروح المقدس فلن يُغفر له،
لا في هذا العالم ولا في الآتي. (متّى 12: 21-22)
- الحق أقول لكم ان جميع الخطايا تُغفر لبني البشر والتجاديف التي يجدفونها،
ولكن من جدّف على الروح المقدس فليس له مغفرة الى الأبد،
بل هو مستوجب دينونة أبدية. (مرقس 3: 28-29)
وكل من قال كلمة على ابن الإنسان يُغفر له وأما من جدّف على الروح المقدس فلا يُغفر له. (لوقا 12-10)
هذه النصوص من النصوص الغريبة التي يمكن للانسان أن يقرأها في الأناجيل، وكثيرة هي، فكما نلاحظ فإن يسوع يقول إن كل خطيئة يفعلها الإنسان وكل تجديف يقوله مغفورة له حتى لو جدّف على يسوع نفسه إلا التجديف على الروح المقدس!
فهذا القول ينقض قانون إيمان الكنائس من جذوره والقائم على وحدة الأقانيم الثلاثة وتساويها في القدرات والصفات والجوهر، فنحن أمام شخصيات مختلفة في المكانة، وبالتالي فهي مختلفة في الذات والصفات والجوهر، فيسوع شخصية غير محميّة من الشتم والتجديف وأما الروح المقدس فهو محميّ، أي إن يسوع له ذات وشخصية منفصلة ومستقلة عن الروح المقدس بحيث أن من يشتم الروح المقدس لا يُغفر له وأما من يشتم يسوع فيُغفر له كما قال يسوع نفسه وليس استنتاجاً.
وهناك ملاحظة على هذا الكلام أي غفران جميع الخطايا فهل تقول الكنائس وقوانين إيمانها  أن عدم الإيمان بيسوع هو خطية مغفورة لفاعلها؟! وبالتالي فان الإيمان بيسوع ليس ملزماً للبشر كي يدخلوا الحياة الأبدية التي وعد يسوع بها! لأن يسوع في اليوم الأخير سيغفر لكل الناس مهما كانت خطاياهم إلا شتم الروح المقدس أو بالتعبير الكنسي التجديف على الروح المقدس.
- وأما أنتم فلا تدعوا سيدي لأن معلمكم واحد المسيح وأنتم إخوة،
ولا تدعوا لكم أباً على الارض لأن أباكم واحد الذي في السماء،
ولا تدعوا معلمين لان معلمكم واحد المسيح، وأكبركم يكون خادماً لكم. (متّى 23: 8-11)
في هذا النص يطلب يسوع من تلاميذه وأتباعه أن لا ينتسبوا لآبائهم، لأن لهم أباً واحداً وهو الذي في السماء، وفي هذا المقام لن أُعلق على مسألة الأب الذي في السماء فهذه سأُناقشها في الفصل التالي، ولكن أسأل هل التزم تلاميذه وأتباع الكنائس بهذه الوصية أم لا؟
إننا ما نزال نقرأ حتى وقتنا هذا في الأناجيل المطبوعة أن سمعان بطرس يسمى سمعان بن يونا وأخوه اندراوس بن يونا ويعقوب ويوحنا كاتب الأناجيل ابنا زبدي!
حتى إن يسوع نفسه يسمونه ابن داوُد وأحياناً ابن يوسف النجار مع أنهما ليسا من آبائه!
فإذا كان يسوع طلب منهم أن لا يتسمّوا بآبائهم فلماذا كتبت الأناجيل أسماء آباء هؤلاء؟!
وكيف غفل الروح المقدس الذي يقولون انه كان يسوق كتبة الأناجيل عن تنبيههم إلى أن كتابة أسماء آباء التلاميذ مُخالِف لأمر يسوع، وانه يجب عدم كتابة أسماءهم في الأناجيل لان لهم أباً واحداً الذي في السماء؟
- في تلك الساعة تقدم التلاميذ الى يسوع قائلين فمن هو أعظم في مملكة السماء،
فدعا يسوع إليه ولداً وأقامه في وسطهم،
وقال الحق أقول لكم إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا مملكة السماء،
فمن وضع نفسه مثل هذا الولد فهو الأعظم في مملكة السماء. (متّى 18: 1-4)
الحق أقول لكم من لا يقبل مملكة الإله مثل ولد فلن يدخلها. (مرقس 10: 15)
وفي تلك الساعة تهلل يسوع بالروح وقال أحمدك أيها الأب رب السماء والأرض لأنك أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء وأعلنتها للأطفال. (لوقا 10: 21)
- الحق أقول لكم من لا يقبل مملكة الإله مثل ولد فلن يدخله. (لوقا 18: 17)
في هذه النصوص نقرأ أن يسوع يطلب من تلاميذه وأتباعه أن ينكروا كل ما تعلموه في الحياة من علوم ويرجعوا إلى حالة الطفولة كي يفهموا رسالته ووصاياه، ولم يكتف بهذا الطلب بل صرّح أنه يحمد أباه لأنه أخفى فهم رسالته عن الحكماء وأعلنها للأطفال!
وأنا أتساءل ما الذي يخشاه يسوع في رسالته حتى يخاف من الحكماء ويدعو أباه أن لا يُفهّمها لهم؟!
إننا نرى كل الدعاة في كل المجالات، سواء دينية أو سياسية أو اجتماعية أو فلسفية أو اقتصادية، أول من يتوجهون له بالدعوة هم الحكماء والعقلاء فإذا اقتنع بها هؤلاء فهو أكبر دليل على صحة دعوتهم، وإذا لم يقتنعوا بها فإنهم يحاولون إبراز ما تتضمنه دعوتهم من صفات ومميزات ليثبتوا أن ما رفضه هؤلاء الحكماء إنما كان لشهوات في نفوسهم ومصالح يخافون من ضياعها في حال انتشرت تلك الدعوات.
ولم نرَ في التاريخ كله داعية في أي مجال توجه بدعوته إلى الأطفال، واعتبر أن شهادتهم كافية للتدليل على صدق ما يدعو إليه!
حتى يسوع نفسه كما هو مكتوب في الأناجيل فانه توجه بالدعوة للبالغين وليس للأطفال، فبطرس كان متزوجاً عندما تبع يسوع وأخبرتنا الأناجيل كيف شفى يسوع حماة بطرس من الحُمّى بمعجزة!
ثم إن يسوع لم يُخبرنا عن العمر الذي يجب أن يرجع تلاميذه والكنائس إليه من عمر الطفولة كي يفهموا رسالته، هل هو سنة أو سنتان أو خمسة، أو أي عمر دون تحديد يكون الطفل فيه غير فاهم ولا مميز إلا أن ذلك الطفل يستطيع أن يفهم دعوة يسوع ورسالته ووصاياه وتعاليمه!
وكيف ستستمر دعوة دون تبديل ولا تغيير يقودها مَن فهمِه كفِهم الأطفال؟
وأخيراً إذا كانت رسالة يسوع لا يفهمها إلا الأطفال أو من رجع بعقله وفهمه إلى مرحلة الطفولة فلماذا لم يبدأ يسوع كرازته وهو طفل؟!
لا تعطوا القدس للكلاب، ولا تطرحوا درركم قدّام الخنازير،
لئلا تدوسها بأرجلها وتلتفت فتمزقكم. (متّى 7: 6)
- هؤلاء الاثنا عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائلاً،
إلى طريق أمم لا تمضوا والى مدينة للسامريين لا تدخلوا،
بل اذهبوا بالحري إلى خراف بيت إسرائيل الضالة. (متّى 10: 5-6)
- ثم خرج يسوع من هناك وانصرف إلى نواحي صور وصيداء،
وإذا امرأة كنعانية خارجة من تلك التخوم صرخت إليه قائلة،
ارحمني يا سيد  يا ابن داوُد، ابنتي مجنونة جداً،
فلم يجبها بكلمة،
فتقدم تلاميذه وطلبوا إليه قائلين اصرفها لأنها تصيح وراءنا،
فأجاب وقال لم أُرسل الا الى خراف بيت اسرائيل الضالة،
فأتت وسجدت له قائلة يا سيد أعني،
فأجاب وقال ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب،
فقالت نعم يا سيد، والكلاب أيضاً تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها،
حينئذ أجاب يسوع وقال لها يا امرأة عظيم إيمانك،
ليكن لك كما تريدين. فشفيت ابنتها من تلك الساعة. (متّى 15: 21-28)
- ثم قام من هناك ومضى الى تخوم صور وصيداء،
ودخل  بيتا وهو يريد أن لا يعلم أحد،
فلم يقدر ان يختفي،
لأن امرأة  كان بابنتها روح نجس سمعت به فأتت وخرّت عند قدميه،
وكانت الإمرأة أُممية وفي جنسها فينيقية سورية،
فسألته أن يُخرج الشيطان من ابنتها،
وأما يسوع فقال لها دعي البنين أولاً يشبعون،
لأنه ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويُطرح للكلاب،
فأجابت وقالت له نعم يا سيد،
والكلاب أيضاً تحت المائدة تأكل من فتات البنين،
فقال لها لأجل هذه الكلمة اذهبي قد خرج الشيطان من ابنتك. (مرقس 7: 24-29)
في هذه النصوص نقرأ أن يسوع يأمر تلاميذه بألا يُعطوا القدس للكلاب ولا يطرحوا دررهم للخنازير ويقصد بهم الأُمم من غير اليهود، كما أوصاهم للتأكيد على هذه الوصية أن لا يمضوا ويسيروا في طرقهم حتى لا يلتقوا بهم، وقال لهم بل اذهبوا بالحري إلى خراف بيت إسرائيل الضالة.
وتطبيقاً منه لهذه الوصية رفض في بادئ الأمر أن يشفي ابنة المرأة الكنعانية وابنة المرأة الفينيقية وقال انه لم يُرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة.
كما انه كان ملتزماً بهذه الوصية طوال كرازته فهو لم يتوجه إلى الأُمم ليكرز ويبشر بينهم، حتى انه خلال المحاكمة رفض أن يُجيب على أسئلة بيلاطس وهيرودس! لا بل إن الصفة التي أُرسل بها كانت ملك اليهود كما قال عنه المجوس عندما جاءوا للبحث عنه عند ولادته كما كتب متّى في إنجيله.
من خلال هذا الاستعراض لبعض التعاليم والوصايا نجد أنها تحمل في ثناياها تعاليماً تنقض الحياة البشرية كالتي أمر فيها بعدم مقاومة الشر وبعضها ينقض الشريعة وبعضها ينقض قوانين إيمان الكنائس كالوصية بعدم شتم الروح المقدس وبعضها يتناقض مع العقل كطلبه من تلاميذه ان يرجعوا أطفالاً كي يفهموا رسالته، وأخيراً بعضها يحمل نظرة عنصرية تجاه الناس من غير اليهود عندما طلب من تلاميذه عدم دعوتهم لأنه لم يُرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة، وهذا كله يُثبت أن يسوع ليس كما تصفه قوانين إيمان الكنائس!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق